ثالثا : الأحزاب الدينية
تعود جذور الأحزاب الدينية إلى أوائل القرن العشرين حين تأسست عام 1902 حركة المتدينين اليهودية الصهيونية " همزراحى" الشرقي . وفي العشرينات تفرع عن " همزراحي" التنظيم العمالي " هبوعيل همزراحي" أي العامل الشرقي الذى سعي إلي تنظيم وتوحيد صفوف العمال المتدينين الذين رفعوا شعار " التوراه والعمل" وأكد الحزب علي انه حزب صهيونى قومي الي جانب كونه دينيا ومن هذا المنطلق عارض الحزب الديني القومي " همزراحي" فرضية الحركة الصهيونية العلمانية بأن الدين موضوع شخصي ، ورأي أن مهام الحزب الأساسية تتلخص في تعميق روابط المستوطنين مع تعليم فرائض الدين اليهودي فانشقت فئة من " همزراحي" عن الكونغرس الصهيوني العالمي عام 1911 اثر قرار الكونغرس بأن شئون التربية والتعليم للمجتمع اليهودي في فلسطين منوطه بالمنظمة الصهيونية ، (39)اما التيار الديني المناهض للصهيونية فقد تجسد في " اغوادت يسرائيل" اي رابطة اسرائيل ، ففى عام 1901 باشر اليهود " الحرديم" أي المتطرفين دينيا بنشر الكتابات بشأن الحركة الصهيونية وكتب أحد زعمائهم انه لا يجوز التعامل مع حركة تيودور هرتسل ، وفي عام 1909 اقيم اجتماع شبة سري في المانيا حضرته المجموعات المتطرفه دينيا وقررت إقامة " اغودات يسرائيل" العالمية . لكن المتطرفين دينيا لم يباشروا العمل ضد الحركة الصهيونية حتي عام 1911 بعد ان قرر الكونغرس الصهيوني الذى انعقد في بازل ان يعرف جوهر القومية بالمعني المدني العلماني كما قرر ان شؤون التربية في " ارض اسرائيل" تقع ضمن صلاحيات واعمال الهستدروت ، فانشقت عقب هذا الكونغرس مجموعة من المتدينين المتعدلين الذين شاركوا في اعمال الكونغرس وعقدوا مع عناصر رابطة اسرائيل اجتماعا تأسيسيا في كاتوبيتش عام 1912 وبعد ذلك باشرت " اغودات يسرائيل" العمل (40)، وفي عام 1937 اجتمع مجلس حكماء التوراة وقرر انه يمكن اقامة " دولة يهودية " فقط اذا ماكانت التوراه تشكل دستورها الأساسي وان أي شكل من اشكال الحكم الأخري لا يمكن تسميته" بدولة يهودية " وبدأت " أغودات يسرائيل " تري في بناء وطن قومي لليهود ملجأ مؤقت يقى اليهود شر كوارث المهجر ، وعلي أثر ذلك انشقت مجموعة متطرفي " اغودات يسرائيل" عام 1939 واطلقت علي نفسها اسم " ناطوري كارتا " أي حراس المدينة ، وقد عارضت هذه الحركة قيام اسرائيل وهي لا تعترف بها حتي يومنا هذا وتعتبر ناطوري كارتا الصهيونية ومشروعها " دولة اسرائيل " اكبر كارثة للشعب اليهودي .ومنذ عام 1944 تغير ت وجهه نظر " اغودات اسرائيل" وفرعها العمالي " بوعلي" اغودات يسرائيل" من اقامة " دولة اليهود " وبدأت تري في "دولة اليهود" بداية الخلاص وان واجبها يتمثل في السعي لضمان طابع ديني في الحياة اليومية لمواطني هذه " الدولة " وقد عارضت اغودات اسرائيل وبوعلي اغودات يسرائيل مشروع التقسيم من منطلقات دينية محضة والاستيطان فريضة دينية لليهود المتدينين بينما يعني الأستيطان لليهود الصهيونيين دعما لبناء الوطن القومي. وقبيل الانتخابات للكنيست الأولي عام 1949 توحدت جميع الأحزاب والحركات الدينية همزراحي وهبوعيل همزراخي واغودات اسرائيل وبوعلي اغودات يسرائيل في جبهة دينية موحدة وخاضت الانتخابات وحصلت علي 16 مقعدا ثم انقسمت الجبهة الدينية عام 1951 الي اغودات يسرائيل وبوعلي اغودات يسرائيل وحصلت علي خمسة مقاعد لانتخابات الكنيست الثانية بينما حصل همزراحي الموحد علي عشرة مقاعد .(41)
وفي عام 1956 اتحد همزراحي مع هبوعيل وأسس الحزب الوطني الديني " المفدال" الذى حصل علي 12 مقعدا في انتخابات الكنيست من عام 1959 – 1973 وشكل طوال هذه الفترة الشريك الأساسى في الائتلافات الحكومية التي قادها حزب المباى وبعده المعراخ منذ قيام اسرائيل وحتي عام 1977 . (42)
الحزب الوطني الديني : ( المفدال)
هو الجناح الإسرائيلي لمنظمة مزراحي العالمية التي يعود تاريخ إنشاءها إلى عام 1902 وفي الدستور المشترك للحزب الديني القومي – المفدال وهستدروت هبوعيل همزراحي الذى صودق عليه عام 1979 وضعت المبادىء الأساسية للحزب ومن أهمها " ان الحزب يصبو الي تجديد حياة شعب اسرائيل في ارض اسرائيل بموجب توراة اسرائيل " ويري الحزب في وحدة الشعب والرابطة المشتركة بين الشعب في صهيون والمهجر ولم الشتات والاستيطان علي الأرض المبدأ الأساسي لليهودية ويؤكد المفدال ان واجب الفرد والمجموع هو دعم كيان هذا الشعب في أرضة الي جانب ذلك يؤكد المفدال علي ان الحاخامية الكبري هي السلطة الدينية العليا في " الدولة " أما بالنسبة لسياسة الحزب المتعلقة بالمواطنين العرب في فلسطين المحتلة عام 1948 فإن الحزب يعمل علي ضمان الحقوق المدنية لهؤلاء دون وجود لاية هوية قومية لهؤلاء العرب وقد واجه حزب المفدال تحديات كبيرة كان لها مردود سلبي علي قواعده الانتخابية ومن بين هذه التحديات موضوع " السيادة اليهودية " علي جميع أرجاء " أرض اسرائيل" بحيث لم يستطع الحزب الخروج بموقف موحد بشأن مصير الأراضي العربية المحتلة ، فانشق عن الحزب حاييم دروكمان وأسس كتلة " متساد" عام 1983(44) ، كذلك فقد المفدال قواعده في اوساط حركة " غوش ايمونيم" بعد قيام حركة " هتحيا " التي كانت نشيطة في التعبير عن رفضها لأي انسحاب أو تنازل عن الأراضي العربية المحتلة وبذلك انتزعت هذه الحركة لنفسها دور الحارس الأمين " للاراضي المحررة " وبعد دخول " اغودات يسرائيل" الائتلاف الحكومي عام 1977 وفي حكومة الليكود فقد المفدال طابعة كحزب ديني وحيد مدافع عن مطالب ومصالح المتدينين من الحكومة كذلك صعد ظهور حركة " تامي " حدة المسألة الطائفية.(45)
أغودات يسرائيل- وبوعلي اغودات يسرائيل :
واغودات يسرائيل حركة يهودية عالمية تأسست عام 1909 بعد انسحاب بعض الأعضاء من منظمة مزراحي ، وأعتمدت التوراه مبدأ أساسيا لحل جميع القضايا اليهودية وحتي الحرب العالمية الثانية عارضت هذه الحركة الصهيونية وحاربتها بشدة وفي عهد الانتداب البريطاني عارضت اغودات يسرائيل مؤسسات الاستيطان العبري المنظم وقاطعت الكنيست الاسرائيلي وحاربت المؤسسات التعليمية العبرية وفرض اللغة العبرية كلغة حديثة وفي عام 1947 عقدت اغودات يسرائيل اجتماعا عاما شكلت في نهايته المجلس المركزي لها برئاسة الرابي ليفين ، وقد حصل تقارب نسبي بين الحركة والصهيونية في الفترة التي اعقبت الحرب العالمية الثانية حيث توطدت العلاقة بين الحركة ورئيس الوكالة اليهودية انذاك دافيد بن غوريون وقد اشتركت هذه الحركة في الانتخابات الأولي للكنيست بائتلاف مع قائمة هبوعيل همزراحي حصل علي 16 مقعدا في الكنيست وكانت القوة الحزبية الثالثة انذاك . وفي اواخر عام 1982 انشق عن " اغودات يسرائيل" مجموعة من اليهود المعصبين دينيا من طوائف الشرق واقاموا حركة " شاس" بمعني شرقيين محافظين عن التوراه وجاءت اقامة هذه الحركة تعبيرا عن الاضطهاد الذى يشعر به الشرقيون .(46)
حركة شاس :
وفي الانتخابات للكنيست الحادية عشرة خاضت حركة شاس الانتخابات بقائمة مستقلة ونجحت في تحقيق نجاح غير متوقع حيث حصلت علي اربعة مقاعد في الكنيست ، وقد شاركت حركة شاس في الائتلاف الحكومي وانتدب عن الحركة عضو الكنيست يسحق بيرتس وزيرا للداخلية ، الا ان هذا الحزب ترك الحكومة واستقال بيرتس من وزارة الداخلية بسبب اقرار محكمة العدل العليا الأسرائيلية تسجيل سيدة يهودية من ام مسيحية في سجل السكان بأنها يهودية وكان علي وزير الداخلية ان يوقع علي قرار التسجيل بوصفه الوزير المسؤول عن سجل السكان ولهذه الأسباب وكما ذكرنا انسحبت شاس من الحكومة . (47)
عمال أغودات يسرائيل :
تأسس حزب العمال اغودات يسرائيل في بولندا سنة 1922في مدينة لودج الصناعية التي يشكل العمال فيها الأغلبية ، وقد خاض عمال اغودات اسرائيل معركة انتخابات الكنيست الأولي في جبهة دينية موحدة بينما خاض انتخابات الكنيست الثانية في قائمة مستقلة وفي انتخابات الكنيست الثالثة – 1955 دخل الانتخابات في قائمة مشتركة مع اغودات يسرائيل وشكلا معا جبهة دينية توراتية ثم حلها بعد دخول عمال اغودات اسرائيل في حكومة بن غوريون وذلك عندما اصدر مجلس حكماء التوراه فتوى بمقاطعة الحكومة ، وفي انتخابات الكنيست الثامنة عام 1973 خاض الحزبان الانتخابات بقائمة موحدة واكدا في برنامجهما الانتخابي انهما يعملان بتوجيه من مجلس حكماء التوراة الذى يري في التوراه وتعاليمها الحارس الأمين لكيان واستمرارية شعب اسرائيل لكن عمال اغودات اسرائيل واغودات يسرائيل انفصلا ثانية في انتخابات الكنيست التاسعة عام 1977 فحصل أغودات يسرائيل علي أربع مقاعد بينما حصل عمال أغودات يسرائيل على مقعد واحد وفي المجال الداخلي شكل فرض الطابع اليهودي الديني علي المجتمع في " الدولة " أحد أهم اهداف " عمال اغودات يسرائيل" في برنامجهم الانتخابي وذلك من خلال سن القوانين المدنية في الكنيست .(48)
حزب الوسط الديني " مماد"
يأتي تشكيل هذا الحزب من الذين انشقوا عن المفدال وبتأييد من حزب العمل ويعتبر الحاخام يهودا عميطال رئيس المدرسة الدينية في " الون شقوت " في غوش عتصيون ورئيس الحزب الديني الجديد الذي عقد اجتماعا يوم 28/4/1988 في البلدة القديمة بالقدس مع رؤساء الجماعات الدينية المعتدلة " طرق السلام" والشجاعة من اجل السلام لاقامة حزب الوسط الديني الجديد وخوض انتخابات كينيست عام 1988