منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 4 من 4 الأولىالأولى ... 234
النتائج 31 إلى 35 من 35
  1. #31

    رد: المجتمع المدني/ جون إهرنبرغ

    بلوغ الحدود

    (1)


    إن هدف المُنشقين الأولي في تحقيق تعددية اشتراكية قادهم الى وصف مشروعهم باعتباره (تنظيماً ذاتياً للمجتمع لا أكثر). فبعد محاولات، بات المجتمع المدني في عموم منطقة أوروبا الشرقية يعني المعارضة صراحةً. وربما كان بالوسع التفاوض بشأن تسوية مؤقتة بين المجتمع والدولة الفاقدة للشرعية باطراد.

    لقد كانت رؤية (فاسلاف هافل: الرئيس التشيكي فيما بعد) تعبر عن طبيعة التفكير التي كانت سائدة في أوروبا الشرقية بما فيها (الاتحاد السوفييتي) فالمهمة الملائمة المنوطة بالدولة بالنسبة له هي: الدفاع عن القواعد المؤسساتية لمجتمع مدني غير مُسَيّس، ومُستقل، وتعددي، ومنظم ذاتياً. وأي شيء خلاف ذلك سيكون تهديداً مميتاً للاستقلالية الشخصية ولسلامة المجتمع.

    (2)

    أوحى بعض المنظرين أن الأصل المصطنع للاشتراكية الأوروبية الشرقية يُفسر تشوّه البنى الاجتماعية في بلدانهم. فالمسار الطبيعي للتطور للتطور الرأسمالي الديمقراطي قد أجهضته الحرب العالمية الثانية، كما فرضت معاهدة (يالطا) نموذج الدولة القائدة في الاتحاد السوفييتي على بيئة لم تكن مناسبة لها. فاملاءات السياسات الدولية حفظت هذه البيئة المصطنعة في مكانها لوقت طويل.

    إذا كان السوق يقع في صميم المجتمع المدني، فإن (مناهضة السياسة) أنتجت نظرية ليبرالية عن الدولة. (( إن الدولة يمكن أن تحمي المجتمع، وتقوم بالتعبير عن مصالحه؛ وهذه الأمور في الحقيقة هي من صميم عملها)).*1

    ((إن الدولة تزج أموراً، وقضايا، وقرارات لا حصر لها في السياسة التي لا شأن لها فيها؛ فالأمور الشخصية وقضايا التقنية ليس للدولة، في نهاية المطاف، علاقة بها))*2. إن المجتمع المدني العادي يقتضي تحرير ميادين كالعلم والموسيقى والدين وتربية الحيوانات، وتحريرها من (الانتفاخ المَرَضي للدولة السياسية)*3

    (3)

    لقد آمن القائمون على مناهضة الدولة الاشتراكية، بأن المجتمع المدني (المنظم ذاتيا) و(المحدود ذاتيا) المنفصل عن الدولة بحقوق الملكية وحكم القانون سوف يتشكل حتماً بفضل السوق.

    ويرى هؤلاء: إن الاقتصادات الأوامرية (الموجَهة)، ودول الحزب الواحد، تعطل، بكل ما للكلمة من معنى استقلالية تلك الميادين المنفصلة، بحيث يصبح من المحال تنظيم مسعى المصلحة الشخصية في الميدان الوحيد الذي يهمها فعلاً. ولهذا برأي هؤلاء فإن الديمقراطية السياسية والرأسمالية الآن شيئاً واحداً.

    لذلك، فإن إحياء الاهتمام بالمجتمع المدني نشأ ضمن جهود الطبقة المثقفة في أوروبا الشرقية لدمقرطة (الاشتراكية القائمة). وإذ تركزت جهودهم ضد احتكار دولة الحزب للنشاط السياسي، أولى هؤلاء المثقفون عناية قليلة بالمسائل الاقتصادية. ولكنهم سرعان ما اضطروا الى مواجهة البنى الاقتصادية الأساسية للاقتصاد المخطط، ثم اكتشفوا أن السوق بوصفها ميداناً مُنظماً ذاتياً للفرص الفردية والرفاه الاجتماعي قادر على أن يوجه ضربة قاضية لبيروقراطية الدولة، المتملقة وعديمة الكفاءة التي تقوم بخدمة أغراضها الخاصة.

    (4)

    وفي النهاية، فإن آمالهم في أن المجتمع المدني (المحدود ذاتياً) قادر على دمقرطة الشيوعية من دون التحول الى الرأسمالية لم تستطع أن تتجاوز محدودية مضامين ليبراليتهم. وبعد أن صاغوا نداءاتهم بلغة (الديمقراطية) و (الميدان العام) و (التعددية) وما شابه، فشلوا في معالجة مفعول السوق، ويبدو أنهم تخيلوا أن (المجتمع المدني) يمكن أن يُعاد تشكيله من دون ثمن.

    فالمجتمع المدني الذي (يحكم ذاته) من دون أحزاب سياسية محترفة وكُتل سياسية مستقلة، أو من دون حياة سياسية متماسّة كان منذ البداية محض خيال.

    هوامش من تهميش المؤلف
    *1ـ Hungarian by Richard E. Allen (New York; San Diego: Harcourt, Brace, Jovanovich, 1984 صفحة 160.
    *2ـ المصدر السابق صفحة 228.
    *3ـ المصدر نفسه صفحة 229.

  2. #32

    رد: المجتمع المدني/ جون إهرنبرغ

    الفصل الثامن

    المجتمع المدني والرأسمالية

    (1)

    لعل المنشقين في أوروبا الشرقية الذين استخدموا لغة المجتمع المدني في هجومهم على الدولة الاشتراكية، معذورون لفشلهم في تقدير خطر السوق الرأسمالية الداهم. وأياً كان مزيج سذاجتهم، ويأسهم، ولامسؤوليتهم، فقد كان لهم خصوم أقوياء تتوجب منافستهم، وحلفاء مهمون يجب إرضائهم، وقلة من مصادر الدعم النظري والنشاط العملي المحلي يستندون إليه. ولعلهم تخيلوا صادقين أن (المجتمع المدني) المعافى يمكن أن تتعايش مع مجموعة من الخدمات الاجتماعية السخية، غير أن آمالهم تبخرت أمام المنطق الحديدي لمتطلبات السوق القاسية.

    لقد حققت (الاشتراكية التي كانت قائمة في أوروبا الشرقية) قدراً من الرفاه الاجتماعي (اختفاء البطالة، التعليم المجاني، الصحة المجانية، تأمين السكن الخ)، ولكن الديمقراطية السياسية كانت مسألة أخرى تماماً. وهذا يساعدنا على تفسير السبب الذي دفع الأوروبيين الشرقيين الى التنظير للمجتمع المدني بمصطلحات ليبرالية.

    لقد نُحيّت المسائل الاقتصادية جانباً تقريباً، وأما آثارها الجانبية البغيضة فلسوف تعالج بعد إقامة (دولة القانون)، وإعادة توحيد أوروبا. لكن لذلك ثمنه الذي كان يجب دفعه، وسرعان ما وصلت فاتورته. ولكن الأمل في أن يكون الشعب الحيوي قادراً على الدفاع عن مجاله العمومي (Public Sphere) قد تلاشى عندما تبين أن كلاً من السوق والدولة التي وسعته وحمته هما ميدانان للقسر، واللامساواة، والإقصاء. وفي منتصف عقد التسعينيات أخذ الخطاب الجامح عن المجتمع المدني يذوي في أوروبا الشرقية.

    عندما أعلن المثقفون في الغرب (نهاية عصر الأيديولوجيا)، وفسروا كيف أن لا مبالاة المواطن تتيح للنخب قيادة المجتمعات الجماهيرية في شروط من الإصلاح الاجتماعي والاستقرار السياسي. كان ثمة مجتمع استهلاكي غير مسبوق تاريخياً آخذاً بالتشكل في الغرب، وساعدت التعددية على تلطيف الجو عندما برهنت على أن المصالح غير السياسية يمكن أن تسهم في الاندماج الاجتماعي.

    أسس التعددية

    (2)

    خرج علم السياسة الأمريكي من الحرب العالمية الثانية وهو واقعٌ تحت تأثير النماذج الاقتصادية، فراح يركز على الفاعل الفرد (Actor) بوصفه العنصر الناشط الوحيد الذي يستطيع أن يفهم مصالحه، ويضع الخطط للوصول إليها.

    وقف (ترومان)*1 ليقول: ((أن الفرد في المجتمعات كلها، المُعقد منها والبسيط، يتأثر مباشرة بالمجتمع ككل بصورة أقل من تأثره بأقسام هذا المجتمع الثانوية ومجموعاته)). وأن فهم السياسة يقتضي دراسة التوسطات الناشئة.

    قال ترومان: (( عند بلورة تفسير مجموعة ما للسياسة، فلن نكون بحاجة الى تفسير مصلحة شاملة كلياً؛ لأن مثل هذه المصلحة الكلية لا وجود لها))*2. تنشأ السياسة العامة (الحكومية) عن التفاعل بين اداعاءات مجموعات المصالح؛ والقدرة على الوصول الى ما تبتغيه هذه المجموعات يعتمد على موقعها في المجتمع المدني، وتنظيمها الداخلي، وعلى المؤسسات التي توجه إليها جهودها.

    وفهم السياسة يعني فهم التفاعلات المعقدة. ((وسواء أكنا نعاين مواطناًَ فرداً أو منتمياً لحزب سياسي، أو مُشرعاً، أو رجل إدارة، أو حاكماً، أو قاضياً، فإننا لا نستطيع وصف مشاركته في مؤسسة الحكومة، دع عنك تفسيرها، إلا بموجب مصالحه التي يحددها لنفسه، وبموجب المجموعات التي ينتمي إليها ويواجهها))*3

    (3)

    لقد حدد ترومان وسيلتين تنظيميتين تصونان الاستقرار السياسي. أولاهما البنية المعقدة للانتماءات المتعددة والولاءات المتشابكة، وثانيهما مفهوم المصلحة غير المنظمة.

