بسم الله الرحمن الرحيم

ثقافة العنف


في الآونة الأخيرة وبعد انتشار الفضائيات وغيرها من وسائل نقل الصورة الثقافية للبيوت

انبرى لهذه الصناعة من جنود إبليس جيوش كبيرة تنفق ثروات طائلة لنشر ثقافات مختلفة تدنس

الفكر الإسلامي في عقول شبابنا وفتياتنا وأقول الحقيقة نجحوا بنسب لايستهان بها

ولاشك أن هناك من جنود الرحمن من يتصدى لتلك الثقافات الهدامة ورغم ضيق الثغور المتواجدين
عليها إلا أن لهم وبفضل الله التأثير الطيب في مواجهة هذا العدوان على أمتنا

ولكن ساحة العدو وإمكانياته الضخمة كبيرة جداً وكذلك تنوع الأسلحة التي يسيطر عليها كثيرة

ومنتشرة واخطر تلك الأسلحة وأشدها تدميراً هي التي تتكلم بلساننا ويقولون نحن مصلحون ضمن إطار ديننا
الحنيف – ألا إنهم هم المفسدون
فتجد أنهم ينفقون أموال طائلة لنشر أفكار أسيادهم في فضائيات كل شيء فيها عربي وتجدهم عند عرض لقاءات
لبعض مسئوليهم في إدارة تلك البرامج يتكلم بحماسة ويدعوا من الله التوفيق دائما وتجده يتكلم بالفقه

وهي كلمات صنعها عقل الشيطان في قلوب هؤلاء الناس وصاغتها ألسنتهم العربية والتي تذكر الله بالفطرة

والتي لوثتها السبل المتفرقة والتي أعيت عقولهم فضلوا السبيل القويم – قال الله تعالى (أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلاً ) وهي الآية 44 أقول انتبهوا أيها الأخوة أين هذه الآية الكريمة إنها في سورة الفرقان والعنوان دليل قوي لمعنى أن هؤلاء الناس يعيشون في الباطل

أقول إن مقدمة الموضوع شملت أكثر معنى من عنوان الموضوع حيث أنواع الفساد كثيرة ومعانيه متفرقة وهدفه واحد هو تخريب القاعدة

الأساسية للمجتمع الإسلامي لتنهار الأمة بانهيار شبابها – اخترت نشر ثقافة العنف لموضوعي

ومؤجلاً بعض الثقافات الهدامة الأخرى لقادم الأيام إن أحيانا الله
قمت بمتابعة كثير من الأفلام الأجنبية والعربية التي تعتمد فكرتها على العنف كوسيلة لحل المشاكل الاجتماعية
والحقيقة كنت أتابعها مع أولادي وكنت اهتم بدراسة حالة أولادي النفسية أثناء عرض الفلم وبعده

فأجده مشدوداً دافعاً بحواسه كاملة إلى أحداث قصة الفلم ليعيدها إلى نفسه بعد الانتهاء ممتلئة
بتلك الأفكار المشوهة وهنا لابد لي من وقفة تحليلية على مايجري بشخصية المتابع لمثل هذه الأفلام
وخاصة الشباب

إن التأثير الذي استقبله من تلك الأحداث لاينتهي فهو كالطعام تماما يدخل إلى المعدة فتوزعه إلى الأعضاء ليتحول بالآليات المعروفة إلى غذاء لكافة أعضاء الجسم كذلك تلك الأفكار يبدأ العقل بهضمها وتوزيعها إلى المشاعر المسئولة عن تكوين الشخصية

الثقافية والسلوكية للإنسان وعندما تتكاثر تلك الوجبات يشتغل العقل بنشاط أكثر وتبدأ المشاعر باكتساب


الثقافة التكوينية الجديدة وتضطر إلى تنظيف نفسها مما علق بها من ثقافات قديمة قد سارت عليها فترة طويلة من حب التسامح ومعالجة المشاكل بالحلم والكلمة الطيبة والولوج إلى الأماكن الاجتماعية التي يصعب

حلها بمفاتيح الخير الكثيرة التي يمتلكها أفراد المجتمع الآخرين فنصل إلى الحلول السليمة والعلاج الشافي
وليس إلى حلول العنف التي تسقي الفئات المتناحرة مزيدا من أفكار الانتقام والثأر

عندما يدمن الشباب على هذا النمط من الأفلام التي تجاوزت بخيالها الفكري قدرة الإنسان مهما بلغت قوته فتجد شخصية البطل الذي يجعل منه الكاتب بحنكة فنية قدوة للشباب تجده يقاتل العشرات ويقفز من أماكن مرتفعة جدً ليسقط إلى الأرض ولا يصيبه أي شيء من الأذى ليتابع قتاله فينتصر
على المجموعات التي تنتظره وهكذا يدخلون تلك الشخصية المحببة إلى نفسية الشباب المشاهدين فيتقمصها ويقوم خياله ينسج صورة لنفسه تحاول مشابهة هذا البطل وهو لايدري أن هذا الخيال حرق شجاعته الفطرية وأوصله إلى الجبن لأن مفهوم المواجهة التي تشكلت لديه جعلته يعيش حالة فصام قوية

ولا يكتفي التأثير على هذا الجانب بل يتعدى إلى السلوك الدراسي وعلاقة الزمالة التي تتحول إلى حوار العنف والابتعاد عن الكتاب
والشرود بأحداث الأفلام أثناء الدوام الدراسي
وسيحصل لديه فشل دراسي لامحالة إلى جانب تعلم سلوكيات أخرى من أن البطل يشعل سيجارة ويتلذذ بها مع كأس خمره أوربما جرعة من المواد المخدرة التي تجعله يعيش قوة إضافية ولذة في العيش

ولا تضنوا أني أبالغ في مأساة كثير من الشباب الذين يقعون في هذه الشباك التي نصبت لهم
فيصبحون مصائب على أهلهم وعلى المجتمع

إن الذي استغربه أن قناة عربية تبث على مدار الأربع وعشرين ساعة أفلام هندية وهذه الأفلام منسوجة على منوال واحد البطل الأوحد الذي يقتل لوحده المئات

وأقول الأفلام الأمريكية التي تبثها القنوات العربية والتي تجاوزت كل الخيال بالعنف وبحرفية عالية وتأثير أقوى في نفسية الشباب وتدمير التفكير القويم لهم – حتى أني اذكر منذ سنين كنت أتابع برنامج لفهم السينما الأمريكية وكنت أتابع تحليل لها وأظهر المحلل لقطات عنف
واغتصاب وقال معلقاً أتدرون أيها الأخوة إن هذه اللقطات حقيقيقية وليست تمثيل وهذه الأفلام تباع بملايين الدولارات في السوق السوداء

يقومون أصحابها بدخول أماكن معينة وغالباً ماتكون فقيرة فيقومون بعمليات اغتصاب حقيقية يتم تصويرها بأحداث تفرضها وقائع مايستجد من أحداث وتمت حادثتين قتل حقيقي
نستجير بالله مما وصل إليه هؤلاء الشذاذ

إني أوجه كلامي إلى الآباء حيث لايستطيع أي مجتمع أو مؤسسة أو نظام سياسي من السيطرة على هذا البث
مهما حاول أقول عليكم أيها الآباء بتوجيه أبنائكم إلى برامج الخير الكثيرة بالإقناع وليس بالعنف فالعنف
يولد ردات الفعل والتي تتمثل بالحصول على نفس المصادر أو أسوأ وأجهزة البث متوفرة داخل المنزل وخارجه
كلمة أخيرة أقولها إن هذا النوع من العنف هو اخطر من المخدرات على عقول شبابنا