منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 10 من 162

العرض المتطور

  1. #1
    6- حَذْفُ الحالِ وحَذْفُ صاحِبها

    الأصلُ في الحال أنه يجوز ذكرها وحذفُها، لانها فضلةٌ. وإن حذفت فإنما تُحذَفُ لقرينة. وأكثرُ ذلك إذا كانت الحالُ قولاً أغنى عنه ذكرُ القَول، كقولهِ تعالى: {والملائكةُ يَدخلونَ عليهم من كل باب سلامٌ عليكم}، أي: (يدخلون قائلين: سلامٌ عليكم)، وقوله: {وإذْ يَرفعُ إبراهيمُ القواعدَ من البيتِ وإسماعيلُ ربّنا تَقبّلْ منا}، أي: (يَرفعانِ القواعدَ قائلَينِ: ربّنا تقبّلْ منّا).

    وقد يُحذَفُ صاحبُها لقرينةٍ، كقولهِ تعالى: {أهذا الذي بَعثَ الله رسولاً}، أَي:

    (بعثهُ).

    وقد يَعرِضُ للحال ما يمَنعُ حذفَها، وذلك في أربعِ صورٍ:


    أ- أن تكونَ جواباً، كقولك: (ماشياً) في جواب من قال (كيف جئتَ؟).


    ب- أن تكونَ سادًةَ مسَدَّ خبرِ المبتدأ، نحو: (أَفضلُ صدَقةِ الرجلِ مُستتراً).


    ج- أن تكونَ بَدلاً من التلفُّظِ بفعلها، نحو: (هنيئاً لكَ).


    د- أن يكونَ الكلامُ مَبنيّاً عليها - بحيثُ يَفسُدُ بحذفها - كقوله تعالى: {يا أيُّها الذينَ آمنوا لا تقربُوا الصلاةَ، وأنتم سكارى، حتى تَعلموا ما تقولون}، وقولهِ: {ولا تَمشِ في الأرضِ مَرَحاً} ومن هذا أن تكون محصورةً في صاحبها، أَو محصوراً فيها صاحبُها، فالأولُ نحو: (ما جاءَ راكباً إلاّ علي)، والآخرُ نحو: (ما جاءَ عليٌّ إلاَّ راكباً).


    7- حذفُ عاملِ الحالِ

    يحذَفُ العاملُ في الحال. وذلك على قسمين: جائز وواجب.


    فالجائزُ كقولك لقاصد السفر: (راشداً)، وللقادم من الحجِّ: (مأجوراً)، ولِمن يحدِّثُكَ: (صادقاً)، ونحو: (راكباً) لمن قال لكَ: (كيف جئتَ؟)، وبَلى مسرعاً) في جواب من قال لكَ: (إنَّكَ لم تَنطلق). ومن ذلك قولهُ تعالى: {أيَحسَبُ الإنسانُ أَن لن نجمعَ عِظامَهُ؟ بَلى، قادرينَ على أن نُسوِّي بنَانَهُ}، وقولُهُ: {حافظوا على الصّلواتِ والصلاة الوسطى}، إلى قوله: {فإن خِفتم فَرِجالاً أَو ركباناً}.


    [للمسافر: الاستعاضة عن تسافر راشداً، وللحاج (رجعت مأجوراً، وللمتحدث: تقول صادقاً، وبلى نجمعها قادرين، وصلوا رجالاً أو ركباناً والرجال هنا جمع راجل أي من يمشي على رجليه، وركبان جمع راكب]

    والواجبُ في خمس صوَر:

    أ ـ أن يُبيّن بالحالِ ازديادٌ أَو نقصٌ بتدريجٍ، نحو: (تَصدَّق بدرهمٍ فصاعداً، أَو فأكثرَ)، ونحو: (اشترِ الثّوبَ بدينار فنازلاً، أو فأقلَّ، أَو فسَافِلاً). وشرطُ هذهِ الحالِ أَن تكون مصحوبة بالفاءِ، كما رأيت، أَو بِثمّ. والفاءُ أكثرُ.

    ب- أن تُذكرَ للتّوبيخِ، نحو: (أقاعداً عن العمل، وقد قام الناسَ؟)، ونحو: (أَمتوَانياً، وقد جَدَّ قُرَناؤكَ؟). ومنه قولهم: (أَتَميميّاً مرةً، وقَيسيّاً أُخرَى؟).


    ج- أَن تكون مُؤكدةً لمضمونِ الجملةِ، نحو: (أنت أَخي مواسياً).


    د- أن تسُدّ مسَدّ خبر المبتدأ، نحو: (تأديبي الغلامَ مُسيئاً).


    هـ- أَن يكون حذفُهُ (أَي حذفُ العامل) سَماعاً، نحو: (هنيئاً لك).

  2. #2
    8- أَقسامُ الحال

    تنقسم الحال - باعتبارات مختلفة - الى مؤسسة ومؤكدة؛ والى مقصودة

    لذاتها وموطئة، والى حقيقية وسببية، والى مفردة وشبه جملة. فالمجموع
    تسعة أنواع، وسيأتيك بيانها:

    الحال المؤسسة، والحال المؤكدة


    الحالُ، إمّا مؤسسةٌ، وإمَّا مؤكدةٌ:


    فالمؤسسةُ (وتُسمّى المبنيّة أَيضاً، لأنها تُذكرُ للتّبيين والتّوضيح): هي التي لا يُستفادُ معناها بدونها، نحو: (جاءَ خالدٌ راكباً). وأَكثر ما تأتي الحالُ من هذا النوع، ومنه قولهُ تعالى: {وما نُرسِلُ المرسَلين إلا مبَشّرينَ ومُنذِرينَ}.


    والمؤكدةُ: هيَ التي يُستفادُ معناها بدونها، وإنما يُؤتى بها للتوكيد. وهي ثلاثةُ أَنواع:


    أ- ما يؤتى بها لتوكيدِ عاملها، وهي التي تُوافقه معنًى فقط، أو معنى ولفظاً. فالأول نحو: (تَبسّم ضاحكاً)، ومنهُ قولهُ تعالى: {ولا تَعثوا في الأرضِ مُفسدِين}، وقولهُ: {ثمَّ توَليتم مدبِرين}، والثاني كقوله تعالى: {وأَرسلناكَ للناس رسولاً}.

    2- ما يؤتى بها لتوكيدِ صاحبِها، نحو: (جاءَ التلاميذُ كلُّهم جميعاً). قال تعالى: {ولو شاءَ ربُّكَ لآمنَ مَن في الأرض كلُّهم جَميعاً، أفأنتَ تُكرِهُ الناسَ حتى يكونوا مؤمِنينَ؟}.

    3- ما يؤتى بها لتوكيدِ مضمون جملة معقودة من اسمينِ معرفتينِ جامدينِ، نحو: "هو الحقُّ بيّناً، أو صريحاً"، ونحو: "نحنُ الأخوةُ مُتعاونينَ"، ومنهُ قولُ الشاعر:


    أَنَا ابنُ دَارَةَ، مَعْروفاً بها نَسَبي.

    وَهَلْ بِدارَةَ، يا للنَّاسِ مِنْ عارٍ
    [دارة: اسم أمه]

    الحال المقصودة لذاتها، والحال الموطئة


    الحالُ، إمَّا مقصودة لذاتها (وهو الغالبُ) نحو: (سافرتُ منفرداً)، وإمَّا مُوطِّئة، وهيَ الجامدةُ الموصوفةَ، فتُذكرُ تَوطئةً لما بعدها، كقوله تعالى: {فتَمثّلَ لها بَشراً سويّاً}، ونحو: (لَقيتُ خالداً رجلاً مُحسناً).


    الحال الحقيقية، والحال السببية


    الحالُ، إمَّا حقيقيةٌ، وهي التي تُبيّنُ هيئَةَ صاحبها (وهو الغالبُ) نحو: (جئتُ فَرِحاً)، وإمَّا سَببيّة، وهي ما تُبيّنُ هيئةَ ما يَحملُ ضميراً يعودُ إلى صاحبها، نحو: (ركِبتُ الفرسَ غائباً صاحبُهُ)، ونحو: (كلّمتُ هنداً حاضراً أبوها).


