السلام عليكم
من جديد الموضوع مقتبس من حلقة للداعية عمرو خالد لافتة نورد شيئا عنها مقتبسه:
بسـم الله الرحمـن الرحيــم




**




- دعوة للتعايش - فكرة لضبط التوازن الطبيعي في مسيرة الحياة ..!

فكرة البرنامج بصفة عامه تقوم على تاريخ الائمه الاربعه وبداية تاسيس المدارس الفقهيه في العالم الاسلامي والتي نتج عنها اربع مذاهب وهي المالكي والشافعي والحنفي والحنبلي نسبة للائمه الاربعه

يبين البرنامج مبدا الحوار وضرورة ترسيخ قضية احترام الراي الاخر والقدرة على التعايش فالود هنا موجود حتى مع اختلاف النظره فما دامت الاصول ثابته فان باب الاجتهاد مفتوح .. !!






برنامج تم إبرازه حسب حديث الداعية عمرو خالد في هذا الوقت بالتحديـد موازاة لما يحدث في العراق وفلسطين ودارفور,, مروراً بالخلافات بين المسلمين داخل الدول نفسها و الخلافات في البيوت , بين الآباء والأبناء , بين الأزواج والزوجات , بين الجار والجار ، والعمل ...الخ

دعوة للتعايش والحوار المتزن المنطقي وهو بالنهاية دعوة للعيش والتمازج والاستيعاب الاجتماعي وليس للاختلاف في الرأي وحسب .

الداعية عمرو خالد من خلال هذا البرنامج يبين منهجية الحوار والتعايش عن طريق حياة الأئمة الأربعة مؤسسيـن المدرسة الفقهيـة داخل ديننا الإسلامي .. أبو حنيفة , أبن مالك , الشافعي , ابن حنبل ,, وذلك بأخذ العبر والفوائد من حياة هؤلاء الأئمة العظماء ..

ليس دعوة لتقليد المذهب الفلاني بقدر ما هو عرض لسيرة محببة للنفس لحياة الأئمة وإسقاط تلك الدروس والعبر على واقعنا الحياتي الحالي ,,





أولى الحلقة اللي نغطيها حديث الداعية عمرو عن الإمام أبو حنيفة : حياته وأسلوبه وطريقة تعامله مع طلابه والمجتمع اللي حوله ,, تعقبها حلقات آخرى عن ابو حنيفة مروراً ببقيـة العلماء الأجلاء ابن مالك , الشافعي , ابن حنبـل ,,


باختصار ,, ابو حنيفة هو أول من أسس مدرسة فقهيـة في الإسلام ,, بعد وفاة الرسول عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم أبقى للمسلمين القرآن الكريم والسنة النبويـة في ذلك الوقت ( 80هـ ) كان المسلمين يريدون حل مشاكلهم الأسرية والحياتيـة عن طريق الكتاب والسنـة فكان السؤال .. ماهي الطريقة التي نستطيع بها استنباط الأحكام مما يرد بالكتاب والسنة !؟ ,, هنا تم إرساء علم الفقه والذي يعني بكل بساطـة إستراتيجية معالجة المشاكل و وضع النظم الحياتية عن طريق القرأن الكريم والسنة النبوية !!؟
وهذا ماقاموا به الأئمة الأربعـة ..,,

أبو حنيفة هو أول من أسس علم الفقه وأول من أنشأ المدرسة الفقهيـة في تاريخ الإسلام ,, وينسب لهذا العالم الجليل أنه أول من دوٌن الشريعـة !! ,,





ماذا عمل أبو حنيفة ؟!! وما علاقته بالتعايش؟!

