ماذا حدث: الابن الذي مات لمدة ساعة في "بحر غزة"


عمر عبدالرازق ومصطفى المنشاوي
بي بي سي لندن





هو بالتأكيد أكثر المشاهد تأثيرا في الفيلم الوثائقي "بحر غزة"،
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي الفيلم يقدم شهادات وصور خاصة من أسطول الحرية


ذلك الأب المكلوم الذي ينوح أمام مجموعة من الأكفان بينها كفن ابنه ... أو هكذا اعتقد،
بعد ساعة واحدة جاء أحد الركاب الآخرين على ظهر سفينة "مافي مرمرة" ليخبر الأب الذي يبلغ ثمانين عاما:
"هذا ليس مصطفى يا حاج"!
يؤكد الأب "هو مصطفى"، وكأنه يتماشى مع هذا الحزن العام الذي سيطر على السفينة بعد إطلاق الجنود الإسرائيليين الرصاص الحي أثناء محاصرتها لمنع الوصول إلى غزة.
لكن عندما يشرع الأب في الكشف عن الوجوه، يجد تسعة قتلى ليس بينهم ابنه.
نرى هذا الأب بكل ملامحه المعبرة عما حدث ثلاث مرات في الفيلم الوثائقي الذي تذيعه البي بي سي في السابعة والنصف مساء بتوقيت جرينتش يوم الثلاثاء القادم (أوقات الإعادة في نهاية المقال)
وفي كل مرة، يأتي ظهوره عما حدث على ظهر السفينة التي تحركت بالتوازي مع سبع سفن أخرى في مايو/آيار ضمن "أسطول الحرية" لكسر الحصار على غزة.
غناء بالعربية والتركية
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي أسامة أحد شهود العيان في الفيلم


المرة الأولى يظهر الأب في بداية الرحلة التي انطلقت من مدينة اسطنبول التركية، وكأنه في حفلة سمر كتلك التي اعتاد عليها بين أصدقائه، مع الفارق.
فالأصدقاء الجدد يزيد عددهم عن 600 شخص جاءوا من أنحاء متفرقة من العالم، "يضحكون ويطلقون نكات مختلفة، وينتمون إلى الإسلام والمسيحية واليهودية" كما يقول أسامة قشوع أحد الناشطين على السفينة.
بالفعل يظهر في الفيلم القسيس الذي يقرأ انجيله بجانب شابات يقيمن صلاتهن بعد سماع الآذان.
"الجو يشعرك بالهدوء والطمأنينة،" حسب الناشطة البريطانية سارة كولبورن، التي كانت تتحدث على خلفية نشيد عربي وغناء تركي في تناغم لم تشهده اللغتان منذ فترة الحكم العثماني قبل قرون.
هذا الهدوء لم يستمر طويلا، عندما رأى طاقم السفينة بعض النقط الصغيرة على الرادار.
اتضحت النقط مع اقتراب الزوارق البحرية من السفينة ومحاولة إنزال الجنود عليها من خلال الزوارق وكذلك من خلال طائرات الهيلكوبتر، وذلك على عكس ما أظهرته الكثير من وسائل الإعلام من قبل.
الفيلم يعرض الوضع داخل السفينة وخارجها أثناء ذلك، مع مشاهدات من كانوا عليها، ويجيب من خلال ذلك على بعض الأسئلة.
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي الفيلم يعرض لردود الفعل بعد الهجوم على "أسطول الحرية"


لماذا لم يستجب الناشطون لنداء الجنود الإسرائيليين بالتوجه إلى ميناء أشدود دون مقاومة كما حدث مع بقية سفن الأسطول السبع؟
من بدأ بالقتال؟ ولماذا استخدم الجنود الرصاص الحي؟
وما الذي يدفع كيفن أوكيف وهو جندي سابق في المارينز إلى أن يستل مسدس أحد الجنديين الإسرائيليين اللذين تم احتجازهما؟ وماذا كان ينوي عمله بعد ذلك؟
الفيلم لم يغفل سرد الرواية الإسرائيلية والتحقق منه. "الجنود أطلقوا النار إثر "استفزازهم" ومن كانوا على ظهر السفينة إرهابيون؟ هكذا تقول أفيتال ليبوفيتش المتحدثة باسم الجيش الإسرائيلي في الفيلم.
هل هذا صحيح؟
الفيلم يجيب.
شراء السفن
يقر الناشطون في حملة كسر الحصار على غزة أن أصعب المراحل هي توفير السفن اللازمة لكسر هذا الحصار.
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي فتحي هو المسؤول عن عملية شراء السفن


الأسعار مرتفعة، لتتراوح بين 150 ألف يورو لسفينة صغيرة حتى مليون يورو لسفينة في حجم "مافي مرمرة" التي كانت ضمن "أسطول الحرية" في مايو/آيار الماضي.
محاولات الناشطين تأجير السفن بدلا من شرائها بهذه المبالغ الباهضة باءت بالفعل، والسبب أيضا إسرائيل، حسب فتحي الجوادي.
يعمل الجوادي في "حركة غزة الحرة"، وهي أول جماعة نجحت في تسيير سفينة إلى غزة تحديدا للحصار المفروض على القطاع منذ وصول حركة حماس للحكم قبل عامين من ذلك.
فكيف تمكن من التغلب على كل تلك التحديات المعوقة لشراء السفن أو تسييرها؟
وماذا حدث عندما فشلت بعض المحاولات بعد أن "اعترض الجنود الإسرائيليون بعض السفن في عرض البحر بينما تعرض بعضها للقصف"؟
الفيلم يجيب.
المنتصر والمهزوم
وكعادة كل اشتباك يأتي السؤال: من المنتصر؟
أفيتال المتحدثة الإسرائيلية تقول إن إسرائيل حققت أهدافها.
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي هل كان الأمر يستحق ذلك؟ سؤال في الفيلم


والناشطون يقولون إنهم حققوا أهدافهم رغم خسارة مادية تزيد عن 10 مليون يورو.
"نجهز أسطول الحرية الثاني رغم ذلك" حسب عرفات ماضي رئيس الحملة الأوروبية لكسر الحصار على غزة وهي إحدي الجهات المنظمة.
لكن لو صدق هذا الرجل الذي تظهر الكاميرا عينين واثقتين من القدرة على تحقيق ذلك، فما هو السيناريو القادم؟
"ربما نفس السيناريو،" حسب عامي إيالون وهو قائد البحرية الإسرائيلية في التسعينات الذي وصف قرار اقتحام السفينة من قبل الجنود الإسرائيليين بالخاطىء.
لكن هل يستحق الأمر كل هذه الخسائر المادية والبشرية مع فقدان تسعة أشخاص أحدهم يبلغ تسعة عشر عاما؟
يعترف كينث أوكيف بصعوبة الأمر خاصة مع مسئوليته "تجاه زوجتي الجميلة وابني الوسيم،" فماذا قرر في النهاية؟
وماذا عن رأي بقية الناشطين ومنهم سارة الباكية التي وصفت ما حدث بأنه "فيلم رعب"؟
الفيلم يجيب
المصدر
http://www.bbc.co.uk/arabic/worldnew...tilladoc.shtml