الدراسه مشروع ماجستير في معهد البحوث العربيه بالقاهره
-----------------------------------------
المبحث الأول :
مقدمة عن الصهيونية واسرائيل
أولاً : الوعد الصهيوني
سبق قيام دولة إسرائيل – الصهيونية – تاريخ طويل من الإعداد والتمهيد – بدأ بإصدار كتاب " تيودورهرتزل" لكتابة " الدولة اليهودية " عام 1896م ، وقال إن عملية التنفيذ ستكون عن طريق إنشاء وكالتين يهوديتين هما/ الجمعية اليهودية والوكالة اليهودية حيث تكون مهمة الجمعية التخطيط والتمهيد- ومهمة الوكالة التنفيذ من خلال تأسيس منظمة يهودية صهيونيه تنظم هجره اليهود إلي فلسطين. وفي 29 أغسطس عام 1897 م عقد المؤتمر الصهيوني الأول في بازل بسويسرا وانتخب تيودور هرتزل رئيسا للمؤتمر الذي حدد غايته في خلق وطن قومي للشعب اليهودي ، ووضع البرنامج ، التأسيسي لقيام الدولة الصهيونية من خلال العمل علي استعمار فلسطين بالعمال الزراعيين والصناعيين اليهود وتنظيم اليهود في العالم وتقويه الوعي لديهم واتخاذ الخطوات اللازمة للحصول علي موافقة الدول المعنية في تحقيق هدفهم لاستيطان الوطن الفلسطيني غير عابئين ، بكون فلسطين أرضا مأ هوله بأهلها منذ عده قرون
- ومابين العام 1897م والعام 1917م بذلت الحركة الصهيونية جهودا جبارة للحصول علي وعد من الحكومة البريطانية ، بقيام وطن قومي لليهود في فلسطين وصدر وعد بلفور – وزير الخارجية البريطاني – في 2/11/1917م الذي نص علي أن حكومة جلاله الملك تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين، وسيبذل جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية على أن يفهم جليا أنه لن يهمل ما من شأنه ان يغير الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلاد الأخرى .
وأقرصك الانتداب البريطاني لفلسطين في موارده الظالمة للعرب ، ضرورة وجود وكالة يهودية تقدم النصح لحكومة الانتداب واعتبار المنظمة الصهيونية العالمية هي الوكالة الملائمة للقيام بهذا الغرض مع التأكيد مجددا – بعدم إلحاق الضرر بحقوق ووضع الفئات الأخرى المقيمة في فلسطين – وتم تعيين اليهودي الصهيوني البريطاني " هربرت صموئيل " مندوبا ساميا علي فلسطين منذ العام 1922م بموافقة " وايزمان " رئيس المنظمة الصهيونية حيث شرع " هربرت صموئيل " في تهويد الإدارة التابعة له في فلسطين وتهيئة البلاد لقيام الوطن القومي اليهودي بدعم من الدول العظمي وعصبة الأمم وعلي رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ، وتم تقديم نصف مليون دونم من الأراضي الفلسطينية للمنظمة الصهيونية ونقلت ملكية أراضي 22 قرية عربية في مرج ابن عامر لليهود وعملت سلطات الانتداب علي فرض الضرائب ومضايقة المزارعين الفلسطينين مع تسليم اليهود موارد الثروة الرئيسية في البلاد وحصر الصناعات بهم ومنحهم حق لاستغلال نهر الأردن ونهري اليرموك والعوجه ونص الامتياز الممنوح لهم بتوليد الطاقة الكهربائية واصدرت قوانين تسهل الهجرة اليهودية إلي فلسطين .
في نفس الوقت كان الصهاينة يجيشون رجالهم منذ انشاء منظمة " هاشومير" شبة العسكرية عام 1907م والتي تحولت إلي فرقة " أبناء صهيون" لخدمة الجيش البريطاني في الحرب العالمية الأولي وقد بلغ عددها ، خمسة وعشرون ألف رجل مسلح من اليهود الصهاينة حين اختلف " جابوتنسكي " مع " وايزمان" عام 1934م حول سرية هذا الجيش الصهيوني القومي الذي تحول إلي ماعرف باسم الهاجاناه" تحت رئاسة " وايزمان " ,و انفصل " جابوتنسكي " بمنظمة " ارغون تسفائى لئومي " أو ماعرف بالمنظمة العسكرية القومية التابعة له سنه 1934 .
وخلال الحرب العالمية الثانية كررت بريطانيا خداعها للعرب بإعلان تأييدها لحكامهم ومشايخهم مع الاستمرار في استكمال مقومات الدولة اليهودية – بإصدارها الكتاب الأبيض أو تقييد هجرة اليهود – رسميا مع التغاضي عنها سراً خاصة بعد الثورة العربية الكبرى التي شهدتها فلسطين خلال السنوات الثلاثة السابقة للحرب العالمية الثانية بين أعوام 1936-1939 بقيادة الحاج أمين الحسيني الذي استجاب لنداءات القادة العرب وأوقف الثورة الشعبية الفلسطينية أملا في منح بريطانيا الحرية والاستقلال للشعب الفلسطيني الذي وعدت به القادة العرب ولكن بعد الانتهاء من الحرب مع ألمانيا ، حيث نقلت الحركة الصهيونية مقرها الرئيسي من لندن في بريطانيا إلي نيويورك في أمريكا منذ العام 1942م ، بينما قامت " بريطانيا " بتدريب وحدات عسكرية يهودية خاصة عرفت باسم " البالماخ" لمواجهة قوات روميل الزاحفة إلي " مصر " ووافقت علي اشتراكها بوحدات يهودية مستقلة ترفع العلم اليهودي منذ العام 1942م
وفي المقابل كان الحاج " أمين الحسيني" يشعر بالظلم البريطاني، وسلطات الانتداب في فلسطين تلاحقه وتقهر شعبه ففر هاربا إلي سوريا ومنها إلي تركيا حتى وصل إلي " ألمانيا " ليعلن عدائه للمستعمر البريطاني الذي ضيع حقوق شعبه إلا أنه عاد مرة أخري بعد نهاية الحرب بعفو بريطاني عام لكي ، يكون ممثلا لعرب فلسطين في المفاوضات التي بدأتها بريطانيا لحل المشكلة الفلسطينية علي أساس قيام دولتان / واحدة عربية والثانية يهودية – ومع قيام هيئة الأمم المتحدة وظهور أمريكا كقوة عالمية عظمي تساند اليهود الذين باتوا يعتمدون علي دعمها اكثر من " بريطانيا " كعهدهم دائما بالتقرب إلي الدولة الأقوى في العالم فقد تم تحويل القضية الفلسطينية إلى هيئة الأمم المتحدة بعد إعلان وزير خارجية بريطانيا في 28/2/1947 م أن الانتداب البريطاني لم يعد قادراً على التوفيق بين الطرفين المتنازعين وأنها تعلن التخلي عن انتدابها لفلسطين وتحيل المشكلة إلى هيئة الأمم المتحدة التي أرسلت لجنة تقصى حقائق دولية وصلت لتقسيم فلسطين إلى دولتين مع إنهاء الانتداب البريطاني وصدر إعلان التقسيم في 29/11/1947م – وكان القرار الدولي رقم 181 بتقسيم فلسطين بأغلبية 33 دولة و عارضه 13 دولة ، وامتنع عن التصويت عشرة دول .
وبدأت عمليات التنكيل اليهودي الصهيوني بالعرب الفلسطينيين مسلمين ومسيحيين لإجبارهم على الهجرة والرحيل من أراضيهم ووقعت مذابح كثيرة أشهرها مذبحة " دير ياسين " في ابريل 1948 وسط غفلة وعدم قدرة العرب الفلسطينيين على المواجهة بسبب القيود التي كانت تفرضها سلطات الانتداب البريطاني عليهم والتي سمحت لليهود الصهاينة بحشد قواتهم وتنظيمها لكي تكون قادرة على فرض نفسها ودولتها في 15/5/1948م .