أولاً : نظر إلى المجتمع ماذا يحتاج وتلك أول نقطة في كيفية التعايش ؟
بناء منطقة مشتركة بيني وبين من حولي





في عام 80هـ كان فقه الناس هو أي دليل واضح من القران والسنة , ولكن المشكلة اللي واجهها ابو حنيفة هو أن الحجاز غير العراق والجزائر غير المغرب والسعودية غير الإمارات ,, وتلك نقطة مهمـة في حديث التعايش ,, قبل أن تحكـم على أي شخـص ضع في اعتبارك ظروفه الحياتيـة والمعيشيـة والاجتماعية حتى يكون حكمـك عليه صائباً ,,





أول فضيلة للأمام أبو حنيفة هو تأسيس بلورة مفهوم القياس الشرعي ( الرأي ) بإختصار بحث ابو حنيفة في القرأن الكريم اذا لم يجـد يبحث في السنـة واذا لم يجـد يبحث في كلام ابو بكر وعمر وعثمان وعلي فإذا لم يجـد أعمل عقلـه وطبق القياس أو الرأي أو الإجتهاد في الأمور الفقهيـة ,, مثلاً في وقتنا الحالي ماهو حكم المخدرات؟! هي مثل ماذا؟ مثل الخمـر؟! مذهبان للعقل! أذاً المخدرات محرمـة كتحريم الخمر ! ,, وبذلك سميت ( مدرسـة الرأي ) ,,وهذا المنهج مدعم بالأدلة الشرعية لكن تقنين علم القياس كان على يد أبو حنيفة .

عندما أفصح ابو حنيفة بهذا الرأي هوجم هجوماً عنيفاً ووصف كثيراً بالزنديق والفاسق أو المنافق و .. و .. و !! ولكن ابو حنيفة لم يقف أمام تلك الهجمات فقد كان مقتنعاً بأن القرأن الكريم والسنة النبوية ثابتيـن ويجب أن تدور حولها جميع المسائل الفقهيـة سواءاً بالاجتهاد أو الرأي ,, واذا تخلف الفقه عن الحياة ستكون هناك فجوة بين الفقه وبين الإسلام ,, وكان ابو حنيفة لا يريد أن تكون هذه الفجوة موجودة بل يريد أن يكون الفقه يمشي بالتوازي مع الحياة ,, و بذلك يتعايش الدين مع الحياة ,,





الإمام الأوزاعي كان إماماً في الشام وعاش بيروت ذلك الوقت فجاءه عبدالله ابن المبارك وهو من تلاميذ ابو حنيفة ,, فقال له الأوزاعي وهو لايعرف انه من تلاميذ ابو حنيفة ,, من هذا المبتدع الذي ظهر العراق والذي يكنى ابو حنيفة؟! الإمام الأوزاعي كان عالماً جليلاً ولكنه لم ير ابو حنيفة ولم يسمع وجهة نظره .. وتلك أيضاً علامة من علامات التعايش ,, في عصرنا الحالي نشتم بعض قبل أن نعلم ان نستمع لبعض ! .. لاننا لانريد الاستماع ولا نريد الحوار ! .. عبد الله بن المبارك يقول لم أرد عليـه ولكني ذهبت وجأت بالمسائل الفقهيـة بعد الصلاة وأعطيتها للأوزاعي فقلت له أقرأ .. فقال العالم لمن هذه؟! فقال ابن المبارك انها لرجل يسمى النعمان بن الثابت ( وهذا اسم ابو حنيفة الحقيقي ) وكان الاوزاعي لا يعرف اسمه الحقيقي ,, فضل يقرأ وأعجب إعجاباً شديداً بما يحتويه ,, يقول ابن المبارك فضل يقرأه أذن المغرب وأذن العشاء ولايزال يقرأ .. حتى قال لابن المبارك إلزم هذا الرجل ! .. وقال له من هذا الرجل.؟! فقال ابن المبارك هو أبو حنيفة ... فقال الأوزاعي : والله انه بلغني عنه غير الذي قرأت .. وتلك مسألة مهمـة في طريقة التعايش .. فنحن نقول هذا سيء خلق هذا يبتدع هذا يكذب هذا لايصلي هذا فتقول له هل قابلته؟! فيقول بل سمعت مايقولون عنه .. فإذا لم تقابل الشخص أو لم تتحاور معـه فكيف استطعت الحكـم عليـه؟!!