    الحال الجملة


    الحالُ الجملة. هو أَن تقعَ الجملةُ الفعليةُ، أو الجملةُ الاسميّة، مَوقعَ الحال، وحينئذٍ تكونُ مؤَوَّلة بمفرد، نحو: (جاء سعيدٌ يركُضُ) ونحو: (ذهبَ خالِدٌ دَمعُهُ مُتحدَّرٌ). والتأويلُ: (جاء راكضاً. وذهبُ مُتحدِّراً دَمعُهُ).


    ويُشترطُ في الجملة الحاليّة ثلاثةُ شروطٍ:


    أ- أن تكون جملةً خبريّةً، لا طلبيةً ولا تَعَجُّبيّة.


    ب- أن تكون غيرَ مُصدّرةٍ بعلامةِ استقبالٍ.


    ج- أن تَشتملَ على رابط يربطُها بصاحب الحال.


    والرابطُ إمّا الضميرُ وحدَهُ، كقوله تعالى: {وجاءُوا أَباهم عِشاءً يبكونَ}. وإمّا الواوُ فقط، كقوله سبحانهُ: {لَئِنْ أكلَهُ الذئبُ ونحنُ عصبةٌ} وإمّا الواو والضميرُ معاً، كقوله تعالى: {خرجوا من ديارهم وهم أُلوفٌ}.


    الحال شبه الجملة


    الحالُ شِبهُ الجملة: هو أَن يقعَ الظرف أو الجارُّ والمجرورُ في موقعِ الحال. وهما يتعلقانِ بمحذوفٍ وجوباً تقديرُهُ (مستقرًّا) أو (استقرَّ). والمُتعلّقُ المحذوفُ، في الحقيقة هو الحال، نحو: (رأيتُ الهلالَ بينَ السحابِ)، ونحو: (نظرتُ العُصفورَ على الغصنِ). ومنه قوله تعالى: {فخرجَ على قومهِ في زينتهِ}.

    فائدة جليلة


    إذا ذكرَ معَ المبتدأ اسمٌ وظرفٌ أَو مجرورٌ بحرف جرّ، وكلاهما صالحان للخبريَّة والحاليّة، فإن تَصدَّرَ الظرفُ أَو المجرورُ، فالمُختارُ نصبُ الاسم على الحاليّة وجعلُ الظرفِ أو المجرور خبراً مقدّماً، نحو (عندك، أَو في الدار، سعيدٌ نائماً)، ونحو: (عندَك، أو في الدار، نائماً سعيدٌ)، لأنه بتقديمه يكون قد تَهيّأ للخبرية، ففي صرفه عنها إجحافٌ. ويجوز العكس.


    وإن تَصدّرَها الاسمُ، وجب رفعُهُ وجعلُ الظرفِ أو المجرور حالاً، نحو: (نائمٌ عندَكَ، أو في الدار، سعيدٌ)، ونحو: (نائمٌ سعيدٌ عندَكَ، أو في الدار).

    وإن تَصدَّرَها المبتدأ، فإن تقدَّمَ الظرفُ أو المجرور على الاسم، جاز جعلُ كلٍّ منهما حالاً والآخر خبراً، نحو: "سعيدٌ عندَكَ، أو في داره (نائماً)، أو تقولُ: (نائمٌ). وإن تَقدَّمَ الاسم على الظرف أو المجرور، فالمختارُ رفعُ الاسم، وجعلُ الظرفِ أو المجرور حالاً، نحو: (سعيدٌ نائمٌ عندَك، أو في داره)، ويجوز العكسُ (وهو قليل في كلامهم)، فتقولُ: (سعيدٌ نائماً عندَكَ، أو في داره).