ثانياً : قيام دولة إسرائيل عام 1948 م :
فور صدور قرار تقسيم فلسطين في 29/11/1947م بدأت اللجنة التنفيذية للوكالة اليهودية في استلام السلطات الإدارية لحكومة الانتداب البريطاني ، خاصة وأن معظم الموظفين الإداريين ، في تلك الحكومة من اليهود الصهاينة ، وفي 1/3/1948 م قررت الوكالة اليهودية إنشاء الأقسام المحلية والمركزية للإدارة الحكومية وميليشيا رسمية والتحضير لانتخابات المجلس التأسيسي للدولة ثم شكلت مجلس الشعب من سبعة وثلاثين عضو انتخب إدارة تنفيذية من ثلاثة عشر عضو برئاسة " بن غوريون " . وفي 14/5/1948 م ثم تشكيل الحكومة المؤقتة الصهيونية الإسرائيلية أيضاً برئاسة "بن غوريون" وكانت " أمريكا " أول دولة تعترف بها بعد أحد عشر دقيقة من تشكيلها وتبعها اعتراف الاتحاد السوفيتي القائم على مبادئ الشيوعية العالمية أو الاشتراكية الدولية ، وفي 15/5/1948 م انتهى الانتداب البريطاني رسمياً على فلسطين وانسحب المندوب السامي البريطاني من فلسطين وعمت الفوضى أرجاء فلسطين في حرب سجال بين القوات الفلسطينية المدعومة بكتائب عسكرية عربية رسمية حققت تقدماً عسكرياً ملحوظاً . وبين القوات الصهيونية المنظمة منذ زمن بعيد فتدخل مجلس الأمن الدولي لفرض الهدنة على الطرفين دامت شهراً واحداً فقط ، ما بين 10/6/1948 م إلى 8/7/1948 م . تم خلالها إمداد الصهاينة بالسلاح والقادة والرجال ، ثم استؤنف القتال مرة أخرى في 9/7/1948 م حيث أحرز اليهود تقدماً على كافة الجبهات . ثم قتلوا الكونت " برنادوت " مبعوث الأمم المتحدة إلى فلسطين لأنه طالب بضم " النقب " إلى الدولة العربية الفلسطينية ، التي تقلصت في حدود الضفة الغربية وقطاع غزة فقط وهو ما يساوي 21% من مساحة فلسطين الكلية وأقل من المساحة المقررة للدولة الفلسطينية في قرار التقسيم الدولي والذي حدد للعرب نسبة تصل إلى 45 % من مساحة فلسطين الكلية ، ولم تفعل الأمم المتحدة شيئاً أمام هذا التحدي الصهيوني بل لجأت إلى تجميد الوضع على الجانبين لمصلحة الدولة الصهيونية الإسرائيلية باتفاقيات رودس التي وقعت ما بين كلاً من مصر والأردن مع إسرائيل 1949 م
وفي 11/5/1949 م تم قبول إسرائيل عضواً دائماً في الأمم المتحدة ، ولم يتم الاعتراف بوجود دولة فلسطينية رغم وجود حكومة عموم فلسطين المعترف بها من الجامعة العربية وسارت الوكالة اليهودية قدماً في الخطوات الدستورية لإنشاء دولتها على حساب الشعب الفلسطيني تحت دعاوي تاريخية بعودة اليهود إلى وطنهم التاريخي القديم – وطن أجدادهم – كما يقولون منذ ولادة سيدنا اسحق ابن إبراهيم عليهما السلام- وحتى قيام إسرائيل 1948 م ، معلنة عن فتح أبوابها للهجرة اليهودية ، وهى تدعى مراعاتها المساواة التامة في الحقوق والواجبات اجتماعياً وسياسياً بين جميع رعاياها دون تمييز في الدين أو العنصر أو الجنس ومستعدة للتعاون مع مؤسسات وممثلي الأمم المتحدة لتنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتقسيم فلسطين في 29/11/1947 م ، كما تدعو أبناء الشعب العربي الفلسطيني للقيام بنصيبهم في إقامة الدولة على اساس المساواة التامة في المواطنة والقيام بنصيبهم في بناء دولة إسرائيل ، كما تدعو جميع البلدان العربية المجاورة إلى التعاون مع الشعب اليهودي المستقل في قيام شرق أوسط قائم على السلام وحسن الجوار ، معتمدة على التفاف يهود العالم حول الدولة اليهودية كما جاء في نص وثيقة إعلان قيام إسرائيل الذي وقع عليه أعضاء مجلس الشعب الصهيوني السبعة والثلاثين برئاسة بن جوريون في 14/5/1948 م .....
وكان قد تزايد عدد السكان اليهود في فلسطين من 84 ألف صهيوني عام 1922 م إلى 650ألف عام 1948 م وبعد قيام دولة إسرائيل راحت المنظمة الصهيونية والأجهزة التابعة لها تضاعف جهودها لحمل المزيد من يهود العالم على الهجرة إلى فلسطين فبلغ عدد المهاجرين اليهود إلى فلسطين مائة ألف مهاجر في عام 1948 م ثم وصل إليها 239 ألف مهاجر عام 1949 ثم وصلها 246 ألف آخرون عامي 1950 / 1951 م وهكذا خلال ثلاثة أعوام مابين 1948 – 1951م زاد عدد اليهود في فلسطين 585 ألف ليكون مجموعهم ما يقارب المليون وربع المليون مقابل 160 ألف عربي فلسطيني مسلم ومسيحي لا أكثر يشكلون نسبة تقل عن 15% من جميع السكان ، وليتحولوا إلى أقلية مضطهدة في بلدهم بعد أن كانوا هم الأغلبية قبل قيام إسرائيل