الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، وبعد

فإن مما اختص الله بعلمه خمس أمور لا يعلمها إلا هو ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (خمس أمور لا يعلمهن إلا الله) ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم : ﭽ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﰄ لقمان: ٣٤. [رواه البخاري].


قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره : (هذه مفاتيح الغيب التي استأثر الله تعالى بعلمها فلا يعلمها أحد إلا بعد إعلامه تعالى بها ، فعلم وقت الساعة لا يعلمه نبي مرسل ، ولا ملك مقرب ﭽﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿﰀ الأعراف: ١٨٧، وكذلك إنزال الغيث لا يعلمه إلا الله ولكن إذا أمر به علمته الملائكة الموكلون بذلك ومن يشاء من خلقه).

وأخرج مسلم في صحيحه : عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال : (صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية في أثر السماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس قال : (هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : كما قد أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ، فأما من قال : مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب ، وأما من قال : مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب) [أخرجه مسلم في صحيحه].

قال صاحب كتاب تيسير العزيز الحميد الشيخ سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب رحمهم الله : (الإستسقاء بالنجوم نوعان هما :
الأول : أن يعتقد أن المنزل للمطر هو النجم فهذا كفر ظاهر ، إذ لا خالق إلا الله ، وما كان المشركون هكذا ، بل كانوا يعلمون أن الله هو المنزل للمطر ، كما قال تعالى :ﭽ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻﯼ العنكبوت: ٦٣.
الثاني : أن ينسب إنزال المطر إلى النجم مع اعتقاده أن الله تعالى هو الفاعل لذلك ، المنزل له إلا أنه سبحانه وتعالى أجرى العادة بوجود المطر عند ظهور ذلك النجم ، والصحيح أنه محرم لأنه من الشرك الخفي وهو الذي أراده النبي صلى الله عليه وسلم وأخبر أنه من أمر الجاهلية وأبطله ، وهو الذي كان يزعم المشركون ، ولم يزل موجوداً في هذه الأمة إلى اليوم).

قال الله تعالى: ﭽ ﮈ ﮉ ﮊ الحجر: ٢٢ ، قال ابن كثير رحمه الله تعالى : (أي تلقح السماء فتدر ماءً وتلقح الشجر فتفتح عن أوراقها وأكمامها ، وذكرها بصيغة الجمع ليكون منها الإنتاج بخلاف الريح العقيم فإنه أفردها ووصفها بالعقيم وهو عدم الإنتاج ، لأنه لا يكون إلا بين شيئين فصاعداً).

قال الله تعالى : ﭽ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛالنور: ٤٣ - ٤٤.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : (ماء السماء ينزل من السحاب الله ينشئه من الهواء الذي في الجو وما يتصاعد من الأبخرة). وقال رحمه الله تعالى في المطر : (إن الله يخلقه في السماء من السحاب ، ومن السماء ينزل والمادة التي يخلق منها المطر هي الهواء الذي في الجو تارة وبالبخار المتصاعد من الأرض تارة).

وعن شريح أن عائشة أخبرته أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى سحاباً مقبلاً من أفق من الأفاق ترك ما هو فيه وإن كان في صلاته حتى يستقبله فيقول : (اللهم إنا نعوذ بك من شر ما أرسل به)فإن أمطر قال : (اللهم صيباً نافعاً) مرتين أو ثلاثاً ، وإن كشفه الله عز وجل ولم يمطر حمد الله على ذلك. [رواه ابن ماجه].

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كنا مع عمر رضي الله عنه في سفر فأصابتنا رعد وبرق ومطر فقال لنا كعب : (من قال حين يسمع الرعد : سبحان من يسبح الرعد بحمده ، والملائكة من خيفته ، ثلاثاً ، عوفي من ذلك الرعد).

ويقال عند نزول المطر : (اللهم صيباً نافعاً) [رواه البخاري]. (اللهم اجعله صيباً هنيئاً) [رواه ابن ماجه].

ويستحب إصابة المطر شيئاً من البدن والمتاع : عن أنس رضي الله عنه قال : (أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه حتى اصابه المطر ، فقلنا : يا رسول الله لِمَ صنعت هذا ؟ قال : لأنه حديث عهد بربه تعالى) [رواه مسلم]. وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان إذا مطرت السماء يقول : (يا جارية أخرجي سرجي ، أخرجي ثيابي) ويقول : ﭽ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣق: ٩.


اللهم أنزل علينا من بركات السماء ، واعمر قلوبنا بطاعتك يا أرحم الراحمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين.


المصدر : كتاب (دروس العام(
(باب/ دروس شهر شعبان – الدرس الرابع والعشرون(
المؤلف (عبدالملك القاسم(