منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1

    في ذكرى ميسلون /يوسف العظمة: «لن يمروا إلا على أجسادنا»

    في ذكرى ميسلون
    يوسف العظمة: «لن يمروا إلا على أجسادنا»
    لم يكن حديث الباحثَين نزار الأسود وغفران الناشف مؤخراً عن معركة ميسلون والشهيد يوسف العظمة من خلال سلسلة «أعلام خالدون» التي اعتاد مركز ثقافي «أبو رمانة» عبرها تسليط الضوء على شخصيات استثنائية، أمراً مشابهاً للمرات السابقة، التي تذكَّرنا فيها هذه المعركة التي خاضها العظمة في مثل هذه الأيام من عام 1920، في ظل ما تتعرض له سورية اليوم من مؤامرة كبرى، يتصدى لها أبناؤها بدمائهم دفاعاً عن كرامتها، وهو ما تعلموه من بطل كيوسف العظمة الذي حمل روحه على كفه في سبيل تراب وطنه ضد المستعمر الفرنسي حين رفض فكرة التخاذل والانهزامية وإعلانه صراحة أن الجيش بوسعه الدفاع عن البلاد وأنه سيقود هذه المعركة بنفسه، فيبيّن الناشف أنه حين استدعى الملك فيصل الضباط والقيادة العسكرية لدراسة الموقف العسكري بجدية ومسؤولية، أكدوا أن الجيش لن يصمد سوى ساعة واحدة في حال القتال الجدّي، وأمام هذه الحقيقة المؤلمة أذعن فيصل لإنذار غورو وجرى تسريح الجيش يوم 18 تموز وانسحابه من مجدل عنجر في البقاع ،الأمر الذي عدّه العظمة خطأ قاتلاً، حيث قال بعد تنفيذ الشروط: "لقد أخطأنا بتسريح الجيش".. ويؤكد الناشف أن الملك فيصل عندما طلب رأي العظمة في إمكانية الصمود خلال هذه المعركة أجابه بإصرار: "إذا كان لنا لسان فلكي نتكلم به، وإذا كان لنا جيش فلكي نحارب" وباعتبار أن الشهيد العظمة كان عسكرياً ووطنياً فإن مفهومه العسكري وحسّه الوطني كانا يتطلبان برأي الناشف خوض غمار الحرب بصرف النظر عن النتيجة، لذلك انفرد في مجلس الوزراء عند مناقشة بنود إنذار غورو بالإصرار على الدفاع وعدم الخضوع للشروط قائلاً : "فليدخلوها كرهاً أفضل من دخولها برضانا لأنهم إذا دخلوها قسراً فبوسعنا إخراجهم" .
    إذاً كان دخوله معركة غير متكافئة عسكرياً الرد الوطني الشريف على إنذار غورو المهين، وهذا ما أكده في ليلة 23 تموز عند توديع الملك والحكومة: "لقد أخطأنا بتسريح الجيش ولكننا سنحارب حتى النهاية" مضيفاً: "نعرف أنها معركة غير متكافئة ولكننا صمّمنا على التضحية بأرواحنا حتى لا يقال إن سورية العظيمة سقطت بيد أعدائها بغير مقاومة".. كما يذكرنا الناشف بخطبة حماسية للعظمة حين يقول لجنوده في ميسلون: "لن ننسحب ولو متنا عن آخرنا ومرّوا على أجسادنا فنحن لا نحب أن نراهم يدنسون تراب الوطن، وإن كنا نعرف مسبقاً أن قواتنا أقل من جيوشهم بكثير" وكانت ليلة 23 تموز مؤرقة وحالكة على ضباط وجنود ميسلون، وقد افترش العظمة الأرض، وكانت وسادته الصخرة، ومعه سائقه وإلى جانبهما العقيد تحسين الفقير، وعند أذان الفجر بدأت المعركة حامية الوطيس، ليستشهد العظمة فيها بعد أن أطلق أحد رُماة الدبابات النار على صدره ورأسه .
    ويبين الناشف أنه وبعد نهاية المعركة جاء في النشرة الفرنسية الرسمية التي وزِّعت في بيروت مساء السبت 24 تموز: "الاشتباك الذي جرى صباحاً قرب ميسلون يُقارَن بأعظم معارك الحرب العظمى وهزيمة الجيش الشريفي كانت أعظم نصر للقوات الفرنسية في سورية" في حين قال الجنرال غوايبيه قائد الجانب الفرنسي عن العظمة: «كان ذكياً، طموحاً، فكان بذلك عدوّاً لا يمكن استمالته.. لقد كان نشيطاً ومثابراً في قضية تنظيم الجيش العربي، وعلى هذا لم يكن أبداً عدواً يُستهان به» أما الجنرال غورو رئيس أركان جيش الشرق فيصفه : "هذا الضابط كان عدواً شرساً.. كان يفخر بأنه كان قائداً للبطارية التي أصابت الجنرال غورو في الدردنيل في رجله ويده" .
    أما العقيد حسن تحسين الفقير قائد حامية ميسلون فيقول : "أعلمني يوسف العظمة أنه ودّع أهله وابنته الصغيرة وأنه لم يستطع مطلقاً البقاء في دمشق مع زملائه الوزراء، لئلا يقال أنه يخشى الحرب وحضر إلينا ليموت معنا ميتة شريفة ويعلم حق العلم أن الحرب بقوتنا الحاضرة والقليلة جداً هي بمثابة الموت" .
    ويختم الناشف مشيراً إلى أن دم الشهيد يوسف العظمة ورفاقه في هذه المعركة سيبقى إلى الأبد وقوداً حياً يذكي أوار المعارك التي خاضها شعبنا الأبيّ على مدى ربع قرن من هذا الانتداب، وأن يوم ميسلون يوم مشهود في تاريخ سورية، وعلينا حق ودين أن نكرّم ذكرى شهيد ميسلون تكريماً لائقاً لما قدمه هو ومن سقطوا معه من الشرفاء في أرض المعركة. والتاريخ بذلك يشهد لشعبنا العربي بأنه شعب لا يبخل في سبيل حقه بالاستقلال من الاستعمار بالدماء والأرواح، وقد تمنى الباحث الناشف في ختام مداخلته أن تقام مكان معركة ميسلون حديقة وطنية كبرى ووضع لوحة واضحة على الطريق العام تشير إلى ضريح شهيد ميسلون والاهتمام بالضريح أكثر من حيث الإنارة ليلاً من خلال شعلة الشهادة وإصدار الكتيّبات عن هذه المعركة الباسلة وشهدائها الأبرار أمثال الشيخ عبد القادر كيوان، كمال الخطيب، محمد توفيق الدرة، ياسين كيوان، صلاح الدين أبو الشامات، عمر الصباغ، صادق خلال، أحمد موصلي .
    أما الباحث نزار الأسود فسلَّط في بداية مداخلته الضوء على الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي كانت سائدة قبل معركة ميسلون وأثّرت عليها، فأشار إلى الجهل الذي كان متفشياً في بلاد الشام وذلك قبل الحرب العالمية الأولى فقلَّ من كان يتقن القراءة والكتابة في دمشق، في الوقت الذي كان فيه الاتحاديون في الدولة العثمانية يقومون بحملة التتريك، حيث كانت اللغة التركية هي المستعملة في دواوين الدولة في ظل غياب اللغة العربية، وفوق ذلك كله قام الاتحاديون عام 1919 بإعدام المتنورين والمثقفين وقادة الرأي العرب في دمشق وبيروت، كما حاربوا القومية العربية وضيّقوا على الحريات، وباتجاه آخر يذكر الأسود أن البلاد تعرضت لكوارث طبيعية "فقر-مجاعات-غزو الجراد" .
    كما تحدث الأسود عن الحكومة الفيصلية 1918-1920 وقَسَم الملك فيصل الذي أكد فيه أنه سيخدم الرسالة العربية وسيكون مخلصاً لهذه البلاد وأميناً وحافظاً لها وأنه لن يتأخر عن سفك دمه هو وأخوته حفاظاً على استقلال سورية العربية، وأكد أن الملك فيصل كان طيب القلب ولا يعرف إلا الصدق، فكان يصدق كل ما يقال له، كما أنه لم يكن يعلم بمعاهدة سايكس-بيكو والتي يراها الباحث لعبة انكليزية بامتياز.. من هنا كانت الحكومة الفيصلية بدمشق ترسل المعونات إلى ثوار العراق وثورة الشيخ صالح العلي في الشمال والساحل، وقد أدى ذلك برأي الأسود إلى قلة السلاح والذخائر اللازمة لمعركة ميسلون، وحين صدر الأمر لغورو باحتلال مدينة دمشق والقضاء على الحكومة الفيصلية وفرض الانتداب على سورية طُلِب من الملك تنفيذ ما جاء في إنذار غورو كإلغاء التجنيد الإجباري وتسريح المجندين ليكتشف بعدها الملك فيصل أن ذلك كان خدعة فرنسية بهدف تسهيل دخول فرنسا إلى دمشق .
    ويشير الأسود إلى أن العظمة رمز للتضحية والنضال، فمع أنه كان يحيا حياة رغيدة في داره في حي المهاجرين بدمشق، إلا أنه فضّل أن يترك زوجته ويودّع ابنته الوحيدة ويتوجه إلى ميسلون وهو يعرف أنه في طريق الشهادة، فيبين أنه خاطب الملك فيصل وهو في طريقه إليها: "يجب علينا أن نموت جميعاً لننقذ البلاد" وأضاف : "كل ما أملكه هو دمي وإني أقدمه عن طيب خاطر إلى الوطن" ويؤكد الأسود أن العظمة كان مخططاً بارعاً للمعركة، وقد سلّم قيادتها إلى العقيد تحسين الفقير، وإن كانت خطتها –برأيه- قد وضعت على عجل إلا أنه نجح في حصر الجيش الفرنسي في خانق مروري بين جبلين، وقد أثنى على هذه الخطة حتى الجنرالات الفرنسيين .
    ويوضح الأسود أن العمود الفقري للجيش السوري في ميسلون كان المتطوعين الذين كانوا يحتاجون إلى التسليح الجيد والذخائر، وقد عجز الملك فيصل عن استقدام إمدادات من المدن السورية بسبب مفاجأة الزحف الفرنسي على دمشق، ومع ذلك ظهرت بطولات في هذه المعركة فمشت جيوش فرنسا إلى دمشق ولكن على جثث 1500 شهيد، وكان مجموع القوى الفرنسية المشتركة في المعركة 9000 جندي بقيادة الجنرال غوابييه، يعاونه رئيس أركانه الكولونيل بيتيلا .
    يُذكر أن قرية خان ميسلون تبعد عن مدينة دمشق 30 كيلو متراً تقريباً على طريق بيروت، وأمام هذا الموقع مرتفعات تشكل عقبة طبيعية ويمر منها طريق وادي القرن ووادي زرزر .

