فيلم ” ولاد العم ” من وجهة نظر فلسطينية ..!
(( توفيق السقا ))
” فيلم تافه وحقير ” هكذا وصف الفيلم بعض من شاهده من الفلسطينيين, الأمر الذي دفعني لمشاهدته لمعرفة السبب وراء هذا الوصف . كما وان فكرته تهمني جدا كفلسطيني
بالإضافة إلى أنه يهمني لأنه متعلق بمصر وإسرائيل وفلسطينيي الداخل.. إذ أني لا أنسى تلك المواقف المصرية مع بلدي العزيزة غزة و صدمت من تعامل المصريين مع الفلسطينين بالذات فلسطينيي 48 .. فهم حسب رأيهم ” عملاء ” و ” يهود يتحدثون اللغة العربية ” فكيف سيصورن هذا الفيلم ؟! هذا ما أثار فضولي..
أحداث الفيلم ومجرياته :-
تبدو بداية الفيلم عادية لأب مصري يجمع بينه وبين أولاده وزوجته الحب فنراه يأخذهم في رحلة بحرية .. لتظهر حقيقته فجأة إنه “دانيال” – الممثل شريف منير- عميل الموساد الذي قرر خطف زوجته “سلوى” – الممثلة منى زكي- وطفليه ليعود بهم لإسرائيل, وبعد أن يزول اثر التخدير عن الزوجة تفيق وتفتح نافذة بيتها لتفاجئ بعلم إسرائيل العملاق أمامها، فتدرك إنها عاشت في خدعة كبرى طوال السنوات الماضية.
يضع دانيال سلوى أمام خيارين: إما العودة إلى مصر وحدها وترك طفليها بإسرائيل أو مواصلة العيش معهم في تل أبيب، فتوافق على البقاء بالقرب من أولادها بعدما أعيتها الحيل في الهرب بهم من إسرائيل.
لم تكن هذه نهاية الفيلم فلابد وأن تتدخل المخابرات المصرية من خلال الضابط -كريم عبد العزيز- ليساعد سلوى وأطفالها للعودة إلى مصر، ثم تنضم هذه الأخيرة إليه لمساعدته في الإيقاع بدانيال, عبر تسهيل دخول مكتبه بالموساد لكشف مخطط “قائمة اغتيالات” الموساد في مصر، ولكن للأسف، يكون دانيال متوقعا لهذا المخطط وينتظر الضابط المصري داخل المكتب. (ونكتشف أن اصطحاب دانيال لزوجته والولادة كان طعما فقط للقبض على كريم الذي كان على لائحة الاغتيال)
يبدأ الصراع بين العميلين “ولاد العم” وذلك عقب محاولة مصرية لتحرير العميل المصري أثناء نقله للمستشفى للعلاج من آثار التعذيب وينطلق بعدها لإنقاذ سلوى وطفليها، يطارده دانيال أثناء محاولته الهرب بهم إلى مصر وينتصر الضابط المصري على نظيره الإسرائيلي ويقتله، وينتهي الفيلم بالبطل وهو يقول: “سأغادر ولكن سأعود مرة ثانية”.
العرب يخافون من إسرائيل!
الفيلم صور فلسطينيي 48 جبناء , وذلك ظهر بشكل واضح في عدة مشاهد أولهم المشهد الذي تظهر به منى زكي مع أبناءها تسير في شوارع تل ابيب باحثة عن أي شخص يساعدها للعودة إلى مصر , في تلك اللحظة تلتقي صدفة برجل تبدو عليه ملامح عربية , (من فلسطينيي 48 ) ولكن ردة فعله تكون غير متوقعة.. فهو يهرب منها ويرفض أن يكلمها لمجرد أنها مصرية , وكأنه مرعوب من إسرائيل , علما أن هذا الأمر غير واقعي .. لأن العرب في إسرائيل وبغض النظر عن مواقفهم من الدولة , يتحدثون بين بعضهم في الشوارع الإسرائيلية بالإضافة إلى احتكاكهم باليهود أنفسهم في العمل والتعليم !
الغريب بالأمر , انه بعد ذلك الموقف يتوجه هذا العربي إلى السفارة المصرية ويخبرهم عن تقابله مع امرأة مصرية في الشارع!
بناء الجدار !
يلتقي كريم عبد العزيز – الضابط المصري- أثناء رحلته إلى ” تل ابيب ” بشباب عرب فلسطينيين , ومن خلال لقائه معهم تم إبراز المخابرات المصرية وبالتالي الدولة المصرية على أنها حاملة هم القضية الفلسطينية في حين كلنا نعرف أنها تخلت عنها ف”ليفيني” أعلنت الحرب على غزة من منبر مصري , كذلك تم تصوير الفلسطيني وكأنه يساهم في بناء جدار العازل في حين أن النظام المصري هو الذي يبني الجدار العازل حول غزة اليوم!
دارين , الفتاة الفلسطينية !
خلال احد المشاهد تظهر شابة فلسطينية تدعى ” دارين “. تسعى دارين لعملية استشهادية أو ” انتحارية ” كما يسميها البعض وذلك بعدما قُتل شقيقها على يد السلطة الإسرائيلية , ويأتي الضابط المصري ويوقفها عن عملها قائلا أن عمليات الانتقام لا تجدي نفعا علما أن هكذا عمليات تقام عادة بدافع الدفاع عن قضية وليس الثار .. ولو كانت قضيةثار ما كانت إسرائيل لتخاف لان الثار هي جريمة فردية دافعها العاملالشخصي.. وليست حربا من منظمة أو دولة أو شعب.
هذا وفي تصوير المخرج للعمليات الاستشهادية بهذا الشكل تسطيح كبير للموضوع ذلك أنها في نظر منيقوم بها سلاح مضاد يستعمله شعب اعزل كي يقوم بنوع من توازن الرعب ضددولة تستعمل ضده سلاح الطيران والدبابات وهذا بغض النظر عن صوابية أومشروعية هذه العمليات دينيا أو دوليا… وبغض النظر عن جدواها سياسيا.
بالإضافة إلى هذا , هناك مشهد آخر من أكثر المشاهد التي استفزتني , وذلك عندما تهرب دارين برفقة الضابط كي لا تقبض عليها الشرطة بعد الشكوك المتوجهة إليها .
إذ يطلب الضابط منها أن تتعرى بسيارته كي لا تشك الشرطة بأمرها (على طريقة جيمس بوند وبطولاته الغرامية) , وهذا من أبشع المشاهد التي أساءت للفتاة الفلسطينية وصورتها كأنها تبيع شرفها وتتصرف كعاهرة كسبيل للنجاة من قبضة الشرطة ودخول السجن! حركة حقيرة من المخرج الحقير
استخفاف بعقل المشاهد
ومن باب أن الزائد اخو الناقص، لم يكن هناك من حاجة للمبالغة بتصوير اليهود ككائنات خالية من أي شفقة حتى على أنفسهم فمن المعروف أن اليهود يحبون بعضهم البعض –على الأقل بتصرفاتهم فلا احد مطلع على القلوب إلا الله- ونحن كلنا نشاهد مقدار الجهود التي تبذل من اجل تحرير أسراهم أو إنقاذ جندي من ساحة المعركة.. ومن هنا لم نتوقع أن يقوم دانيال –الذي يصوره الفيلم عاشقا لأطفاله- بمحاولة قتل أولاده بدون سبب واضح خاصة وان أولاده يهيمون حبا فيه أيضا.
تجميل للسلطة المصرية!
لا أجد هذا الفيلم يستحق تلك الضجة والانبهار ! واعتقد أن كل هذا نابع من فكرته التي لم تطرح من قبل وليس لأهميته ولكونه فيلما ” خارقا ” .. بل لأنه هدف أساسا أن يرضي رغبة الجمهور المصري وتلميع صورة النظام المصري , الأمر الذي نراه في أي دولة دكتاتورية يخاف شعبها من انتقادها ! وهذا بطبيبع ة الشعب المصري
فالضابط المصري في الفيلم لم يعبر سوى عن السلطة المصرية ” الناجحة ” التي تحدت إسرائيل فقد استطاع بقدراته الخارقة أن ينجح بمهمته , ورغم الضربات الكهربائية التي تلقاها والعنف الذي تعرض له , لم يمت! بل بقيت به تلك الطاقة التي نراها بأفلام ” سوبرمان ” ? والأمر المثير للغرابة هي نهاية الفيلم التي يظهر بها استخفاف صناع الفيلم لعقل المشاهد , وذلك حينما دخلت قوات شرطة وسيارات وطائرات مصرية إلى قلب “تل ابيب ” لتنقذ سوبرمان من قبضة الموساد!
رؤية
تــوفيــق الســقا