    ومنعَ الجمهورُ نصبَ الاسم، في هذه الصورة. وأجازَهُ ابن مالك مُستنداً إلى قراءَة الحسن البصريّ. {والأرضُ جميعاً قبضتُهُ يوم القيامة. والسمواتُ، مَطوياتٍ، بِيَمينهِ} بنصبِ (مطوياتٍ) على الحال، وجعلِ (بيمينهِ) خبراً عن (السّموات)، وإلى قراءة من قرأَ، وقالوا: {ما في بُطُونِ هذه الأنعامِ، خالصةً لذكورنا}، بنصب (خالصةً) على الحال، وجعلِ (لذكورنا) خبراً عن (ما الموصوليّة). والقراءتان شاذّتانِ. لكن فيهما دليلاً على الجواز. لأنه ليس معنى شذوذِ القراءة أنها غيرُ صالحةٍ للاحتجاج بها عَربيّةً.
    فإن لم يَصلُحِ الظرفُ أو المجرورُ بالحرف للخبريّة (بحيثُ لا يكون مستغنًى عن الاسم، لأنه لا يَحسُنُ السكوتُ عليه) تَعَيّنتْ خبريةُ الاسم وحاليّةُ الظرف أو المجرور، نحو: (فيكَ إبراهيمُ راغبٌ)، ونحو: (إبراهيمُ فيكَ راغبٌ). إذ لا يصحُّ أن تَستغنيَ هنا عن الاسم، فتقولُ: (إبراهيم فيك).


    الحال المفردة


    الحالُ المُفرَدةُ: ما ليست جملةً ولا شِبهَها، نحو: (قرأتُ الدرسَ مجتهداً. وكتَباهُ مُجتهدَينِ. وتَعلمناهُ مجتهدِينَ).

  3. #3
    9- واوُ الحالِ وأَحكامُها

    واوُ الحالِ: ما يصحُّ وقوعُ (إذ) الظرفيّةِ موقعَها، فإذا قلتَ: (جئتُ والشمسُ تغيبُ)، صحَّ أن تقول: (جئتُ إذِ الشمسُ تغيب).


    ولا تدخلُ إلاّ على الجملة، كما رأَيتَ، فلا تدخلُ على حال مُفرَدة، ولا على حالٍ شبهِ جملةٍ.


    وأصلُ الرَّبطِ أن يكونَ بضمير صاحب الحال. وحيثُ لا ضميرَ وجبتِ الواو، لأنّ الجملةَ الحاليّةَ لا تخلو من أحدهما أو منهما معاً. فإن كانت الواو معَ الضمير كان الرَّبطُ أشدَّ وأحكم.


    وواوُ الحالِ، من حيثُ اقترانُ الجملة الحاليّة بها وعَدمُهُ، على ثلاثة أضرُبٍ: واجبٍ وجائزٍ ومُمتنع.


    متى تجب واو الحال؟


    تجبُ واو الحال في ثلاثِ صُوَرٍ:

    أ- الأولى أن تكونَ جملةُ الحالِ إسميَّةً مجرَّدةً من ضمير يَربطُها بصاحبها، نحو: (جئت والناس نائمون)، ومنه قوله تعالى: {كما أخرجكَ ربُّك من بيتكَ بالحق، وإنّ فريقاً من المؤمنين لكارهونَ}، وقولهُ: {أَيأكلُهُ الذئبُ، ونحنُ عُصبةٌ}، وتقول: (جئتُ وما الشمسُ طالعةٌ).

    ب- أن تكون مُصدَّرَةً بضمير صاحبها، نحو: (جاء سعيدٌ وهو راكبٌ)، ومنه قولهُ تعالى: {لا تَقرَبوا الصلاة وأنتم سُكارى}.


    ج- أن تكون ماضيَة غيرَ مُشتملةٍ على ضمير صاحبها، مُثبتةً كانت أو مَنفيَّةً. غير أنه تجب (قَدْ) معَ الواوِ في المثبتةِ، نحو: (جئتُ وقد طلعت الشمسُ)، ولا تجوز مع المنفيّةِ، نحو: (جئتُ وما طلعتِ الشمسُ).


    متى تمنع واو الحال؟


    تمتنعُ واوُ الحال من الجملة في سبعِ مسَائلَ:


    أ- أن تقعَ بعد عاطفٍ، كقوله تعالى: {وكم من قريةٍ أهلكناها، فجاءَها بأسُنا بَياتاً، أو هم قائلونَ}.

