تركيا.. "إيميل" وطني لكل مواطن
إفتكار البنداري
تركيا تسعى لتأمين أسرارها من الاحتكار الأجنبيبريد إلكتروني وطني لكل مواطن، ومحرك بحث تركي خالص.. مشروع قومي أعدته حكومة حزب العدالة والتنمية في تركيا لحماية أمنها وأمن مواطنيها من "تلصص" الشركات الأجنبية التي يقع في جعبتها بكل سهولة معلومات لا تقدر بثمن عن المشتركين، وهو ما قد يسحب كثيرا من رصيد محركات بحث كبرى مثل جوجل، وشركات بريد إلكتروني شهيرة مثل هوتميل وياهو وجي ميل في تركيا.
ويشرح هذا المشروع الفريد من نوعه في العالم تايفون أجارار رئيس الهيئة التركية لتقنية المعلومات، قائلا إنه "تحت اسم مشروع (أنابوستا) فإن جميع مواطني الدولة (ما يربو على 70 مليونا) سوف يكون لكل واحد منهم بريده الإلكتروني الخاص بمساحة 10 جيجابايت، وسيكتب هذا البريد مع المعلومات الأساسية الواردة في بطاقة الهوية، وكل طفل يولد سيكتب في شهادة ميلاده تلقائيا بريده الخاص الذي يستخدمه في المستقبل"، بحسب ما نقلته عنه صحيفة "زمان" التركية هذا الأسبوع.
وعلى هذا الأساس فإن "شركات البريد الإلكتروني مثل ياهو وهوت ميل وجي ميل لن يكون لها مكان في تركيا في المستقبل القريب".
ولفت المسئول التركي إلى أن المهندسين والمختصين الأتراك انتهوا بالفعل من إعداد البنية التحتية للمشروع، وهو الآن في مرحلة الاختبار، وسيعتمد عنوان البريد الإلكتروني الوطني على نطاق (Domain) خاص.
"محركنا"
ويعد مشروع " الأنابوستا" جزءا من مشروع قومي أوسع هو تصميم محرك بحث خاص بتركيا منتظر أن يتم الانتهاء منه بحلول العام 2010، قد يصبح منافسا قويا لمحركات البحث الشهيرة مثل "جوجل" و"ياهو"، ليس في تركيا فقط، بل في العالم الإسلامي كافة، بحسب توقعات تركية.
وبرر أجارار هذا المشروع بأن "جميع محركات البحث الكبرى الشائع استخدامها في أنحاء العالم مقرها في دول أجنبية؛ بما يعني أن جميع الاتصالات التي تجريها الدولة أو المواطنين عبر الإنترنت تذهب إلى هذه الدول الأجنبية قبل أن تعود لنا من جديد؛ وهذه بالتأكيد مخاطرة أمنية".
كما أرجعه إلى عامل تقني وهو أن "محركات البحث الموجودة حاليا لا تلبي جميع احتياجات تركيا وخصوصيتها، خاصة عند تقديم معلومات أو البحث عن معلومات باللغة التركية التي رغم أنها تعتمد بالأساس على الحروف اللاتينية فإنها تحوي حروفا لا توجد في اللغة الإنجليزية".
وتوقع أن يحظى محرك البحث التركي القادم "بشعبية كبيرة، ليس فقط في تركيا، بل في جميع البلدان المجاورة لها التي تتحدث التركية، وكذلك الدول الإسلامية الأخرى.. فأنا على ثقة من أن هذه الدول ستثق في محركنا أكثر من المحركات الأجنبية الأخرى".
"يوتيوب" تركي
وفي تحرك آخر منفصل عن المشروع القومي المذكور أعلاه طلبت الهيئة التركية لتقنية المعلومات من المسئولين عن إدارة موقع "يوتيوب"- أكثر المواقع شعبية على الإنترنت لتبادل مقاطع الفيديو- إطلاق نسخة تركية، يكون مقر إدارتها الرسمي في تركيا، للتغلب على الحظر الذي فرضته إحدى المحاكم التركية في عامي 2007 و2008 على الدخول إلى الموقع في تركيا بحجة "الإساءة" لمؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك.
ونقلت صحيفة "زمان" الثلاثاء 1-12-2009 عن رئيس الهيئة تايفون أجارار، أن المسئولين الأتراك عقدوا اجتماعات عدة مع مسئولي "يويتوب"، واستندوا في طلبهم هذا إلى أن يوتيوب بالفعل متاح بـ 22 لغة، ونتوقع منهم أن يقدموا نسخة باللغة التركية كأحد الحلول القريبة لرفع الحظر.
ويأتي هذا في الوقت الذي رفعت رابطة تكنولوجيا الإنترنت دعوى قضائية على الحكومة التركية أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بسبب الحظر الذي فرضته المحكمة الجنائية بمدينة إستانبول عام 2007 على موقع "يوتيوب" في تركيا، وحظر آخر مماثل تبعه في عام 2008.
وقال مصطفى أجول، رئيس الرابطة، الإثنين 30-11-2009: إن قرار المحكمة بحظر الدخول إلى الموقع بحجة أنه يحوي مواد سمعية وبصرية تسيء لمؤسس الجمهورية التركية الحديثة مصطفى كمال أتاتورك، ينتهك حق الشعب في استخدام مصادر المعلومات المتاحة على الإنترنت، وهو ما يتعارض مع حرية التعبير التي كفلها الدستور، والبند العاشر من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، على حد قوله.
ولفت أجول إلى أنه لم يلجأ إلى مقاضاة حكومته أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إلا بعد أن استنفد جميع الوسائل القانونية بداخل تركيا، حيث رفضت المحكمة العليا النظر في الدعوى من الأساس.
وردا على حجة المحكمة صاحبة قرار الحظر بأن الموقع يحوي "إساءة" لأتاتورك الذي تعد الإساءة إليه جريمة يعاقب عليها القانون، قال أجول: إن "تركيا لا تعدم الإمكانيات البشرية والتقنية والمادية التي تمكنها من حجب هذه المواد المسيئة فقط، دون الجور على حقوق المواطنين في الاستفادة من المواد الأخرى على الموقع، خاصة المواد التعليمية والتثقيفية، والتي تسمح بالتواصل مع الحضارات الأخرى".
ومن الطريف أنه برغم سريان قرار الحظر لكن "يوتيوب" يحظى بالمرتبة الخامسة في قائمة أكثر المواقع زيارة في تركيا، وذلك بفضل الحيل العديدة التي اكتشفها أو صنعها المعنيون بالإنترنت في تركيا للدخول إلى الموقع.
وأظهرت إحصاءات نشرها موقع (إليكسا) المعني برصد معدلات الدخول على المواقع الإلكترونية في أغسطس 2009 أن "يوتيوب" حلَّ خامسا بعد "جوجل تركيا" و"فيس بوك" و"جوجل" و"ويندوز لايف".
ويعلق سينان إياز، مدير مقهى للإنترنت بتركيا، على هذه الإحصاءات ضاحكا بأن "الشخص الوحيد في تركيا الذي لا يمكنه بلوغ يوتيوب هو القاضي الذي أصدر قرار المنع".
منقول