على هامش خارطة بغداد
مصطفى حسين السنجاري

على هامِشِ خارطةِ بغدادَ
-مدينة المنصور-
وعلى حواشيها المتصدِّئةِ،
كهوفٌ مِنْ حجرٍ ومن تنك..
لا تؤمنُ من بردٍ،أو حرٍّ،
أو غدرٍ، أو مطرٍ ورياحْ .
تسكنها أشباحْ..
تتناثرُ هنا وهناك،
بحثا عن لقمة(كحليب الطائر)
كبيضة الديك..
تُسكتُ في أحشائهم نباحْ
كلابِ جوعهم،
وشعورهم بالغبن المستباحْ..
أشباحٌ تتمنى لو أنَّ الليلَ
يعدمها الحياة..لتُسْتراحْ،
ولم تعدْ في غدٍ ترى
وجه الصباحْ..
فكلُّ صباحٍ سيفٌ
على رقابهم..سفّاحْ،
وجعبة ذلٍّ وألم لا يُطاقُ،
وهجوم معادٍ ..لا يملكون لصدّه
سلاحْ،
غير ضرب الراحِ بالراحْ.
طيور مهيضة الجناحْ،
تبادُ في صمتٍ،
بلا جريرةٍ أو جناحْ..!!
****
هناك على حواف عاصمة الرشيد
ومنارة المجد التليدْ
غرباء في عصر العولمة
لا يفهمون طلاسم العهد الجديد
ممثلون حقيقيون بلا رتوش
للعصر الحجري البليد
تتجلّى فيهم عصور ما قبل التاريخ
الأبعد الأبعد من أمسْ
مِن مأكل وملبس و مسكن
ووجوه لفحتها الشمسْ
ولاؤهم لصاحبة الجلالة
فخامة لقمة العيش
وهي أبعد من الجوزاء
وإن دنت فعرشها خلف أذن الآساد
هناك لا شئ البتّة
يوحي أن العصر الحجريَّ ولّى
وأن عصر الحاسوب حلاّ..
****
هناك على هامش مدينة بغداد
أشباحٌ تتقاسم الأوجار
مع الضباع..
طحالبٌ قذف البحرُ بها
إلى ساحله المشؤوم
أسلمهم للقدر المحتوم
فيا آخر الخلفاء
دعني أناديك
ولكن بأي الأسماء
من قال لاتتغير الأسماء.؟
ألست أمير المؤمنين..؟؟
ولي أمر الفقراء..!!
فالبسْ إذن ثوب الدراويش
وتفقّد أحوال الرعية البؤساء
ودر على بيوتهم
وقف على هول العناء
أبشرٌ هؤلاء..؟؟
أم طحالب خضراء ..؟
كائنات تعيش في غير عصرها
بلا ورق التوت ..بلا غذاء
بلا هوية أو علّة للعيش
بلا أسماءْ
****
يا هارون الرشيد
يا ولي أمر المسلمين الجديدْ
ليتك تنظر لو مرة
بعين زرقاء اليمامة ْ
قبل القريب للبعيدْ
إلى المتناثرين على أطراف بغداد
وشاهد الصبية
ذا السيقان العارية النحيلة السمراء
يتراكضون خلف أوعية القمامة
ليعودوا مع المساء
مزدانين ببقايا فتات
وكل ما لا يوفر السلامة
ولو رأيت النسوة المتشحات بالسواد
يبتهلن إلى الله ليل نهار
يستعجلنه القيامة
****
هناك..
يا أمير المؤمنين
وجوه ران عليها الكمدْ
أفقدتها مزعجات العصر
كلَّ ما ينهلُ منه الجَلَدْ
كم لعن الوالدَ هناك
مولودٌ وما وَلَدْ
فالمَوتُ أهوَنُ من أنْ
تتمنى الموتَ ..فلا تجِدْ
وأهونُ من أن
تتمنى الخرابَ يحلُّ بالبَلَدْ
المُقعَدون وقد غادرهم كلُّ جأشٍ
والمُقْعَداتْ
والطاعِنونَ في السنِّ .. والطاعِناتْ
في العالم المعزول
عن عدسات الفضائيات
المثقلِ بالجوع والمرضِ
والآهاتْ
وقد أفنوا زهور حياتهم
بانتظار ما ليس ياتْ
يستذكرون ما مرَّ بالبلاد
من نائباتْ
لعلَّ أصعبَها
الغبن الذي يتمرّغُ فيه
أبناء الخائباتْ
****
يا أمير القادمين
الزاعمين أنهم جاؤوا
بماء يغسل رجس الراحلين
يتجلّى الربيع في اخضرار الروابي
لا في الرعود العقيمة الرعناء
وتتجلى عظمة الخليفة
في ازدهار الرعية
لا في الخطب الرنانة الجوفاء
****
ملاحظة:
كيف يجوع في بغداد الفقراء
وهناك ولائم على مدار الأيام
تقيمها قمامات المنطقة الخضراء ..؟؟؟
مصطفى حسين السنجاري
2009/11/17
)))))))))))))))))*****((((((((((((((((