زنزانتي


شعر: ا.د. محمد اسحق الريفي


يا ربِّ بين جوانحي يَسري=وجعٌ يذيبُ القلبَ من أسري
زنزانتي لكأنّها قَدَري=حُرّاسُها جثموا على صدري
طاقاتُها للشؤمِ باعثةٌ=منها تهبُّ روائحُ الشرِّ
ولِبابِها قفلٌ مفاتحُه=بيدٍ عليها وصمةُ الغدرِ
وظلامُها شبَحٌ يزاحُمنا=ضيقاً يضيقُ بحفرةِ القبرِ
سجّانُها مَسْخٌ يساومُني=حرّيّتي ليحطَّ من قدْري
يجتث لحظةَ فرحةٍ رَسمتْ=أملاً على شفتي بتحريرِ
يغتال أشواقي وعاطفتي=لتجفّ حزناً زهرةُ العمْرِ
بسلاسلٍ جسدي يكبّلُه=لينالَ من عزمي على الثأرِ
ويجرّني قسراً يعذّبني=ليلاً وعند الصبح والظهرِ
ليلُ السجونِ عذابُه شبَحٌ=قاسٍ يؤرّقني مدى الدهرِ
ليلٌ عنيدٌ لا يفارقني=فيه الثواني تمر كالشهرِ
للمسجد الأشواق تحرقني=فمتى أعود له من الهجرِ
أجترّ ذكرى قد سعدتُ بها=دهراً مضى لتشدّ من أزري
يا ربِّ بدّدْ وحشتي وأزلْ=عنّي عذاباً قاصمَ الظَهرِ
لن أستكينَ لقيدِ شرذمةٍ=ومعي بصدري سورةُ العصرِ
وملاذُ قلبي عند محنتِه=ترتيلُ آياتٍ من الذكرِ
وقيام ليلٍ ظلّ يؤنسني=ويقي فؤادي من لظى القهرِ
وعزاءُ روحي وعدُ خالِقنا=باليسر والتمكين والنصرِ
روحي تحلّق في سماء غدٍ=حتماً لنا يأتي مع الفجرِ
هذي ربوع بلادنا مُلئت=ساحاتُها بسنابلٍ خُضْرِ
ودم الشهيدِ روى ثرى وطني=عطراً بلونِ الوردِ والزهرِ
والأرضُ ثارت بالدمَ اخْتَضبت=وتزيّنت بمآذن الطهرِ
وشقائقُ النعمان مُونِعةٌ=وضجيجُها قد زاد من بِشْري
يا قلب صبراً فالسجون لنا=عُرُنٌ لآسادٍ على الثغرِ
ما زلتُ حرّاً رغم قيدِ يدي=ما دام في قلبي دمٌ يجري
أسراؤنا أمراؤنا أبداً=هاماتهم في الليل كالبدرِ

8/4/2010