من وحي الهجرة النبوية
مهداةٌ إلى سيدي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم

شعر : طلعت المغربي
عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية
وعضو اتحاد كتَّاب مصر



يا صاحبَ الذكرى إليكَ تحيتي=وعليكَ يا خيرَ الوجودِ ثنائي
يزهو القصيدُ بذكركم يا سيدي=فمقامُكم يعلو على الإطراء
أهدي إليكَ قصيدتي فلعلني=يومَ اللقا أنجو بذا الإهداء
من وحي سيرتِكم أتتْ أبياتُها=والعذرُ إن لم أستطع إيفائي
أرجو شفاعتَكم إذا اجتمع الورى=أرجو رضاكم يا أبا الزهراء
نفسي انجلت عنها الهمومُ بمدحكم=وتبدلتْ أكدارُها بصفاء
نورُ النبيِّ " محمدٍ "كشفَ الدجى=كالبدرِ عند الليلةِ الظلماءِ
نورٌ على نورٍ مديح " محمدٍ "=حقاً برغم ِالأعينِ العمياء
فهو السراجُ وذاك وصفُ إلهِنا=وضيا حبيبي فاقَ كلَّ ضياء
للعالمينَ أتيتَ " أحمدُ " رحمةً=وأراكَ للكفار سيفَ فناء
في السِلْمِ خير ُمُسالمٍ يا سيدى=والفارسُ المغوارُ في الهيجاء
والصحبُ إن حميَ الوطيسُ ببأسِكم=هم يتقونَ وعندَ كلِ بلاء
هيهاتَ أن أظما وذكرُكَ سيدي=للقلب فيه مدى الحياةِ روائي
يا ويحَ أربابَ الجهالةِ أقبلوا=وقلوبُهم كالصخرةِ الصماء
جاءوا لعم المصطفى وحبيبِهِ=وتكلموا في غلظةٍ وجفاءِ
قالوا له ابنُ أخيك فرَّق بيننا=بل عابَ دينَ القوم ِوالآباءِ
ومضى يقولُ بأنهُ يوحى له=مع أنه كبقيةِ الشعراءِ
إن كان ما يأتيهِ مساً.. جاءهُ=منا أطباءٌ بخير دواءِ
أو كان يبغي المالَ جئناكم به=حتى يضيقَ بذلك الإثراءِ
أو كان يبغى الملكَ كان مليكَنا=وهو الرئيسُ وسيدُ الوجهاءِ
فارجعْ إلى ابنِ أخيكَ واعرفْ رأيَهُ=جئنا لكي لا نبتدي بعداءِ
وهنا يقولُ المصطفى بثباتِهِ=ووقارِهِ .. يا أرحمَ الآباءِ
والله يا عمَّاهُ لو وضعوا هنا=شمساً أو البدرَ المنيرَ إزائي
ما كنتُ أتركُ ما أمرتُ بفعله=حتى أتممه ولو بفنائي
وهنا يقولُ الكفرُ جئنا فاستمعْ=سنحُلُ هذا الأمرَ دونَ عناءِ
خذ من تشا منا مكانَ" محمدٍ"=لا تحمه ِ .. واتركهُ دونَ وقاءِ
قد ساوموه لكي يسلم حبه=عرضوا لهذا الأمر ِدونَ حياءِ
ويقولُ عمُ المصطفى وحبيبُهُ=يا بئسَ ما عرضوا له بغباءِ
بئستْ فعالُكمو وبئسَ مقالُكم=لا تذكروه فإنَّ فيهِ شقائى
أنا أطعمُ ابنكمو وأغذوهُ لكم=ثم المقابلُ تقتلونَ رجائى
"واللهِ لن يصلوا إليكَ بجمعِهم"=حتى أفارقَ عالَمَ الأحياءِ
ويموتُ عمُ المصطفى ونصيرُهُ=يا موتُ هلاَّ جئتَ فى إبطاءِ
والزوجُ فارقت الحياة َلربها=فبقيتَ تبكيها أحرَّ بكاءِ
وظللتَ تذكرها بخيرٍ دائماً=وحبوتَها في العمر ِخيرَ وفاءِ
وقضيتَ عامَ الحزن ِبعدَ وفاتِهم=وإذا الحياةَُ غدتْ بغير ضياءِ
وإذا بأهل ِالكفر زادوا كيدَهم=وتفننوا في المكر ِوالإيذاءِ
قالوا إذا لم ترجعوا عن دينكم=سنحيلُ دنياكم إلى أرزاءِ
سنصبُّ ألوانَ العذابِ عليكمو=لن تظفروا منا بأيِّ نَجَاءِ
هذا" بلالُ" قد ابتُلي بأميةٍ=قد عاشَ منه العمرَ في بلواءِ
يأتي بصخرٍ فوقَ صدرٍ طاهرٍ=ويجرهُ جراً على الرمضاءِ
وإذا العذابُ اشتدَ زادَ صلابةً=" أحدٌ " يقولُ" بلالُ " للأعداءِ
"أحدٌ ..أحدْ "هذا نشيدٌ خالدٌ=قد هزَّ أرضي بل وهزَّ سمائى
وأرى" صُهيبَ " الآن يبغي هجرةً=لكنهم وقفوا له بجفاءِ
قد كنتَ صُعلوكاً فقيراً معدماً=لا.. لن تمرَّ بهذه الأشياءِ
وهنا يقول" صهيبُ " قولة َواثقٍ=أنا أفتدي ديني ولو بدمائي
أنا لن أعودَ مدى الحياةِ إليكمو=لو أنكم مزقتمو أشلائي
أبشرْ "أبا يحيى " ببيع ٍ رابحٍ=أبشر فعندَ اللهِ خيرُ عطاءِ
وكذاك " عمارُ بنُ ياسرَ" مثلُهم=وكذا " سمية ُ" أولُ الشهداء
وأبوهُ " ياسرُ" تلك عائلة ٌ غدت=فوقَ الكلامِ وفوقَ كل ِثناءِ
"صبراً" تقولُ لآل ِياسر تؤجروا=غداً اللقاءُ بجنةٍ فيحاءِ
ويقولُ "عمارُ بن ياسرَ "سيدي=إني أعيشُ الآنَ في الظلماءِ
طاوعتُهم يا سيدي في قولِهم=لأصدَّ عني محنتي وبلائي
لكنَّ قلبيَ مؤمنٌ وموحِدٌ=ما فيهِ غيرُ عقيدتي وولائي
وتقول يا " عمارُ"عُدْ إن عاودوا=يوماً ولا تعبأ بذي الأشياءِ
ما دام قلبكَ مطمئناً لا تخفْ=واذكرْ إلهكَ عشْ بخيرِ رجاءِ
ويجيئُ "خبابُ الأرت" مخاطباً=خيرَ البريةِ سيدَ الشفعاءِ
ويراكَ يا "مختارُ" تسندُ ظهرَكم=لجدارِ هذي الكعبةِ الشمَّاءِ
ويقولُ " خبابُ الأرت " مقولة=ألفاظها جاءت على استحياءِ
إنَّ العذابَ اشتدَّ زاد ضراوة=لبست لنا الأيامُ ثوبَ شقاءِ
هلاّ دعوت الله ربكَ سيدي=هلاَّ دعوتَ لنا على الأعداءِ
وتقولُ الاستعجالُ ذلك شأنكم=بل إنَّ ذلك شيمةُ الأحياءِ
قد كان فيما قبلكم أممٌ مضت=صبروا على البلوى بلا استثناءِ
مُشِطوا بأمشاطِ الحديد فمدَهم=هذا العذابُ بقوةٍ ومضاءِ
النصرُ آتٍ لا محالة َ فاصبروا=واستمسكوا بالشرعةِ الغراءِ
النصرُ من رب البرية قادمٌ=فلتنضووا يا قومُ تحتَ لوائي
الدينُ يوماً ما سيسرى ضوؤهُ=وبقدر ِ ما تمتدُ عينُ الرائي
ويسيرُ سائركم بأمنٍ دائمٍ=من حضر موت إلى رُبى صنعاءِ
ويسيرُ سائركم بأمنٍ دائمٍ=لم يخش إلا اللهَ ذا الآلاءِ
ما كنتَ تقدِرُ أنْ تُدافِعَ سيدي=يوماً عن الضعفاءِ والبؤساءِ
ها أنتَ تسجدُ مرةً فيجيئُكم=بسلا جزورٍ أخبثُ الخبثاءِ
وذهبت تبغي من ثقيفٍ نصرةً=فلعلَ فيها سامعاً لنداءِ
لكنهم كانوا الأراذلَ سيدي=لاقوكمو بجهالةٍ جهلاءِ
أغروا بكم صبيانَهم وعبيدَهم=تركوكمو فيها مع السفهاءِ
يرمونكم بحجارةٍ يا سيدي=فتسيلُ من عقبٍ أعزُ دماءِ
ورفعتَ كفكَ للسماواتِ العلا=فإذا جميعُ الكونِ فى إصغاءِ
إنْ لمْ يكنْ بك ربنا غضبٌ عليَّ=فذاكَ غاية ُ مُنيتي ورضائي
إني استعذتُ بنورِ وجهكَ ربَنَا=فبهِ إلهي أشرقتْ ظلمائي
وبه صلاحُ الدين ِوالدنيا معاً=وأخصهُ بالحمدِ والإطراءِ
عُتبى الأمورِ إليكَ حتى ترتضي=يا ربَّنا يا واسِعَ النعماءِ
ويجيئ أمرٌ أن تهاجرَ سيدي=من عندِ ربكَ أرحمِ الرحماءِ
وتجمعَ القومُ اللئامُ ببابِكم=باللاتِ قدْ حلفوا وبالآباءِ
لا ينجونَّ " محمدٌ " من بيننا=أو أننا نُمحى من الغبراءِ
شاهت وجوهُ القومِ يا خيرَ الورى=ومضيتَ أنتَ بعزةٍ ومضاءِ
ومع الذي قد نالكم من كيدهم=ها أنتَ "أحمدُ" سيدُ الأُمناءِ
للقومِ عندي يا " عليُ" ودائعٌ=أنا لا أخونهمو وهم أعدائي
نم يا عليُ لكي تردَّ ودائعاً=أعظمْ بكم ْ منْ قمةٍ شماءِ
أعظمْ بهذا الخُلْق ِأينَ مثالُهُ=أعظمْ بها من منةٍ ووفاءِ
هم يمكرونَ .. يدبرونَ لقتلِكم=وتفكرونَ بردِ ذي الأشياءِ
وينامُ مشتملاً عليُ ببردِكم=أنعمْ بهذي البُردةِ الخضراءِ
يفديكمو بالروح ِ لم يعبأ بها=يفديكمو حقاً بخيرِ فداءِ
الموتُ خلفَ البابِ ينظرُ نحوه=لكنهُ يعلو عن النظراءِ
بشجاعةٍ فوقَ الشجاعةِ نفسها=وبهمةٍ تعلو ذرى العلياءِ
ما هابَ سيفاً مشهراً في وجههِ=ما كانَ يوماً ما من الجبناءِ
يا دهرُ سجلْ لا تكنْ متوانياً=هذا النموذجُ عزَّ في دنيائي
وخرجت تبغي من يكون مؤازراً=ومضيت في حذرٍ من الرقباء
وخرجتَ تبغي في الأباعدِ نصرةً=إنَّ الأقاربَ أتعسُ التعساءِ
ونظرتَ خلفكَ والدموعُ غزيرة=يا أرضَ مكة َ أطهرَ الأرجاءِ
يا بقعة ً عندَ الإلهِ عزيزة=وكذاكَ عندي بلْ وأنتِ شفائي
واللهِ حبكِ أنتِ يجري في دمي=لكنَّ أهلَكِ قرروا إقصائي
يا مهبطاً للوحي إني أرتجي=من عند ربي مِنَّة ً بلقاءِ
إنَّ الذى فرضَ الكتاب عليكمو=سيردكم يوماً من السعداءِ
يوماً ستفتحُ ذلكَ البلدَ الذى=غادرتَهُ في حلكةِ الظلماءِ
هاجرتَ " أحمدُ " بعدما اشتدَّ الأذى=هاجرتَ تخفيفاً عن الضعفاءِ
وأرى " سراقة "َ راحَ يتبعُ خطوكم=ضلتْ خُطاهُ وتاهَ فى البيداءِ
وجوادُهُ رفضَ الرضوخَ لأمرهِ=ساختْ قوائمهُ بذي الصحراءِ
لِمَ يا جوادُ اليومَ أنت خذلتني؟=ما كنتَ يوماً ترتضي إيذائي
فخُطاكَ تسرعُ إنْ بَعُدنا عنهمو=وإذا قصدناهم ففي إبطاءِ
وكأنهُ قد قالَ ذا ركبُ الهُدى=من ذا يطاولُ ركبَهُ بغباءِ
حقاً فركب المصطفى لا يقتفي=بالسوءِِ ذاكَ تصرفِ البلهاءِ
فعنايةُ الرحمنِ تحرسُ ركبَهُ=وعناية ُ الرحمنِ خيرُ وقاءِ
وهنا يقولُ سراقة ُ اذهب سيدي=لا .. لن أناصبكم بأي عداءِ
هاتِ الأمانَ أيا " محمدُ " هاتِهِ=فعطاؤكم والله خيرُ عطاءِ
أنا لن أدلهمو عليكم سيدي=أبداً ومهما حاولوا إغرائي
ارجعْ سراقة ُ لا غُبارَ عليكمو=واسمعْ لِما سأقولُ من أنباءِ
يوماً ستلبسُ في يديكَ أساوراً=هي مِلك كسرى صاحب الخيلاءِ
ارجع سراقة ُوانتظرْ ما قلتُهُ=فهو القريبُ وليسَ ذا بالنائي
هي رحلة ٌ هاجرتَ فيها سيدي=أحداثُها جلتْ عن الإحصاءِ
عطرتَ طيبة َ سيدي بمجيئكم=وملأتَ كلَّ الكون ِ بالأضواءِ
وبنيتَ مجتمعاً يفيضُ محبة=ومودة ً.. يخلو من البغضاء
هجروا حظوظ َ النفس ِحينَ أمرتهم=وسموا بأخلاق ٍ على الجوزاءِ
يا رب وامنحنا بفضلك هجرةً=تعلو النفوس بها على الأهواء
ويكون فيها هجر كل رذيلةٍ=كالحقد والبغضاء والشحناء
وأعد لأمتنا سوالفَ مجدِها=واكتب لنا نصراً على الأعداء
ثبت إلهي كلَّ من قد جاهدوا=وارفع لهم يا ربُ خيرَ لواء
واحقن دماءَ المسلمين جميعها=لنكون يا ربي من السعداء
***