    وتتأسس الانتماءات المتعددة في الجماعات المحتملة على المصالح المتبناة والمقبولة التي كانت بمثابة عجلة توازن في نظام سياسي قائم. ومن دون الانتماءات المتعددة يستحيل إيجاد نظام حكم قابل للحياة. وفي نظام سياسي حيوي نسبياً تكون تلك المصالح (غير المنظمة) سائدة بتواتر كافٍ في سلوك قطاعات مهمة في المجتمع.

    (4)

    يقول صاحب الكتاب: ثمة ثلاثة خلائط من النزعات والمستويات النفسية للنشاط السياسي أطرت التحليل. تميزت الثقافة (الضيقة) ل (العالم الثالث) المتخلف بمستويات منخفضة من المصلحة، ومن النشاط، ومن الولاء. بينما كشفت ثقافة (الإذعان) الشيوعية عن مستويات عليا من المعرفة السياسية عن النشاط الحكومي، ولكنها ثقافة عرجاء بسبب مفهومها المتدني للفاعلية الفردية. وأخيراً، اتسمت ثقافة (المشاركة: Participant) الأنجلوأمريكية بمستويات عليا من المصلحة، والنشاط، والتأثير الفردي.

    لقد أوصى (ألموند وفيربا) مؤلفا كتاب (الثقافة المدنية: The Civic Culture) المجتمعات التي يتصف حكمها بالقومية (التحديثية) في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية بأن تتبنى مجتمعاً مدنياً يتألف من التجارب الثلاث كلها.

    لقد سعت المدرسة التعددية الى تفسير كيف أن مجموعات المصالح في المجتمع المدني تترجم الانشغالات الفردية الى مصطلحات سياسية، وتساعد في صياغة سياسة عامة. فالانتماءات المتعددة والولاءات المتشابكة تفضي الى التسويات الوسطية والتكامل، لتطمين مدى واسع من المصالح الناشئة في المجتمع المدني من دون وقوع اضطراب سياسي كبير.


    هوامش
    *1ـ ديفيد بيكنيل ترومان (1913ـ 2003): أكاديمي أمريكي، الرئيس الخامس عشر لكلية (ماونت هوليوك) ـ جامعة كولمبيا.

    *2ـ David Bicknell Truman, The Governmental Process; Political Interests and Public Opinion نيويورك 1951، صفحة 51. (تهميش المؤلف).
    *3ـ المصدر نفسه صفحة 502.

  3. #33

    رد: المجتمع المدني/ جون إهرنبرغ

    تسليع الميدان العام

    (1)

    إن محاولة العديد من مفكري الغرب تفسير الأزمة التي شهدتها أواخر الستينات من القرن الماضي، قادتهم الى عمل (أنطونيو غرامشي) الشيوعي الإيطالي الذي سجنه الفاشيون بضع سنين والذي أراد أن يعرف سبب نجاة الرأسمالية الأوروبية بعد اشتعال حربين عالميتين واندلاع الثورة الروسية ونشوب الأزمة الاقتصادية الخ.

    لقد ميَّز (غرامشي) بين البيئتين الروسية التي حدثت فيها الثورة البلشفية، وبين أوروبا التي لم تتعرض لثورات. وقد عزى ذلك لتطور الدولة والمجتمع المدني في الغرب، في حين كانت الدولة الروسية هشة والمجتمع المدني في روسيا بدائياً وهلامياً*1

    فإن كانت الثورة في روسيا قد نجحت في طريقتها، فإنها لن تنجح في أي بلد أوروبي غربي، لتعقيد العلاقات بين الحاكم والمحكوم، فالحاكم في الغرب الأوروبي ليس فرداً مستبداً بل صيغ معقدة من العلاقات يقابلها مجتمع مدني يشارك وينتقد ويحرس القيم التي تبقي الدولة واقفة.

    شدد غرامشي على الأيديولوجية ومنحها منزلة مساوية لمنزلة (القسر المنظم) الذي تمارسه الدولة، فقد ظهرت في المجتمع المدني الرأسمالي المتقدم بنية إجماع متراتب، وهو إجماع يتصف بالسلاسة، والمرونة، والفاعلية. فالهيمنة التي تمارسها الدولة الأوروبية الغربية تفترض درجة معينة من الرضا، والتشارك، والتعاون.

    فالمؤسسات من قبيل العائلة، وعلاقات المِلكية، والقانون تفاعلت مع المعايير غير الرسمية التي حكمت الزواج والعمل وأوقات الفراغ، لإنتاج مجتمع مدني برجوازي عَبَأ درجة مهمة من الإجماع.

    (2)

    كان عصر التنوير يَعِدُ بتحرير البشر من قبضة التقليد الميت، والتراتبية الاجتماعية والخرافة، ولكن انتهى به المطاف الى أن أخضع البشر لقوى جردتهم من قدرتهم على تكوين الأحكام المعيارية (Normative) أو جردتهم حتى من إدراك أن عليهم بلورة أحكام معيارية.

    لقد تم ضخ ثقافة سوقية وأصبحت تلك الثقافة سلعة. لقد حُفِّز المجتمع الاستهلاكي الضخم الذي أعقب الحرب النموّ المتسارع ل (صناعة ثقافة) امتثالية وطامعة بالربح، ثقافة تتوخى الحد الأدنى من القاسم المُشترك الذي يجمع منتجاتها، ثقافة أفرغت كل شيء من محتواه.

    اتفق (هربرت ماركوز) مع كل من (هوركهايمر) و (أدورنو) على أن صناعة الثقافة كانت تعمل بوصفها قوة مستقلة أكثر فأكثر. وإن دورها المباشر في (تسليع الحياة) يميل الى تسطيح كل شيء؛ لأنها تلتمس أدنى قاسم مشترك في محاولة منها للبيع قدر ما أمكن. فيتم بذلك احتواء البدائل الأخرى، وامتصاص منابع المعارضة المحتملة، فتضمر قوة الفكر المستقل الانعتاقية*2.

    وبينما كانت العصور السابقة تستخدم الحريات المدنية، وحرية الكلام، والتفكير، والعقل، والضمير استخداماً مقوضاً وتحررياً، فإن المجتمع الصناعي المتقدم يستخدمها للإبقاء على الوضع القائم. وعندما تتلاشى البدائل، يصبح عدم الإذعان عقيماً وصعباً. ويقول ماركوز: عندما تتكثف الهيمنة، والاستغلال، واللاعدالة فإن صناعة الثقافة تجعل المقاومة مستحيلة تقريباً؛ لأنها تجعلها غير مرئية.

    (3)

    وصف ريتشارد سينيت سقوط الإنسان العام وزوال (الحميمية) من بين أفراد المجتمع، بأن وراءه ما تعززت فيه القيمة الفردية للحياة الخاصة. وإن الاهتمام المهووس بالأشخاص على حساب العلاقات الاجتماعية، وهذا يشبه المصفاة التي تفسد فهمنا العقلاني للمجتمع؛ فهو يحجب الأهمية المتزايدة للطبقة في المجتمعات الصناعية المتقدمة؛ ويقودنا الى النظر الى الجماعة على أنها بوح ذاتي متبادل، والى أن نبخس من قيمة علاقات الغرباء الجماعية، لا سيما تلك التي تحدث في المدن.

    لقد كشف سينيت عن المفارقة المريرة المتمثلة في أن المجتمع الحميمي يجعل الحياة المدنية أمراً مستحيلاً. فالناس لا يستطيعون تطوير علاقاتهم مع الآخرين إذا عدّوها غير مهمة لكونها علاقات لا شخصية. لأن الحياة المدنية هي النشاط الذي يحمي الناس من بعضهم بعضا، ويتيح لهم مع ذلك أن يتمتعوا برفقة الآخر. فالعيش مع الناس لا يستلزم (معرفتهم). ولا يستلزم التأكد من أنهم (يعرفونك).*3

    إن كتاب سينيت (سقوط الإنسان العام) نقدٌ ثاقب البصيرة بشكل لافت للفكرة الرائجة التي تفيد أن المجتمع المدني الذي ينظم حول الجماعة والحميمية يوفر بالضرورة بديلاً مناسباً من الضعف، والاغتراب، والوحدة. فمنطق الدفاع المحلي ضد عدوانية العالم الخارجي يغفل خبرة الإنسانية التي تؤكد أن الناس يتطورون عندما يجربون أشياء جديدة وناساً جدداً.

    (4)

    لقد هدد منطق شكل (التسليع الشمولي) بصهر العام بالخاص، معرضاً الديمقراطية بذلك للخطر. واكتسبت المسائل الاقتصادية الخاصة أهمية عامة عندما أنتجت أسواق السلع أسواقاً للأخبار، وعندما صار من غير الممكن الاستغناء عن المعلومات في التجارة. فأخذت الصحافة بالتطور، ولكن سرعان ما انضمت إليها المقاهي والصالونات، والمسارح، وجمعيات المتعلمين، ومواقع أخرى انتظمت حول تبادل المعلومات الحر.

    ويتصرف المواطنون بصفتهم هيئة عامة عندما يتشاورون بصورة غير مقيدة ـ في ظل ظرف يضمن لهم حرية الاجتماع والارتباط، وحرية التعبير عن آرائهم ونشرها ـ في مسائل الصالح العام.

    ويقف تسليع الميدان العام من وراء (أزمة مشروعية) نظام سياسي غير قادر على تقديم تبرير عقلاني لسلطة الدولة، وهو تبرير كان قادراً على تقديمه مرة. والقادة السياسيون يستعينون زيفاً بجمهور عام، لا من أجل المساعدة على صوغ السياسة، إنما هم يناورون لخلق دعم عابر. وإن العملية الطويلة من التشاور المتبادل، والتنوير، والنقاش التي ميزت الميدان العام في السابق قد تفككت وانسحقت، تحت وقع مطالب الدولة ووقع احتياجات السوق في المجتمع المدني.

    يرى الكثير من علماء الاجتماع السياسي، أن الاندماج والشرعية من خلال التواصل (الاتصال)، لا من خلال الهيمنة، هو الحل الأمثل لإبقاء المجتمع المدني بعافية.



    هوامش من تهميش المؤلف
    *1ـ Antonio Gramsci, Selection from the Prison Notebooks of Antonio Gramsci, Edited and Translated by Quintin Hoare and Geoffrey Nowell Smith (New York: International Publishers 1971) p.238
    *2ـ Herbert Marcuse, One- Dimensional Man: Studies in the Ideology of Advanced Industrial Society (Boston: Beacon Press 1966, pxvi
    *3ـ Richard Sennet, The Fall of Public Man: On the Social Psychology of Capitalism (New York: Random House 1978) p.4

  4. #34

    رد: المجتمع المدني/ جون إهرنبرغ

    أحلام التجديد

    (1)


    اكتشف الغرب أن خطاب الأخلاق لا يستطيع بناء ميدان عام ديمقراطي في بيئة موسومة بالنزاع السياسي، والصراع الطبقي، والعنف، واللامساواة الرأسمالية.

    اعتقد بعض علماء الاجتماع والسياسة الأمريكيين، أن التاريخ الأمريكي قدم إجابة لحل هذا المأزق؛ لأنه أثبت أن مقولات الفردية لا تستطيع أن تقدم تفسيراً غنياً كفاية للحياة الاجتماعية. فالناس لا يَخْلقون أنفسهم بأنفسهم كما يبدو. وهذا ما قاله (روبرت بيلاه Robert Bellah) (( نحن لم نكن، ولسنا أبداً، مجموعة أفراد خصوصيين لا شيء يجمعهم غير عقدٍ واعٍ لتكوين حكومة الحد الأدنى. لقد صار لحياتنا معنى بألف طريقة وطريقة، وأغلبها لا نعيها، بسبب تقاليد يمتد عمرها لقرون إن لم يكن لألف عام. إن هذه التقاليد التي تعيننا على معرفة أهمية اختلاف طبائعنا وطبيعة تعاملنا مع بعضنا بعضاً))*1

    لا تشكل الذاكرة الجمعية والتقاليد المنتقاة من (الألفية) أسساً يُعتمد عليها على نحوٍ خاص لبلورة نظرية عن المجتمع المدني، ولكن من السهولة فهم ما تحظى به من جاذبية. فالفضائل التي كانت تسود البلدة الصغيرة في عصرٍ غابر لا تستطيع أن توفر المحتوى الديمقراطي لمجتمع مدني تؤطره قوى اقتصادية جبارة ودولة قوية. ولكن يمكن للتقاليد التراثية أن تمد يد العون.

    إن تصور المجتمع بوصفه متكوناً من مجموعات مختلفة تماماً، ولكن مستقلة عن بعضها بعضاً، من شأنه أن يُنتج لغة عن الصالح العام يمكنها أن تقضي بين الحاجات والمصالح المتعارضة، وبذلك تخفف من الأثقال التي ينوء بها منطق الحقوق الفردية*2

    (2)

    إن البديل الواعد من دولة السيادة ليس مجتمعاً عالمياً واحداً قائماً على تضامن الإنسانية، إنما على مجتمعات وهيئات سياسية متنوعة ـ بعضها أكبر من الأمم وبعضها أصغر ـ تتوزع عليها السيادة. ويرى صاحب هذا القول أنه (إذا لم تستطع الأمة أن تستجمع أكثر من الحد الأدنى من الشراكة، فلا يبدو أن المجتمع العالمي يستطيع أن يفعل ما هو أفضل... صارت السياسة في المجتمع الصغير أهم لا أقل أهمية. فالناس لا يقدمون الولاء الى الكيانات الكبيرة والنائية، أياً تكن أهميتها، إنما يمنحون ثقتهم لتلك المؤسسات المرتبطة بنوع من التنظيمات السياسية التي تعكس هوية المشاركين)*3


    يرى أصحاب مثل تلك الآراء، أن مؤسسات المجتمع المدني، كالمدارس، وأماكن العمل والمعابد والنقابات والجمعيات الخيرية، هي المواقع الجديدة للنشاط الديمقراطي في عالم ما بعد الحداثة المكتظ بالعديد من الولاءات والهويات والذوات. وإن التشتت والخصوصية والهوية يمكن أن ترسي فلسفة عامة تعالج ضياع الحكم الذاتي وتآكل الجماعة.

    إذا كان الرأي السابق يعود للمدرسة الليبرالية التي تركز على الفرد باعتباره مركز لفلسفتها، فإن هناك مدرسة (الجماعيون) [ أي التي تنأى بالتركيز على الجماعات]، وهي مدرسة أقل عداءً للدولة، لا بل تذهب الى ضرورة حماية قدرة الدولة على رعاية الجماعات، وذلك بحماية تلك الجماعات من مساومات جماعات المصالح. وهي ترى أن دولة إيجابية يمكنها أن تحسن الصالح العام الأكثر أهمية من دفع المدرسة التعددية باتجاه المصلحة الخاصة.

    (3)

    حاول (روبرت بوتنام Robert Putnam ) أن يفسر ظاهرة تفوق شمال إيطاليا على جنوبها في التجربة الديمقراطية، وهو بذلك كان يبحث كمُنظِّر عن المصادر العميقة للديمقراطية. وقد كشف لنا أن الديمقراطية والمؤسسات السياسية الفاعلة تعتمد على مجتمع مدني متطور تزدهر فيه روابط وسيطة وثقافة مدنية.

    يكتب (بوتنام) بأن شمال إيطاليا ووسطها ومركزها الصناعي، قد شهدا مشاركة فاعلة في الشأن العام، ومساواة سياسية واسعة، وانتشار قيم التضامن، والثقة، والتسامح، إضافة الى بنية كثيفة من الروابط ذات الانتماءات المتعددة، وقام في ما بينها تعاضد عالي المستوى، بصورة أقوى بكثير مما شهده جنوب إيطاليا الريفي والمتخلف. فأهل الشمال مشاركون فاعلون في الشأن العام، ويتابعون الصحف بانتظام، وغالباً ما يشاركون في التصويت. وهم راضون عن الهيئات والقادة المحليين.

    يفسر بوتنام تلك الظاهرة، بأنه وخلال ألف عام، أرست التجارب (الكومونات) [أي الأشكال الأولية من التنظيم السياسي المحلي، وإدارات محلية سبقت نشوء الجمهورية]، والتي أكسبت السكان مهارات في تنظيم شؤونهم وتمويل القطاعات العامة، ولم تكن الكنيسة (مثلاً) إلا مؤسسة واحدة من بين مؤسسات عديدة، فكانت الروابط الاجتماعية والاقتصادية والمدارس وغيرها تدار بطريقة تنشد التطور والتقدم الذي يرفد الثلاثي (المال، والأسواق، والقوانين).

    أما الجنوب، فكان الحال على العكس: فالنظام الملكي المركزي القوي كان ينظم الحياة بأوامر فوقية، وخانقاً المبادرات المحلية، ومعيقاً تطوير تقاليد الروح المحلية. وعملت العلاقات الاجتماعية التراتبية، والكنيسة المتنفذة، وأرستقراطية قوية مالكة للأرض على كبح قيام حكم محلي ذاتي. ما زال الجنوب، الى يومنا هذا، تسوده تقاليد اللامساواة، والتبعية الشخصية. (إن المناطق ذات الروابط المدنية العديدة، والكثير من القرَّاء المتابعين للصحف، والكثير من المصوتين المعنيين بالمسائل الخلافية، وقلة من شبكات الإتباع للسادة والزبائنية، كلها تساعد على ازدهار حكومات أكثر فاعلية). *4

    (4)

    يُعَبِّر كثير من علماء الاجتماع (الجماعيين) عن مخاوفهم من نظام اجتماعي أمريكي مهترئ. فيعتقد (بوتنام) أن ضعف المجتمع المدني الأمريكي يعود الى تدهور رأسماله الاجتماعي. وعلى الرغم من مستويات التعليم العالية، فإن الناس يدلون بأصواتهم، ويشاركون في الأنشطة السياسية الأخرى بزخم أقل مما كانوا يفعلون من قبل. ومعروف الآن أن ثقتهم بالحكومة أقل من السابق. غير أن التدهور لا يقتصر على السياسة وحدها. فلقد شهدت جموع المواظبين على الحضور الى الكنيسة، وكذلك النشاطات ذات الصلة بها، انخفاضاً ملحوظاً، وتقلصت أعداد المنتمين للاتحادات العمالية ..الخ

    ويسخر بوتنام من المنظمات الاجتماعية الحديثة، فيقول إن تلك المنظمات الأمريكية لا تفعل سوى أن تتيح لأفرادها التحدث عن أنفسهم أمام الآخرين.

    يُطلق (بونتام) على هذا التدهور (تآكل رأس المال الاجتماعي)، والذي ينذر بتفتيت الولايات المتحدة واندثار بنيتها الاجتماعية، ويسأل لمَ يحدث كل هذا؟ ويتطرق في إجابته الى أن الأجيال الجديدة لا تهتم بشأن عام، فتقضي معظم أوقات فراغها في مشاهدة التلفزيون، وألعاب الكمبيوتر والمحادثات الجانبية غير المهمة. ولكنه يسأل لما يفعلون ذلك؟ فيرجع أسبابه الى طبيعة الدولة وقوانينها التي تجعل من نفسها شيئاً بقدر ما يُعتمد عليه في إدارة شؤون البلاد، بقدر ما تجعل من نفسها مشرعة لقوانين لا حول للمواطن ولا قوة في تغييرها، فتحدث اللامبالاة!




    هوامش من تهميش المؤلف
    *1ـ Robert N. Bellah et al. , Habits of the Heart: Individualism and Commitment in Amarican Life (Berkeley: University of California Press, 1985 p.282
    *2ـ المصدر نفسه، ص 285.
    *3ـ المصدر نفسه ص 346.
    *4ـ Robert D Puntam, Robert Leonardi and Raffaella Y. Naneti, Making Democracy Work: Civic Tradition in Modern Italy (Princeton University Press, 1993) p 99

  5. #35

    رد: المجتمع المدني/ جون إهرنبرغ

    الفصل التاسع: المجتمع المدني والسياسة الديمقراطية

    (الحلقة الأخيرة)

    الصفحات 437 حتى نهاية الكتاب

    (1)

    اتفق المفكرون وأصحاب العقائد المناصرون لفكرة المجتمع المدني، منذ أيام أرسطو الى يومنا الحاضر، على أن المجتمع المدني دعامة هامة وضرورية لحماية الديمقراطية وتناقل السلطة بين الجميع دون تقنينٍ أو قسر. فهو بنظرهم جميعاً يُفترض أن يُحيي دور الجماعات، وأن يُدرب المواطنين الناشطين، وأن يؤسس تقاليد الاحترام والتعاون، وأن يوفر بديلاً أخلاقياً من المصلحة الذاتية، وأن يحد من البيروقراطيات الطفيلية، وأن يُنشط الميدان العام.

    لقد تأثر الغرب بما كُتب وقيل عن المجتمع المدني، وحوَّل تأثره الى إجراء يتطور مع تطور ما كان يقال وما يزال. وقد يكون التأثر ب (توكفيل) هو الأكثر والأطول عمراً. ومع ذلك فإن الدعوات للمجتمع المدني واعتماده أسلوباً ناجعاً ما زال يكتنفه بعض الغموض والضبابية.

    ففي خطابٍ له صرح (كولن باول) في مؤتمر القمة الرئاسية (1997) عن مستقبل أمريكا قائلاً (إن مجتمعاً مدنياً هو مجتمع يحرص أعضاؤه على رعاية بعضهم بعضاً، وعلى رفاه الجماعة كُلها)... (فالتسامح والاحترام والسلوك المتحضر يمكن أن تبنيها خدمات طوعية للجماعة؛ ذلك لأننا نساعد الجيل القادم من الأمريكيين على أن يُنشئوا مواطنين صالحين، ونعرّف الجيل الراهن مرارا وتكرارا، بالحاجة الى تجاوز عوائق العرق والطبقة والسياسة التي تفرقنا)*1

    (2)

    ظهرت منذ البدء، إشكاليتان في التعامل مع مفهوم المجتمع المدني. الإشكالية الأولى: الموقف المتذبذب للسلطة منه، ففي حين نظر اليونانيون الى غيرهم من الشعوب على أنهم (برابرة) لأنهم في أحد أشكال تعاملهم مع المجتمع المدني لا يولون اهتماماً خاصاً، بل ينكرون حق تنظيم المجتمع لنفسه. وهذه النظرة لا زالت قائمة حتى اليوم، فإذا أرادت دولة كبرى كالولايات المتحدة مثلاً أن تتهم دولة أخرى بخرق لوائح حقوق الإنسان، فإنها تبحث في القضايا التي تشكو منها منظمات المجتمع المدني من نظامهم السياسي. وبنفس الوقت تقمع مثل تلك الدول أي نشاطات تتعارض مع سياساتها، (تلوث البيئة، الاحتباس الحراري، سياسات التسابق في التسلح النووي، شن الحروب الخ).

    والإشكالية الثانية: صعوبة التنسيق بين محاور نشاطات منظمات المجتمع المدني. فما الذي يجمع منظمة تهتم برعاية نوع من السلاحف مهدد بالانقراض، مع منظمة تهتم بالمحاربين القدماء أو منظمة تهتم بشؤون الناجين من سمك القرش؟

    ترعى بعض الدول أو كلها أحياناً نوعاً معيناً من منظمات المجتمع المدني، ويتسابق أفراد الأسر الحاكمة بتسلم رئاسة مثل تلك المنظمات لتسوق نفسها على أنها أنظمة متحضرة، رءوفة برعاياها ومحبة للنشاطات الإنسانية. (اتحادات رياضية، منظمات نسائية لدعم نشاط اقتصادي أُسري الخ). في حين تلاحق وتضطهد أفراد آخرين ينشطون بمجالٍ لا تحترمه تلك الأنظمة (نساء معارضات للحرب على العراق، مجتمع محلي يعارض التجارب النووية في بعض مناطق العالم الخ).

    (3)

    يتفق الليبراليون والماركسيون على أن المجتمع المدني يصب في جهود الارتفاع بالديمقراطية لمستويات أفضل. فالليبراليون يرغبون بإيجاد منظمات مجتمع مدني تنضوي تحت حكم مركزي يحد من تسلط هذا الحكم وتفرده، في حين يرى ماركس بعقيدته الثورية (إن المجتمع المدني هو إشكالية يجب حلها بدلاً من كونه حلاً يجب العثور عليه). فقد استمد الماركسيون ارتيابهم من أن الأسواق غير المنظمة (الحرة أو الفالتة) تستطيع أن تدمر إمكانية الحياة المتحضرة نفسها*2

    ولتبيان أهمية منظمات المجتمع المدني، يسوق المؤلف (جون إهرنبرغ) مثالاً حدث في الأرجنتين عندما خرجت نساء تتبع لمنظمة (Mothers of the Plaza de Mayo) وهن نساء اختطف النظام الأرجنتيني أطفالهن بين عام (1976ـ 1983) خلال ما سُمي ب (الحرب القذرة) وعدد هؤلاء الأطفال حوالي ثلاثين ألفاً وقتلهم جميعاً لأن آباؤهم من اليساريين المناهضين للنظام، فخرجت الأمهات والجدات لابسات الملابس البيضاء (رمزاً لحفاظ الطفل)، وهذا ما جعل النظام الأرجنتيني مفضوحاً أمام العالم وأمام شعبه.

    ولكن المؤلف يسوق مثالاً آخراً، يبين التلاعب في نوعية المزايا التي تتحقق من تلك المنظمات، فيذكر أن مطالب كثيرة قام بها الأهالي المجاورون لأراضي زراعية تملكها الحكومة الفدرالية الأمريكية يطالبون بتمليكها للمزارعين للاستفادة منها، وبعد تلك المطالبات تم توزيع الأراضي واستفاد منها كبار المزارعين بشكل كبير في حين لم يستفد صغار المزارعين إلا بالنزر اليسير.*3

    (4)

    يتناول المؤلف قضية مهمة جداً، وهي أنه من يهتم بالمجتمع المدني؟ هل يهتم به المُشرد والكادح والفقير؟ أم حتى أنه هل تهتم به نسوة هذه الأيام اللواتي لم يعدن يجلس ببيوتهن، لقسوة الظروف الاقتصادية، بل يعملن وأزواجهن لا يقل عن 12 ساعة في اليوم.

    ويذهب أبعد من ذلك، عندما يُجبر أشخاص لحضور اجتماعات تناقش قضايا المجتمع المدني (والإجبار هنا، بحكم العلاقة بين الداعين للاجتماعات وتابعية المدعوين وعدم قدرتهم على رفض طلبات من دعوهم). وتكون المعلومات والحقائق محجوبة (بخبث أو بطيب نية) عن المدعوين، فيتداول مناقشتها متنافسون يعلمون سبب حضورهم!

    ويذهب صاحب كتاب (الصوت واللامساواة) الى القول: (المشاركة السياسية بدءاً من التصويت، مروراً بكتابة الرسائل، والانتماء الى التنظيمات السياسية، والدعم بالأموال، والمشاركة في المظاهرات، موسومة بدرجات من اللامساواة أعلى من أشكال النشاط العام الأخرى.) ويصل في حديثه عن المجتمع المدني على أنه (مخترق كلياً بالعلاقات الطبقية، أما اللامساوة في توزيع الموارد السياسية فهي دالة الحياة الاقتصادية)*4

    إن المشاركة الديمقراطية المثمرة تقتضي أن تكون أصوات المواطنين في السياسة واضحة وعالية ومتساوية: واضحة حتى يعرف المسئولون ما يريده المواطنون وما يحتاجونه؛ وعالية حتى تكون حافزاً للمسئولين لإيلاء العناية بتلك المطالب؛ ومتساوية حتى لا يُنتهك المثال الديمقراطي.

    (5)

    يمر المؤلف على إحصائيات تدلل على أهمية الاقتصاد في تحفيز المواطنين الأمريكان في الاشتراك بالديمقراطية، أو منظمات المجتمع المدني. فيقول: أنه وقت تأليف كتابه كان 1% من الأمريكان يملكون ثلثي الثروة في الولايات المتحدة. وأنه في نفس التاريخ انخفض دخل نصف الأمريكان الى أقل بكثير مما كان عليه في عام 1973. وأنه في عام 1998 وحدها اتحدت مجموعة شركات بما مقدار رؤوس أموالها (التريليون من الدولارات).

    ويصف جورج سورس (George Soros) وهو واحد من أكبر أصحاب النفوذ الإعلامي في العالم، ومن أكبر المدافعين عن المفاهيم الليبرالية الأمريكية، يصف الوضع بقوله في مقالة نافذة في (أتلانتيك مونثلي Atlantic Monthly في 2/2/ 1997) (( إن الزيادة الكثيفة في ما تتمتع به رأسمالية المنافسة الحرة من انفلات من رقابة الدولة وانتشار قيم السوق في نواحي الحياة كلها يعرضان مجتمعنا المفتوح للخطر؛ أن العدو الرئيس للمجتمع المفتوح، على ما اعتقد، هو الخطر الرأسمالي لا الشيوعية)).

    انتهى عرض الكتاب بحمد الله





    هوامش من تهميش المؤلف

    *1ـ Colin L. Powell, "Recreating the Civil Society – One Child at a Time," Brookings Review, vol. 15, no. 4( Fall 1997), pp. 2-3
    *2ـ Karl Polanyi, The Great Transformation (Boston: Beacon Press1957
    *3ـ McConnell, Private Power and American Democracy, p349
    *4ـ Sidney Verba, Kay Lehman Schlozman and Henry E. Brady, Voice and Equality: Civic Voluntarism in American Politics (Cambridge, MA: Harvard University Press, 1995) p522

صفحة 4 من 4 الأولىالأولى ... 234

المواضيع المتشابهه

  1. الصحافة الالكترونية ودورها في إقامة المجتمع المدني العربي المعاصر
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 01-05-2018, 10:01 AM
  2. المجتمع المدني الفلسطيني بين الانتماء والمنفعة
    بواسطة تحسين في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 02-29-2012, 07:12 PM
  3. المجتمع المدني بين تظاهرات المساجد والديمقراطية
    بواسطة جريح فلسطين في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 06-02-2011, 02:48 AM
  4. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-06-2011, 05:04 AM
  5. لحنُ اللحود
    بواسطة محمد إبراهيم الحريري في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 11-10-2010, 07:54 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •