أخت ريمه الخاني أشكرك على هذا الطرح
بالنسبة للترجمة المعاكسة فأنا درست دبلوم الترجمة التابع لجامعة ليون لوميير عبر المركز الفرنسي بدمشق ولم يشبع حاجتي ولا رغبتي بالترجمة العملية بل وماجستير بالمعهد العالي للترجمة بدمشق وشعرت بضياع وقتي فيه
الترجمة هي أن تصنعي مادتك بيدك وأن تتعبي عليها لتشعري بلذة ما صنعتي فهي ليست مجرد ترجمة كلمات بل أبعد من ذلك وأعمق إنها اكتشاف ذاتك وروحك وما المفيد الذي خرجت به ولم اخترت هذا النص دون غيره جميع هذه التساؤلات ستعني لك شيئا على سبيل المثال أسأل نفسي لم أنا ترجمت مقال عن جون لينون ويوكو أونو اللذان ناما في سرير وأمام أنظار العالم كنوع من الاعتصام وللدفاع عن السلام بالعالم تقول يوكو أونو أرملة مغني ومؤسس البيتلز الشهير أنها كانت فكرة ساذجة لايقاف الحرب الأمريكية في فيتنام لكن العالم اهتم وقتذاك بهذه الفكرة الغريبة بل وغنى فريق البيتلز أغنية للسلام رددها المتظاهرون في واشنطن والمناهضين للحرب بمعنى أن تلك الحادثة لها قيمة وأخذت أبعاد ثقافية وسياسية وصنعت رؤية في عمق المجتمعات الغربية والعالم على بساطتها وسذاجتها ، والسؤال لم قمت بتقديم وترجمة تلك الذكرى ولم قدمت معرض صور عن اونو يوكو بذات المقال ؟ وكان المقال مناسبة للحديث عن سيدة مجتمع عالمية لها تأثير حتى على الرأي العام الياباني ولكلمتها عمق ثقافي وثقل ، ولاننسى التأثير الثقافي لجيل البيتلز في الستينات والسبعينات ،بمعنى أنها قضية تستحق الانتقال إلى العالم العربية وحتى يوكو أون أحبت نشر الفيلم كونها متعاطفة مع الثورات العربية التي تستحق التذكير بتلك الثقافة الرافضة لقيم الاستبداد
النقطة الثانية عندما أقدم مقال علمي مترجم ذو قيمة أشعر بالسعادة وصدقيني أخت ريمه قمت بزيارة كافة الوكالات العربية للأنباء وعدد كبير من الصحف العربية لاستكشاف كيفية تقديم المادة العلمية فيها ،صدقيني كارثة وكأن المصدر الغبي ذاته الذي ينشر تلك المواد والأغرب أن الخبر العلمي لا يتجاوز المئة كلمة في حين واسمحيلي هنا لو كان الخبر عن الراقصة الفلانية لتم افراد صفحات من التحليل وهنا الكارثة وهي عملية تسطيح مقصودة للعقل العربي
النقطة الثالثة عندما أعرف العالم العربي بشعب ما فأنا أختلف جذريا عن تعريف الآخر عن نفسه وأدعوك لزيارة موقع اذاعة هولندا من امستردام أو راديو كندا الدولي فهم لايقدمون ثقافتهم بقدر مايقدمون رؤيتهم المسخة عن العالم العربي والغير موضوعية كما لايقدمون شيئا عن ثقافتهم العميقة والجميلة وروحها الانسانية والسؤال لماذا؟
النقطة الرابعة قائمة على مبدأ عندما أفهم حضارة فيمكنني وقتها مخاطبة الآخر بمستوى عقله وفكره ، وحينها يمكنه إقناعي بوجهة نظره والعكس صحيح بمعنى أن رسالتي هي البحث عن روح الآخر والتعريف به وليس قشوره كما يصنع الكثيرون بمعنى لايوجد تعميم للثقافة بالعالم العربي بل مجرد قشريات
النقطة الخامسة بالنسبة للترجمة المعاكسة أي من العربية للفرنسية فهي لن تأتي إن لم أفهم الآخر أولا فالترجمة ليست صف كلمات وفق قواعد اللغة المقابلة ، صدقيني أخت ريمه لدينا مترجمين جيدين ولكن لاثقافة لديهم ومن الجهتين فلا ثقافة عربية كافية ولا أجنبية كافية وبالتالي ستجدين ترجماتهم خاوية على عروشها لا روح فيها ولا نكهة ولا إبداع والنقطة الثانية في هذا السؤال أو الشق الثاني أوافقك الرأي أنه من المهم أن أعرف الآخر عني ولكن علي أن أصنع أنا الحضارة حتى يتعرف هذا الآخر علي لأنه هو نفسه من سيسعى إلي وصدقيني أفضل مترجم من العربية للغات الأجنبية هو ابن تلك اللغة ، فأنا كعربي سأكون أفضل مترجم من الآخر إلى العربية لأنها لغتي الأم وثقافتي وزادي اليومي والعكس صحيح ،بمعنى علي بصنع أشياء مختلفة ليراني العالم من خلالها مثل جسر يربط بين جيبوتي واليمن مثلا مثل برج جدة الذي سيصل ارتفاعه لألف متر مثل كيف أنشر اللغة العربية بشكل صحيح بين مليار و800 مليون مسلم بالعالم ليكونوا سفراء الحضارة العربية بلغاتهم الأم
فالعربي ليس مجبر على الترجمة إلى اللغات الغربية بل مهمته تعليم الثقافة العربية واللغة العربية عبر فهمه لثقافة الآخر ومعرفته الكاملة بتلك المجتمعات وروحها وطبيعة تفكيرها وعبر دعمه لذلك المسلم الذي يمثله وسفيره بتلك المجتمعات وبالمقابل سيقدم المسلم ثقافتي للآخر وهنا يأتي عامل الثقافة والمعرفة وقيمته العميقة لدى الناس
أتمنى ألا أكون قد أطلت أخت ريمه الخاني
شكر عميق لك ويسعدني هذا النقاش
محمد زعل السلوم