مخرج أول فيلم روائي قطري
المريخي: غياب الهم السينمائي وراء تأخرنابعد 115 سنة على ولادة السينما العالمية، وبعد وجودها الطويل في عالمنا العربي (منذ عام 1927) شهدت مؤخراً دولة قطر الولادة القيصرية الصعبة لأول فيلم روائي فيها فكان مهرجان دمشق أول المباركين له من خلال مشاركته في مسابقة الأفلام الطويلة.. وللحديث عن هذه التجربة وخصوصيتها التقت “البعث” مخرج الفيلم خليفة المريخي وكان الحوار التالي :
< حدِّثنا عن هذا الإنجاز السينمائي القطري الذي يبدو أنه تأخر كثيراً .
<< إنجاز أول فيلم سينمائي روائي في قطر خطوة جريئة جداً، خاصة أنه قُدِّم بتقنيات فنية عالمية المستوى على صعيد الشكل وكذلك على صعيد المضمون، وهو يتناول موضوعاً مختلفاً عما هو مكرر في ساحتنا السينمائية من خلال اعتمادي على أسطورة موجودة في المجتمع القطري وهي بالأصل لا تتعدى بضعة أسطر إلا أنني عالجت ُ الفكرة فيها بطريقة درامية تناسب فيلماً روائياً، ويجب أن أؤكد هنا أن إنجاز فيلم طويل في قطر لم يكن أمراً سهلاً، خاصة وأن اتخاذ مثل هذه الخطوة يحتاج لخبرة طويلة وجهود جبارة وتجارب أولى متعددة على صعيد الأفلام القصيرة التي قد تشكل عتبة باتجاه الأفلام الطويلة .
< ما الشكل الفني الذي أردتَه لهذا الفيلم؟
<< اعتمدتُ أسلوب الواقعية السحرية من خلال قرية للصيادين تتعرض لأحداث متعددة من خلال ثلاث شخصيات يكتشفون أن هناك قوى ما ورائية غبية لها يد فيها، والفيلم دون أدنى شك فيه إسقاطات اجتماعية وسياسية واضحة، فهناك تكوين داخل التكوين .
< ما الأسباب التي كانت وراء تأخر ظهور السينما الروائية في قطر برأيك؟
<< السبب الرئيس كان غياب الهمّ السينمائي عند مجموعة من الأسماء التي درست الإخراج السينمائي في مصر في فترة السبعينيات والتي ما إن عادت إلى قطر حتى اتجه قسم إلى التجارة، والبعض الآخر إلى السلك الدبلوماسي، لذلك فأنا أحمّل هذه الأسماء الرائدة مسؤولية غياب السينما القطرية لأن من درس كان يجب عليه أن يكافح من أجل إيجاد سينما في بلده، وهذا ما فعلتُه، فرغم أن العقبات كانت كبيرة إلا أن ذلك لم يمنعني من المضيّ في تحقيق هذا الحلم، علماً أن نص فيلم “عقارب الساعة” بقي في الأدراج مدة خمس سنوات وأنا أبحث عن مموّل له، ولم يُنتَج إلا بعد أن تبنته وزارة الثقافة بمناسبة اختيار الدوحة عاصمة للثقافة العربية .
< قيامك بكتابة السيناريو هل له علاقة بعدم وجود سيناريوهات سينمائية صالحة للإخراج؟
<< هناك ندرة كبيرة في توفّر سيناريوهات سينمائية، إلا أن كتابتي له كان سببها بحثي عن طرح مختلف في ظل وجود أفكار كثيرة إلا أنها مكررة، وهذا ما حاولتُ أن أبتعد عنه .
< كيف تعامل الممثلون في أول تجربة سينمائية قطرية؟
<< كانت التجربة بالنسبة لهم متعبة جداً لأنهم لم يعتادوا الوقوف أمام كاميرا السينما، خاصة وأن التمثيل في المسرح أو في التلفزيون مختلف عنه في السينما، لذلك لم يكن الأمر سهلاً على الإطلاق .
< هل يعود سبب اختيارك للفنانة الإماراتية ميساء مغربي إلى ندرة الوجوه النسائية القطرية؟
<< لدينا في قطر ممثلات قديرات إلا أن اختياري كان من منطلق الشخصية نفسها وما تتطلبه، وأشير إلى أنني بحثتُ كثيراً عمّن يؤدي الشخصية من سورية والأردن ووجدتُ أن الأنسب لها ميساء مغربي .
< وكيف كانت علاقتك مع الممثل على الصعيد المهني؟
<< أنا مؤمن كمخرج أنه طالما هناك سيناريو مكتوب يتضمن خطة العمل منذ البداية وحتى النهاية فليس مطلوباً من الممثل أن يأتي ليخترع أشياء جديدة، وأنا أرفض أسئلة كـ : “كيف ولماذا وأين؟” التي قد يطرحها الممثل أن الممثل مطلوب منه أن يحلل دوره والمشهد جيداً ليصل بنفسه إلى نتيجة مرضية وعليه أن يقدم اقتراحه في هذا المجال فإما أن أتقبّله في رؤيته للشخصية أو أرفضها إلى أن أصل معه إلى a الأفضل والأنسب لها، مع العلم أنني لستُ من المخرجين المستعجلين في عملهم، فأنا لا أقبل بأي اقتراح ولديّ الصبر الكافي لأن أنتظر كثيراً بهدف أن أختار في النهاية ما أراه الأنسب .
< رسمت الدراما التلفزيونية والسينمائية صورة نمطية للمخرج، فهل تنتمي إليها؟
<< للحقيقة أقول إن الدراما لم ترسخ هذه الصورة بل إن المخرج العربي عموماً هو فعلاً شخص عصبي ومتوتر، وأنا بعيد كل البعد عن هذا الوصف، وقد استغرب الممثلون من شخصيتي كمخرج لأنهم وجدوا أنني لا أشبه الصورة التي رسمها البعض للمخرجين .
< كيف كانت ردود أفعال الجمهور القطري على هذه التجربة الجديدة؟
<< لاقى الفيلم استحساناً كبيراً في قطر بعد عرضه عرضاً خاصاً، وللأمانة أقول إن كثيرين استغربوا ولم يصدقوا أنه فيلم قطري لسويته الفنية والتقنية عالية المستوى .
< هل هناك جمهور سينمائي حقيقي في قطر؟
<< بالتأكيد هناك جمهور واسع وعاشق للسينما ويرتادها، والدليل أن في قطر نحو 35 صالة عرض من أرقى دور العرض وأكثرها تطوراً، لذلك من السهولة للسينما الرقمية أن تجد طريقها إلى العرض وهي موجودة ضمن مجمّعات راقية جداً .
< كيف وجدتَ الكتابات النقدية حول الفيلم؟
<< المشكلة أننا في الوطن العربي نعاني الكثير على مستوى النقد لأنه غالباً نقد يجامل، والمجاملة في الفن لا تصلح بل تضر كل العاملين في العمل، وخاصة المخرج الذي يحتاج فعلاً إلى عيون أخرى تلتقط ثغراته وأخطائه ليستفيد منها في تجاربه القادمة.. وفي العموم وباعتبار أن “عقارب الساعة” كان الفيلم القطري الأول فإن الكتابات النقدية كانت مرحّبة ومشجعة .
< وعلــى أرض الواقع ماذا تعلمـتَ من هكذا تجربــة؟
<< الصبر والحكمة وطول النفَس .


حوار : أمينة عباس


http://www.albaath.news.sy/user/?id=988&a=88035