منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 5 من 5
  1. #1

    خمسٌ على هامش الوطن (ج6)

    ميراث


    عاش حياته مرفها منعمّا لا يدخن إلا السيجار الفاخر ويؤمن بأنه من جذور تركية وأنه سليل الحسب والنسب من نسل الباشاوات ، وقد ترك له أبوه مالا كثيرا وأراضٍ وعقارات ، لكنه أقر نظاما مستبدا خاصا بأسرته ، فاشترط على بناته من أرادت أن تتزوج فعليها التنازل عن كل حقوقها في أن ترث، وتتخلى عن نصيبها في الإرث مقابل العريس! .ولأنانيته وصلفه تجنب الناس التقرب منه أو مصاهرته ، ولأن الناس تحب المال حبا جمّا امتنعت البنات عن الزواج طويلا ، وحين تقدم بهنّ العمر شعرت ثلاثٌ منهنّ بالخطر وقررن الزواج والتنازل عن كل شيء مقابل أن تكون لهنّ أسر وأبناء ،وهذا ما كان ، وبقيت اثنتان مع أموال أبيهما الذي مات ولم يترحم عليه أحد، وها هنّ قد بلغن العقد السابع من العمر دون زواج تنظر كل منهما للأخرى بحسرة في بيت خالٍ من الحياة ، وأمام كل منهما سلة مليئة بأدوية الضغط والقلب والأمراض المزمنة ، ولم ينفع مالُ أبيهما في أن يكون لهما حظ من الدنيا ولو قليلا .

    ***

    اعتكاف


    ذهب ثلاثتهم للاعتكاف في ليلة القدر المباركة ، آملين بالمغفرة والدعاء وحسن الثواب، وجدوا في المسجد القريب ضوضاء وعددا كبيرا من الأطفال يشوّشون الأجواء ولا يسمح ذلك بالخشوع والراحة مع الله عز وجل ، هربوا باحثين عن مسجد آخر ينعمون فيه بالهدوء ، فوجدوا مسجدا فارها جميلا ، وحين ترجلوا من السيارة وتوجهوا لباب المسجد وجدوا عددا من الناس يقفون ويتمتمون بكلام غير مفهوم ، عند المدخل تمترس أشخاصٌ يغلقون الباب ويمنعون الدخول للمسجد ، فسأل أحدهم: ما الأمر ، أتينا لنعتكف؟ ، فأجابه الحارس اذهب لمكان آخر فالمسجد ممتلئ بعدد كافٍ من الناس! ، أراد أحدهم أن يجادل فأخذه الثاني من يده وابتعد قليلا ليشير للسيارات الفاخرة الحديثة التي تقف مع حراسات خارج المسجد ليفهم أن الحجز درجات ،وهنا مسجد خمس نجوم لا ينعم به إلا أصحاب النفوذ ، فنظر الثالث لحراس الباب وقال: جاءت منك يا جامع ، وامتنع عن الاعتكاف تلك الليلة ، وعاد ليقاطع المساجد التي امتنع عن زيارتها أعواما منذ النكبة الثانية التي حلّت بالوطن .



    ***

    السكير


    تبوأ منصبا هاما في حزبٍ يساري ، لكنه في غمرة النشوة أصبح مدمنا للخمر ، وصار التعبير عن مواقفه السياسية من خلال رؤيته في الكأس ، وتصريحاته ربما تكون حسب نسبة الكحول التي يتناولها ، وكلما تواصل معه الإعلاميون برز للناس واعظا في الكفاح المسلح ، معلنا أشد المواقف وأغرب الطرائف حتى أصبح المتابعون يرون في كلامه بصاقا _ أجلّكم الله _ . لكن الرفيق المسطول كلما سخنت الساحة تقافز ليتحف المقاومة بأطرب الشعارات ، داعيا للموت والسلاح حلا وحيدا للقضية الفلسطينية. وحين يشتد القتال في ساحة الوغى يسافر ليختبئ في منزلٍ آمن ، ويشرب كأسين نخب الانتصار ، ويغط في نوم عميق في سريره الوثير ريثما تنتهي الحرب ،فإذا ما سمع أنباءً عن الهدنة أرغي وأزبد متوعدا العدو بأقسى الضربات ، معلنا أمام الشاشات أنه ما زال مستمرا في الحرب ولا يعترف بالتهدئة لأي سبب كان ، فالشعب الفلسطيني يجب أن يقاتل حتى يموت كل المستيقظين ويتولى أمورنا المناضل السكران .

    ***




    شهيد الأنفاق


    طرد ابنه الذي لا يجد عملا واتهمه بالفشل والتقاعس ، واعتبره بلا نخوة ولا رجولة ، فهو لا يساعد أباه في ظل الحصار ولا يوفر مالا لأسرته ، خرج الابن المقهور الذي ورمت قدماه من البحث والشقاء وتشرّد في الشوارع حتى التقاه أحد معارفه وعرض عليه العمل في الأنفاق بأجر مجزٍ ، فوافق على الفور دون تردد ليثبت لأبيه نخوته وقدرته على العمل وجلب المال، في الأسبوع الأول تقاضى مبلغا ممتازا بالنسبة له وعاد لأبيه رافعا رأسه ، جالبا معه غداءً شهيًا ، فأكلوا وتنعموا وأثنى عليه والده مخبرا إياه أنه الآن حظي باحترامه ، أعطى أباه المال الذي جناه ، وعاد إلى رفح مجددا ليواصل العمل، في تلك الليلة اجتهد فصيل لا وجود له في المقاومة الحقة وأطلق قذيفة على الأرض المحتلة حول قطاع غزة ، فكان قصف الأنفاق ردا مباشرا عليها ، فأصبح الابن في عداد المفقودين ، بعد يومين انتشلت طواقم الإسعاف جثته ، وحين استلمها أباه بكى وقال : أرسلتك للموت وقتلتك بيدي ، وانهار دون جدوى ، فالندم لا يعيد الذي يضيع أبدا .

    ***
    أيتام

    حظى أحد أبنائهم بكفالة من كفالات الأيتام من إحدى الجمعيات الخيرية النشطة في الوطن ، وكانوا يعرفون جيدا أن المبلغ الذي يستلمونه أقل بكثير من المبلغ الحقيقي الذي يصل باسمهم من الكافل الخيّر ، لكنهم كانوا يتغاضون عن ذلك رغم الظروف الصعبة لأنهم يدركون أن كلمة واحدة في هذا الصدد سوف تلغي الكفالة عن طفلهم تماما ،و هم في أمسّ الحاجة لما يصرف لهم .
    وصلتهم دعوة من الجمعية إلى وليمة ضخمة تقيمها الجمعية كإفطار جماعي للأيتام وأسَرهم في شهر رمضان المبارك ، وحين وصلوا إلى المكان وجدوا أن الأيتام وأسرهم يجلسون كالمنبوذين في ركنٍ قصي وكأنهم يتسولون الطعام ، بينما خصصت قاعة فاخرة لضيوف الجمعية ذوي البدل المستوردة والكروش المنتفخة ، وكانت وجباتهم غاية في التنسيق والعناية ، بينما حظي الأيتام وأسرهم بالطعام في وجبات سريعة كان الموزعون يلقونها لهم دون اكتراث ، ناهيك عن الإهانات والصراخ على كل من يتحرك من مكانه ، مما جعل كرامتهم تؤلمهم ، فخرجوا صائمين مع أبنائهم رافضين طعاما يشعرهم بالذلّة والمهانة، متسائلين :أهناك رقابة من أي نوع على هذه الجمعيات التي تزعم رعاية الأيتام وتدعي أن عملها هو جبر خواطر هؤلاء الأطفال الذين ينتظرون ابتسامة أو كلمة طيبة فيلاقون وجوها كالبوم تنفر بهم وتنهرهم بكل فظاظة ؟.



  2. #2
    سيدي الفاضل قصص جميلة وومضات سريعة
    سيدي بالنسبة لقصة الشاب الذي استشهد في حفر الانفاق ,, هل تعتقد ان والده السبب !!
    كلا سيدي السبب هو حاكم مصر المخلوع أذله الله في الدنيا والخرة وحرق قلبه كما تسبب بحرق قلوب آلاف المسلمين المحاصرين بغزة (مجرد رأي..)
    بالنسبة لقصة المناضل اليساري هم كثيرون سيدي ,, وأنا هنا استشهد دوما بقرار لجامعة الدول العربية لا زال ينفذ حتى الان بعدم السماح للفسطينين بالسفر للخارج خاصة الخليج من اجل العمل ختى لا تضيع القضية !!!أو منع تجنيسهم حتى لا تضيع القضية !!!
    وصاحب هذا القرارعندما تزوج أرسل زوجته لفرنسا لتلد ولا تزال حتى الآن تعيش هناك !!
    تناقضات ندفع ثمنها نحن كما دفعها ذلك الشاب الشهيد البطل ووالده ..
    دمت بخير سيدي وعيد سعيد ..

  3. #3
    السلام عليكم
    نعم أنا مع الأستاذة إلهام..ربما لام نفسة لوقت لكن الحقيقة انه ماكان ليتوانى عن تكرار الفعلةإنه الوطن.
    يمكن الإضافه هنا للقصة.او تغيير التأويل ليفاجانا.
    الف تحية
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  4. #4
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الهام بدوي مشاهدة المشاركة
    سيدي الفاضل قصص جميلة وومضات سريعة
    سيدي بالنسبة لقصة الشاب الذي استشهد في حفر الانفاق ,, هل تعتقد ان والده السبب !!
    كلا سيدي السبب هو حاكم مصر المخلوع أذله الله في الدنيا والخرة وحرق قلبه كما تسبب بحرق قلوب آلاف المسلمين المحاصرين بغزة (مجرد رأي..)
    بالنسبة لقصة المناضل اليساري هم كثيرون سيدي ,, وأنا هنا استشهد دوما بقرار لجامعة الدول العربية لا زال ينفذ حتى الان بعدم السماح للفسطينين بالسفر للخارج خاصة الخليج من اجل العمل ختى لا تضيع القضية !!!أو منع تجنيسهم حتى لا تضيع القضية !!!
    وصاحب هذا القرارعندما تزوج أرسل زوجته لفرنسا لتلد ولا تزال حتى الآن تعيش هناك !!
    تناقضات ندفع ثمنها نحن كما دفعها ذلك الشاب الشهيد البطل ووالده ..
    دمت بخير سيدي وعيد سعيد ..
    الكريمة إلهام

    لا شك أن لكل قارئ تأويلاته ورؤيته الخاصة فيما يقرأ وللكاتب رؤى قد تتفق وقد تكون مغايرة وهذا ما يمزج المنتج الأدبي بأفكار الآخرين وكلاهما يغذي الآخر ..

    بالنسبة لقصة الشاب لا يمكن أن نلقي اللوم على الرئيس المخلوع مهما كان موقفنا منه ، فأنا من الرافضين لمبدأ الشماعة تماما
    ما أقدمه في هذه المقاطع المتسلسلة هي نماذج خاصة معظمها أعرفهم شخصيا أو كانت لهم مواقف معينة حدثت في أرض الواقع
    لذلك فالوالد الطمّاع أيضا يتحمل اللوم الأكبر لأن صحته تؤهله أن يتكفل بالعمل ومساعدة ابنه على إتمام دراسته بدلا من رميه للموت والشقاء
    لذلك فهو ليس بريئا البتة ، والقيادة الفلسطينية التي أودت بالشعب إلى هذا الانقسام البغيض أيضا تتحمل المسؤولية عن أرواح هؤلاء الذين ينفقون دون ذنب
    سوى السعي للقمة العيش .. وصولا للمجتمع الدولي الذي ينظر لحياة الإنسان العربي وكأنها لا قيمة لها ..
    إضافة للتآمرات من الأنظمة داخليا وخارجيا ... إلخ إلخ
    كل هذه العوامل هي المسبب لسقوط الضحايا في هذا الحصار ..

    أما مسألة المناضل المتشدق بالكفاح المسلح وهو لم يحمل بندقية يوما فهذه نماذج معروفة وكثيرة .. موجودة في كل مكان .. حتى الثورات العربية ستظهر الكثير من هذه النماذج قريبا
    وقد بدأت تظهر الآن ..
    ومسألة التجنيس وضياع القضية هذه مسألة تحتاج نقاشا طويلا جدا بالطبع .. وإن كنت أرى أن للفلسطيني الحق في تقرير ما يريد هو ، ولم ينصّب أحدا من هؤلاء الكاذبين
    ليدافع عن القضية ويحميها من الضياع .


    تقديري وتحيتي
    شكرا لتعقيبك الثمين

  5. #5
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ريمه الخاني مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم
    نعم أنا مع الأستاذة إلهام..ربما لام نفسة لوقت لكن الحقيقة انه ماكان ليتوانى عن تكرار الفعلةإنه الوطن.
    يمكن الإضافه هنا للقصة.او تغيير التأويل ليفاجانا.
    الف تحية

    القديرة ريما

    هنا لم يكن الوطن طرفا وإنما الجشع وحب المال
    لم يكن الأب يحمل غاية وطنية مطلقا بقدر ما كان يهمه أن يعود الفتى بالمال لأبيه العاطل عن العمل ..
    لا شك أن التأويل يتسع للكثير ..
    تقديري وتحيتي لكِ

المواضيع المتشابهه

  1. نورٌ يهدي وليس قيدًا يأسر: الأبواب الخمسة لعقلنة التشريع بالنص
    بواسطة محمد حبش في المنتدى فرسان الإسلام العام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 02-10-2018, 12:59 PM
  2. الى الاحبة في الوطن وخارج الوطن بمناسبة اشراقة يوم عيد الام لكم مني‎
    بواسطة وفاء الزاغة في المنتدى فرسان الفلاشات والصوتيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-19-2012, 04:11 PM
  3. خمس على هامش الوطن (ج7)
    بواسطة شجاع الصفدي في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 02-29-2012, 02:51 PM
  4. أمير سعودي يرصد 900 الف دولار لمن يأسر اسرائيليا
    بواسطة جريح فلسطين في المنتدى فرسان الأخبار.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-03-2011, 07:10 AM
  5. خمسٌ على هامش الوطن (ج5)
    بواسطة شجاع الصفدي في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 08-28-2011, 01:39 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •