اليسار المصرى والصرع العربى الإسرائيلى
1947-1978

يوسى أميتاى

ترجمة
عمرو زكريا
عبد الحميد عثمان

مراجعة
حسين سراج

إصدار
دار بن لقمان


إعـــداد/ الكاتب الصحفى الأستاذ حسين سراج


فى عام 1947، أيدت غالبية الجماعات اليسارية فى مصر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الخاص بتقسيم فلسطين تحت الانتداب إلى دولتين مستقلتين، واحدة يهودية والثانية عربية. معنى هذا أن هذه الجماعات كانت تؤيد قيام دولة إسرائيل. لكن بعد زيارة الرئيس الراحل، أنور السادات للقدس، وفى عام 1978 كان اليسار المصرى فى مقدمة المعارضين لاتفاقيات كامب ديفيد التى تم توقيعها بين مصر وإسرائيل. وبذلك عارض اليسار المصرى عملية السلام مع الدولة التى أيد قيامها فى البداية!
يقول الدكتور يوسى أميتاى، الأستاذ بقسم دراسات الشرق الأوسط فى جامعة بن جوريون فى الكتاب الذى بين أيدينا (مصر وإسرائيل - نظرة من اليسار): إن الصورة لم تكن بمثل هذه البساطة بل كانت أكثر تعقيدا.
وكتاب أميتاى الذى هو فى الأصل رسالته للحصول على درجة الدكتوراه من جامعة تل أبيب، يحاول أن يجيب من الناحيتين التاريخية والسياسية، على أسئلة محيرة من نوع: ما هى العناصر التى أثرت على مواقف اليسار المصرى تجاه النزاع العربى – الإسرائيلى؟ وهل كانت هذه المواقف نابعة أوتوماتيكيا من الموقف السوفيتى، أم أنه كانت هناك أيضا عناصر أخرى تتعلق بالحالة الفريدة من نوعها لليسار المصرى؟
وما الذى أثر على الفروقات فى التوجهات داخل اليسار المصرى؟ وما هو وزن مسألة النزاع العربى – الإسرائيلى وسط مجموع المسائل والموضوعات التى شغلت اليسار المصرى؟ ثم ما هو وزن مواقف اليسار داخل الحوار القومى المصرى بخصوص النزاع العربى – الإسرائيلى؟
يقول الدكتور أميتاى فى مقدمة كتابه : إن موضوع هذا البحث ليس عرضا لتاريخ اليسار المصرى لذاته، لكنه محاولة لاستعراض وفهم مواقف هذا التيار من المشكلات المرتبطة بالصراع العربى – الإسرائيلى. ومن الممكن تقسيم تاريخ اليسار المصرى منذ بداية ظهور الجماعات اليسارية المنظمة وحتى الوقت الذى تم فيه هذا البحث إلى خمس فترات:
l 1920– 1925 : أول ظهور للحركة الشيوعية المنظمة وحتى اعتبارها خارجة على القانون وقضاء السلطات المصرية عليها.
l 1940 – 1952 : بعد فترات توقف لنشاط اليسار، (مولد جديد) لجماعات يسارية تمارس نشاطها فى ظل الحكم الملكى.
l 1952 – 1965 : نشاط الجماعات اليسارية المصرية فى ظل الحكم الناصرى حتى (تفككها من تلقاء نفسها) وانضمام أعضائها إلى الاتحاد الاشتراكى العربى، التنظيم السياسى الوحيد لدى السلطة الحاكمة.
l 1965 – 1976 : نشاط لليساريين بدون وجود تنظيم خاص بهم داخل النظام السياسى المصرى فى أواخر العصر الناصرى وبدايات العصر الساداتى.
l 1976 وما بعدها : تشكيل اليسار المصرى كهيئة تنظيمية خاصة (حزب التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى) بالمعايير والقيود التى حددها نظام السادات.
وقبل أن يستعرض أميتاى تاريخ اليسار المصرى، يشير ولو بإيجاز، إلى الخلفية السياسية والاقتصادية – الاجتماعية التى ساهمت فى ظهوره التنظيمى، وإلى بعض الأحداث السابقة له فى مجال صراع الطبقات فى مصر، وإلى البنية الفكرية التى ساعدت على استيعاب الأفكار الماركسية لدى أوساط معينة من المجتمع المصرى.
دور الأجانب!
كما يشير أميتاى أيضا إلى الدور الذى لعبه الأجانب فيقول: لا خلاف على أن النشاط التنظيمى الاشتراكى فى مصر بدأ لدى الطوائف الأجنبية (اليونانية والأرمنية والإيطالية.. ألخ) وفى المراحل الأولى لهذا النشاط ظهرت مشاركة يهودية يخصص لها أميتاى فصلا كاملا فى كتابه الذى بين أيدينا. يقول أميتاى: فى البداية ظهرت تنظيمات حزبية للأجانب فقط، دون مشاركة العمال المصريين. وانقسمت هذه التنظيمات طبقا للأصول القومية لها واعتبار نفسها امتدادا للأحزاب الاشتراكية فى بلادها الأصلية. فالتنظيم الاشتراكى اليونانى، على سبيل المثال، عمل بشكل مستقل حتى منتصف القرن العشرين. وكان من أبرز الشخصيات فيه (سكلاريدس يناكاكيس) وهو تاجر من الإسكندرية من عائلة يونانية محافظة لم تغفر له (انحرافه) الماركسى. وكان ذا ثقافة بسيطة، وحصل على الثقافة الماركسية بنفسه على خلفية الطبيعة الكوزمو بوليتانية لمدينة الإسكندرية.
ومن الشخصيات الغامضة فى تاريخ الحركة الماركسية المصرية، الصائغ اليهودى السكندرى يوسف روزنتال، الذى لا يعرف موطنه الأصلى على وجه الدقة. وكان قد وصل إلى مصر عام 1899 وبدأت الشرطة فى مطاردته عام 1901 بتهمة أنه (فوضوى ينشر مواد دعائية بين اليهود والمحليين). ثم هناك أيضا ابنته (شارلوت) وزوجها قنسطنطين فايس المعروف باسم (أفيجدور) والذى قيل عنه إنه كان فى الحقيقة عميلا للاتحاد الشيوعى الدولى (الكومنترن) فى مصر.
بعد ذلك يأتى دور بول جاكو دى كومب الذى أسس (اتحاد أنصار السلام) عام 1934 ، وهو مهندس سويسرى شاب استقر أبوه فى مصر لإدارة أعماله الخاصة، واطلع دى كومب على الأيديولوجية الماركسية أثناء دراسته العليا فى ألمانيا، وبعد عودته إلى مصر أنضم لفترة إلى جماعة شيوعية يونانية فى القاهرة لكنه سرعان ما تركها لشعوره بالغربة داخلها. وفى عام 1939 قام بعض أعضاء اتحاد أنصار السلام بتأسيس (الاتحاد الديمقراطى) وسعوا إلى تحويل اتحادهم إلى تنظيم ذى اتجاه ماركسى. وأقام الاتحاد الديمقراطى علاقات مع مجموعة من الفنانين والمثقفين المصريين أطلقوا على نفسهم اسم (الفن والحرية).
وكان من ابرز الشخصيات فى (الاتحاد الديمقراطى) هنرى كورييل وهليل شوارتز ومارسيل إسرائيل وكلهم من اليهود. وبمرور الوقت، نشب خلاف بينهم حول استراتيجية عمل الاتحاد فانفصلوا عن بعضهم وتزعم كل منهم مجموعة ماركسية منفصلة، فأسس كورييل وتزعم (الحركة المصرية للتحرير الوطنى) المعروفة اختصار باسم (حمتو)، وأسس شوارتز (إسكرا) أو (الشرارة) أما إسرائيل فأسس منظمة (تحرير الشعب) المعروفة بالحرفيين الأولين (ت . ش ).
وبعد الحرب العالمية الثانية، قررت قيادات (حمتو) و(إسكرا) توحيد التنظيمين فى مايو 1947 ونتج عن هذا التوحيد (الحركة الديمقراطية للتحرير الوطنى) المعروفة باسم (حدتو) والتى أصبحت فيما بعد أكبر وأهم تنظيم فى تاريخ اليسار المصرى.
ويؤكد أميتاى فى كتابه أن سنة 1948 كانت سنة مصيرية بالنسبة لحدتو. ففى شهر فبراير انسحبت من حدتو جماعة أطلقت على نفسها اسم (التكتل الثورى) وعلى رأسها مجموعة بارزة من العناصر المصرية (معظمهم من جماعة إسكرا سابقا) مثل شهدى عطية الشافعى وأنور عبد الملك. وفى 29 نوفمبر 1947 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين يهودية وعربية. وكان الاتحاد السوفيتى من المبادرين لهذا القرار. وأدى تأييد قيادة حدتو لهذا القرار، والذى كان صدى لتأييد الاتحاد السوفيتى له ولاعتبارات مبدئية خاصة يعرضها أميتاى بالتفصيل فى الفصل الثانى من الكتاب. لكن المهم أن الشافعى وعبد الملك وزملاءهما عارضوا القرار وحذروا من أن تأييد اليسار المصرى لقرار التقسيم سوف يعزله عن الجماهير المصرية والعربية. فهل حدث ذلك فعلا؟ وما هو دور اليهود داخل التنظيمات اليسارية المصرية؟

فى يوم 20 مارس 2001 بدأت من المستشفى الإيطالى بالعباسية جنازة المحامى شحاتة هارون، المناضل اليسارى المصرى اليهودى، لتنتهى عند مقابر اليهود فى البساتين.
وقبل بدء مسيرة الجنازة، اقترب من الدكتور يوسى أميتاى، مؤلف الكتاب الذى بين أيدينا، والذى كان بين المشيعين، محرر شاب متخصص فى الشئون الإسرائيلية بإحدى المجلات الأسبوعية، وسأله بالعبرية عن سبب تواجده فى جنازة شحاتة، فرد عليه أميتاى بقوله: (لأننى تجمعى!).
وبطبيعة الحال، لم يقصد المؤلف الذى كان يشغل فى ذلك الوقت منصب مدير المركز الأكاديمى الإسرائيلى بالقاهرة، أنه عضو فى حزب التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى، الذى هو حزب اليسار المصرى منذ عام 1976، والذى يضم عناصر ماركسية وناصرية وإسلامية مستنيرة، وإنما كان قصده من وراء هاتين الكلمتين هو الإعراب عن تقديره الكبير لليسار المصرى ومعاركه وتضحياته التى تابعها وتعرف عليها عندما كان طالبا فى قسم تاريخ الشرق الأوسط بجامعة تل أبيب.
وفى هذه الحلقة من الكتاب الذى نحن بصدده (مصر وإسرائيل - نظرة من اليسار) يقول أميتاى إن تعاطفه مع اليسار المصرى كحركة تاريخية، ومع بعض شخصياته كأفراد لم يمنع نشوب عدة خلافات يسمح لنفسه بأن يطرحها فى كتابه بصراحة، ويضيف أميتاى: رغم أننى أنتمى إلى الذين تحمسوا للسلام بين مصر وإسرائيل واعتزوا باعتبار مصر هذا السلام (خيارا استراتيجيا) إلا أننى لا أعارض حق حزب التجمع أو غيره من القوى السياسية المصرية فى معارضة (نهج كامب ديفيد). وبالمناسبة، فإنه يشير فى كتابه أيضا إلى وجود أفراد وجماعات فى اليسار المصرى أعربوا صراحة عن تأييدهم للسلام مع إسرائيل. غير أنه يعتقد بأن حزب التجمع – فى إطار مناهضته لتطبيع العلاقات مع إسرائيل – أقدم على اتخاذ مواقف متطرفة وغير منطقية بالمرة.
فإن مكافحة التطبيع يجب ألا تكون فى صورة ملاحقة أى مصرى التقى وتحدث ذات مرة مع أى إسرائيلى. فالمقاطعة التامة لأى إسرائيلى لمجرد كونه إسرائيليا دون تمييز بين دعاة الحرب ومؤيدى الاحتلال من جهة وأنصار السلام العادل من جهة أخرى، تشكل خطأ جسيما بحد ذاتها ولا تخدم مصالح الشعب الفلسطينى بأى حال. كما أن اليسار من خلال مقاومته غير الانتقائية للتطبيع يتحالف موضوعيا مع بعض العناصر شبه الفاشية فى المجتمع المصرى. وقد عبر عن ذلك تماما أحمد صادق سعد، وهو يهودى وأحد القادة التاريخيين لليسار المصرى، عندما قال ذات مرة: (لا يعقل أن تكون هناك موضوعيا جبهة بين اليمين المصرى والإسرائيلى، بينما لا تكون هناك جبهة مضادة بين اليساريين المصريين ونظرائهم الإسرائيليين).
ويتحدث يوسى ميتاى فى كتابه المهم الذى تنفرد (أكتوبر) بنشر أجزاء منه عن الأسباب المختلفة وراء ظهور الأفكار والتنظيمات اليسارية بين يهود مصر الذين ساهموا فى (الولادة الأولى) للحركة الشيوعية المصرية فى بداية العشرينيات – وقد اشرنا فى الحلقة السابقة إلى شخصية يوسف روزنتال الغامضة، كما ذكرنا بعض الأسماء مثل شارلوت ابنته وزوجها قسطنطين فايس (افيجدور) الذى كان عميلا لكلومنترن فى مصر.
ولم يكن هؤلاء الثلاثة هم اليهود الوحيدين بين الذين وردت أسماؤهم فيما يخص النشاط الماركسى الحزبى وما قبل الحزبى فى مصر أوائل العشرينيات. فقد كشفت وثائق مخابراتية بريطانية فى عام 1921 عن شبهات حول عمل شخص يُدعى إدوارد زايدمان (أو زايدرمان) فى النشاط الشيوعى. وذكر أحد تقارير المراقبة الخاصة بالمخابرات البريطانية فى أغسطس 1921 أن 400 بلشفى (يهودى) فى فلسطين تم تكليفهم بـ (نشر الدعاية البلشفية بين السكان العرب) لكنهم لا يتحدثون العربية. وأرسل بعضهم إلى مصر فى محاولة لتجنيد عناصر مصرية. وذكر ضابط تحقيقات مصرى يدعى عزيز حسن، شارك فى تتبع هؤلاء العملاء، فى تقريره أن بينهم يهوديا يُدعى أهرون روز نبرج (أو روز نبلوم) أتضح بعد ذلك أنه كان حموا لزايدمان يشتبه فى قيامه (بالدعاية البلشفية) بين الجالية الروسية فى مصر وتوزيع مواد دعائية مكتوبة بالانجليزية والفرنسية والروسية والعبرية. كما جاء فى تقرير آخر للبوليس السرى المصرى، الأسماء التالية: صموئيل كيرزون، أبراهام كاتس، هليل زندبرج، جريجورى شوكلاندر، موشيه فيلبو شفيتس، صموئيل زسلافسكى، ألبرت فرويندليخ، وكذلك يوسف روزنتال، وكلها أسماء يهودية باستثناء اسم واحد ورد فى نفس القائمة هو اليونانى سكلاريدس ياناكاكيس، الذى ذكرناه فى الحلقة السابقة.
ويلقى أميتاى الضوء على سيرة بعض العناصر اليهودية الرائدة فى (الولادة الثانية) للتنظيمات اليسارية فى مصر. فيتحدث عن هنرى كوربيل، زعيم (الاتحاد الديمقراطى) فى نهاية الثلاثينيات، ثم (حمتو) و(حدتو) فى نهاية الأربعينيات، الذى وصف العناصر اليهودية الراديكالية والتى أصبحت فيما بعد عناصر مركزية فى اليسار المصرى بأنهم يهود يحملون جنسيات مختلفة تمتعوا (بموجب جنسيتهم الأجنبية) بالامتيازات الممنوحة لرعايا الدول الأجنبية، وكانوا يتحدثون اللغة الفرنسية بطلاقة.
وكان هنرى كورييل نفسه من عائلة يهودية تمتد جذورها إلى أسبانيا ثم البرتغال وهولندا وإقليم توسكانا فى إيطاليا. وصل جده نسيم إلى مصر من ليفورنو فى إيطاليا.
وكان والده، دانيال، صاحب مصرف ولديه ثروة طائلة ووالدته ظفيرا بيهار من عائلة ثرية فى إسطنبول. ولد هنرى كورييل فى سبتمبر 1914 وهو من الجيل الثالث فى مصر. تعاطف مع المظلومين اجتماعيا وإنسانيا فى المجتمع المصرى، واقدم على اتخاذ خطوة نادرة عندما تنازل عن جنسيته الإيطالية، والتى كان من المقرر أن يحصل عليها تلقائيا نظرا لأصله، وحصل على الجنسية المصرية.
أما شحاتة هارون فهو من عائلة (سيلفيرا) ومن مواليد القاهرة 1921 ومن عناصر (حدتو) وهو من أصل سورى وكانت اللغة العربية هى لغة الحديث فى بيته. عمل والده مديرا للمبيعات فى محلات (شيكوريل) وحمل شحاتة الجنسية المصرية وعلى الرغم من انخفاض ثقافة الأب إلا أنه شجع ابنه على الحصول على ثقافة عالية، فالتحق بكلية الحقوق جامعة القاهرة ودرس القانون الإسلامى والثقافة العربية وكان إلى يوم وفاته يعتبر نفسه مصريا خالصا.
وهناك أيضا أبرت أريه وهو من عناصر إسكرا (بزعامة هليل شوارتز) وحدتو بعد ذلك. فقد تأثر ألبرت بوالديه واعتبر مصر وطنه الوحيد ورفض تركها مع موجة الهجرات اليهودية (التى انضم إليها بعض من أصدقائه اليهود فى اليسار المصرى). وهناك أحمد صادق سعد، أحد الأعضاء اليهود الثلاثة فى الخلية السرية الماركسية داخل (اتحاد أنصار السلام) الذى أسسه بول جاكو دى كومب., ومن مؤسسى (طليعة الشعب للتحرير). وأحمد صادق سعد هو الاسم الذى أطلقه على نفسه إيزيدور سلفادور سلتيئيل، وهو من مواليد الإسكندرية 1919 وتوفى فى القاهرة 1988.
ويلاحظ أميتاى فى النهاية أن مرحلة (الولادة الأولى) للحركة الشيوعية المصرية فى العشرينيات لم تسجل أى شكوى من اليساريين المصريين ضد المشاركة الزائدة لليهود فى تأسيس ونشاط الحركة. فى حين أنه فى مراحل مبكرة من (الولادة الثانية) ابتداء من أوائل الأربعينيات، كان هناك عواء واضح لمثل هذه المشاركة.
ومن الشواهد الواضحة على مشاعر العداء تجاه اليهود فى الجماعات اليسارية المصرية هو ما قاله فتحى الرملى – وهو بالمناسبة والد الكاتب المسرحى المبدع لينين الرملى – من زعماء (الخبز والحرية) وهى الحركة الشقيقة ذات الميول التروتسكية لجماعة (الفن والحرية) والتى ركزت نشاطها على النضال من أجل حقوق العمال. وكان الرملى عضوا سابقا فى حركة (مصر الفتاة) بزعامة أحمد حسين لكنه تركها إثر خلاف مع زعيمها وانضم إلى جماعة (الخبز والحرية) وسرعان ما اختير فى لجنتها التنفيذية. وفى مقابلة له مع الدكتور رفعت السعيد فى 4 مايو 1975 يحكى الرملى عن الصراعات بينه وبين مارسيل إسرائيل، الذى كان هو الآخر عضوا فى اللجنة التنفيذية، وهو ما أدى فى النهاية إلى انسحاب الرملى من الحركة وقيامه بتأسيس جماعة (نحن أنفسنا). وواصل الرملى العمل ضد ما أسماه (سيطرة اليهود على الحركة الشيوعية، وكتب قصيدة بالعامية يقول فيها:
فى أيامنا السود خواجات ويهود
جمعــوا الملايين واحنــا شقيانين
</B></I>