أخي المسلم ألا تسمع همستي؟ إنها جدّ نافعة لك في أمر دينك ودنياك.هي كلمة.لا أخالها ثقيلة عليك.بل هي خفيفة سهلة الامتثال على من ملك زمام نفسه وأحسن قيادتها وكانت له عبداً
طائعاً,أما هو فلله عبد مخبت.ببساطة:
لا تقرب مستنقع الحسد لأن اقترابك منه سقوط فيه وتلوث بأقذاره,وهل ترضى أن تكون كذلك؟لا أظن بك إلاّ خيراً.مؤكّد أنك تأبى ذلك وتترفّع عنه لا لشيء إلاّ لأنك مؤمن حرّ,تأبى عليه حريته أن يكون عبد نفسه,فقد وقر في كيانه أنّه عبد الله.لشدّة غيرتي على دينك وخلقك,أدعوك إلى اجتناب الحسد,فهو شرّ وأيّ شرّ! والحاسد شرّير حاقد,أما أنت فخيرك يعم الجميع.وقلبك نابض بالحب لكل الناس.لا يهبط المؤمن بنفسه إلى هذه الدناءات,وأنت مؤمن تنأى بنفسك عن أن يستعاذ بالله منك.(قل أعوذ برب الفلق.من شرّ ما خلق.ومن غاسق إذا وقب.ومن شرّ النّفّاثات في العقد.ومن شرّ حاسد إذا حسد.)فالّذي يستعاذ بالله منه إنّما هو الشيطان,لا أنت يا أخي
الحبيب المصطفى سيّدنا محمد صلى الله عليه وسلم يقول:" لا تحاسدوا.."
فلنمض أنا وأنت على هدي الحبيب فهو أكمل الهدي وأتمّه وأجمله.
لا تكن حاسداً.فما رأيت أغبى من ذاك الّذي اتّخذ من الحسد منهج حياة.وبئس المنهج هذا.إن الحاسد محروم من أجل النعم !نعمة الحب حاقد على كل من آتاه الهذ من خيراً ,
من علم أو دين أو مال أو زوجة صالحة ومسكن فسيح وأبناء بررة . أو جاه ومنصب
فهو إذاً أسير حقده على إخوانه المؤمنين .والحسد ظلم وأي ظلم ! إنه ظلم للنفس يوردها موارد الهلاك. ومن أقبح ظلم الحاسد لنفسه ولغيره ,بل المفضي به إلى الفساد والإفساد الحرمان من نعمة عظمى, ألا وهي نعمة الإيمان.فاليهود والنصارى أفضى بهم الحسد إلى الكفر بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وإنكار نبوته ورسالته الخاتمة للرسالات ( ودّ كثير من أهل الكتاب لو يردّونكم من بعد إيمانكم كفّاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبيّن لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره ..) إنّه حمق ,وأي حمق هذا!بل أي غباء هذا الّذي اعترى الحاسد؟ الحاسد شديد الأنانية همّه نفسه ,ما إن يرى غيره قد أوتي نعمة من النعم كأن حاز شهادة علمية حتى تراه يكاد يتقطع قلبه غيظاً ويبذل ما في وسعه للإيقاع بأخيه ذلك سلوكه المتدنّي الّذي يعامل به من حوله تزوّج أو وجد عملاّ يكسب منه رزقه أو غير ذلك.الحاسد يعيش في دوامة عذابه لا يبرحها.وحسده لغيره شهادة لذاك بتفوّقه.لا تكن حاسداً.بل عامل الحاسد بالإحسان,إن فعلت ذلك أشعرته بهوانه
وتفاهة سلوكه . لا تكن من الحسّاد وابتعد عن مخالطتهم إلاّ إذا كنت داعية أو مربياً
هدفك إخراجهم من تلك الموبقة المهلكة .واعلم أن الحاسد يدمّر نفسه قبل أن يدمّر
الآخرين . علينا أن ننظر إلى الحاسد النظرة التي يستحق.ترى أهي نظرة ازدراء ودونية
أم نظرة رحمة وتلطّف؟الأكثرون ينظرون له نظرة ازدراء ودونية ,وهم في نظرتهم محقّون.
ولكنّ نظرة المؤمن الكامل إنما هي نظرة رحمة وعطف تجعله يرعاه بتعاهده برفق ناصحاً مذكراً.همّه إخراجه من مستنقع الحسد الآسن كما يساهم الغوّاص الماهر بإنقاذ الغريق
الّذي يكاد يبتلعه البحر.ذلك هو هدفنا من هذا الطرح الجاد لهذه الآفة الخطيرة التي تعاني منها الأمة والتي لا يكاد يخلو منها بيت أو متجر أو مؤسسة أو حتى علاقة بين ما
تربط بين الناس.إنا بحاجة ملحّة للنهوض المنظّم لاجتثاث هذه الظاهرة المرضيّة من المجتمع ,أو على الأقل تضييق دائرتها لمحاصرتها في أضيق مساحة ممكنة .ذلك جهد مبرور يعود أثره على الجماعة المؤمنة بوافر الخير ديناً ودنيا وأخرى .