الفلسطينيون الرعاع في مطار القاهرة!
د. فايز أبو شمالة
مئات الفلسطينيين الحجاج يفترشون الأرض في مطار القاهرة الدولي، فلا مقاعد للمسافرين الفلسطينيين دون كل المسافرين على وجه الأرض، ولا حق لهم في تقديم جوازات سفرهم إلى الموظف المختص لدخول أرض مصر، ولا تسهيلات لعبور الحجاج ذوي الشهداء والأسرى المحررين إلى غزة مباشرة. إنهم فلسطينيون من قطاع غزة، يتوجب حشرهم في مكان محدد لتجمع بشري غير معترف فيه، ثم يساقون تحت الحراسة إلى حافلات، وكأنهم أسرى بلا حقوق إنسانية، ولا تمثيل دبلوماسي لهم حتى لدى سفارة فلسطين في القاهرة التي أوفدت مراسلاً نزقاً عصبي المزاج متوتراً يحمل اسم حسن، يرتجف بين يدي الضابط المصري، ولا يجرؤ على أن يطلب منه شربة ماء لثلاث مائة حاج وحاجة يفترشون أرض مطار القاهرة الدولي ست ساعات بلا خدمات!.
الضابط المصري المسئول عن ترحيل الحجاج الفلسطينيين إلى قطاع غزة يقول: لم نبلغ من أي جهة بموعد وصول طائرة حجاج قطاع غزة التي تقل الأسرى المحررين وذوي الشهداء، ويصر الضابط المصري: أن الجهة الوحيدة التي كان لديها العلم بموعد الوصول هي سفارة فلسطين في القاهرة، وهي صاحبه الاتصال والتنسيق مع السعوديين، وأنه لم يبلغ عن موعد وصول الحجاج العائدين لقطاع غزة من أي جهة كانت.
في مطار القاهرة الدولي يعبر المسافرون بهدوء، عشرات الطائرات من كل دول العالم حطت في مطار القاهرة الدولي، نزل ركابها، ثم اتجهوا إلى النافذة المخصصة لهم، وعبروا أرض مصر إلى غايتهم دون مشاكل، ليظل الفلسطيني واقفاً في حيره من أمره، وهو يتساءل: أين نذهب؟ لماذا نتأخر بالعبور؟ ما الفرق بين دمائنا ودماء هذا الزنجي الذي يعبر بلا مشاكل؟ بماذا يختلف عنا هذا الهندي الذي مر بسلام؟ ما مميزات هذا الشرق أسيوي الذي مر من أمامنا، وعبر أرض مصر؟ وما صفات هذا الأجنبي الذي احتضنته أرض مصر؟ أي جرب يصيب جلودنا الفلسطينية، وأي مرض معدٍ تحمله أنفاسنا؟ ولمذا نستثنى؟ ولمن نشتكي، وعلى أي كتف نلقي بهمومنا، وأحزاننا؟
لقد خرج الحجاج الفلسطينيون العائدون إلى قطاع غزة من دائرة الزمن، فلا تنطبق عليهم اتفاقية جنيف الرابعة لحقوق الإنسان، ولا تنطبق عليهم قوانين الاحتلال الإسرائيلي، ولا تنطبق عليهم قوانين الزمن الجاهلي التي كانت تسمح بالتنقل من بلد إلى بلد دون عوائق وحواجز وحدود!.
صدّق أو لا تصدّق؛ على الفلسطيني في القرن الواحد والعشرين أن يقطع المسافة الفاصلة بين العربية السعودية وقطاع غزة في ثمان وعشرين ساعة سفر متواصل!؟.
وسط مطار القاهرة: صرخت فلسطينية على مسئول بعثة الحج قائلة ببراءة: إننا ضيوف خادم الحرمين. اتصل أيها المسئول بالملك عبد الله خادم الحرمين، واطلب منه أن يتحدث مباشرة مع الرئيس حسني مبارك كي يسهل وصولنا إلى قطاع غزة.
ضحك المسئول وهو يقول: لقد سافر خادم الحرمين للعلاج في الخارج، وترك الهاتف.