ورقة تحلق فى السماء - - تتلاعب بها الرياح - - تلقى بها فى الساحة الملحقة بمكان الايواء الذى يضمنى انا وزملائى فى العمل - - فى جبال احدى الدول حيث اعمل فى التعدين - - الحياة هنا قاسية والرياح عاتية - - تسمع لها اصوات غريبة كأنها تستغيث - - احيانأً اشعر وكأن احد ما يجلدها بالسياط - - امسكت بالورقة اتفحصها - - لا اعرف لماذا - - ربما لكسر حدة الملل التى اعانى منها - - فاليوم انهينا العمل مبكرا - - ونحن فى منطقة معزولة - - لاراديو ولا تلفاز - - الورقة بها صورة طفل حزين - - اشفقت عليه - - امسكت القلم ورسمت على وجهه ابتسامة - - اطلقت الورقة فى الهواء لتنعم بحريتها - - فلا داعى لبقائها فى هذا السجن الفسيح - - تقاذفتها الرياح والقت بها امامى مرة اخرى - - نظرت اليها - - نفس الوجه الحزين - - لكن اين الابتسامة التى رسمتها - - من الذى محاها - - رسمت ابتسامة اخرى بخطوط عريضة وعميقة حتى لا تمحوها الرياح - - اطعمتها مرة اخرى للرياح - - لاكتها ولفظتها امامى مرة اخرى - - الصورة هذه المرة اشد عبوساً - - تملكنى الغضب - - قررت تمزيق تلك الصوره - - لكن يداى لم تطاوعنى - - شيئأ ما جعلنى اقرر ان ارسم ابتسامة للمرة الاخيرة - - امسكت بالقلم - - صاح القلم فى وجهى قائلا – لاتستخدمنى لرسم ابتسامة زائفة - - الابتسامة الزائفة لن تفيد – ابحث عن الجوهر - - امعنت النظر فى الصورة - - بدأت ملامحها تتغير - - اصبح الوجه مألوفاً - - انا اعرفه – ذلك الوجه الابيض والشعر المائل للاصفرار وتلك الانف الصغيرة المفلطحة والعينان اللذان يعلنان عن براءة الطفولة بتبجح – انه وجه ابنى الصغير - - طالت فترة غيابى هذه المرة بحثا عن لقمة العيش فى بلاد اخرى غير بلدى - - تحرك فى قلبى الشوق والحنين الى صغيرى - - حملتنى الطائرة الى ديارى - - استقبلنى ابنى بفرحة غامرة وبادرنى بسؤالى - - هل وصلتك رسائلى ؟ تعجبت من سؤاله - - مازال الطفل صغير على كتابة الرسائل - -قالت لى الزوجة انه كان يخط بعض الخطوط على ورقة ويلقى بها من الشرفة ويقول لها ( روحى لبابا وخلية ييجى بسرعة ) اقشعر بدنى - - قصصت ما حدث لزوجتى - - اخرجت الصورة من جيبى فأذا بالصورة تبتسم