زِئبَق !!


..





وَ لَقَدْ رَضِيتُ بِأَنْ أَكُونَ مُحَرَّقا=وَ بِأَنْ تَكُونِي فَوقَ عُمرِي زِئبَقا
لَو كُنتِ تَكتَرِثِينَ ما أَهمَلتِنِي=وَ لَما تَعَمَّدتِ القَساوَةَ مُطلَقا
وَ لَما رَضِيتِ بِأَنْ أَعِيشَ بِغُربَتِي=قَلبًا ضَعِيفًا هائِمًا وَ مُمَزَّقا
لا زِلتُ أَذكُرُ مِنْ يَدَيكِ عُطُورَها=وَ مِنَ الشِّفاهِ الحالِماتِ البُندُقا
وَ مِنَ النُّهُودِ الدَّالِياتِ نَبِيذَها=وَ مِنَ الخُدُودِ اليانِعاتِ الزَّنبَقا
وَ أَظَلُّ أَجتَرُّ الأَحادِيثَ التِي=كَمْ قَدْ تَجاذَبنا هَواها مُسبَقا
وَ أَدُورُ مَعْ أَطيافِ وَجهِكِ كُلَّما=دارَتْ , وَ أَرقَى لِلخَيالِ إِذا ارتَقَى
وَ أُعَلِّبُ الأَحزانَ فِي عُلَبِ الجَوَى=وَ أُغَلِّفُ الآهاتِ - لَيلًا - بِالرُّقَى
وَ أَطُوفُ فِي ظِلِّ المُنَى مُستَسقِيًا=حُبًّا إِذا ما قَلبُكِ الغِرُّ استَقَى
أَينِي ؟ وَ كَيفِي ؟ قَدْ أَضَعتُ مَلامِحِي=مُذْ غِبتِ , حَتَّى ما أَلِفتُ المَنطِقا
الوَجدُ أَوقَدَ فِي ضَمِيرِي نارَهُ=وَ الحَظُّ - بَينِي وَ الحَبِيبَةِ - فَرَّقا
وَ الشَّوقُ يُردِينِي إِذا ما عادَنِي=وَ الدَّهرُ يَفتَعِلُ الوُجُومَ إِذا انتَقَى
وَ أَنا فَتَىً ؛ بَينِي وَ بَينِي خافِقٌ=يَذوِي إِذا - مَعْ بَينِ بَينَيِّ - التَقَى
وَ أَرَى هُنا وَحشَ الكآبَةِ مُطبِقًا=فَكَّيهِ حَولِي , وَ العَذابَ مُحَدِّقا
وَ اللَّيلَ مُفتَرِسًا تَعِلَّةَ مُهجَتِي=وَ دِماءَ شِريانِي - هَوانِي - مُهرِقا
إِمَّا نَظَرتِ إِلَيَّ تَلقِي عاجِزًا=مُحدَودِبًا تَحتَ الصُّرُوفِ مُشَقَّقا
وَ حَبائِلًا لِلشَّنقِ يَفتِلُها النَّوَى=مُذْ بِتُّ فِي وَهمِ الخَيالِ مُعَلَّقا
يا زِئبَقَ الأَحلامِ ؛ يا خَيطَ الدُّخا=نِ ؛ وَ يا أَراجِيحَ الشَّقاوَةِ وَ الشَّقا
أَنا فِيكِ مُنسَحِقٌ ! وَ لَستُ مُمانِعًا=فامشِي إِلَيَّ , وَ لا تَبِيعِينِي التُّقَى