الصلوات في العراق القديم



ترجمة الدكتور حسيب الياس حديد


يعدّ الفكر الديني في العراق القديم في غاية الاهمية اذ تشير النصوص ذات العلاقة الى دوره المهم في حياة سكان بلاد الرافدين..ولذلك فان معظم النصوص على اختلاف طبيعتها لا تخلو في أي جانب من جوانبها من التأثير الديني.

ومن هنا نكتشف ان الفكر الديني عبر تاريخ البشرية كان مرآة عاكسة لنشاطات الانسان في جميع نواحي الحياة ومنها الجانب الروحي. فكل تاملات الانسان وفلسفته وقيمه الاخلاقية تصب في الدين وتعبّر عن نفسها من خلاله وكانت الصلوات تعكس جانبا مهما من الدين في ذلك الوقت. وتؤكد المصادر الاجنبية على وجود نماذج عديدة للصلوات وانواع عديدة منها وذلك حسب الغاية المتوخاة من هذه الصلوات. ونقدم فيما يأتي اهم هذه الصلوات استناداً الى ما تم توثيقه في النصوص الواردة في الالواح التي عثر عليها اثناء التنقيبات. والحكم متروك للقاريء الكريم لما يرتئيه.



صلاة التائب

وهي من الصلوات الشائعة في العراق القديم اذ يقوم التائب بالتضرع الى الآلهة الذي يعرفهم والذين لا يعرفهم بغية طلب الرحمة والمغفرة نظراً للذنوب التي اقترفها.ويهدف في صلاته الى تهدئة روع الالهة وغضبهم عليه لانه ارتكب الذنوب والمعاصي التي تغضبهم.ويعترف امام الالهة بالذنوب التي ارتكبها والتي سببت له الامراض والمعاناة الجسدية والنفسية.وهنالك نصوص عديدة تؤكد هذه الصلوات ويقطع التائب عهداً امام الالهة بعدم العودة الى ارتكاب المعاصي ثانية.



صلاة تمجيد الالهة



وهي من الصلوات التي تعظّم من شأن الالهة وهنالك نصوص تشير الى تمجيد الاله شمش. وكان الملوك هم الذين يتوجهون لآلهتهم ليحفظونهم وبحيطونهم برعايتهم ويطلبون مساعدة الآلهة على بقائهم في السلطة ليحكموا البلاد ومنحهم القوة والاقتدار على ذلك.وهناك نص يشير الى ان اشوربانيبال يتوجه للصلاة للاله شمش ويصفه بصفات الالوهية والعظمة.ومن الملاحظ ان مسلة حمورابي في جزئها العلوي نشاهد الملك حمورابي امام الاله شمش يتسلم منه الصولجان والحلقة وهما من رموز السلطة والحكم في العراق القديمٍ.



صلاة الخسوف

هنالك صلاة خاصة عندما تحث ظاهرة خسوف القمر.وتم العثور على نص يتضرّع فيه اشوربانيبال من الالهة لطرد الارواح الشريرة. وفي هذه الصلاة كان اشوربانيبال يطلب من الاله ان يمحي خطاياه ويغفر ذنوبه ويصفح عنه. ومن خلال النص يمكننا ان نستنتج ان الشر يرافق خسوف القمر.


صلاة الكسوف



كان لدى سكان بلاد الرافدين معاني كثيرة لكسوف الشمس وكان لها اهمية بالغة في نفوسهم. وهذه الظاهرة بالنسبة لهم نذير شؤم وخوف ورعب. وورد ان الملوك كان ينتابهم الخوف عند حدوث ظاهرة الكسوف.وكان لدى الكهنة تنبؤات معينة قبل حدوث ظاهرة كسوف الشمس. وورد في احد النصوص ان لدى الكهنة علامات يستطيعون من خلالها التكهن بحدوث الكسوف منها شروق الشمس بصورة مبكرة وعدم ظهور القمر وهبوب الرياح الغربية وترافق هذه العلامات ظاهرة كسوف الشمس.اما صلاة الكسوف فكانت توجّه الى الاله(سين) اله الخصوبة وتكاثر الانسان والحيوان.وكانوا يتضرعون اليه ليبعد عنهم شر هذه الظاهرة.









صلاة الاستسقاء



ان للماء اهمية لا تضاهيها اهمية لدى سكان بلاد وادي الرافدين وتزداد اهمية الماء في مواسم الجفاف وقلة سقوط الامطار والثلوج مما يلحق ضرراً كبيرا بالانسان وباقي المخلوقات. وادت هذه الشحة بالمياه الى ممارسة طقوس معينة من الصلوات وهي صلاة الاستسقاء اذ يتضرعون للالهة لينزل المطر. ومن الملفت للانظار ان ثمة مراسيم دقيقة ومعينه تتم خلال تأدية صلاة الاستسقاء.ومثلما ورد في النصوص تتم المراسيم على الشكل الاتي: تقوم اربعة من النساء بالوقوف على شكل متقابل ثم يبدأن بتحريك اجسامهن وشعرهن الطويل المتدلي على ان تبدأ المراسيم برمي الشعر بأتجاه اليمين ثم اليسار وهكذا..وكان سكان بلاد وادي الرافدين يتضرعون بالاله (انكي/ايا). ويصاحب تأدية صلاة الاستسقاء مراسيم معينة كأن يلبس احدهم لباس العفاريت ويبدأون بسكب الماء عليه وتتم قراءة تعاويذ لطرد الارواح الشريرة التي ،حسب معتقداتهم، انها كانت تحبس المطر.





صلاة انجاب الاطفال

هنالك صلاة معينة تؤدى في اليوم الخامس عشر من الشهر امام الالهة لكي يتبارك فيها الرجل ويأتي زوجته في ذلك اليوم ولديهم احساس ان الزوجه سوف تنجب طفلا مثلما ورد ذلك في النصوص.





صلاة لدرء اخطار الامراض



تؤدى صلاة خاصة لدرء الاخطار الناجمة عن الامراض وبصورة خاصة لسعة العقرب وغيرها. فاذا ما استجيبت صلاته فان الملسوع سوف ينجو من الموت.ويذكر ايضا وجود صلوات اخرى مثل صلاة الى ولي العهد وصلاة الوقاية أي وقاية الطفل واولياء العهود وغير ذلك من الصلوات.