رسالة إلى الله
إبراهيم اليوسف موظف في مصلحة البريد، يعمل كل يوم بانتظام، وبمثابرة. يسعى يوميًا للقيام بواجبه خير قيام، ويحرص لئلا تتأخر الرسائل التي يوزعها على المواطنين. وكانت مهمته تصنيف الرسائل التي يتم إرسالها إلى عناوين مجهولة أو مغلوطة، لكي ينظر في أمرها.
وفي أحد الأيام تلقى إبراهيم رسالة وعليها عنوان كتب بيد مرتجفة ولم يدر ما يفعل بها، فقد كان العنوان: "إلى الله في السماء". تفحص إبراهيم العنوان مرة أخرى ونظر طويلاً إلى هذه الرسالة الغريبة الموجهة إلى الله، فمن عساه يبعثها، وماذا تحتوي؟ كيف سيوصلها إلى صاحبها وما هو عنوانه؟
تردد إبراهيم كثيرًا قبل أن يفتح الرسالة ليطلع على محتواها، وجاء فيها:
"حبيبي يا ربي مرحبا،
إسمي نعيمي عبد الله، عمري 81 سنة، وساكنة في شارع الجبل. كنت إمبارح وائفة على محطة الباس، وفجأة أجا واحد حرامي وسرأ جزداني. كان في الجزدان 200 شيكل لا غير. وسدئني هاي كل المساري اللي معي. بأدر أحلف بإسمك أنو هادا المبلغ الوحيد اللي معي أبل ما أأبود التأمين بآخر الشهر. وأنت بتعرف إنها الأعياد جاي كمان شوي، وأنا عايشي على التأمين. وكنت عم بحدر حالي للعيد، يمكن أشتري أواعي أو أكل. بس هدا الحرامي أخد مني كل إشي معي. وبما أنو أبوي عبد الله، أنا بتوجهلك بهاي الرسالة يمكن تساعد بنتك نعيمي اللي أبوها عبدك. ما عندي حدا يساعدني، لا ولاد ولا أرايب ولا حدا غيرك أنت يا ربي. إعمل هالمعرف معي وساعدني لأني بحبك.
بنتك نعيمة".
نظر إبراهيم إلى الرسالة وقد اغرورقت عيناه بالدموع، وأخذ يفكر بكيفية مساعدة هذه العجوز الطيبة. فقرر إطلاع جميع زملائه في العمل على فحواها، وما كان منه إلا أن فتح محفظته وأخرج منها بعض النقود التي كانت متوفرة لديه، وجمع من زملائه مبلغًا من المال كان مجموعه 196 شيكل. وأدخله إلى مغلف وبعثه إلى عنوان العجوز. وهكذا حل العيد ومضى، وبعد عدة أيام وصلت رسالة ثانية من العجوز إلى الله، فقرر إبراهيم فتحها فورًا وجمع رفاقه وقرأها على مسامعهم:
"حبيبي يا ربي
مرحبا مرة تانية.
كيف بأدر أشكرك؟ مش عارفي شو بدي أحكي. أنت ساعدتني كتير كتير، ولولا هاي المساعدة ما كنت بأدر أعيد متل الناس. رحت لعند الجيران وخبرتهم باللي سار. لكن كانت المساري نائسة 4 شيكل، يمكن هدول الحراميي في البريد سرؤوها مني. لا تبعت لي مساري بالبريد مرة تاني!!
بنتك نعيمة".
بمحبة
نايف خوري