من النتاجات الفكربة الجديدة في جامعة واسط
العَروض الرقمي
دراسة وتطبيق
تأليف الدكتور محمد تقي جون علي
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
عرض وتحليل: الدكتور طالب محيبس الوائلي

يعد علم العروض منهجا كلاسيكيا لدراسة البحور الشعرية وتمييز الصحيح من فاسدها ليحصل الطالب على قدر من الاطلاع على الأوزان والأنغام الجديدة التي ما ينفك الشعراء يزيدونها في كل زمان ومكان، لتعلق حركة النغم بحركة الحياة، وهذا ما أثبته الواقع، ففي العصر العباسي نشأ الموشح في الاندلس، والدوبيت في المشرق، ولم ينقطع ابتكار أوزان شعرية وأشكال جديدة الى زماننا. وقد أقر الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت175ﻫ) واضع علم العروض، ذلك بنفسه، وشملت جهوده تسمية البحور والزحافات والعلل والتقطيع على تفعيلات عشر اقترحها، ومنح الشرعية لستة عشر بحرا أثبتها في خمس دوائر، كما أنه وضع المصطلحات المتعلقة بالقافية كأسماء حروفها وحركاتها، وذكر أنواعها وحدد عيوبها. وقد استقرأ قديم الشعر العربي وحديثه، ليضع عدد أعاريض وأضرب كل بحر، لكن الخليل جمد على هذه البحور ولم يعترف بالتطور فكان أن ألزم الشعراء بهذه الأوزان، فإذا كتب شاعر على وزن من خارج اوزان الخليل قيل له انت خرجت على العروض، ومعروف ان التجديد في الشعر العباسي شمل الأوزان، فرزين العروضي جعل أغلب شعره على أوزان مبتدعة.
ان كتب العروض كثيرة ومختلفة المنهج، لكنها أصبحت غير ملائمة لطلبة الجامعات المبتدئين، وأصبحت الحاجة ملحة لكتاب مدرسي في العروض أكثر جدة، يؤمن للطالب حاجته في هذا المجال ولا يضيعه في تفصيلات هو في غنى عنها في هذه المرحلة، عند الاطلاع على كتب العروض قديمها وحديثها يلاحظأنالقديم منها صعباً منفـِّرا لان المؤلف القديم خاطب بها شريحة محتكة بالشعر قراءة وحفظاً، وبالتالي فهو وضع في فهمه ان القارئ على مستوى عال فخاطبه بمستواه. أما الحديثة، فأكثرها تقليدية تأليفية تريد ان تلم بكل شاردة وواردة، واكثرها وضع للقارئ العام فهي تفترض فيه ان يكون على درجة من الإلمام بنغمية الأشعار، بل ربما كان متقدما في العروض أو شاعرا. وتعد دراسة الدكتور صفاء خلوصي"فن التقطيع الشعري والقافية" من أفضل الدراسات الملمة الا انها منحت بعض الجزئيات عناية لا تستحقها وتضيِّع الطالب في تفاصيلها. كما انها لم تحل لغز "معرفة البحر".
إن طلابنا الذين لم يعرفوا بعد كيف يتذوقون الكلمات ويميزون الحرف الساكن من المتحرك، وكيف تتآلف الحركات والسكنات لصنع نوتة البحر الشعري، يحتاجون الى كتاب أكثر بسطا وتبسيطا. ولعل العقبة الكأداء في العروض هي كيفية معرفة البحر الذي ينتمي إليه هذا البيت الشعري أو ذاك. وتلك معاناة مستديمة للطلاب، وربما جرَّ اليأس بعض الأساتذة بسبب انغلاق فهم الطالب الى التسامح في المادة العلمية. وبالنتيجة تحول هذا العلم الدقيق الى ضرب من التخمين الأهوج لدى الكثير من الطلاب، والاستظهار العبثي الذي يكون قصاراه حفظ ما أمكن وإفراغه على الورقة الامتحانية للوصول الى مجرد النجاح دون أن يؤدي هذا الحفظ بالطالب الى فهم يصل عقله وأذنه.
لذا أخذ الأكاديمي والباحث الدكتور محمد تقي جون علي مدرس الأدب العربي في جامعة واسط على عاتقه مهمة إعداد كتاب جديد لتدريس مادة العروض، بعد أن قام بتدريس هذه المادة سنوات عديدة، فصدر بحلة جميلة عن دار الطيف في الكوت. يقول في مقدمة كتابه أنه: "شعر بمعاناة الطالب من مادة العروض الذي يكون متحيرا مبلسا ماذا يصنع بعد ان يقطع البيت الشعري كما يقطع أي شيء ميكانيكيا لا شعوريا؟ فهو لا يدري أي تفعيلة يضع واي بحر يقترح!".
أما طريقة (العروض الرقمي) فهي جديدة ومختلفة لانها تجمع بين الميكانيكية الحتمية والذوقية؛ فهي تعلم الطالب كيف يقطع الأشعار بذهنه وعلى الورق، وهي غير مقطوعة عن دراسة البحور وتطبيقاتها اعتمادا على الأذن مما يفتح افقا لمن يريد امتلاك اذن موسيقية. وقد يلمس القارئ بنفسه نجاح هذه الطريقة من خلال تطبيقها على بعض الأبيات. على أن هذا الأمر لم يخل من صعوبة، ذلك أن المطلوب إيصال علم قديم الى جيل انقطعت علاقته بالأشعار وحفظها وتدويرها في الفكر والاذن، فكان ابعد من النحو والصرف والبلاغة عن حياة الطالب.
وآلية العمل بهذه الطريقة تكون في مرحلتين: الأولى، تحديد البيت على سلم النغم الشعري الذي تتوزع عليه البحور الستة عشر بدون تناسب، ويتكون من أربع طبقات صوتية؛ الأولى تتكون من حركة واحد (تـُمْ)، والثانية من حركتين(تـِتـُم)، والثالثة من ثلاث حركات (تـِتـِتـُمْ)، والرابعة من أربع حركات (تـِتـِتـِتـُمْ). ولا يخرج أي بيت شعري عن هذه الطبقات الأربع. وبعد أن تحدد طبقة البيت النغمية يصار الى المرحلة الثانية وبها يتم تمييز بحور كل طبقة بعضها عن بعض بقوانين داخلية مفصلة فبمجرد أن يقرأ بيت من الشعر فالمرحلة الأولى تجعله ينضوي تحت إحدى طبقات سلم النغم الأربع، والمرحلة الثانية تتم فيها نسبته الى بحره.
جاء الكتاب في قسمين: تناول القسم الأول (العروض) فبيـَّن طبقات السلم الموسيقي للشعر العربي، والزخافات والعلل، وفصـَّل في الكتابة العروضية، وشرح الطريقة الرقمية في تمييز البحور الشعرية، ومثل لاشهر أعاريض واضرب البحور. وتناول القسم الثاني (القافية) فدرس القضايا المهمة التي تغطي موضوعتها وهي: تحديدها، وحروفها، وحركاتها، وأسماؤها وعيوبها وقد أكثر المؤلف من الأمثلة لتحقيق ذلك كما فعل في القسم الأول.لكنه صفح عن إثقال الهوامش بنسبة الأشعار الواردة في المتن الى أصحابها، وهي أشعار مشهورة في الغالب نقلها من دواوين شعرائها، وكتب العروض، وبعضها من نظمه. بغية إفادة الطالب من الهوامش وعدم تشتيت ذهنه فيما لا يدخل في صلب المادة العلمية. وبغية توضيح ذلك لابد من إلقاء ضوء على الطريقة التي تتم من خلالها معالجة البيت الشعري عروضيا.
شرح الطريقة:
توزع بحور الشعر الستة عشر على أربع طبقات حسب عدد الحركات التي يبتدئ بها كل بحر، وقد تتكرر بحور معينة في اكثر من طبقة لدخول الزحاف على هذه البحور وتغير نسب حركاتها وسكناتها، فبحر الكامل مثلا يبتدئ مرة بثلاث حركات (مـُتـَفـَا- علن)، ومرة بحركة واحدة إذا دخله الإضمار (مـُتـْفـَا- علن). وبحر البسيط يبتدئ مرة بحركة واحدة (مسـْ- تفعلن)، ومرة بحركتين إذا دخله الخبن (مـُتـَفـ-ـعلن). والجدول الآتي يضع البحور في طبقاتها ويؤشر تكرارها في أكثر من طبقة:

البحر
التفعيلة الاولى
الطبقة
المديد
(فـَاْعلاتن – فـَعـِلـَاتن)
1 / 3
الرمل
(فـَاْعلاتن – فـَعـِلـَاتن)
1 / 3
الخفيف
(فـَاْعلاتن – فـَعـِلـَاتن)
1 / 3
الكامل
(مـُتـَفـَاْعلن – مـُتـْفـَاْعلن
3 / 1
المتدارك
(فـَاْعـِلـُنْ – فـَعـِلـُنْ)
1 / 3
الرجز
(مـُسـْتـَفـْعـِلـُنْ – مُتـَفـْعـِلـُنْ- مـُتـَعـِلـُنْ)
1/2/ 4
السريع
(مـُسـْتـَفـْعـِلـُنْ – مـُتـَفـْعـِلـُنْ)
1/2
المجتث
مـُسْتَفْع ِلـُنْ – مُتَـفْع ِلـُنْ
1/2
المنسرح
(مُسـْتَفْعِلـُنْ – مُتـَفـْعـِلـُنْ)
1/2
البسيط
(مُسـْتـَفـْعـِلـُنْ – مُتَفْعِلُنْ)
1/2
الوافر
(مـُفـَاْعـَلـَتـُنْ)
2
الطويل
(فـَعـُوْلـُنْ)
2
المتقارب
(فـَعـُوْلـُنْ)
2
الهزج
(مـَفـَاْعـِيـْلـُنْ)
2
المضارع
(مـَفـَاْعـِيـْلـُنْ)
2
المقتضب
(مـُفـْعـَلـَاْتُ)
1

وبهذا فان الطبقة الأولى التي تبتدئ بحركة واحدة تنحصر بأحد عشر بحرا (المديد، الرمل، الخفيف، الكامل، المتدارك، الرجز، السريع، المجتث، المنسرح، البسيط، المقتضب). والمجموعة الثانية التي تبتدئ بحركتين اثنتين تنحصر بعشرة بحور (الرجز، السريع، المجتث، المنسرح، البسيط، الوافر، الطويل، المتقارب، الهزج، المضارع). والمجموعة الثالثة التي تبتدئ بثلاث حركات تنحصر بخمسة بحور (المديد، الرمل، الخفيف، الكامل، المتدارك).. أما المجموعة الرابعة التي تبتدئ بحركة واحدة فتنحصر ببحر واحد (الرجز) لان ورودها في (السريع) قليل، و(البسيط) شذوذ. هذه هي الخطوة الأولى في عملية تمييز البحور، أي أن تضعه في إحدى الطبقات، والخطوة الثانية هي الحاسمة في تحديد البحر الذي ينتمي إليه البيت، وسوف نأتي إليها بالوقوف على بحور كل طبقة.
وصايا الطريقة
1. يجب حفظ مفاتيح البحور.
2. يجب اتقان التقطيع الشعري صوتياً أو حرفياً او كليهما.
3. معرفة البحر تشتغل على صدر البيت فقط، اما العجز فنعرف من خلاله نوع البحر (أي تحديد عروضه وضربه)، ومن الممكن بسهولة معرفة إن كان البحر كاملا او مجزوءا من خلال ذلك.
4. يعتمد في تمييز البحور على بداية البيت لان نهايات الابيات متغيرة بسبب العلل.
5. بعد ان يتم تحديد البحر، يقطع البيت على تفعيلاته صوتيا أو ورقيا للتأكد من صحة التحديد بشكل نهائي.
الطبقة الرابعة (تـِتـِتـِتـُمْ/ - - - - 5)([1])
اذا بدئ البيت الشعري بأربع حركات فسكنـة؛ فالبحر هو (الرجز) وقد دخل تفعيلته الاولى الخبل (مـُتـَعـِلـُنْ). والخبل يرد قليلا في السريع وهو قبيح فيه([2]) مما يجعل بحر الرجز ينفرد به، بل انه يقل في الرجز أيضاً، وللتأكد تطبق تفعيلات الرجز على البيت فاذا لم تطابق فهو السريع. ومن الضروري بعد تحديد البحر تطبيق تفعيلاته على البيت الشعري دائماً.
الطبقة الثالثة (تـِتـِتـُمْ/ - - - 5)
إذا بدئ البيت الشعري بثلاث حركات فهو ينحصر بخمسة بحور:
الكامل: (مـُتـَفـَاْ- علن) (اصل التفعيلة)
المتدارك: بتفعيلة (فـَعـِلـُنْ)
الخفيفنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيفـَعـِلـَا- تن) (وقد دخل فاعلاتن الخبن)
الرمل: (فـَعـِلـَا- تن) (وقد دخل فاعلاتن الخبن)
المديد: (فـَعـِلـَ- تن) (وقد دخل فاعلاتن الخبن)
1. إذا جاء بعد الحركات الثلاث والسكون(تـِتـِتـُمْ - - - 5)، حركتان فسكون (تـِتـُمْ - - 5) فهذه تفعيلة (متفاعلن) التي توجد في بحر الكامل فقط. فيكون البحر الكامل.
2. اذا جاءت بعد الحركات الثلاث (تـِتـِتـُمْ)، ثلاث حركات أخرى (تـِتـِتـُمْ - - - 5) فهو المتدارك (فـَعـِلـُنْ فـَعـِلـُنْ)،، اما اذا جاءت حركتان يفصل بينهما سكون (تم تم - 5 - 5 ) فيكون المتدارك شرط ان ياتي بعدها مثلها (تم تم - 5 - 5 ) او ثلاث حركات فسكون (تـِتـِتـُمْ - - - 5).
3. إذا لم يكن الكامل أو المتدارك فهذا يعني أحد البحور الثلاثة التي تبتدئ بتفعيلة (فاعلاتن) وقد دخلها (الخبن) فأصبحت (فـَعـِلـَاتنْ). وهي (الخفيف، الرمل، المديد). فنقوم بتحديد تفعيلة (فعلاتن) في البيت لننظر ما بعدها.
4. إذا جاء بعد (فعلاتن) الأولى حركتان يفصل بينهما ساكن (تـُمْ تـُمْ/ - 5 - 5) او حركتان متواليتان (تـِتـُمْ/ - - 5)، فهذا يعني ان التفعيلة التي تلت (فعلاتن) هي (مستفعلن) او (متفعلن) وقد دخلها الخبن. وهذا هو (الخفيف).
5. إذا جاءت بعد (فعلاتن) الأولى (فاعلاتن) او (فعلاتن) وما تبقى من البيت (فعلاتن) ثالثة أو (فاعلن) فهو (الرمل).
6. إذا لم يكن الخفيف او الرمل فهو (المديد)، اما اذا وضعنا (فعلاتن) او (فاعلاتن) بظننا انه الرمل وبقي من البيت حركتان فسكون(تتم - - 5) او حركتان فسكون فحركـــة فسكون (تتم تم - - 5- 5) فمعنى ذلك خطأ التخمين والبحر ليس الرمل بل المديد، اذ يجب ان يبقى (فاعلن) أو (فاعلاتن).
مثال:
قطع البيت الشعري الآتي وحدد طبقته وبحره.
وثن يعبد في روضة صيغ من در ومرجان
وَثـَنـُنْ يـُعـْـبـَدُ فـِيْ رَوْضـَتـِنْ
- - - 5 - 5 - - - 5 - 5 - - 5
صِـيْـغَ مـِنْ دُرْرِنْ وَمـَرْ جـَاْنـِيْ
- 5 - - 5 - 5 - 5 - - 5 - 5- 5
بعد التقطيع يتبع ما يأتي (مع التقطيع الورقي يتمرن الطالب على التقطيع الصوتي)
1. بما أن البيت يبتدئ بثلاث حركات فسكون فهو من الطبقة الثالثة.
2. بما انه لم تأت بعد الحركات الثلاث وسكونها حركتان فسكون (تتم - - 5) فهو ليس الكامل.
3. بما انه لم تأت بعد الحركات الثلاث وسكونها حركات ثلاثأخر (تتتم - - - 5) أو حركتان يفصل بينهما سكون (تم تم - 5 - 5)، فهو ليس المتدارك.
4. إذن البيت بين (الخفيف، الرمل ،المديد) فنحدد فاعلاتن الأولى في البيت.
5. بما انه لم تأت بعد (فعلاتن) الأولى حركتان يفصل بينهما سكون (تم تم- 5 - 5) او حركتان متتاليتان (تتم- - 5)، فهو ليس الخفيف.
6. إذا فرضنا انه الرمل وانه بعد فعلاتن الأولى تكون/ بـَدُفـِيْ رَوْ / (فعلاتن) فما يتبقى من البيت (ضـَتـُنْ) أي (تتم/ فعوْ)، والرمل يقتضي ان تكون بعد (فاعلاتن) الثانية. اما (فاعلاتن) ثالثة أو (فاعلن) في حالة الحذف. إذن البيت من المديد. فيكون تقطيع البيت.
وَثـَنـُنْ يـُعـْ/ـبـَدُ فـِيْ / رَوْضـَتـِنْ
- - - 5 - 5 /- - - 5 /- 5 - - 5
فعلاتن / فـَعـِلـُنْ / فاعلن
صِـيْـغَ مـِنْ دُرْ/رِنْ وَمـَرْ / جـَاْنـِيْ
- 5- - 5 – 5 / - 5 - - 5/ - 5 - 5
فاعلاتن / فاعلـن / فـَعـْلـُنْ
الطبقة الثانية (تـِتـُمْ - - 5)
إذا ابتدأ البيت بحركتين فسكنة (تتم - - 5)، فهو محصور في عشرة بحور؛ وتكون قسمين في كل قسم خمسة. الأول: تبتدئ بحوره بـ(مستفعلن) وقد دخلها الخبن فأصبحت (متفعلن) وهي (المجتث، الرجز، السريع، البسيط، المنسرح). والثاني بحوره متنوعة التفعيلات وهي (الطويل، المتقارب، الهزج، المضارع، الوافر).
القسم الأول

إذا جاء بعد الحركتين الأوليين وسكونهما حركتان أخريان ( تتم - -5) فهي (متفعلن) أي مستفعلن وقد دخلها الخبن وهذا يجعل الترشيح في البحور التي تبتدئ بمستفعلن (المجتث، الرجز، السريع، البسيط، المنسرح). فنتبع الخطوات الآتية لمعرفة بحر البيت المسؤول عنه:
1- إذا جاء بعد (متفعلن) (فعلاتن) أو (فاعلاتن) صحيحة أو مشعثة (فالاتن) وانتهى البيت فهو (المجتث) فهو من البحور القصيرة الواضحة النغمة.
2- إذا جاء بعد (متفعلن) مستفعلن (تم تم تتم - 5- 5 - - 5) او متفعلن أخرى (تتم تتم - - 5 - - 5)، فهو إما الرجز أو السريع. فإذا انتهى البيت بهاتين التفعيلتين فهو مجزوء الرجز وإذا لم ينته فالبحران (الرجز والسريع) يفترقان في التفعيلة الثالثة فإذا جاءت (تم تم تتم - 5- 5 - - 5)(مستفعلن) او احدى مشتقاتها؛ مخبونة (مُتـَفـْعِلـُنْ) ، او مطوية (مستعلن) او مخبولة (متعلن) او مقطوعة (مفعولن) او مقطوعة مخبونة (فعولن)، فهو بحر (الرجز). اما اذا جاء (فاعلن) أو (فـَعـِلـُنْ) فهو (السريع).
3- اذا لم يكن المجتث او الرجز او السريع فهو بين (البسيط) و(المنسرح).
4- اذا جاء بعد (متفعلن) ثلاث حركات (تتتمْ - - - 5) فهو البسيط. واذا جاء بعد (متفعلن) حركتان يفصل بينهما سكون (تم تم - 5- 5) فهو المنسرح. أما اذا جاءت حركة فسكون فحركتان فسكون (تم تتم - 5 - - 5) فهو مشترك بين البحرين (فـَاْعِلـُن) للبسيط، و(مـُفـْعـَلـَاْ- تُ) للمنسرح. ولكن يفترقان بعد ذلك فالبسيط ياتي سبب خفيف (تم - 5) والمنسرح يأتي وتد مجموع (تتم - - 5). والذي يعوِّد أذنه على نغمة البحرين يستطيع أن يميز بينهما بسهولة مع الوقت.
مثال:

قطّع البيت الآتي وعرّف بطبقته وبحره:
يكاد من فرَّ مـــــن منيتـه في بعض غراته يوافقهــا
يـَكـَاْدُ مـَنْ فـَرْرَ مـِنْ مـَنـِيـْيـَتـِهـِيْ
- - 5- - 5 - 5- - 5 - - 5- - - 5
فـِيْ بـَعـْضِ غـِرْرَاْتـِهـِيْ يـُوَاْفـِقـُهـَاْ
- 5 - 5- - 5- 5- - 5 - - 5- - - 5
نتبع للحل الخطوات الآتية:
1- يبدأ البيت الشعري بحركتين فسكون إذن هو من الطبقة الثانية. وبعدهما جاءت حركتان متواليتان إذن هو من القسم الأول أي البحور التي تبتدئ بـ(مستفعلن) التي دخلها الخبن فأصبحت (متفعلن).
2- لم يأت (فاعلاتن) أو (فعلاتن) أو (فالاتن) بعد (متفعلن) فهو ليس المجتث.
3- لم تأت بعد (متفعلن) (مستفعلن) أو إحدى مشتقاتها فهو ليس الرجز ولا السريع.
4- البيت من المنسرح لأنه بعد (متفعلن) جاءت (تم تتم - 5 - - 5) وبعدها جاء وتد مجموع (تتم - - 5) فهو اذا (متفعلن مفعلات مستعلن) وهذا هو المنسرح.
القسم الثاني

وبحوره ( المضارع، الهزج، الوافر، الطويل، المتقارب).
1- اذا جاءت بعد الحركتين والسكون، حركتان بينهما سكون (تتم تم تم - - 5 - 5- 5) فهذه التفعيلة (مفاعيلن) فاما ان يكون المضارع او الهزج او الوافر او مجزوءهالمعصوب.
2- اذا جاء بعد (مفاعيلن)، أو (مفاعيلُ) وقد دخلها (الكف)، (فاعلاتن) فهو (المضارع). وهو بحر قصير وثقيل ونادر الاستعمال ونغمته يسهل حفظها.
3- إذا جاء بعد (مفاعيلن) أو (مفاعيل) مثلها فهو الهزج . ويشترك احيانا الهزج مع مجزوء الوافر ولكن الفرق ان (مفاعلتن) اذا دخلها العصب تصبح (مـَفـَاْعـَلـْتـُنْ = مفاعيلن) فقط ولا تتحول الى (مفاعيل) لان الكف لا يدخلها، وشرط مجزوء الوافر ان تأتي بعد (مفاعيلن) (مفاعلتن) إذا كان بيتا أما إذا كانت قصيدة ففي الأقل ان ترد مفاعلتن في احد الأبيات، والشعراء المحدثون يخلطون بينهما.
4- إذا جاءت بعد الحركتين فالسكون ، ثلاث حركات (تتم تتتم - - 5 - - - 5)، فهو أما الوافر وقد جاءت تفعيلته صحيحة (مَفـَاْعَلـَتـُنْ)، أو الطويل وقد دخل (فـَعـُوْلـُنْ) القبض فتكون (فـَعـُوْلُ مـَفـَا- عيلن) او المتقارب وقد دخل تفعيلته الأولى (فعولن) القبض ايضا فتكون (فـَعـُوْلُ فـَعـُوْ- لن) ويتم فك الاشتباك هذا بالنظر الى التفعيلة الثالثة.
اذا جاء بعد الحركات الثلاث وسكونها حركتان متتاليتان فسكون (تتم - - 5) فهو الوافر (مفاعلتن مفا- علتن). اما اذا جاءت بعدها حركتان بينهما ساكن (تم تم - 5- 5) فهو الطويل (فعولُ مفاعيلن). اما اذا جاءت بعدها ثلاث حركات اخر (تتتم - - - 5)، او حركة فسكون فحركتان فسكون (تم تتم - 5 - - 5) فهو المتقارب اذا دخل القبض تفعيلته الثانية (فعول فـَعـُوْلُ فـَعـُوْلُـنْ) او لم يدخلها (فـَعـُوْلُ فعولن فعو- لن).
5- اما اذا جاءت بعد الحركتين والسكون في بداية البيت ، حركة فسكنة فحركتان فسكنة (تم تتم - 5 - - 5) فيستبعد الوافر ويكون بين الطويل (فـَعـُوْلـُنْ مـَفـَا- عيلن) والمتقارب (فـَعـُوْلـُنْ فـَعـُوْ- لـُنْ). والتمييز بينهما هو اذا جاءت بعد ذلك حركتان بينهما سكون (تم تم - 5- 5) فهو الطويل (فـَعـُوْلـُنْ مـَفـَاعـِيـْلـُنْ) واذا جاءت ثلاث حركات (تتتم - - - 5) او حركة فسكون فحركتان فسكون (تم تتم- 5 - - 5) فهو المتقارب (فـَعـُوْلـُنْ فـَعـُوْلُ فـَعـُوْ–لن) او (فـَعـُوْلـُنْ فـَعـُوْلُنْ فـَعـُوْ – لن).
مثال:

قطع البيت الآتي وعين طبقته واسم البحر الذي ينتمي إليه.
اردتُ قصيرات الحجال ولم أرد قصار الخطى شر النساء البحاترُ
اَرَدْتُ قـَصـِيـْرَاْتِ لـْحـِجـَاْلِ وَلـَمْ اُرِدْ
- - 5- - - 5- 5- 5- - 5- - - 5 - - 5
قـِصـَاْرَ لـْخـُطَىْ شـَرْرُنْْنـِسـَاْءِ لـْبـَحـَاْتـِرُوْ
- - 5- 5- - 5 - 5- 5- - 5- 5- - 5- - 5
نتبع لمعرفة البحر ما يأتي:
1- يبتدئ البيت بحركتين فسكون، فهو إذن من الطبقة الثانية، ولما لم يعقبهما حركتان أخريان فهو ليس من القسم الأول الذي تبتدئ بحوره بـ(متفعلن). إذن هو منالقسم الثاني.
2- ليس من الهزج أو المضارع لأنه لم تأت بعد الحركتان الأوليان حركتان بينهما سكون (تتم تم تم - - 5- 5- 5) أي مفاعيلن.
3- بما انه جاءت ثلاث حركات بعد الحركتين الأوليين (تتتم - - - 5) فهو إما الوافر أو المتقارب أو الطويل.
4- ليس من المتقارب لأنه بعد الحركات الثلاث وسكونها لم تأت حركتان.
5- بما انه بعد الحركات الثلاث جاءت حركتان بينهما سكون أي سببان خفيفان فهو اذن الطويل ( تتم تتتم تم تم - - 5 - - - 5 - 5 - 5) = فعولُ مفاعيلن.
اَرَدْتُ / قـَصـِيـْرَاْتِ لـْ/حـِجـَاْلِ / وَلـَـــمْ اُرِدْ
- - 5- / - - 5- 5- 5/ - - 5- / - - 5- - 5
فعول / مفاعيلن / فعولُ / مفاعلن
قـِصـَاْرَ لـْ/خـُطـَىْ شـَرْرُلـْ/نـِسـَاْءِ لـْ/ بـَحـَاْتـِرُوْ
- - 5- 5 / - - 5- 5- 5 /- - 5 - 5 / - - 5- - 5
فعولن / مفاعيلن / فعولن / مفاعلــن
الطبقة الاولى (تُمْ -5)
اذا ابتدأ البيت بمتحرك واحد فسكون فهو محصور بأحد عشر بحرا. الا ان التمييز بينها أيسر لمن اتقن طريقة التمييز في الطبقات الثلاث الاولى فهنا مجرد تكرار للسابق.
1- إذا جاءت بعد الحركة الأولى وسكونها حركة فسكون (تم تم - 5- 5) فهي قد تكون (فـَعـْلـُنْ) فاذا جاء بعدها مثلها، او ثلاث حركات ( تتتم - - - 5) أي (فـَعـِلـُنْ) فهذا بحر (المتدارك).
2- اما جاء بعد (تم تم - 5- 5) حركتان فسكون (تتم - - 5) فهذه تفعيلة (مستفعلن) عندها ينحصر البيت بستة بحور (الرجز، السريع، البسيط، المنسرح، المجتث)، ويضاف اليها الكامل وقد دخل تفعيلته الأولى (الإضمار) (مـُتـْفـَاْعـِلـُنْ = مستفعلن). وقد مر بنا كيفية التمييز بين هذه البحور، عدا أن الفرق بين الكامل المضمر والرجز في انه إذا وردت (مـُتـَفـَاعلن) مرة واحدة في البيت او القصيدة فهو الكامل وبخلافه يكون الرجز.
3- اذا جاءت بعد الحركة وسكونها ثلاث حركات فسكون (تم تتتم - 5- - - 5) فهذه (مستعلن) وهي صورة من (مستفعلن)، ولكن في هذه الحالة الاحتمالية تنحصر في (الرجز والسريع والمنسرح ومخلع البسيط) فقط ولا تاتي في البسيط التام، ولا الكامل المضمر ولا المجتث، وبهذا نمايز بين هذه البحور فقط وقد مر ذلك بنا، علماً بأن مفتاح مخلع البسيط (مستفعلن فاعلن فعولن).
4- أما إذا جاء بعد الحركة وسكونها حركتان فسكون(تم تتم - 5 - - 5)، فقد يكون (فاعلن) فإذا اطردت في البيت فهو المتدارك. وإذا تلاها سبب خفيف (تم - 5 ) فهي (فاعلاتن) وبهذه الحالة ينحصر البيت في ثلاثة بحور هي (الخفيف، الرمل، المديد) وقد مرت بنا في الطبقة الثالثة وعرفنا طريقة التمييز بينها.
5- إذا لم يكن على احد هذه البحور فهو المقتضب (مـُفـْعـَلـَاْتُ مـُسـْتـَعـِلـُنْ). وهو بحر قصير ومعرفته سهلة.
مثال:
قطع البيت الآتي وعين طبقته والبحر الذي ينتمي إليه:
اقتلوني ومالكــا واقتلوا مالكا معــــي
اِقـْتـِلـُوْنـِيْ وَمـَاْلـِكـَنْ وَقـْتـِلُوْ مـَاْ لـِكَنْ مـَعـِيْ
- 5- - 5- 5 - - 5- - 5 - 5- - 5- 5 - - 5- - 5
لمعرفة هوية البيت نتبع ما يأتي:
1- بدأ البيت بحركة فسكون فهو اذن من الطبقة الاولى.
2- لم تأت بعد الحركة وسكونها حركة فسكون (تم تم - 5- 5) فمعناه انه لا يبدأ بـ(فـَعـْلـُنْ) فهو ليس المتدارك. ولا يبدأ بـ(مستفعلن) فتستبعد البحور المبدوءة به (الرجز، السريع، البسيط، المنسرح، المجتث، الكامل المضمر).
3- بما انه بعد الحركة فالسكون تأتي حركتان فسكون (تم تتم – 5- - 5) فالاحتمالية في المتدارك ذي تفعيلة (فاعلن)، والمقتضب (مـُفـْعـَلاتُ)، والبحور التي تبدأ بـ(فاعلاتن) (الخفيف، الرمل، المديد).
4- يستبعد المتدارك لان تفعيلة (فاعلن) تتكرر مرة واحدة. ويستبعد المقتضب لانه (مـُفـْعـَلـَاْ- تُ مُسـْ - تـَعِلُن) أي يقتضي بعد ذلك أن تأتي حركتان فسكون بينما البيت بعد ذلك تأتي حركة فسكنة ( - 5- - 5 – 5) وهذه (فاعلاتن).
5- إذن هو من البحور المبدوءة بـ(فاعلاتن) وهي (الخفيف، الرمل، المديد). نحدد هذه التفعيلة في البيت وننظر ما بعدها:
اِقـْتـِلـُوْنـِيْ / وَمـَاْلـِكـَـــنْ
فاعلاتن /
6- نستبعد الرمل لان تفعيلة (فاعلاتن) لا تتكرر. ويستبعد المديد لانه لا يأتي بعدها (فاعلن) أو مخبونها (فـَعـِلـُنْ).
7- إذن هو مجزوء الخفيف (فاعلاتن متفعلن) أي حذفت تفعيلته الثالثة (فاعلاتن).
اِقـْتـِلـُوْنـِيْ / وَمـَاْلـِكـَـنْ
فاعلاتن / متفعلن
ـــــــــــــــ
وهكذا انطلقت فكرة الكتاب من طريقة جديدة لحل لغز معرفة البحر للبيت الشعري، وقد حرص مؤلفه على ان يلم بكل ما يحتاجه الطالب من هذا العلم، بعد أنوجد ان صعوبة العروض الحقيقية ليست في مصطلحاته فهي قليلة بالقياس لمصطلحات النحو والصرف والبلاغة، ولكن في كون العروض يدرس بمعزل عن تدبر الأشعار واستظهارها فيصيب درسه الجفاف. فلجأ إلى تجاوز غير الواقعي في الزحافات والعلل وأعاريض وأضرب البحور تشذيبا لهذا العلم من الميت لربطه بالحياة الشعرية الحية، بعد ان مالت اغلب الدراسات العروضية الى الشمولية فوضعت قوانين على أبيات شاذة او مصنوعة او نادرة او قليلة. فضلاً عن ذلك فان الكتاب تناول دراسة علمية ناقشت قضايا تخبط بها العروضيون كأنواع الرجز وحقيقة بحر المتدارك في كونه بحرين لا بحراً واحداً وكذلك فكرة الدوائر الخليلية والاقتصار على ستة عشر بحراً والزحافات والعلل والتفعيلات العشر كل ذلك طرحت فيه وجهة نظر جديدة. وبذا يبدو أن الكتاب حقق غايته المرجوة باخراجه في صورة يفهمها الطالب المبتدئ والمثقف استاذاً او اديباً او متأدباً. فيوصي الكتاب بعدم الاكتفاء بالتقطيع حرفياً وانما يصار الى تدبر الطريقة الصوتية في التقطيع، فيفيد الطالب المبتدئ، والمثقف المتقدم على السواء فهو يعتمد الطريقتين النظرية والعملية في آن.
وعن مؤلف الكتاب، فهو أكمل البكالوريوس عام 1994 والماجستير عام 1997 في كلية الآداب- جامعة بغداد، وكانت رسالته "الحماسة في شعر المتنبي"، كما حصل على الدكتوراه عن أطروحته "المتنبي مؤرخا" الذي صدر بصورة كتاب عن دائرة الشؤون الثقافية، وأصدر ديوانا بعنوان "لِدُنا والحب"، وله نص مفتوح عنوانه "منامات ابن سينا"، وهو عضو في كل من نقابة الصحفيين وإتحاد الأدباء والكتاب العراقيين، ويعمل الآن مدرسا للأدب العربي في جامعة واسط، ختاما لابد أن نهنئ الباحث بل ونهنئ وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وجامعة واسط على هذا النتاج الكبير في هذه الظروف، إذ يحق لنا ولهما الفخر بمثل هذه النتاجات.
والله الموفق
الدكتور طالب محيبس الوائلي
قسم التاريخ / كلية التربية / جامعة واسط
للمزيد من الاطلاع