جهود الدكتور عباس أرحيلة
في
تأصيل النقد والبلاغة العربيين

مداخلتي في حفل تكريمه من طرف

( النادي الأدبي بمراكش )

فضيلة الدكتور عباس أرحيلة حفظه الله
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


تــقــديــــم واحــتــيـــاط :


لامناص من القول : إن من يريد أن يعرض لجهود الدكتور عباس أرحيلة في تأصيل النقد والبلاغة العربيين في هذا الجو الاحتفالي - مسترخصا الجهد في الدراسة عن حسن نية - يكون كمن يريد اقتناص الشمس بغربال !! . لأن كل مابذله فضيلته من جهود في الدراسة والبحث ، وكل مابذل ؛ فكريا ، وذهنيا ، وبحثا عن المادة العلمية في مضانها داخل المغرب ، وخارجه ، باعتبارها المادة الصلبة التي أسس عليها مشروعه العلمي ؛ النقدي ، البلاغي ، التأصيلي .. كل ذلك لايمكن - بتاتا - حصره ، ولاتحديده فيما أتيح لي من الوقت .

وقبل الشروع في تناول ماالتزمت به في العنوان ، أجدني مضطرا لتسجيل هذا الاحتياط العلمي ، وأنا أزاحم هذا الجمع الغفير من نبهاء الدارسين ، والباحثين ، والعلماء ، والأدباء ، من أجل ترسيخ ثقافة الاعتراف بالجميل لمن رابط على صيانة بيضة الأمة في معقل من معاقل أصالتها في الفكر ؛ الدكتور عباس أرحيلة .. وهذا الاحتياط يجرني إلى استحضار أمرين :


الأمـــر الأول :


مؤداه أن الدكتور عباس أرحيلة ، وهو عندي في موقع أمير الكلام ، وزعيم الخطاب لاينبغي أن أقدم بين يديه هذا العمل المتواضع ، إلا في جمال ، وبهاء ، وقوة الإناء اللغوي الذي نعرف - جميعا - أنه عمل ، ويعمل من أجل تكريسه - كما يريده هو - في نفوس طلبته ماحيوا ، وأعني بذلك : التأصيل اللغوي .


الأمـــر الثاني :


وهو نتيجة للأول ؛ يتعلق بورود كلمة ( جهود ) في العنوان ، التي ربما نازع البعض في كونها لاوجود لها في معاجم اللغة القديمة ، ولافي القرآن الكريم ، لجعلها ترتقي إلى مستوى مايقدم ، ويروج له في هذا الجمع العالم باقتدار . وعلى اعتبار أن مايقدم فيه يجب أن يكون منسجما مع التأصيل بدلالته على التأثيل ، كما عند الدكتور عباس أرحيلة في إطارما استعمل في بناء مشروعه النقدي ، والبلاغي ؛ الجدير بالدراسة المعمقة ، والبحث الرصين ، وفي ظروف أفضل مما يتيحه إلي الوقت المحدد بالثواني اليوم !.. فنتيجة بحث مستفيض في معاجم اللغة ، وغيرها ، انتهيت إلى أن كلمة ( جهود ) دخلت اللغة العربية من باب المعاجم الحديثة ، كما وجدتها مما ذاع وانتشر في مجالات وحقول عدة ، قريبة مما وظفتها فيه اليوم ؛ أعني دلالتها على النشاط الذي بذله الدكتور عباس أرحيلة بوعي جسميا - جلبا للمادة العلمية من مضانها للاستعانة بها في الدراسة والبحث - وعقليا بهدف تأصيل النقد والبلاغة العربيين ، في وقت عز فيه أن نجد من يقرأهما ، ويستأنس بجلال قدرهما ، وعمق بنائهما . ومابالك السعي إلى بناء مشروع يؤصل لحضورهما في المنظومة الحضارية للأمة .