من انجازات الشيخ الجليل أبو حنيفة أنه أسس الفقه التقديري وهو بإختصار جلب الاحتمالات المستقبليـة والإتيان بالفتوى عليها ,, مثلاً لو انحسر نهر الفرات وجاء رجل وحجز الارض التي انحسرت وزرعها .. فما هو الحكم على ذلك؟! احتمالات يذكر فيها الفتوى ,, وصلت تلك المسائل التي دونها الإمام ابو حنيفة إلى 20 ألف مسالة تندرج تحت الفقه التقديري !!





ومن انجازات الشيخ الجليل أنه أسس أول مؤسسة أو أكاديمية فقهيـة يتم فيها التشاور وأخذ الرأي والحوار وبعدها تتم الفتـوى ,, وذلك درس في فنون الحوار والمنهجيـة الصحيحـة في التعلم والتوافق بين أصحاب الأكثر من رأي وصب تلك الآراء في بوتقة أو هدف واحـد .. وهو الإتيان بالفتوى الصحيحة في هذه المسألة الفقهيـة أو تلك .. أيضاً اتخذ ابو حنيفة مبدأ الحريـة داخل تلك المدرسة المكونة من 40 عالماً .. الحرية في الرأي ..
دلالة عبقرية هذا العالم الفـذ أن علمه ( علم الفقه ) سبق كل العلوم الأخرى مثل علوم الجبر , الجغرافيا , النحو , الكيمياء , التاريخ , الفلسفة وغيرها ! .. حتى أن علماء العلوم الأخرى اتخذوا نفس منهج ابو حنيفة في مسألة المدرسة الفقهيـة في تطور علومهم ,, أذاً ابو حنيفة لم يمهد فقط لعلم الفقه ,, بل مهـد لنهضـة شاملـة ,
وإن لم نبالغ فابو حنيفة والشافعي هم من اسباب النهضـة أوروبا ,, فهم أول من أسس قواعد الاستنباط ,, فقلدهم ابن حيان ,, ثم قلدهم ابن رشد في الاندلس ونشر هذه القواعد في أوروبا ,, وتلك نقطة مهمـة ,, فالدين الإسلامي ساعـد العلوم الأخرى لتنجح ,, عكس أوروبا ,, اللي احتاجت أن تخفي الديـن حتى تنجح علومها





نصل إلى صفة حلقة أو مدرسة ابو حنيفة كيف كانت ؟! ماهي انظمتها؟!
كانت المدرسة تشمل 40 عالماً .. عالم في الفقة وعالم في الاقتصاد وعالم في الفلك وغير ذلك ,, وإن تناقشت المدرسة أو الحلقة في شيء لاخبرة لهم فيـه استقدموا خبيراً حتى يطلعـهم بشكل أوسع وأشمل وحتى يكون حكمـهم وفتواهم صائبـة ,, لدرجة أنه بعث تلميذه ابن الحسن إلى سوق ( الصباغيـن ) لمدة أسبوعيـن لكي تكون عندهم الصورة واضحـة حول ظروف الصباغيـن لتحديد فتوى صحيحـة حول مسألة لها علاقة بعمل الصباغـة ,, وذلك دلالـة على أهميـة ودقـة العمل التي تقوم به تلك المدرسـة ,, هذه المدرسة التي أقيمت في 80 هـ أقيمت بفريق عمل حتى الآن لم نستطع في بلادنا الإسلامية ( في القرن الحادي والعشرين ) أن نقيم تلك الفرق العلميـة لأننا لانعرف كيف نستمع لبعض , أن نتحاور , أن نتقن فن الاختلاف وفن الاتفاق ,,





من المبادئ التي اتبعها أبو حنيفة ( لا تأخذوا مني ما أقوله دون أن تعرفوا لما قلته )وذلك لأن أبو حنيفة لا يريـد فقط إطلاق الفتوى بل يريد كذلك تثقيف المسلميـن ,, وأخذ رأي العلماء المسلمين خارج المدرسة في تلك الفتـوى ,, فإن اختلف معه عالم بأي قطر مسلم يعود لها ابو حنيفة ويعيد الاجتماع والتحاور حول تلك المسألة ,, كما حصل بقضيـة قراءة الفاتحـة بالصلاة بلغة الغير ناطقين بالعربيـة ,, فكانت مدرسة ابو حنيفة افتت بجواز قراءة الفاتحـة بالصلاة بلغة الغير ناطقين بالعربيـة فجاءه اعتراض من علماء الحجاز بأنه ستضمحل اللغة العربية وتقل أهميتها بتلك الفتـوى فعاد ابو حنيفة واجتمع بالمدرسة وعدلوا بالفتوى بأنه يجوز لغير العربي قراءتها بلغتـه حتى يتقن العربية فإن اتقن العربية واستمر بقراءة الفاتحة بلغته فصلاتـه لاتجوز ..!!





من الدروس العظيمـة في فن الحوار هو مايقوم به أبو حنيفة بمدرسته فإن علت الأصوات وتشنج الحوار في تلك المدرسـة ,, يقول للجالس أمامـه هات رأيك أتنباه وخذ رأيي وتبنه وحاورني بفكرتي وأحاورك بفكرتك حتى نتجرد للحق !! ( لاتعليق )





من الدروس أيضاً أنه من شدة الحوار والانفعال يقول أحد الجالسيـن بالمدرسـة ( أخطأت ياأبا حنيفة ) ,, فمر رجل بالحلقة ونهر ذلك الرجل وقال له ( كيف تجروأ على أن تقول هذا الحديث للإمام الأعظم أبو حنيفة؟! ) فقال له ابو حنيفة ( دعه فلقد عودتهم على ذلك من نفسي ؟! ففقهنا لايصلح إلا هكذا ) ,, وذلك درس آخر على فن الاختلاف قبل ألف واربعمية سنة تقريباً ,, فنحن الآن لو قيل لأحد منا أخطأت تضيق بنا الدنيا بمارحبـت وننفعل وينعدم الحوار والرأي في تلك اللحظـة ,, والحديث موجـه للأباء والأمهات في طريقـة تعاملـهم مع الأبناء ..!!

وهذه النقطـة ليست نقصان في أسلوب ورأي واقناع أبو حنيفة ,, فقد قال عنه أبن مالك ,, لو اقنعك بأن هذا العمود الخشبي ذهب ,, لأقنعـك بحجتـه !! ..





من الدروس الأخرى .. من كثرة حلاوة المدرسة أن ابا يوسف الذي يجلس على يمين ابو حنيفة توفي أبنه فأسرع بالعزاء وسرع بالجنازة ثم سرع بالدفن لكي يلحق على حلقة أبو حنيفة وذلك إخلاصاً وحباً لها ,, وتلك نقطة مهمـة فالشخص في البيت أو العمل إن أحب وظيفته وأحس بإلإحترام والتقديـر ينعكس ذلك على احترامـه لنفسـه وإخلاصـه بالعمل سواء داخـل البيت أو الوظيفة !!

استمرت المدرسـة لثلاثيـن سنـة ,, كانت عامـرة بالدروس والعبـر التي تؤسس فنون التعايش والحوار والاختلاف والإتفاق وقبول الرأي الآخر ,, فكانت بحق علامـة كبرى من علامات عزة الإسلام ورفعـة العلم في ذلك الوقـت ,,






التعايش علامـة كبرى من علامات النجاح ,, فأبو حنيفة بحث عن مايريده مجتمعـه فلم يبق جامداً بعيداً عن متطلبات عصره ,, وأقام مدرسـة علمية فقهيـة أقرب للأكاديمية العلميـة مبنية على أسس الحوار والرأي والإختلاف والاتفاق .
المصدر
http://msa6el.mbc.net/vb/tt26676.html