نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

حركات لم نألفها!



أحست بحركات غير طبيعية في هذا المكان الهادئ والجميل, غدت تلك الحركات والخربشات تتكرر ,بإيقاع غريب ورتيب جدا,.... كانت قريبة و وخفية! يقترب الصوت ببطء بشكل يثير الحفيظة !وكأنه بات في أذنيها! أهي في وهم وهلوسة؟ورغم ما تملكه من شجاعة أثارت الأصوات الغريبة ريبتها… كأنها كانت تزداد علوا وقربا!
بات من الضروري إنهاء مهمتها الروتينية الآن و بسرعة لكي تبدأ من جديد تباشير المهمة التالية.
كأن أحدا يدق مسمارا في الجدار!!! , أو ربما يدق ثوما!في هذا العصر القائظ , ثوم كثير للمئونة !! يا للعجب!كان رتيبا بشكل مزعج للغاية , يجعلك نزقا رغما عنك, وكأنك في سجن انفرادي مقيت, يقطع عليك هدوءك وسكينتك التي تريد أن تعم في هذا المكان …في عصر يوم مختلف كل الاختلاف بالنسبة لها على الأقل, إنه يوم غريب جدا, بات يتحرك صوبها !! .
كأنه وحش متخفي بمائة ردا ء ورداء, يقترب... ويقترب .وكأنه كائن غريب يريد شيئا ما بعناد, مازالت ترتب المكان متوجسة وناظرة بحذر تجاه المصدر,بدأت تسرع كي تنهي ما لديها من أعمال بعد أن ترك تلاميذ الفوج الأول حاجاتهم وبقايا أغراضهم المتنوعة والتي كانت كل مرة تحفظها على أمل أن لتردها لهم حين عودتهم
…, و الغريب في الأمر, أنها أنهكت تماما وهي تعلمهم أصول ترك مجالس العلم بروية وهدوء ونظام, لكن الفوضى تسري كالهشيم في تلك النفوس الطفولية والذنب ليس ذنبها, فهي تعشق الترتيب لكن الظروف تخالفها دوما…, هدأ الصوت فجأة, فتنفست الصعداء وعادت لهدوئها ترتب من جديد وتنظف قدر ما تستطيع, حينذاك تذكرت مقولة والدها التي تثير ضحكها دائما:
-مائة زبال لن يستطيعوا جمع مخلفات فوضوي واحد!
نطمع بجهد كل عنصر نشيط ولا نقوم بأدنى تعاون لمؤازرته بل نقول بسخرية:
- متطوع يبحث عن ثواب!!!
استغربت ما دار في ذهنها وكان أحدا ما يهمس لها! ما هذه الفكرة الهوجاء؟؟هل هناك من يرفض الإصلاح؟ ؟هي تتوهم مؤكد.
دق الباب :
فظهر مشرف المسجد متلفتا بأرجاء المكان!
-هل انتهيتم؟
لم تفصح عن وحدتها وقالت:
-نعم وننتظر الفوج الجديد
-حسنا دعوا هذا المتاع لديكم...
ما إن أغلق الباب حتى عاد الصوت قويا مدويا مزعجا وعنيدا..
كيف نسيت أن تسأله عن هذا الأمر الغريب؟ أم أن عجلته ألجمتها؟
فتحت كل الجوار ير بحركة جنونية , وكأن صبرها العنيد ضاع وذرته رياح المشاغبة...وبدأت تتوجس خيفة من إصرار الصوت على إزعاجها.
تمنت أن لا يأتي احد هذا اليوم!
ليس هذا هو جو السكينة والهدوء الذي يصلح للدراسة , هل هم الجيران الذين يجهلون عناءهم والعبء الذي يحملونه! وكأن الأمر بات مقصودا.
بدأ الماء يتسرب من بين النوافذ والأبواب....فتحت الباب لتنادي على من يسمع, فربما كان أحد ما قريبا من هنا..
عادت لتجد نفسها محاصرة تماما..
صرخت بأعلى صوتها , لكن أحدا لم يسمعها ...

أم فراس 29/5/2010