إن الجهود المضنية - كما قيمها الدكتور أمجد الطرابلسي - التي بذل الدكتور عباس أرحيلة ، ومن خلال تتبعي لما كتب أقنعتني أنه كان يرمي إلى بناء مشرؤع علمي رصين ذي توجه حضاري بناء ، أسسه على ترسيخ جذور الذات غداة هبات ، بل هزات فكرية عنيفة لمستشرقين ، وحوارييهم ، وحواري حوارييهم من دعاة التغريب ، وملاحددة الشعوبيين ، والعلمانيين ، والماركسيين ... كما أقنعتني أنه قد دفع من الوقت ماليس باليسير ؛ قضاه في الدراسة ، والبحث ، والتمحيص ، والفحص ، والسبر ، والفلي ، والإدراك ، والتأمل ، لبلوغ النتائج ؛ وذلك كله في مسار علمي ، ونقدي حافل بالتأليف في النقد ، والبلاغة ، وفي تأثيل مجد الأمة الطارف والتليد ، وتأصيل دور العلم الحق فيها لمواجهة مناهج التشكيك ، وجحافل دعاة التغريب ، و الغزو الفكري . والأفكار المؤسسة على غياب الدقة عند أهلها في المقدمات ، وفي النتائج !! . .وكذا الأفكار المغرضة أيضا !! .

وبذلك أسس الدكتور عباس أرحيلة مشروعه العلمي النقدي والبلاغي على قاعدة صلبة ، مفادها (( أن التراث هو الوعي بالذات )) ؛ الذات المحصنة بالهوية العربية الإسلامية ، التي من الواجب بناء هويتها الحقة على الأصول النظرية الموجودة - أصلا - في الأصول ، التي أساسها الأول هوالقرآن الكريم ، الذي لامدخل إليه غير تفاسيره ، ومااشتملت عليه من مادة لغوية ، وأدبية ، ونقدية إسلامية لكونها صادرة عن النص القرآني ، أومرتبطة به .. وهذا مبرر اشتغاله على كتب الإعجاز ، وعلوم القرآن لبناء مشروعه التأصيلي ؛ النقدي ، والبلاغي . لذلك فالمتتبع لكتب الدكتور عباس أرحيلة المرتبطة بهذا الموضوع يلاحظ أنه لم يذخر جهدا في الدعوة إلى الإحساس بالذات ، والوعي بها . وجعل الذات تتغيا وعيها بوجودها القائم على الدين والأخلاق ، وأيضا العلم بما يحاك لمسخها . ودعوته إلى ركوب الأصعب في مجال الدراسة ، وبخاصة فيما تعلق بتأصيل النقد ، والبلاغة العربيين ؛ لنستمع إليه وهو يعلن عن مستوى ما قدم من جهوده العلمية الرصينة في هذا المدماك ، وذلك في مقدمة كتابه (( الأثر الأرسطي في النقد والبلاغة العربيين )) - وهو لايفصح حينذاك إلاعن جهود جبارة مضنية - يقول (( وقد تتبعت تطور البيان العربي منذ عهوده الأولى حتى استوى ناضجا لأرى هل أحدثت ترجمة كتابي ( الشعر ) و ( الخطابة ) في القديم تأثيرا في النقد ، والبلاغة العربيين ، هل حولهما عن مشاغلهما ، ومجالاتهما ؟ هل أحدثا ثورة في قضايا النقد الأدبي عند العرب ؟ هل ظهرت نظرية الفن اليوناني في تصورات النقاد ؟ )) .

من هذا النص يمكن استنتاج :

أولا :

إن ماعبر عنه الدكتور عباس أرحيلة بالتتبع - تتبع تطور البيان العربي منذ عهوده الأولى - الذي هو عمل إجرائي صرف لاشك أنه قد كلفه الكثير من البحث المضني عن المادة العلمية في مضانها الموجودة بين يديه ، أوتلك التي كلفته الاتصال المباشر ، وغير المباشرمع الغير ، بل وكلفته الكثير من المعاناة الذهنية ، والتواصلية ؛ سواء مع المادة العلمية ، أومع مجموعة من الأعلام العلماء في مقدمتهم الأستاذ الكبير أمجد الطرابلسي رحمه الله .. ويكفي أن نعرف أن هذا البحث قد كلفه مدة ست سنوات كاملة من حياته العلمية في هذا الكتاب وحده .

ثانيا :

إن الدكتور عباس أرحيلة ظلت تزاحمه هاجسا ، وفكرا - أثناء البحث - مجموعة من الأسئلة المؤرقة ؛ وهي أسئلة محملة باستغرابه العميق حول ماهو موجود من الآراء الخادشة لقناعته الدينية ، والفكرية ، والتي ساد في الاعتقاد أنها من الحقائق الثابتة .. لذلك شمر على االساعد للتصدي لها ، من أجل إبطالها - علميا - بالدليل الذي لايعوزه من أين يأتي به . ورغم مشقة وجدها في طريق البحث ، فهولم يحد عما ترجمه له إحساسه مما ظل ينتظره من جهود كانت الغاية منها تبديد هذا القلق الذي لايمكنه أن يزول إلا بالنتائج التي تجعل من أرسطو ضفة ، ومن النقد والبلاغة العربيين ضفة أخرى ، لاختلاف الخصوصيات ، والبناء كما ظل يعتقد . وبذلك تسلم الجرة البلاغية العربية من التبعية ، ويعود الفارس عباس أرحيلة - من معاناة البحث النفسية والعقلية - منتصرا للأمة ، ولهويتها ، الأمة التي يرى أنه من الواجب عليها بدورها أن تكون واعية بذاتها ، وضامنة لسر وجودها ! .

ويحضرني هنا ماقام به الدكتور عباس أرحيلة من مجهود ، وما لقي من عنث ، وما أبان عنه من تواضع العلماء الأبرار للعلم ، وهو يحضّر باكورة نتاجه الفكري . أقصد كتابه (( البحوث الإعجازية والنقد الأدبي إلى نهاية القرن الرابع )) فهو يرى أن كل مابذل فيه من جهود ليس سوى محاولة - أشهد الله إنه ذروة سنام التواضع - نعم رآها محاولة . وفي الواقع فالأمر ليس كذلك ؛ فالدكتور عباس أرحيلة كان يؤسس لمشروعه العلمي ، الذي كان من نتائجه أن فضيلته (( قد استفتح مغاليق أسرار كانت طي الكتمان )) ناهيك أنه قدم (( صورة لرحلة النص القرآني في صدامه الحضاري تجاه ديانات الشعوب الأخرى وحضارتها وفلسفاتها ... )) والغاية التي تغيا بدون شك هي اعتبار (( قضية الإعجاز حجر الزاوية في العقيدة الإسلامية )) لكونها (( تعطي لوجودنا التاريخي بعده الحضاري المستمر والمتجدد )) .


إن ما أطلق علي الدكتور عباس أرحيلة في كتابه الآنف الذكر محاولة ، قد مكنه من إلقاء الأضواء الكاشفة على التأثيرات التي لحقت العملية النقدية ، والبلاغية ، نتيجة الصدام الحضاري . كما مكنه من وضع اليد على حقائق لايمكنها أن تصدر إلامن مسدد حالفه التوفيق ، وقد امتلك الأدوات ، وأخلص القصد ، ، وبذل الجهد ؛ فهو يقرر مثلا أن نقد الشعر عند العرب تبلور في رؤية يقول عنها إنها (( استوعبت القديم ، وأدركت مراميه ، وألفت الحديث ، وسايرت متطلعاته ، وحافظت على مقياس الذوق في فهم الأدب ؛ مؤتنسة بما جد في العصر من أساليب التحليل والجدل دون أن يجرفها تيار المنطق )).


فمن خلال إمعان النظر في مكونات النص نرى أن كل جملة فعلية فيه تحتزل عملا ، وحركة ؛ جميع هذه الأفعال تختزل جهودا ذهنية استثنائية ، ولا أدعي أنها جهود عقلية فقط . ناهيك عن جهود سابقة عليها بذلها في الدراسة ، والبحث ، أفضت كلها إلى نتائج أسست لمشروع واعد بالتميز ، والعمق ، ومغر بالعمل البناء ، والدؤوب .

ومن شيم الباحث الفذ أن يكون منصفا ، وليس للإنصاف هنا من سبيل غير تدقيق النتائج، وبخاصة فيما اختـُلف فيه . لكن لاتدقيق عند هذا الباحث الصلب إلا بعد بذل الجهد ؛ فها هو يؤكد على حقية نقدية علمية توزن ذهبا في شريعة البحوث الرصينة ، اشتغل عليها ، بعد أن استوعب جذورها من التراث النقدي العربي ؛ فهو يؤكد على أن (( الرؤية الناضجة للتراث النقدي العربي القائمة على المحاكمة ، والموازنة ، والمقايسة )) قد تشكلت عند (( نقاد القرن الرابع )) .. وللتأكيد على هذه الحقيقة ، وترسيخها باعتبارها رؤية نقدية أصيلة - بين آراء متضاربة الأصول مذهبيا ، وحضاريا فقد ركب متن الدراسة والبحث ليخلص في الأخير إلى أن (( مدرسة النص القرآني )) كانت قد شكلت حجر الزاوية في ثقافة الناقد العربي آنذاك . وأن الرؤية الجمالية عند هذا الناقد تأسست على أساليب البيان التي أصبحت الأرضية التي تأسست عليها قاعدة تذوق النص ، ومكوناته الأسلوبية .

ومن النتائج الدقيقة التي أبانت عنها جهود الدكتور عباس أرحيلة في مجال الدراسة النقدية ، والبلاغية تشديده على حقيقة باهرة مبهرة مفادها أن دراسة الإعجاز القرآني ، والدراسات البلاغية ، والنقدية ، قد تفاعلت جميعها ، وأن ماجمع بينها لم يكن غير القرآن الكريم ، باعتباره يمثل (( أروع الأمثلة للبيان العربي والمثال المعجز للبلاغة في أذهان النقاد )) كما قال !! .

ومما هوجدير بالذكر - ونحن نعرض لجهود الدكتور عباس أرحيلة في تأصيل النقد والبلاغة العربيين - عمله الرصين ، والدقيق في شأن (( رسالة التفضيل بين بلاغتي العرب والعجم )) ، لأبي أحمد العسكري لأهميتها ولــ (( كونها تشكل حلقة في تاريخ البلاغة العربية ؛ بما تحمله من آراء ، وتقسيمات ، وشواهد ، ومصطلحات ، ... )) . فقد قام بإعادة نشرها محققة ، وقدم لها - كما يقول - اعتمادا (( على أصلها المخطوط ، وماوضعته لها من تقديم وشروح وتعليقات وفهارس )) . نشرها بعد اطلاعه عليها سنة 1996م ، وبعد حصوله على النسخة الوحيدة للكتاب من خزانة السليمانية بإستنبول بتركيا بعد وساطة الدكتور أحمد شوقي بنبين عند الدكتور عزة حسن الذي تولى البحث عن المخطوط ، وصوره ، والباحث عباس أرحيلة ينتظر إلى أن مُـكِّـن َ من هذه النسخة ليدخل التعديلات على النص الموجود بين يديه . حيث ربط الكل بما تسلم من مراجع ؛ مراجع تسلمها من الدكتور مولاي مصطفى أبوحازم سنده الثاني في بناء هذا العمل . وكان هذا النشر اعتمادا على الأصل المخطوط ، بين يديه ، ومقابلته بالنشرات السابقة ، والتنبيه إلى مابين هذه النسخة وبين هذا الأصل من اختلافات وفروق !!! .. وكم كان الدكتور عباس أرحيلة موفقا وهو يجعل من بين أهدافه في النشر - وبذل في ذلك جهودا مضنية - وضع حد لما شاع من نسبة هذه الرسالة إلى أبي هلال العسكري تارة ، وإلى أبي أحمد العسكري تارة أخرى ، فحسم الأمر في هذا الالتباس ، وكشف دواعي الخلط بين الاسمين ( أبي أحمد ) ، و( أبي هلال ) ، وأدرج الأدلة المرجحة لكاتبها الحقيقي وهو ( أبي أحمد العسكري ) .

ومن جهود الدكتور عباس أرحيلة التي لاينبغي أن تغمط له ونحن نرصد جهوده في تأصيل النقد والبلاغة العربيين - تحقيقا - أذكر ماقام به من جهد في التقديم لهذه الرسالة ، وإغنائها بالشروح ، والتعليقات ، وربط ماورد فيها من أقوال بالمصادر القديمة حتى لايلتبس فهمها على القارئ ، بل ووضعها في سياقها الثقافي كما ذكر .

ومن الجهود التي لمست للدكتور عباس أٍرحيلة وأنا أتابع مشروعه في رباعيته (( الأثر الأرسطي في النقد والبلاغة العربيين )) ، (( البحوث الإعجازية والنقد الأدبي )) ، (( تجربة رائدة في البلاغة العربية )) ، (( رسالة في التفضيل بين بلاغتي العرب والعجم )) . وكلها جمع فيها بين التأليف ، والدراسة ، وإعادة النشر والتحقيق والتقديم ، و تختزل جهوده في تأصيل النقد والبلاغة العربيين ؛ مما لمسته في تلك الجهود ذلكم الكم الهائل من النصوص المستنبطة من بطون مكتبة عربية إسلامية ، وقد تعامل معها الدكتور عباس أرحيلة بقوة إدراك ، وسعة تصور ، لاستكناه مادتها البلاغية ، والنقدية ، وما ارتبط بها من شروح ، ومقدمات ، عمقت تصوره لبناء مشروعه في تأصيل النقد والبلاغة العربيين .

ولم يشذ عن ذلك ما بذل من جهود وهو يرصد التيارات الثقافية العربية ، والإسلامية ، ويتفاعل مع كتب الأدب ، وكتب الاتجاهات النقدية ، والدراسات التي تبحث في تاريخ الأدب ، وتاريخ الفرق الإسلامية ، وفي التاريخ الإسلامي ، وكتب الحضارة الإسلامية ، وكتب الأدب المقارن ، ودوائر المعارف الإسلامية ، وكتب اللغة العربية ، وعلومها ، ومعاجمها ...

ومما هو جدير بالملاحظة - أيضا - مابذل من جهود في الدفاع المستميت عن الهوية ؛ وذلك بالوقوف في وجه طروحات ، وأفكار فيالق (( التبعية والتغريب )) و (( الملاحدة الشعوبيين )) (( وتيار العلمانية )) و(( التيار الماركسي )) ... وقد أبلى في مواجهة هؤلاء البلاء الحسن ، وبخاصة لمافند ماجاؤا به من أفكار . ولما فضح غاياتهم الخسيسة ؛ منها تقويض هوية الأمة ، وشق وحدتها الشعورية المبثوثة في فكرها ، ومقوماتها الأخرى التي منها النقد ، والبلاغة ، والإبداع الأدبي التراثي الجذور .

ويحضرني الآن أن الأساس النظري الذي أسس عليه الدكتور عباس أرحيلة منهجه التأصيلي في الدراسة ، والبحث ، هو الآخر قد اتسم بالتنظيم ، والبناء الفكري ؛ في إطار ماظل يطلق عليه نظرية الأدب الإسلامي - بشيء من الاستنارة والتوسع - حيث المرتكزات المنهجية واضحة ، والرؤية أوضح . . وبحكم طبيعة البحث فقد التزم الكاتب بالمنهج التاريخي الوصفي التحليلي ، عززه بالمقارنة ، وتجلية المفاهيم المركزية في البحث ، وتدقيق مدلولاتها الحقيقية ، مراعاة لتأثيرات التحقيب التي تعطي لكل مفهوم دلالته الخاصة به في زمانه .. وزيادة في الدقة ظل فضيلته يلزم الاحتياط المنهجي ، وغيره من المعايير الدقيقة .. وهذه كلها زادت من الصعوبات في البحث ، والتي تجاززها الدكتور عباس أرحيلة باقتدار بفضل مابذل من جهود في سبيل تأصيل النقد والبلاغة العربيين ليُنـَصَّـبَ بعد هذا رائدا وقائدا على رأس مدرسة البحث في المغرب ، والعالم العربي ، والإسلامي ، في مجال استدعى ضرورة البحث فيه فاستجاب وهو بهذه المنزلة أحق .

مؤسسة البشير الخاصة . مراكش 6 مارس 2010

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



***
عن

.الدكتور الراحل عبد الرحمن الخرشي

.