منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 6 من 6
  1. #1

    أزمــة المقــال الصحفــي

    أزمــة المقــال الصحفــي
    بقلم: نبيـــل عـــودة
    كثيرا ما وقفت حائرا أمام بعض المقالات السياسية والأدبية، وأسأل نفسي، لمن يكتب هؤلاء؟ وهل يقرأ أحد ما يكتبون؟
    المقالات السياسية تكاد تكون ترديد ممل لشعارات وصياغات لم تتغير منذ أكثر من نصف قرن، تملأ اليوم أيضاً فراغ الإنترنيت، وتسود الصفحات المطبوعة.
    معظم المقالات لا تقدم أي فكرة جديدة، وتمتلئ بالترديد الممل الذي عافته نفوسنا منذ تشكل وعينا. المواد الأدبية فيها مشكلة أخرى، يظن البعض أن استعمال الكلمات الرنانة الضخمة، تنتج أدباً، وتعبر عن مكونات الصدور، وتقوم بمهمة إمداد القارئ بالمعنويات والتفاؤل والغضب على الأعداء وما شئتم مما صار كليشيهات رئيسية في السياسة والثقافة العربية.
    ليس أصعب من موقف محرر يريد كتابا لصحيفته، يريد مشاركات واسعة، ولكن الضعف يصرخ في معظم النصوص. بعضهم يظنون أن الكتابة عن القضايا الصغيرة وما يحدث يوميا في بيوتنا وشوارعنا ومدارسنا ومزارعنا، يقلل من قيمة المقال ومستوى كاتب المقال، ولكني أعتقد أن العكس هو الصحيح.
    إن الكتابة السياسية تحتاج إلى رؤية فكرية، وإلمام واسع في فهم ما وراء الخبر، ومتابعة تفاصيل كثيرة جداً، لدرجة الإرهاق، من أجل صياغة مقال سياسي فيه خصوصية بالرؤية وليس مجرد مع وضد ويعيش ويسقط !!
    تتميز معظم المقالات التي أصطدم بها على صفحات الصحف العربية بأنها ضجيج لا يوصل رسالة، وإسفاف لغوي وفكري، ومليئة أحيانا بالسجع الفكري والسياسي أو الثقافي. ليس مهماً إذا كان الكاتب يلم بشكل دقيق بالموقف العيني الذي اختطه لنفسه، وعلى الأغلب فكرة ضيقة يحركها غضبه المشروع من واقع مليء بالقهر... ولكن هل هذا مبرر كاف لقبول المقال ؟ وهل المقال مجرد ردح ومقولات تعبر عن الألم الشخصي؟! وهل المقال هو نص للتعبير عن مواقف ثابتة، أم محاورة مع الواقع، لفهم العوامل المؤثرة على تطورات الإحداث ، ووضع تقييم دقيق لما نواجهه؟
    هذه الإشكالية واجهتها أيضا مع كتاب مؤدلجين وبدرجات علمية عالية، وقد أثارت حيرتي في بداية طريقي كمحرر صحيفة، منذ أوائل العام 2000 ، ثم حررتني من الاهتمام بلقب الكاتب والتيار الذي ينتمي له، وصارت أحكامي أكثر لجوهر الطرح، متحررا من الجانب الشخصي. ولكني بدأت أرى أني ابذل مجهودات عقيمة لقراءات تفتقد معظمها للمضمون ، أو للتميز في الطرح ، واني اقرأ المقال كأنشودة شخصية..تعبر عن الشخص ، وأحيانا عن نرجسيته الذاتية ( الوطنية والبطولية) في اختيار الصياغات التي في التلخيص الأخير لا تقول شيئا .
    لم ينقطع اطلاعي على حالة المقال والواقع الصحفي بشكل عام ، فهناك رابط بين مستوى تطور الصحافة ومستوى المقال والخبر والتقرير وكل ما يتعلق بعالم الصحافة. ساءني التفكير السياسي المبتذل والمضلل وغير المساهم في توعية الجمهور، خاصة حين يكون الكاتب من تيار سياسي مرموق وصاحب منصب يفترض أن يكون مواجهاً ومثقفاً سياسياً، وعلى الأغلب أطروحاته تجيء كتعبير عن تيار سياسي،وما بدأت أراه أن المقال بحد ذاته فن صياغي ، وإبداع فكري ، وقدرة على رؤية الحقيقة وطرحها بكل بشاعتها إذا لزم الأمر، وليس طرح رؤية بطولية متحدية لطواحين هواء سرفينتس .
    المقال إذن ليس عرض حال.وليس هوية فكرية للشخص، تُكرر في كل نص .
    عاصرت عدة أجيال سياسية في المجال الفكري، الصحفي، السياسي والثقافي، ويؤسفني أن أقول أننا نتقدم إلى الخلف... نتراجع في مستوى النص اللغوي ومستواه الفكري، نتراجع في الجرأة على أن تطرح الحقيقة بكل سوادها إذ لزم الأمر، حتى لو كانت صعبة على الأذن. هذا جانب واحد ، والجانب الثاني إن الرعيل الأول ، ترك شرخا كبيرا في تطور الصحافة عامة ، وخاصة في نشوء كتاب قادرين على صياغة النص بشكل بعيد عن الإنشاء المدرسي ، في السياسة والثقافة أيضا.
    صحيح إن التعميم لا يخدم الفكرة، ولكن الخوض بمثل هذا الموضوع الشائك ، بهذه الطريقة التعميمية له مبرراته، بأن الهدف ليس الأشخاص ، انما الواقع الذي فرض تطورا مشوها على الصحافة والإعلام العربي داخل إسرائيل بشكل عام.
    واجهت تهجماً شخصياً، أنا وآخرين من محرر صحيفة، بحجة أننا "تيار متهاون" ولم أفهم ما يعني، إلا انه استعلاء ونرجسية وطنية، وإسفاف سياسي وابتذال فكري. لا أحد فوق النقد، واعني أن ما نكتبه خاضع للنقد، وليس الشخص الذي يكتب.. إن الفكرة الجيدة تصنع مقالا جيدا، فهل أقول إننا نواجه شح بالأفكار؟!
    الهجوم المبتذل والمغلف بصياغات قومجية بات ظاهرة لها انتشارها غير الواسع .هل هذا الأسلوب يعبر عن موقف عقلاني؟ هل يعبر عن فكر ؟ ام تحركة عوامل الاندفاع للبروز بذم كتاب بارزين ؟!
    ومع ذلك يظل المميز الأكبر، ضحالة المستوى الصحفي لدى أكثرية العاملين في هذا المجال الهام، لذا لم يتطور تأثير صحافتنا، حدثت نهضة في الكم، وتراجع في المضمون، وبالتالي فقدان التأثير الاجتماعي، الثقافي، الفكري والسياسي بشكل مقلق جداً لمستقبل صحافتنا.
    هذا يبرز بقوة في مستوى المقال الصحفي . من هنا قلة المقالات الجيدة، وتأكيد على أن التطور الصحافي في مجتمعنا لم يكن له مسار صاعد في المحتويات والمضامين والقدرات الصحفية.
    لا يمكن إنكار أن صحيفة "الإتحاد" الشيوعية، شكلت تاريخيا ،في حياة المجتمع الفلسطيني داخل إسرائيل، مدرسة فكرية وسياسية وثقافية وصحفية مسؤولية ومبرمجة أيديولوجيا.
    تلاشي هذه المدرسة، ولا أعني الصحيفة، أوجد فراغاً كبيراً في الدور الكبير والهام الذي لعبته الصحيفة ، لم تملأه الصحف الكثيرة التي صدرت، والسبب الأساسي في رأيي، إن التفكير الأساسي وراء إصدار صحف جديدة، لم يكن لضرورات فكرية أو سياسية . بل شكلت الدعايات التجارية المضمون والهدف الأول والأساسي.
    إن صحيفة بلا رؤية فكرية وتفتقد إلى نهج يوجه نشاطها الصحفي والإعلامي ستظل على هامش الصحافة، والظن أن الإعلان هو معيار قوة الصحيفة، كان وراء التطور الكمي وتلاشي المضمون ، حتى الصحفي بأبسط أشكاله . وهذا أوضح من الشمس.
    بعض الصحف تصدر بعدد كبير من الصفحات. الإعلان يحتل 70%- 80% وربما أكثر من مساحة الصفحات، وما يتبقى من مساحة للمواد المختلفة يبدو هشاً ومجرد تعبئة فراغات بما تيسر من أخبار لا يجرى فرزها، ولا أظن أن بعضها يستحق النشر، وتغيب في تحرير بعض الصحف، الرؤية الإعلامية الواضحة لصحافة في عصر الإعلام الالكتروني ، والتي من إسقاطاتها، أن الصحيفة المطبوعة ،لم تعد مجرد ناقلة أخبار، بل خدماتية، تنشر الخبر ذو المضمون المتعلق بما يشغل مجتمعنا، تنشر التحليل المناسب، التقارير حول مختلف القضايا ذات التأثير على تطور الوعي، تهتم بالثقافة الحقة ، وليس بمواد هشة تفتقد للمعايير الأولية للثقافة، تقود الى المزيد من التأزيم الثقافي والفكري.
    طبعاً لست ضد الإعلانات بل هي خبز الجريدة، ولكني أدعي أن غياب الرؤية التنويرية يجعل الصحيفة مجرد نشرة إعلانات.
    الحديث كان عن المقال، ولكن الخبر لا يقل أهمية تنويرية ومسؤولية إعلامية عن المقال. كيف نصيغ الخبر؟! ماذا يهمني من الحدث؟! كيف أختصر ما لا يفيد وأوسع ما يفيد؟ ما هو العنوان المناسب؟ ما هي الصورة المناسبة؟! كيف أضمن أن الخبر الذي أصيغة سيظل خبرا يستحق القراءة حتى بعد 24 ساعة على الأقل من صدور الجريدة؟!
    نحن لا نمتلك القدرات لمنافسة الراديو والتلفزيون والإنترنت.. ولكننا بعمل مسؤول وجاد نملك ما لا يقدمه الإعلام الالكتروني.
    الخبر في الصحيفة المطبوعة له شروط... وليس سحب ولصق من وكالات الأنباء، لأن القارئ لا ينتظر أن نخبره بما سمعة أمس، أو قبل أسبوع في حالة معظم صحفنا. بل أن نقدم له رؤية متكاملة عن الحدث، لم توفرها له وسائل الإعلام الالكترونية.والظاهرة المضحكة في مواقع الانترنت اليوم ان الصور أضحت هي النص ، هي الخبر .. عشرات الصور التي لا تقول شيئا عن الحدث. لدرجة يمكن وصف الموقع بالأصم والأبكم !!
    من هنا المقال السياسي أو الثقافي ليس مجرد تكرار إخباري أو الكتابة بأسلوب يفهم منه أن ما يطرحه الكاتب هي آيات منزلة، وإذا لم يعجبني موقف كاتب آخر أجعل منه موضوعا للتشهير، أو فرض المقاطعة على المقالات التي تحمل أراء لا تتلاءم مع رؤيتي الشخصية،وعلى الكتاب اصحاب المقالات المتميزة.. والاكتفاء بمجرد استعراض معلومات المحرر وطاقمه، الضيقة جدا على الأغلب.
    هذه ليس صحافة، هذا هو الإسفاف بعينة!!
    nabiloudeh@gmail.com



  2. #2

    رد: أزمــة المقــال الصحفــي



    الأعزاء و العزيزات

    هذه الأزمة وغيرها من الأزمات هى من العلامات المالؤفة للكثير من المتابعين ، و هى واحدة من الأعراض التى تشخص حال الأمة ، ولكن المهم هومعرفة ....

    أين الخلل؟

    وما جذور هذه الأمراض التى نلاحظ اعراضها، وتتكرر كتابة هذه الملاحظات للأعراض ، ومع ذلك التكرار لا نجد من يقدم العلاجات الحقيقية على الأرض وفى الواقع....

    أين الخلل؟
    ما العلاج؟

    من يقوم به؟ عملاً و ليس كلاماً ومقالاتاً ، وكثيراً من الوعظ والخطب والشرائط و برامج الفضائيات ، ولا ننسى مئات المنتديات العربية على الشبكة العنكبوتية!!!!


    فالمقالات وتكرار الوصف لا تكفى لتحديد الخلل الذى حدث لجهازمناعة الأمة من تدهور على كل المستويات

    والسؤال الهام هو.....

    هل للمثقف أو المفكر أو اصحاب النزوع السياسى و الضجيج الإعلامى أى تأثير فى تقديم الحلول والبدائل اكثر من مقالات لا يقرأها إلا المئات فى عالم من ملايين العرب و أكثر مليار مسلم؟

    أم أن ما يحدث هو علامة من علامات الموت السريرى للأمة؟

    أم هى بشارة ومخاض لمستقبل مأمول؟

    وتحياتى

  3. #3

    رد: أزمــة المقــال الصحفــي


    السلام عليكم
    في الحقيقة مقال يثير أشجاننا جميعا كقراء وإعلاميين:وشكرا لكما الأستاذ عودة ومظهر الكريمين وبعد:
    غالب مانقرأه ضجيجا إعلاميا للفت النظر..وحتى لانكلف الصحفي عناء وضع الحلول لأمور تستعصي عليه ربما نقول:
    لنكن إيجابيين في طرح الامور العالقة في حياتنا ووضع الوجه الآخر الذي يمكننا ان نتحرك بامان وإيجابية.
    والسؤال الأصعب هل لدينا على امتداد الوطن العربي صحافة بمعنى الكلمة؟
    ودمتم سالمين
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  4. #4

    رد: أزمــة المقــال الصحفــي

    المقال الأدبى أو السياسى أو الإجتماعى وبكل أنواعه إذا لم يقدم ماينفع القراء فكأنه لم يكن


    دولة الظلم ساعة .. ودولة الحق حتى تقوم الساعة


  5. #5

    رد: أزمــة المقــال الصحفــي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د.مهندس عبد الحميد مظهر مشاهدة المشاركة


    الأعزاء و العزيزات

    هذه الأزمة وغيرها من الأزمات هى من العلامات المالؤفة للكثير من المتابعين ، و هى واحدة من الأعراض التى تشخص حال الأمة ، ولكن المهم هومعرفة ....

    أين الخلل؟

    وما جذور هذه الأمراض التى نلاحظ اعراضها، وتتكرر كتابة هذه الملاحظات للأعراض ، ومع ذلك التكرار لا نجد من يقدم العلاجات الحقيقية على الأرض وفى الواقع....

    أين الخلل؟
    ما العلاج؟

    من يقوم به؟ عملاً و ليس كلاماً ومقالاتاً ، وكثيراً من الوعظ والخطب والشرائط و برامج الفضائيات ، ولا ننسى مئات المنتديات العربية على الشبكة العنكبوتية!!!!


    فالمقالات وتكرار الوصف لا تكفى لتحديد الخلل الذى حدث لجهازمناعة الأمة من تدهور على كل المستويات

    والسؤال الهام هو.....

    هل للمثقف أو المفكر أو اصحاب النزوع السياسى و الضجيج الإعلامى أى تأثير فى تقديم الحلول والبدائل اكثر من مقالات لا يقرأها إلا المئات فى عالم من ملايين العرب و أكثر مليار مسلم؟

    أم أن ما يحدث هو علامة من علامات الموت السريرى للأمة؟

    أم هى بشارة ومخاض لمستقبل مأمول؟

    وتحياتى
    حقيقة كان مقالا استفهاميا وأضفت دكتور استفهاما على استفهام اظن ان كثيرا مما ذكرت له دوره
    مرور عابر
    مع تحيتي

  6. #6

    رد: أزمــة المقــال الصحفــي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حامد ابراهيم مشاهدة المشاركة
    المقال الأدبى أو السياسى أو الإجتماعى وبكل أنواعه إذا لم يقدم ماينفع القراء فكأنه لم يكن
    شكرا لك حامد
    واهلا بك دوما وتحيتنا دوما للوالد العزيز
    ملدا

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •