عيوبنا ... وكيف نتخلص منها ؟


( الإرادة القوية المتوجهة نحو الخير )


إن هناك إشكالية من الإشكاليات الكبيرة لدى بني البشر هي ليست في عدم توافر المعلومة أو النقص فيها أو الصعوبة في تحصيلها أو في عدم القدرة على الفهم والوعي بما حولنا , بل أن الإشكالية في عدم الصدق مع النفس وعدم القدرة أو قلتها على المواجهة بكل وضوح وشفافية مع تلك النفس
إن ضبابية الإنسان في تعامله مع ذاته والصدق معها هي المشكلة التي يجب أن نبادر بعلاجها لدى كلٍ منها , فغالب مايحدث أننا ندرك عيوبنا ونقدر حجمها وندرك كذلك كيف نتخلص منها وندرك كذلك عواقب وجودها والآثار المترتبة عليها ولدينا وعي قد يكون في بعض الأحيان تاماً بكل ذلك ولكني أرى أن الذي ينقصنا هو وجود الإرادة الحرة القوية الصادقة للنفس البشرية والتصميم والعزيمة على التخلص من تلك العيوب والبدء بالفعل في أن نخطو أولى خطواتنا الجادة الهادفة المقننة للتخلص منها ’ فإننا مثلاً عندما نقول لأحدهم : ياهذا ألا تعلم أن التدخين من أضر الممارسات بصحتك وعافيتك ونفسيتك وإنه كذا ... وكذا ,,, وكذا ... إذاً فما الداعي إلى أنك تقوم بإلحاق الضرر بنفسك ويتم ذلك بنفسك أيضاً بيدك لابيد غيرك وأنت تعلم أنه كله مضرة ولديك الوعي التام بذلك ؟ فإنه يجيب على الفور الإجابة التي يظنها تريح باله وتريحه من وخز الضمير وعذاباته : أنا أعلم ذلك كله وبالفعل لدي الوعي به ولكن ماذا أفعل ؟ حاولت أن أقلع عن تلك العادة ولم أستطع ... إلى غير ماهنالك مما يردده على أسماعنا المدخنون تعبيرات تنم عن عدم وجود الإرادة الخيرة الصادقة القوية والعزيمة الصادقة أيضاً على التخلص من ذلك العيب القاتل ألا وهو الملعونة الحمراء وهي ممارسة ثبت بما لايدعو مجالاً للشك أنها قاتلة ومدمرة للجسد البشري والنفس البشرية على حدٍ سواء
مثال آخر : تلك السيدة المتبرجة التي تتفنن في إظهار مفاتن جسدها بالسفور والعري والتبذل للناظرين من الناهمين والجائعين للنظر إلى ماحرم الله تعالى وعندما يقال لها : ياهذه إن التبرج معرة للمرأة المسلمة لأن فيه انتفاء للحياء وهو شيمة الكريمات من النساء وأن بالسفور العديد من المخاطر والبلاءات والآثار المترتبة عليه وهي كذا ... وكذا ,,, وكذا ... وأننا نعتقد أن لديكِ الوعي بذلك بادرتك على الفور بقولها والذي تظنه أن فيه المبرر المقبول : إنني على علم بالفعل بكل ذلك ولدي وعي به .. فيقال لها : إذاً فلماذا تأتين سلوكاً وتمارسين ممارسةً أنتِ تعلمين أن بها المعرة تلحق بكِ ؟ أهي السفاهة ؟ ! فتجيب في بلاهة قائلة : لا لستُ سفيهة ولكنني لاأقدر أن أقاوم وأمنع نفسي من إتياني ذلك السلوك فإنه يدفعني إليه دافع قهري دفعاً ... لاأستطيع أن أقاوم ... لاأستطيع ... لاأستطيع
مثال آخر : ذلك الرجل اللعوب الذي يدع زوجته الجميلة الشابة ترقد وحدها في فراش الزوجية البارد تشعر بالحرمان العاطفي وبرودة الفراش ويذهب إلى ممارسات محرمة وآثمة هنا وهناك مع الساقطات وبائعات الهوى والغواني غير عابئ بمن حوله ولابسمعته وسمعة أهله وزوجته وأهل زوجته وسمعة أولاده وحقوق كل هؤلاء عليه وحق عمله عليه وشرفه وكرامته واللذين يهدرهما ويريقهما بمجرد ممارسته لكل تلك الممارسات الخاطئة بالسير في دروب الغواية واقتراف اللذة المحرمة والتحصل عليها والمتعة الحلال متوافرة لديه لدى زوجته الوديعة اليافعة , فإذا خاطبته بقولك : ياهذا ألا تعلم أن في ممارساتك تلك خطورات عليك بالعدوى بالأمراض الفتاكة كالزهري ونقص المناعة المكتسبة ( الإيدز ) والأفيولا وغيرها من عشرات الأمراض التي تنقل بالجماع المحرم واختلاط ماءات الرجال في الرحم لنفس الأنثى وهناك إهدار لكرامتك وإضاعة لشرفك والخوف على عرضك في زوجتك من أن يمس بسنة ( كما تدين تدان ) وكذا ... وكذا ,,, وكذا ... أليس لديك وعي بمخاطر أن تسلك في ذلك الأمر الطريق الخاطئ وزوجتك كملك يمينك أنا طلبتها وجدتها وتكون سعيدة أنها تسعدك وتعطيك من عسلها ماتشاء أن ترتشفه وتشتهيه ؟ يبادر على الفور بقوله في عته : لا لدي وعي بخطورة ماأفعله وأنا أدرك ذلك كله لأن الحقيقة والصحيح من الأمور لايخفى على أحد , فتجيبه بالسؤال بقولك : إذاً فلم تقوم بفعل ذلك ؟ هل هي السفاهة ؟ أم أنها الجرأة على إتيان المعاصي واقتراف الآثام والتعدي على حرمات الله وأنت تعلم أنك مسلم وتقر بأنك مسلم ؟ هل هو عدم الخوف من الله الجليل ؟ ينفي لك ذلك بشدة ثم يقول : لا بل ليست لدي المقدرة على أن أمنع نفسي من ذلك وأعود وأدع ماآتيه ... لا ... لا ... لأأ أستطيع
إذاً من خلال تلك الأمثلة الثلاثة التي قمنا هنا بطرحها يتبين لنا أنها الإرادة القوية للخير والحرة والصادقة هي المسئولة والقادرة على تحقيق مانريدةه من أمثال هؤلاء هنا ليعودوا إلى جادة الصواب ويعرجوا إليه بعدما يدعوا السير في الطريق الخاطئ طريق الغواية والجريمة والضلال والغي

نتساءل :

& فما هي ياترى تلك الإرادة ؟
& وماالعوامل التي تؤدي لاكتساب المرء لها وتنميتها لديه ؟
& وماهي سمات تلك الإرادة حتى تكون خيرة ؟
& وهل يمكن للمرء اكتساب الإرادة القوية الصادقة المتوجهة للخير بين عشيةٍ وضحاها ؟
& أم إنها تكتسب بالتربية والتدريب المبكرين والمقصودين والمستمرين منذ نعومة الأطفال ويكون ذلك التدريب موجه ومقنن وهادف مقصود لاعشوائية فيه ولاارتجالية ولاعبثية ؟
& ماهي الفوائد التي نجنيها من وراء وجود الإرادة القوية الصادقة للخير في النفس البشرية لدى المرء للفرد نفسه وللآخرين من حوله وللمجتمع وماهي مضار عدم وجودها أو وجودها ضعيفة غير مؤثرة على سلوك صاحبها ؟
& منذ متى يبدأ المربي الأب أو من يسأل عن التربية بتدريب النشء على إيجاد الإرادة القوية الصادقة للخير وخلقها لديه ؟
& وهل هناك إرادة قوية صادقة نحو الشر كما أن هناك إرادة قوية صادقة نحو الخير لدى النفس البشرية ؟
& هل الإرادة القوية من الفطرة البشرية ؟ أم أنها قدرة تنمى بالتربية وليس لها وجود فطرياً ؟
& ماهي وسائل تعزيز تلك القدرة وترسيخها وتثبيتها في النفس البشرية بعد خلقها فيها ؟
& هل هي من الفعل أراد ؟ أم أنها القدرة على أن يصبح مانريد أمراً واقعاً على الأرض ؟
& هل من عناصر القيادة وكاريزما القائد أن يكون ذا شخصية ذات إرادة قوية صادقة ؟
& هل لكل إنسان حظه من وجود الإرادة للخير أم أن هناك من بني البشر من يمكن أن نطلق عليهم ( عديمي الإرادة ) أم ليس لديهم إرادة ؟ ماعوامل ذلك إن كانت الإجابة بنعم هنا ؟
& كيف نعالج ضعف الإرادة للخير لدى ضعيف الإرادة ؟ أو خلقها لدى المرء في حالة عدم وجودها بالكلية ؟
& هل وجود الوازع الديني وقوته له دور إيجابي في تعزيز الإرادة القوية المتوجهة نحو الخير لدى المرء ؟ أم أن الإرادة عموماً هي إحدى سمات الشخصية أو قدرة بها وليس بينها وبين الوازع الديني قوته أو ضعفه رابط ؟
& كيف تعزز المؤسسات التربوية كالأسرة أولاً ثم المدرسة ومعها الأسرة ثانية القدرة لدى الفرد على إرادة الخير أو في إيجاد تلك الإرادة القوية نحو الصلاح ؟
& هل ضعف الإرادة للخير هي مشكلة أخلاقية وقيمية أم أنها مشكلة تربوية من الدرجة الأولى ؟ أم تندرج تحت الإطار الأكبر فتصبح مشكلة دينية ومشكلة حياة للفرد وللمجتمع ؟


إنني أرى أن وجود الإرادة القوية نحو الخير لدى الفرد سوف تقيه من الوقوع في الكثير من العثرات وتنجيه من الزلل في الكثير من المهالك وهي أداة قوية لحماية المجتمع بحماية أفراده لأنفسهم من الانحراف وذلك بتملكهم للإرادة القوية نحو الخير
كما أنني أكاد أجزم بأن علاج الكثير من مشكلات الأفراد سواء عظمت واستفحلت أم صغرت وتتافهت يكمن في وجود الإرادة القوية إلى الخير لدى الفرد الذي يعاني من تلك المشكل أو الأفراد الذين يعانون منها أو هذه مع القدرة على اتخاذ القرار الصحيح للتصحيح والقدرة على تنفيذه بعد اتخاذه فالإرادة نحو الخير هي القوة الدافعة والطاقة المحركة للفرد نحو الإصلاح وتصحيح المسار والتزام الصلاح وأن يصبح التصحيح للمسار الخاطئ أمراً واقعاً وتوجها تطبيقياً وليس وعياً في الداخل فقط ولامعرفة ولارغبة تكمن في الصدرو فقط دون أن تصبح في حيز التنفيذ على الأرض
إن وجود الإرادة القوية والصادقة المتوجهة بالفرد نحو الخير هي الكفيلة بصلاح المجتمع الذي يعيش فيه واستقرار أركانه وضعف تواجد الجريمة بشتى أنواعها فيه أو انتفاء وجودها بالكلية عندما يصبح المجتمع مثالياً بأفراد مثاليين لأنني أرى وأكاد أجزم بأن العامل الأهم في وقوع الجريمة لدى مرتكبيها هو في عدم توافر الإرادة القوية الصادقة نحو الخير أو انعدام وجودها والتي مع وجودها تستخدم كمكابح تعرقل الفرد من أن يندفع نحوها .
إسماعيل إبراهيم