من معاني الخسارة في كتاب الله الغبن والعقوبة والهلاك والنقص ،وروي عن ابن عباس في معنى الخسران قوله: كل شيء نسبه الله إلى غير أهل الإسلام من اسم مثل خاسر فإنما يعني به الكفر وما نسبه إلى أهل الإسلام فإنما يعني به الذنب. فالخسارة النقص قال تعالى: { أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين } [ الشعراء :181] ، والخاسرون الناقصون أنفسهم حظوظهم بمعصيتهم الله من رحمته كما يخسر الرجل في تجارته بأن يوضع من رأس ماله في بيعه،وكذلك المنافق والكافر خسر بحرمان الله إياه رحمته التي خلقها لعباده يوم القيامة حيث يكون أحوج إلى رحمته.

ومن الخاسرين المومنون بالباطل الكافرون بالله ، قال تعالى:{ والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون } [ العنكبوت :52] العنكبوت،والشرك خسارة عظيمة ومحبط للأعمال،قال تعالى: { ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين } [ الزمر :65 ]
وعموم الضلال خسارة،قال تعالى: { من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون } [ الأعراف :178] ،ومن خسارة الآخرة رجحان كفة السيئات،قال عز وجل: { ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون } [ الأعراف : 9 ] ،والمحروم من المغفرة والرحمة خاسر { قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين } [ الأعراف : 23 ] .

وكذا من كان مصيرهم عذاب جهنم والحرمان من لقاء أهليهم،قال تعالى: { فاعبدوا ما شئتم من دونه قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين } [ الزمر : 15 ] .

والرافضون للإسلام هم الخاسرون { ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين } [ البقرة :85 ]،وقال تعالى: { ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين } [ المائدة : 5 ] ،قال القرطبي:قيل: لما قال تعالى: { والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب } قال نساء أهل الكتاب: لولا أن الله تعالى رضي ديننا لم يبح لكم نكاحنا; فنزلت { ومن يكفر بالإيمان } أي بما أنزل على محمد.

فالكفر بكتاب الله والكفر بيوم البعث والكفر بالأنبياء أو بأحدهم وكل ما جاء به محمد هو عين الخسارة. قال تعالى: { قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا * الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا * أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا * ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزوا } [ الكهف 103-106 ]

ومنهم أيضا ،الناقضون لميثاق ربهم القاطعون للرحم المفسدون في الأرض.قال سبحانه: { الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون } [ البقرة : 27 ].

ومن الخسارة،طاعة الكفار فيما فيه معصية أو هو مخرج من الملة،قال تعالى: { ياأيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين } [ آل عمران : 149 ].

ومن ذلك اتخاذ الشيطان وليا وطاعته في تغيير خلق الله وفي مختلف سبل الضلال { ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا } [ النساء :119 ] .

ومنهم المنفقون أموالهم للصد عن سبيل الله { إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون * ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون } [ الأنفال : 36-37 ] .

ومن الخسارة الخوض في الباطل والطعن في النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من ثوابت الإسلام ومبادئه،قال تعالى: { فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالذي خاضوا أولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون } [ التوبة : 69 ].

ومن الخسارة ،الردة وإيثار الدنيا على الآخرة ،قال تعالى بعد استعراض حال هؤلاء { لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون } [ النحل : 109 ] .

ومنهم الرابطون تدينهم بمصالحهم الدنيوية إن أقبلت عليهم الدنيا حال تدينهم استمروا فيه وإن أدبرت ارتدوا،قال تعالى: { ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين } [ الحج : 11 ].

والخاسرون أيضا هم المسيئون الظن بربهم ، قال تعالى: { وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين } [ فصلت : 23 ] .

ومن الخسارة الانخداع بتزيين الشيطان ،قال تعالى: { وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم وحق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين } [ فصلت : 25 ] ،والظالمون قوم خاسرون، قال تعالى: { وقال الذين آمنوا إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا إن الظالمين في عذاب مقيم } [ الشورى : 45 ].

ومنهم أيضا أولئك الذين استولى عليهم الشيطان وأنساهم ذكر الله،قال تعالى: { استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون } [ المجادلة : 19 ] .

والعصيان طريق الخسارة ، { قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني منه رحمة فمن ينصرني من الله إن عصيته فما تزيدونني غير تخسير } [ هود : 63 ] ،وقال سبحانه مبينا مصير أهل القرى من العصاة لأمر الله ورسله: { وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا* فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا } [ الطلاق : 8-9 ] .

ومن الخسارة ،قتل النفس بغير حق،قال تعالى: { فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين } [ المائدة : 30 ] .
ومنها ،قتل الأولاد وتحريم ما أحل الله،قال سبحانه: { قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين } [ الأنعام :140 ].

ومن الخسارة،أمن الماكرين من عقاب الله وعذابه واستدراجهم بالنعم والصحة { أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون } [ الأعراف : 99 ] ؛ أي بأسه ونقمته وقدرته عليهم وأخذه إياهم في حال سهوهم وغفلتهم ،قال الحسن البصري رحمه الله:المؤمن يعمل بالطاعات وهو مشفق وجل خائف والفاجر يعمل بالمعاصي وهو آمن.

والخاسرون من تشغلهم الأموال والأولاد عن ذكر الله وخصوصا الصلوات الخمس، قال تعالى : { ياأيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون } [ المنافقون :9 ] المنافقون،قال الضحاك عن ذكر الله عن الصلوات الخمس.

وقد جمعت هذه المعاني جميعا سورة العصر العظيمة والتي جعلت مصير الناس جميعا إلى خسارة وهلاك إلا من سلك سبيل التوحيد والإيمان والطاعة والعمل الصالح والتناصح في الخير والحق والصبر على الأوامر حتى يؤتى بها وعن النواهي حتى تجتنب وعن الابتلاء حتى يجتاز بنجاح،قال تعالى: { والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر } ذكر الطبرانى عن عبيد الله بن حصن قال: كان الرجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقيا لم يفترقا إلا على أن يقرأ أحدهما على الآخر سورة العصر إلى آخرها ثم يسلم أحدهما على الآخر: وقال الشافعي رحمه الله: لو تدبر الناس هذه السورة لوسعتهم. وأقول ذلك بأنها دستور النجاة من خسارة الدنيا والآخرة.



منقول


من موقع اسلاميات