كيف يُستهلك الماء من قِبَل النبات؟
يحتار الكثير من أصحاب الحدائق، أو الراغبون في إنشاء البساتين وحقول الخضروات والمحاصيل، في احتياجاتهم من مياه الري، ولو توجهوا لدائرة الزراعة القريبة منهم، لحصلوا على بعض الإجابات، لكن تلك الإجابات لن تكون كافية لكي يحولها السائلون الى إجراء أو يضعونها في حساباتهم لتأمين المياه.
في هذه المساهمة، سنقدم بعض الأساسات النظرية (من باب التثقف بالشيء)، حتى يتمكن المواطن العادي من تكوين قاعدة يفسر بها نصائح المختصين.
أمثلة افتراضية لتسهيل مهمة الفهم:
الأرض أو التربة: لنفترض أن هناك تربة جرداء في بقعة لا نبات فيها، وسقط عليها مطرٌ 50 ملم، أي أن الهكتار الواحد قد أضيف له 500م3
من الماء، بمعدل 50لتر من الماء لكل متر مربع. ولو فرضنا أن الحديقة أو البستان مساحته 1000 متر مربع، فإن نصيبه سيكون 50 متراً مكعباً من الماء، ولو افترضنا أن المتر الواحد ثمنه دولاراً واحداً فإن هذه الكلفة ستكون 50 دولارا للحصول على مثل هذا القدر من الماء. ويبقى عندنا كم مرة سنشتري مثل تلك الكمية لإدامة حديقتنا والحصول على المنتوج؟
أين سيذهب الماء الساقط بالمطر في البقعة الجرداء، وهل سيكون فقدانه متساوياً في جميع الأراضي؟
قوام التربة:
التربة الرملية غير التربة الطينية غير التربة المزيجية، وغير التربة العضوية، فالطينية تحتفظ بالماء مدة أطول، والتربة المزيجية تحتفظ أكثر من الرملية والعضوية أكثر من الرملية وهكذا. وللتعرف على نوعية التربة في حديقتك (وإن ذكرنا ذلك سابقاً) فإنه ممكن تبليل جزء من التربة بالماء وفركه بين الأصبعين لتكوين خيط من الطين، فإن انقطع قبل طول 1سم فتربتك رملية وإن انقطع بين 2 و3 سم فتربتك عضوية أو مزيجية، وإن انقطع بعد 3سم فالتربة طينية.
ميلان الأرض: عندما يزيد مستوى ميلان الأرض عن 0.05% فإن الماء النازل عليها من المطر سيلقى طريقه في الجريان خارج سطح التربة.
نعومة السطح التربة ووجود الأنفاق: الترب الناعمة المحروثة جيداً لا تفقد من رطوبتها الكثير بواسطة التبخر، مثلما تفقده الترب الخشنة المحروثة بآلات الحفر العميق (المحراث القلاب الثلاثي والمحراث القرصي الثلاثي) فأفضل الآلات للحفاظ على رطوبة التربة هي تلك التي تلي المحاريث العميقة، مثل (الدسكهارو 36 قرص) أو (الروديفيتر: عازقة الأعشاب والترب الدوارة). كما أن الأنفاق التي تصنعها القوارض (فأر، جرذ) يتم سحب المياه من خلالها.
حرارة الطقس:
يلجأ الباحثون للقيام بالتجارب الموقعية في المناطق التي يعملون فيها، ويستخدمون لتجاربهم عدة طرق لقياس التبخر الذي يفقد المياه من الترب، ويضعوا في حساباتهم: الإشعاع الواصل للأرض (سعرة/سم2/ دقيقة) ومعامل انعكاس السطح (بدون وحدات)، والإشعاع الراجع بأمواج طويلة (سعرة/سم2/دقيقة)، والزيادة في الحرارة الكامنة للجو والهواء (سعرة/سم2/دقيقة)، والطاقة المتاحة للتبخر من السطح (سعرة/سم2/دقيقة).
كما يضع الباحثون في حسابهم سرعة الريح (طبعاً لما لها علاقة بكمية الرطوبة الفاقدة). ولهم طرق يعرفها المختصون في عملهم. فمثلاً لو كانت درجات الحرارة في مثل شهرنا هذا (تموز/يوليو) هي 44 درجة مئوية فإن الفاقد بالتبخر سيكون 153 ملم ( 15.3سم في تجربة الأحواض المفتوحة ـ خلال الشهر كله. وهكذا.
فرضية دلائل النبات
عندما يصل جهد الماء في النبات الى نقطة يقل بعدها النمو أو الإنتاج بشكل كبير فإن ذلك يعني وجوب الري. ويستعين المزارعون في حقولهم بنبات (عباد الشمس) حيث يكشف ذبول أوراقه احتياج البستان أو الحقل للري.
لا تتساوى النباتات في احتياجها للماء فالزيتون الذي تتسم أوراقه بملمسها الأملس والشمعي الذي يفقد بصعوبة رطوبته غير التين مثلاً الذي يفقد الماء عن طريق الثغور في سطح الورقة. كما أن الألوان الفاتحة للأزهار والأوراق وحتى السيقان تعكس موجات الحرارة التي تزيد من فقدان ماء النبات، بعكس النباتات ذات الألوان القاتمة.
ويستطيع المبتدئون التعرف على عطش النبات من خلال:
لون النبات: عند نقصان كمية الماء الواصلة للنبات فإن أوراقه تميل لتبديل ألوانها، نباتات (الفاصولياء والقطن والفول السوداني مثلاً) تميل للزرقة والأسود المخضر بازدياد الإجهاد المبذول لاستخلاص الماء.
حركة الورقة والنمو: عند تغيير ضغط الانتفاخ turgor pressure*1
في بعض الأوراق يحدث تغير في الشكل ومثال ذلك انتصاب أوراق نبات قصب السكر. وقد يتبدل حجم الأوراق مع ضغط الانتفاخ، وقد استغلت تلك الظواهر في تطوير نبات الأناناس وإنتاجه، كما استفاد منها المختصون بجدولة ري النخيل.
نلتقي إن شاء الله
هامش:
*1ـ الري: تصميم وممارسة/ستانلي فيبوند/ ترجمة: د.أحمد يوسف حاجم/ جامعة الموصل:1990 صفحة 138.