    أمينة عباس

    http://www.albaath.news.sy/user/?id=1199&a=107268

  2. #2

    رد: في ذكرى ميسلون /يوسف العظمة: «لن يمروا إلا على أجسادنا»

    ملدا شويكاني القلم المجاهد . أين نحن من رجال الأمس ، أين شعوبنا اليوم من شعوب الأمس ؟؟؟؟ . تحية لقلمك الذي ذكرنا بمواقف رجل بحجم دولة .

المواضيع المتشابهه

  1. يوسف العظمة قتله عدو متخفٍ في الخلف...
    بواسطة جريح فلسطين في المنتدى فرسان الأبحاث التاريخية
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 01-16-2017, 03:02 AM
  2. وزير الحربية يوسف بيك العظمة..رحمه الله..
    بواسطة جريح فلسطين في المنتدى أسماء لامعة في سطور
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 01-05-2015, 07:53 AM
  3. يوسف العظمة - رحمه الله -
    بواسطة رغد قصاب في المنتدى فرسان الأبحاث التاريخية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-30-2012, 03:29 AM
  4. 5 رمضان/في مثل هذا اليوم من عام 1920..استشهد يوسف العظمة..
    بواسطة أسامه الحموي في المنتدى فرسان الأبحاث التاريخية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-24-2012, 01:57 PM
  5. إلى روح الشهيد يوسف العظمة بمناسبة ذكرى استشهاده
    بواسطة خضر أبو إسماعيل في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 05-30-2010, 05:38 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •