حياكِ الله مجدداً ودائماً أخي أم فراس
سؤالك مهم كثيراً لأن البعض يعشق إلقاء المسئولية على الغرب واليهود فيما آل إليه حال الأمة ويؤمنون بنظرية المؤامرة، وإن كنت من المؤمنين بنظرية المؤامرة على أساس أنها جزء من سنن الله تعالى في العلاقات بين البشر، سنة التدافع والصراع بين الناس "لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض"، إلا أنني في ضوء سنن الله تعالى في الخلق أعترف أنه من حق الغرب واليهود أن يخططوا ويتآمروا ويعملوا لتحقيق أهدافهم ضد وطننا أو العالم الآخر، وغالباً أحترم أشد القادة حقداً علينا لأنهم عملوا من أجل ما يؤمنون به أنه مصلحة لأبناء دينهم أو وطنهم، ولكن لا أحترم أفضل القادة والمسئولين في وطننا الذين تقاعسوا وتخاذلوا وتغافلوا وقصروا في حماية أمتهم ودينهم والعمل على تحصينه ضد محاولات اختراق أعدائه لهم، أما أولئك الذين باعوا أنفسهم للغرب واليهود فلا مكان لاحترامهم بأي حال ..
نعم أختي الكريمة الغرب واليهود لعبوا دوراً مهماً وكبيراً ومازالوا في تدمير الأمة وتراجعها الحضاري ولن يتوقف ذلك الدور مصداقاً لقوله تعالى: "ومازالوا يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا" وقوله تعالى: "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم" .. ذلك نفهم منه من غيره من الآيات والأحاديث ومن الواقع والتاريخ أن الغرب واليهود في حالة تفكير دائم وتخطيط متواصل ضد الأمة والوطن، وقد بدأت المؤامرة ومحاربة هذا الدين وهذه الأمة من قبل أن يُبعث محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومقبل أن تتشكل هذه الأمة وتحذير الراهب بحيرا لأبي طالب من أن اليهود لو عرفوا بابن أخيه سيقتلونه ولكن الله تعالى قال: "إن الله عاصمك من الناس" .. وبعد الجهر بالدعوة بدأت المؤامرات من اليهود والنصارى ضد الدين الجديد إلى درجة أن قال اليهود للمشركين أن دينهم أفضل من دين محمد، ومؤامرات اليهود لقتله في المدينة، وكذلك حوارات النصارى والدعوة للمباهلة ...
وتستمر محاربة اليهود والنصارى لهذا الدين والتآمر على الأمة وتأخذ أساليب وأشكال متعددة تبدأ بالكلمة وتنتهي بالسلاح، وكما قلت ذلك حقهم، وقد كان من أشد الوسائل التي حاربنا بها الغرب واليهود الاختراق والغزو الفكري، وقد كان ذلك خلاصة تجارب الغرب ضد الأمة في حروبها الصليبية، فبعد خروج لويس التاسع من أسره في دار ابن لقمان بالمنصورة أطلق صرخته الشهيرة: "علينا بحرب الكلمة"، تلك الصرخة التي أعاد تكرارها رامسفيلد وزير العدوان الأمريكي قبيل حربه على العراق عام 3003 حيث قال: "علينا بحرب الأفكار"
وقد رأي في البعض أن صرخة لويس التاسع كانت إيذاناً بتأسيس علم الاستشراق الذي جميعنا يعلم الدور الذي لعبه المستشرقون في تدمير الأمة وغزو عقول أبنائها الذي نعاني من نتائجه الآن، وقد اقترن الاستشراق والتنصير وليس (التبشير) كما يسميه الغب وتلامذته في وطننا معاً، وهناك من يؤرخ لبدء الاستشراق بتاريخ أقدم بكثير من صرخة لويس التاسع ليس موضوعنا الآن التاريخ، المهم أن علم الاستشراق والتنصير لعبا الدور الأكبر في تدمير الأمة ومازال الغرب واليهود يحاولون تقويض دعائم ومقومات وجود الأمة العقدية والاقتصادية والاجتماعية ... من خلال غزو الأفكار الغربية لوطننا واستبدال ديننا وقيمه بقيم الحضارة الغربية، وحتى عولمة العالم بأخلاق وقيم الغرب وذلك ما يوجد الشقاق والخلاف بين أبناء الوطن والدين الواحد تباين الآراء حول القيمة الأخلاقية الواحدة التي لم يكن يختلف في الأجيال السابقة، أو الاختلاف حول كيفية مواجهة الغرب واليهود، أو حول الأخذ بالنظام كذا أو كذا وغيرها ...
فالغرب واليهود خططوا وتآمروا والأساليب التي اتبعوها كثيرة وكُتب عنها مجلدات ولكن نحن لعبنا الدور الأكبر في تمكينهم منا وذلك لأننا قصرنا في حماية وتحصين أنفسنا ضد غزوهم الفكري والعسكري لنا، وقام أفراد منا بمعاونتهم في ذلك فكرياً، ومعلوم أن العدو الداخلي أخطر على أي امة من العدو الخارجي لأنه يعمل من داخل الوطن وهو آمن ومطمئن، ولعبوا ومازالوا الدور الأكبر في تحقيق الاختراق الغربي اليهودي لوطننا، وطبعاً منهم الحكام والمفكرين والمثقفين والعامة ..
وعن عدم إعفاء الأمة من المسئولية في تراجعنا الحضاري أذكر كتبت مقالة رداً على ما نشر حول دور بروتوكولات حكماء صهيون سأحاول البحث عنها وإرساله على بريدك إن رأيت فيها ما يفيد نشرتها في المكان المناسب ..
أما عن تخصيص دور اليهود فهم أشر خلق الله لكل البشر وخاصة المؤمنين مصداقاً لقوله تعالى: "لتجدن أشد الناس عداوة للذين أمنوا اليهود"، وهم يعتبرون أنهم شع بالله المختار للسيادة العالمية وأن العالم تآمر عليهم وعليه أن يدفع ثمن تأمره عليهم، وهم لا ينامون الليل وهم يخططون ويتآمرون من أجل استرجاع سيادتهم على العالم ومحاسبة العالم على ما اقترفه ضدهم من جرائم وآثام وما بدده من ثرواتهم، وكل ذلك لا يتحقق بعد عودتهم المزعومة لفلسطيننا كوطن قومي لهم، وإقامة كيانهم المسخ في قلب الأمة والوطن، إلا بهدم المسجد الأقصى وإعادة (بناء الهيكل الثالث)، ووضع العرش ليجلس عليه مسيحهم المنتظر، الذي وساعتها سيحاسب اليهود كل البشر، سيكون ذلك تمام يوم القيامة في عقيدتهم التي تعتبر القيامة هي العودة إلى فلسطين، والبعث والحساب هو محاسبة اليهود لـ(الجوييم) أي البشر الآخرين الذين هم قردة وسعادين وحيوانات خلقها إلههم (يهوه) في صورة إنسان ليليقوا بخدمة السيد اليهودي .. لذلك هم دمروا كل الحضارات النصرانية والإسلامية وخربوا الأديان كلها وذلك ما يحاولون فعله بالإسلام من خلال ما يزعمه أبناء جلدتنا (حوار الأديان السماوية) والحديث يطول ..
ولنا عودة