4– المرأة والشعر:
ورد في كتاب (البصائر والذخائر) لأبي حيان التوحيدي:« قال الناشئ في كتاب ( نقد الشعر):
ومخاطبات النساء تحلو في الشعر، وتعذبُ في القريض، لا سيما لغانيةٍ قد أطرَّ الفَتاءُ شاربَها، وزوى الإباء حاجبها، وأشطَّ الجمالُ قَوامَها، وأفردَ الحسنُ تمامَها (...) فكيف إذا هي برزت من حجابها، وسفَرَتْ عن نِقابها، وتهادتْ بين أترابها» (35)
والنص طويل يُراجع في مصدره.
5 - ما قاله في وصف شعره (36):
يتحيَّرُ الشعراءُ إن سمعوا به .... في حسن صنعته وفي تأليفهِ
فكأنه في قربه من فهمهم .... ونكولهم في العجز عن ترصيفه
شجرٌ بدا للعين حسنُ نباته .... ونأى عن الأيدي جَنَى مقطوفه
فإذا قــــرَنْتَ أَبِيَّهُ بمُطــيعِهِ .... وقرنتــــــَهُ بغــــريبه وطريفِــــــهِ
ألفيْتَ معنـاهُ يُطابقُ لفظَهُ ..... والنظـــمُ منه جليُّــــه بلطـــيفه
فأتاهُ مُتّسِقاً على إحسانه .... قد نِيــــطَ منه رزينُــه بخفيـــفه
هَذَّبْتُهُ فجــــــعلتُه لك باقيا .... ومنَعْتُ صَرْفَ الدهر عن تصريفه
وقال الناشئ:
« الشعرُ ما كان سهلَ المطالع، فصل المقاطع، فحلَ المَديح، جزل الافتخار، شجيَّ النسيب، فَكِهَ الغزل، سائرَ المثل، سليم الزلل، عديم الخَلل، رائع الهجاء، موجب المَعذرة، مُحب المَعْتَبَة، مُطمِعَ المَسالك، فائتَ المدارك، قريبَ البيان، بعيد المعاني، نائيَ الأغوار، ضاحيَ القرار، نقيَّ المُستَشَفّ، قد هُريقَ فيه ماء الفصاحة، وأضاء له نور الزجاجة، فانهل في صادي الفهم، وأضاء في بهيم الرأي، لمُتأمِّله ترقْرُقٌ، ولمُستشفِّه تألقٌ، يروق المُتوسِّم، ويسرُّ المُترسم، وقد أبدتْ صدورُه متونُه، وزهتْ في وجوهه عيونُه، وانقادتْ كهولُه لهواديه، وطابقتْ ألفاظُه معانيَه، وخالفتْ أجناسُه مبانيه، فاطّرَدَ لمُتصفِّحِه، وأنارَ لمُستوْضِحِه، وأشبَهَ الروْضَ في وَشْيِ ألوانه، وتعمُّم أفنانه، وإشراق أنواره، وابتهاج أنجاده بأغواره، وأشبه الرَّوْض في اتفاق رقومه، واتساق رسومه، وتسطير كُفوفه، وتحبير فُوفِه، وحَكَى العِقْدَ في التئام فصوله، وانتظام وصوله، وازديان ياقوته بدُرِّه، وفريده بشدْرِه، فلو اكتنف الإيجازُ مواردَه، وصقَلَتْ مداوِسُ الدُّرْبة مناصلَه، وشحَذَتْ مدارس الأدب فياصله، جاء سليماً من المعايب، مُهذّباً من الأدناس، تتحاشاهُ الأَبَن، وتَتحاماه الهُجَن، مُهْدِياً إلى الأسماع بهجَتَه، وإلى العقول حِكمتَه»(37).
ولاحظ ابن رشيق أن الناشئ كان مُعجبا بنفسه، مثنيا على شعره، كما « في كتابه الموسوم بـ (تفضيل الشعر)، وهو ما لا يجوز لشاعر، كما لا يجوز لغيره،» (38).
الهوامش
35 – البصائر والذخائر:9/25 – 26
36 – زهر الآداب وثمر الألباب:3/685
37– زهر الآداب وثمر الألباب: الحصري 453هـ)، تحقيق: د. زكي مبارك:3/685 – 686 – ط4 [ بيروت، دار الجيل، د.ت].
38 – العمدة:1/367