    [قوله تعالى: {أهلكناها} أي أهلكنا أهلها. وقوله {فجاءها} أي: فجاء أهلها. فالكلام على حذف مضاف. والبأس: العذاب. وبياتاً: مصدر وضع موضع الحال، وهو مصدر بات يبات بياتاً، و {قائلون} : أي نائمون وقت الظهيرة، من القيلولة. والمعنى: جاء أهلها عذابنا بائتين أو قائلين]

    ب- أن تكونَ مُؤكدةً لمضمون الحملةِ قبلَها، كقولهِ سبحانهُ: {ذلكَ الكتابُ، لا ريبَ فيه}.


    ج- أن تكونَ ماضِيَّةً بعد (إلاَّ)، فتمتنعُ حينئذٍ من (الواو) و (قدْ) مجتمعينِ، ومُنفردتينِ، وتُربطُ بالضميرِ وحدَهُ، كقوله تعالى: {ما يأتيهم من رسول إلاَّ كانوا بهِ يستهزئونَ}.


    د- أن تكون ماضيّةً قبلَ (أو)، كقول الشاعر:


    كُنْ لِلخَليلِ نَصيراً، جارَ أوْ عَدَلاَ

    وَلاَ تَشُحَّ علَيْهِ. جادَ أَوْ بَخِلاَ
    هـ- أن تكونَ مُضارعيّةً مُثبَتةً غيرَ مُقترنةٍ بِقدْ وحينئذٍ تُربطُ بالضميرِ وحدَهُ، كقولهِ تعالى: {ولا تَمنُنْ تَستكثرُ}، ونحو: (جاء خالدٌ يحملُ كتابهُ). فإن اقترنت بِقدْ، وجبتِ الواوُ معَها، كقولهِ تعالى: {لِمَ تُؤذونني؟ وقد تَعلمونَ أني رسولُ اللهِ إليكم}. ولا يجوزُ الواوُ وحدَها ولا قَد وحدَها. بل يجبُ تجريدُها منهما معاً، أو اقترانُها بهما معاً، كما رأيت.

    و- أن تكونَ مُضارِعيّةً منفيّةً بِ (ما)، فتمنعُ حينئذٍ من الواو وقد، مُجتمعتينِ ومُنفردتينِ، وتُربَطُ بالضميرِ وحدَهُ كقول الشاعر:


    عَهْدْتُكَ ما تَصْبُو، وفيكَ شَبيبةٌ

    فَما لَكَ بَعْدَ الشَّيْبِ صَبًّا مُتَيَّما؟

    وقول الآخر:


    كأنَّها - يومَ صَدَّتْ ما تُكَلِّمُنا

    ظَبْيٌ بِعُسْفانَ ساجِي الْظَّرْفِ مَطْرُوفُ

    (وأجاز بعض العلماء اقترانها بالواو، نحو: (حضر خليل وما يركب). وليس ذلك بالمختار عند الجمهور. والذوق اللغوي لا يأباه. قال السيوطي في (همع الهوامع): والمنفيّ بما فيه الوجهان أيضاً، نحو: "جاءَ زيد وما يضحك؛ أو ما يضحك)).


    ز- أن تكونَ مُضارعيّةً مَنفيّةً بِـ (لا)، فتمنع أيضاً من(الواو) و (قَدْ) مُجتمعتينِ ومُنفردتينِ، كقوله تعالى: {وما لَنا لا نُؤمِنُ باللهِ}، وقولهِ: {ما لي لا أرَى الهُدهُدَ} (وأجاز قوم اقترانها بالواو، لكنه بعيد من الذوق اللغوي، قال ابن الناظم: (وقد يجيء (أي المضارع المنفي بلا) بالضمير والواو)).

    فإن كانت مَنفيّةً بِلَمْ، جاز أن تُربَطَ بالواوِ والضميرِ معاً، كقولهِ تعالى: {أو قالَ: أُوحِيَّ، إِليَّ ولم يُوحَ إليهِ شيءٌ}.

    متى تجوز واو الحال وتركها

    يجوزُ أن تقترنَ الجملةُ بواو الحالِ، وأن لا تقترنَ بها، في غير ما تقدَّمَ من صُوَر وُجوبها وامتناعها.


    غيرَ أن الأكثرَ في الجملةِ الاسميّة - مُثبتةً أو منفيةً - أن تقترنَ بالواو والضمير معاً. فالمُثبتةُ كقولهِ تعالى: {خرجوا من ديارهم وهم أُلوفٌ}، وقولهِ: {فلا تجعلوا للهِ أنداداً وأنتم تعلمونَ}. والمنفيّةُ نحو: (رجعتُ وما في يدي شيءٌ).


    وقد تُربَطُ - مُثبَتةً أو منفيّةٌ - بالضمير وحدَهُ. فالمُثبتَةُ كقوله تعالى: {قُلنا: اهبِطوا بعضُكم لبعضٍ عدُوٌّ}. والمنفيّة كقوله تعالى: {واللهُ يَحكُمُ لا مُعَقْبَ لِحُكمه}.


    (ولا يشترط لاقتران الجملة الاسمية بالواو، عدم اقترانها بالا (كما توهم بعض أصحاب الحواشي سامحهم الله، فان ذلك ثابت في أفصح الكلام، قال تعالى: {وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتابٌ معلوم}. وهذا الشرط إنما هو للجملة الماضيَّة فقط، كما علمت، وأما الجملة الاسمية فقد تقترن بهما معاً كما رأيت، وقد تقترن بالا وحدها، كقوله تعالى: {وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون}).


    أمّا الجملةُ الماضيّة الحاليَّة، فإن كانت مثُبتَةً، فأكثرُ ما تُربَطُ بالضمير والواو وقَدْ معاً، كقوله تعالى: {أفتَطْمَعونَ أن يُؤمنوا لكم، وقد كان فريقٌ منهم يسمعون كلامَ اللهِ ثمّ يُحرفونهُ من بعدظش ما عقَلوهُ}.



    وأقلَ من هذا أن تُربَطَ بالضمير وحدَهُ، دون الواو وقَدْ، كقوله تعالى: {هذِهِ بِضاعتُنا رُدَّتْ إلينا}، وقولهِ: {أو جاءُوكم حَصِرَتْ صُدورُهم}


    وأقلّ من الجميعِ أن تُربَطَ بالضمير والواو فقط، دونَ قد، كقوله تعالى: {قالوا، وأقبلوا عليه: ماذا تفقِدون}، وقوله: {أنؤمِنُ لكَ واتّبعكَ الأرذلونَ}.


    إن كانت منفيّةً امتنعتْ معها (قد)، فهي تُربَط غالباً بالضمير والواو معاً، نحو:

    (رجعَ خالِدٌ وما صنعَ شيئاً). وقد تُربَطُ بالضمير وحدَهُ، نحو: (رجعَ ما صنعَ شيئاً).

    فإن لم تشتمل الجملةُ الماضيّة، مُثبتةً كانت أو منفيّة، على ضميرٍ يعودُ إلى صاحب الحال، رُبِطت المُثبتةُ بالواوِ وقد، والمنفيّةُ بالواو وحدها، وجوباً، كما سبقَ.

  4. #4
    10- تَعَدُّدُ الحالِ

    يجوزُ أن تَتعدّدَ الحالُ، وصاحبُها واحدٌ أو مُتَعدّدٌ. فمثالُ تعدُّدها، وصاحبُها واحدٌ، قولهُ تعالى: {فرجَعَ موسى إلى قومهِ غضبانَ أسِفاً}.


    وإن تَعدّدَت وتعدّدَ صاحبها، فإن كانت من لفظٍ واحدٍ، ومعنًى واحدٍ ثَنّيتها أو جمعتها، نحو: (جاءَ سعيدٌ وخالدٌ راكبينِ. وسافر خليلٌ وأخواه ماشِيينَ)، ومنه قوله تعالى: {وسَخَّرَ لكمُ الشمسَ والقمرَ دائِبَيْنِ} (والأصلُ دائبةً ودائباً) وقولهُ: {وسخَّرَ الليلَ والنهارَ والشمسَ والقمرَ والنجومَ مُسخّراتٍ بأمرهِ}.

    وإن اختلفَ لفظُهما فُرِّقَ بينهما بغير عطفٍ، نحو: (لَقيتُ خالداً مُصعِداً مُنحدراً. ولقيتُ دَعداً راكبةً ماشياً. ونظرتُ خليلاً وسعيداً واقفيْنِ قاعداً). وإنْ لم يُؤمنِ اللّبسُ أعطيتَ الحال الأولى للثاني والأخرَى للأولِ. فإن أردتَ العكس وجبَ أن تقول: (لقيتُ خالداً مُنحدِراً مُصعِداً، فيكونُ هوَ المنحدِر وأنت المُصعِد. وإن أُمِنَ من اللّبسُ، لظهور المعنى، كما في المثالينِ الباقيينِ، جاز التقديمُ والتأخير، لأنهُ يمكنُكَ أن تَرُدّ كلّ حال إلى صاحبها. فإن قلت: (لقيتُ دعداً ماشياً راكبةً. ونظرت خليلاً وسعيداً قاعداً راكبينِ)، جاز لِوضوح المعنى المراد. ومنه قول الشاعر:

    خَرَجْتُ بها أَمشِي تَجُرُّ وَراءَنا

    عَلى أَثَرَيْنا ذَيْلَ مِرْطٍ مُرَحَّلِ

    [المرط: كل ثوب غير مخيط. وكساء يؤتزر به، وربما تشده المرأة على رأسها وتتلفع به. والمرحل من الثياب ما أشبهت نقوشه رحال الإبل. وجملة أمشي: حال من تاء المتكلم. وجملة تجر: حال من ضمير الغائبة في (بها).]

    11- تَتمَّةٌ



    وردت عن العَربِ ألفاظٌ، مركّبةٌ تركيبَ خمسةَ عشَر، واقعةً موقع الحالِ. وهي مبنيّة على فتح جُزءَيها، إلاّ ما كان جُزؤهُ الأولُ ياءً فبناؤهُ على السكون.


    وهذهِ الألفاظُ على ضربينِ:


    أ- ما رُكِّبَ، وأصلُهُ العطفَ، نحو: (تَفَرّقُوا شَذَرَ مَذَرَ، أو شَغَرَ بَغَرَ)، أي: "مُتفرّقِين، أو مُنتشرين، أو متَشتّتينَ)، ونحو: (هو جاري بيتَ بَيتَ)، أي: (مُلاصِقاً)، ونحو: (لَقيتُهُ كَفّةَ كَفّةَ)، أي: (مُواجِهاً).


    ب- ما رُكِّبَ، وأصلهُ الإضافةُ، نحو: (فَعلتُهُ بادِئَ بَدْءَ، وبادِيْ بَدْأَةَ، وبادِئَ بِداءَ، وباديْ بَداءَ، وبَدْأَةَ بَدْأَةَ)، أي: (فعلتُهُ مَبدوءاً بهِ" ونحو: (تفَرَّقوا، أو ذَهَبُوا أَيدي سَبَا وأَيادِي سَبا)، أي: (مُتَشتِتين).

المواضيع المتشابهه

  1. موسوعة اللغة العربية واللسانيات
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى foreign languages.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-25-2015, 09:06 PM
  2. الدروس المستفادة من الثورات العربية الحالية
    بواسطة د.مهندس عبد الحميد مظهر في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 34
    آخر مشاركة: 03-23-2013, 07:14 PM
  3. موسوعة من الخطوط العربية
    بواسطة فراس الحكيم في المنتدى فرسان التصميم والابداع.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-18-2011, 02:17 AM
  4. موسوعة شهداء الأمة العربية
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-08-2011, 10:33 AM
  5. موقع التعليم الإلكتروني باللغة العربية يقدم كافة الدروس مجانا
    بواسطة مصطفى الطنطاوى في المنتدى فرسان التعليمي.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 12-29-2008, 10:56 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •