الأستاذة الغالية رغد قصاب المحترمة
تحيتك وترحيبك زادني ألقاً وشرفاً، بتواجدنا معاً وبتبادلنا للأفكار والآراء والمقترحات يكون حينها لقاؤنا ممتعاً ومفيداً وخادماً للأمة.
صديقتي العزيزة : ماتفضلت بطرحه، مهم للغاية، بل ويعتبر مشكلة بحثية حقيقة لها أهمية وضرورة ملحة،وآمل أن يسمح لي الوقت بالبحث فيها ودعمها بالشواهد، لتصبح الصورة أكثر وضوحاً، ويكون رأيي صائباً تماماً.
لكن الآن يمكنني القول من خلال متابعاتي وعملي في بعض المواقع وقراءاتي الدائمة لما تكتبه المرأة في النت، إنني أوافقك إلى حد ما في رأيك.
لاشك أن هناك قلم نسائي مميز وأثبت حضوره في النت، لكن الغلبة لم تكن له، مقارنة بقلم الرجل مثلاً، أو بالمقارنة مع نسبة النساء الكاتبات في النت.
أولاً: إذا وضعنا المشكلة أمامنا وهي المنتوج الثقافي والأدبي والعلمي للمرأة في النت، مع أخذنا بعين الاعتبار كثافة الحضور النسائي .
ونظرنا إلى المحتوى والشكل، سنلاحظ الآتي (ملاحظتي الشخصية)
1- غلبة النتاج الأدبي (شعر -قصة بأنواعها - خواطر-وبوح إن شئت أن تسميه).
ومن هذا النتاج الأدبي هناك الرديء والمترهل وهناك الجيد والحسن، وبالمقارنة من حيث الشكل نجد الرديء يغلب على الحسن سواء في الشعر أو القصة
فغالباً تكون هناك فكرة لدى الكاتبة لكنها لا تحسن صياغتها ووضعها في القالب المناسب لعدة أسباب منها:
1-عدم إلمامها بشكل جيد بتقنيات القالب الذي اختارته، بمعنى قد لا تكون على دراية ودراسة لبحور الشعر ولا تميز البحر الطويل من القصير ولا الوافر من البسيط، فتأتينا بقصيدة من المريخ لا علاقة لها بالشعر.
أو تلجأ إلى القصة دون علم مسبق أن للقصة تقنيات وأصول فتبدأ بسرد حكاية لتصلنا في النهاية على أنها مجرد حشو وكلام مرصوص رصاً لا يمت إلى الفن القصصي بصلة.
2-أو لا تكون على معرفة جيدة بتقنيات اللغة ولا بمفرداتها فتضيع فكرتها بمفردات ساذجة
ومع ذلك تقدم لنا عملاً وتقول قصيدة أو قصة.
والخطأ هنا يقع على المشجعين ومن يمتدحون عملها فيزيدون في غييها وتخبطها.
ويحثونها بشكل مباشر أو غير مباشر على الاسترسال وطرح المزيد من هذا العبث.
3-المشكلة هنا أن هذا النوع من الكاتبات يعتمدن على تجاربهن الشخصية وعلى حالاتهن الانفعالية سواء في لحظات الحزن أو الكآبة أو الأسى أو الحب أو الكره أو الغضب ، وينفسن عن هذه الحالات بتلك الانتاجات فتأتينا كما تفضلت على شكل بوح، بعيداً عن الرقي الأدبي وبعيداً عن الحس الأدبي أو العمل الأدبي المتكامل.
--(أنا هنا لا أعارض الاعتماد على التجارب الشخصية في الأدب وإنما اعتراضي على كيفية الاستفادة من التجربة الشخصية بشكل أدبي راقي وممتع )--.
أو يكنّ من السيدات المتفرغات واللواتي لا عمل لهن ولديهن المتسع من الوقت لقضائه على النت فتدب فيهن الغيرة من كثرة ما يقرأن لمثيلاتهن فيقلن بينهن وبين أنفسهن ( والله أنا أكتب أفضل من ذلك ) ويبدأن بطرح بوحهن وتأوهاتهن لنا وبعضهن ليس لديهن مشروع حقيقي ولا هدف محدد وإنما مجرد إثبات الحضور والتواجد والتواصل.
لذلك تكون إنتاجاتهن كثيرة ومنتشرة في كل أرجاء النت، كثرة الانتاج الرديء لا يفسح مجالاً لمتابعة الإنتاج الجيد وربما لا يترك له مكاناً، لأن الانتاج الجيد يحتاج لوقت وجهد كبيرين وبالتالي حتماً ستكون نسبة انتشاره أقل.
وهذا لا يعني انتفاء النتاج الجيد للمرأة أبداً ، هناك أقلاماً نسائية رائدة في النت على قلتها ، تقدم الأدب بأنواعه والدراسة العلمية والمقالة الريادية لكن النسب قليلة مقارنة بالفئة الأولى التي ذكرتها.
هناك سيدات لهن مشروع أدبي ومشروع حضاري ومشروع دعوي ومشروع إرشادي هناك الكثيرات حقاً، لكنهن بحاجة لأن ينشطن أكثر من ذلك وبحاجة لأن يعملن لمكافحة النوع الأول من خلال نشر إنتاجاتهن بكثافة أيضاً وعدم ترك الساحة للفئة العابثة التي تسيء للأدب وللنت وتؤخره وتؤخرنا تماماً.
الحل هنا صعب بصراحة، لأن النت ليس ملكاً لأحد هو ملك الجميع وكل فرد قادر على تأسيس موقع خاص به في حال رفض من كل المواقع مثلاً،
لكن يمكننا اتباع الخطوات التالية التي ربما تأتي بنتيجة لو تم تطبيقها فعلاً:
1-تشكيل لجان في كل موقع لدراسة صلاحية أي مادة منشورة ورفضها في حال التأكد من عدم صلاحيتها فنياً على الأقل.
2- الابتعاد عن المجاملات بين الأعضاء وقول كلمة الحق والصدق بشفافية وبشجاعة، لأن قول كلمة الحق هنا تفيد الكاتبة أكثر مما تضرها.
3- هذا البند خاص للزملاء الكتاب من الرجال، عدم المبالغة في امتداح نصوص أدبية لا ترقى إلى مستوى الأدب، وتحدثت مرة مع أحد الزملاء الكتاب في النت وسألته لماذا تمتدح عملاً هزيلاً كهذا العمل ، عليك نصح الكاتبة بالقراءة قبل الكتابة ، حينها أجابني ، هذا نوع من التشجيع لتستمر فهي مظلومة في بيئتها.
هذا ليس حلاً ، التشجيع يكون من خلال التقويم والتصويب وليس من باب الخداع.
أنا أعتبر هذا المديح خداعاً يقوم به الكاتب وجناية بحق الكاتبة التي تعتقد نفسها أنها تفوقت على كل الكاتبات لدرجة أنها تطلق على نفسها وبكل جرأة كاتبة أو من كبار الكتاب .
بالرغم من كل ذلك أنا متفائلة جداً بالقلم النسائي على النت وأوجه تحية خاصة لكل الكاتبات الجديات والرصينات واللواتي قدمن أدباً وفكراً وعلماً بعد جهود مضنية في القراءة والبحث والتحليل.
ولا بد أن يحق الحق أخيراً ويذهب الرديء ويبقى الجيد حتماً وهذا مرهون بالكاتبات المتميزات .
آمل ألا اكون قد أثقلت
تحيتي ومحبتي الكبيرة لك الأستاذة القديرة رغد قصاب المحترمة