أليس جلّ مشاكلنا من أن غالب ما نجد لا يستجيب وإرادة الأمة؟


نعم أستاذة ريمة، هذا هو واقع الحال بكل تأكيد.
إن قفزنا مباشرةً إلى السؤال الأهم في هذه القضية:
من الذي يتحمل المسؤولية في ذلك؟

إننا في حياتنا اليومية نحمِّل حكَّامنا المسؤولية عن كل تقصيرٍ أو تراجعٍ أو فساد في شؤوننا سواء الخاصة منها أم العامة، وهم يتحمَّلون ولا شكَّ مسؤولية كبرى في ذلك، ولكن هل هم وحدهم المسؤولون؟
جاء في "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" للأصبهاني: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم:
"اثْنَانِ مِنَ النَّاسِ إِذَا صَلَحَا صَلَحَ النَّاسُ، وَإِذَا فَسَدَا فَسَدَ النَّاسُ: الْعُلَمَاءُ وَالْأُمَرَاءُ"

نلاحظ في هذا الحديث الشريف أن العلماء قد قُدِّموا على الأمراء في المسؤوليَّة؛ سواء في الإصلاح أم في الإفساد، وهذا التقديم منطقيٌّ جداً وقد أثبت التاريخ صحته.
إن العلماء هم قادة الأمَّة الحقيقيون، لأنهم الأقدر على تلمُّس همومها ومشاكلها وتقديم المنهج الأصلح لها، كلٌّ في مجاله واختصاصه، لكنهم حين غرَّهم زخرف الحياة وبهجتها بما أفاض به عليهم حكامنا وملوكنا الأوائل أخلدوا إلى الأرض خوفاً من فقد المنح والهبات والأعطيات، وهكذا وصولاً إلى أن أصبح الهدف من العلم في وقتنا الراهن كسب لقمة العيش! وهكذا فقد الجناح القائد في الأمَّة دوره ووظيفته وسُخِّر لمصلحة الجناح الآخر الذي هو الحاكم، فلا عجب إذاً أن تضيع الأمَّة!
إن الطائر يفقد توازنه في الطيران حين يضعف أحد جناحيه، فكيف به إن فقد هذا الجناح؟!

الحديث ذو شجون يطول الحديث فيها وعنها، ورغم ذلك علينا أن لا نفقد الأمل أو نصاب بالإحباط، وخصوصاً أننا بدأنا نرى بوارق تحرر عدد من العلماء من ربقة أسر الماضي بكل ما يحمل من تبعيَّةٍ وانقيادٍ وهوان، ليمسكوا بأيديهم رغم وهنها وضعفها أزِمَّة الأمور ويُعلوا بيارق الحق ويصدحوا بأناشيد الحرية والسلام، وما هذا البحث عن مفهوم الأمَّة أو سواه إلا محاولة في هذا السياق.

شكراً أيتها الفاضلة أن أثرتِ هذه الشجون من مكامنها؛ فلعلَّ في هذه الإثارة تحريضٌ على الفعل.