لمواد البلاستيكية والتوازن البيئي
دكتور / مجدي مطاوع
أستاذ كيمياء البلمرات
بمعهد بحوث البترول
فمن المعروف أن النظام البيئي كما خلقة الله في حالة اتزان ، بمعنى أنه توجد حالة توازن دائم بين جميع مكونات هذا النظام البيئي . وتتواجد في هذه البيئة كائنات حية منتجة وأخرى مستهلكة .
وإذا تأملنا في البيئة من حولنا سنجد أن بعض الكائنات الحية المستهلكة تتغذى على بعض الكائنات الأخرى ، ثم تموت وتتحلل تلك الكائنات وتتحول إلى مواد عضوية بسيطة تتجمع في التربة وفي الماء وتتغذى عليها النباتات والحيوانات الأخرى . وسنجد النباتات تمتص غاز ثاني أكسيد الكربون من الهواء الجوي الناتج من تنفس الكائنات الحية ومن تحللها أيضاً وتحوله إلى غاز الأكسوجين اللازم لعمليات التنفس لباقي الكائنات الحية وذلك في وجود الماء وضوء الشمس ، كما يقوم النبات أثناء تلك العملية بتصنيع المواد الغذائية اللازمة لحياة الكائنات الحية وهي العملية التي تعرف بعملية التمثيل الضوئي أو التمثيل الغذائي.
وهكذا يسير الكون في دورة يعتمد كل ما فيه على الآخر ويتأثر ويؤثر فيه في نظام بيئي متكامل متوازن . وإذا ما حدث خلل في هذا التوازن عن طريق زيادة أو نقص إحدى مكونات هذه البيئة يحدث ما يعرف باسم الاختلال البيئي أو الاختلال في الميزان البيئي ولهذا الخلل تأثيرات عديدة متسلسلة على جميع مكونات البيئة .
لقد أصبح للمواد البلاستيكية ومنتجاتها المنتشرة في الكون من حولنا بمساحات واسعة وصورة شاملة تأثيراً كبيراً علي البيئة ، حيث أصبحت تلك المكونات أحد المكونات البيئية الرئيسية التي فرضت نفسها علينا وتغلغلت في جميع مجالاتنا وأصبح التعامل معها أمراً حتمياً لا مفر منه . وبالرغم من المزايا المتعددة لتلك المواد البلاستيكية والتي فاقت مثيلاتها من المواد التقليدية الأخرى مثل المعادن والأخشاب والزجاج ، فلقد أثرت تلك المواد تأثيراً كبيراً على عملية التوازن البيئي ، حيث تسبب له خللاً واضحاً ، وإليك بعض الأمثلة على ذلك :
• إن انتشار الألياف والأنسجة والأقمشة البلاستيكية الصناعية كبدائل للمنتجات الطبيعية والتي استغلت في صناعة المفروشات وأعمال التنجيد وفي فرش الأرضيات أدى إلى كارثة بيئية بالنسبة لحشرة العتة التي كانت تتغذى على المنسوجات الطبيعية التي اختفت ، وبالتالي انقرضت هذه الحشرة وأدت إلى اختلال في الميزان البيئي .
• كما أن انتشار استعمال المراتب الإسفنجية البلاستيكية المصنعة من بولي اليوريثان الرغوي كبدائل للمراتب المصنعة من القطن الطبيعي وفي حشو الوسائد والمقاعد ساعد على حدوث خلل في التوازن البيئي عن طريق اختفاء جميع الحشرات التي كانت تتغذى على تلك المنتجات .
• إن استعمال الألواح البلاستيكية المصنعة من راتنجات الفينول فورمالدهايد أو اليوريا فورمالدهايد أو الميلامين فورمالدهايد والمعروفة باسم الفورمايكا أو الميلامين كبدائل للأخشاب الطبيعية في عمليات الإنشاءات وصنع الأثاث وفي إقامة الحوائط والفواصل وفي أعمال الديكورات المختلفة ، أدى إلى اختلال في التوازن البيئي عن طريق اختفاء عديد من الحشرات والقوارض والحيوانات التي كانت تتغذى على الأخشاب الطبيعية.
• استعمال كميات كبيرة من البويات البحرية البلاستيكية المحتوية على مادة ثنائي بيوتيل القصدير السامة لمقاومة الحشف المتكون على قيعان السفن والمنشئات البحرية ومنصات استخراج البترول ، تقتل كثير من الكائنات البحرية والدقيقة منها والأعشاب والطحالب ، ولقد أدى ذلك إلى كارثة بيئية لتلك الكائنات البحرية .
• استعمال ا
• إن استعمال كثير من البويات والورنيشات البلاستيكية أدى إلى كارثة بيئية بالنسبة للكائنات الحية الدقيقة التي كانت تتغذى على الزيوت النباتية مثل زيت بذر الكتان والتي كانت تستعمل فيما مضي في تصنيع البويات والورنيشات والتي اختفت حالياً .
• إن دخول المواد البلاستيكية في أعمال العزل والطلاء مثل راتنجات الإيبوكسي ، وبولي اليوريثان ، وبولي الإسترات لكثير من الأخشاب والأساسات ، أدى إلى نفس الخلل في الميزان البيئي عن طريق اختفاء الكائنات الحية الدقيقة التي كانت تتغذى على الأخشاب الطبيعية الرطبة .
• إن استعمال المنتجات البلاستيكية المصنعة من بولي الإثيلين وبولي البروبلين أو بولي الإستيرين أو بولي ( كلوريد الفينيل ) أو بولي الإسترات المشبعة في مجال تعبئة وتغليف السلع الغذائية أدى إلى كارثة بيئية لتلك الكائنات الحية الدقيقة والفطريات والميكروبات والجراثيم التي كانت تنمو على الأغلفة الورقية المصنعة من لب الأشجار بعد تعطنها في القمامة .
• انتشرت الرقائق والغلالات والأفلام البلاستيكية المصنعة من بولي الإثيلين في المجال الزراعي لصنع وإقامة الصوبات والأنفاق الزراعية . كما انتشرت الغلالات السوداء في تغطية التربة بين الأشجار لمنع نمو الحشائش الضارة لها . وهذا التطور الكبير سبب خلل في الميزان البيئي عن طريق اختفاء عديد من الحشرات والديدان من التربة والتي كان يستفاد منها في زيادة خصوبتها . كما أثر اختفاء تلك الحشائش على بعض الحيوانات التي كانت تتغذى عليها.
إن عملية اختفاء أو انقراض العديد من الكائنات الحية الدقيقة أو الفطريات أو الميكروبات أو الجراثيم أمر غير مرغوب فيه ، حيث اختفاؤها يعطي الفرصة لنمو وتكاثر نوعيات أخرى من الكائنات الحية أكثر شراسة وأكبر خطراً على صحة الإنسان والحيوان والنبات . ولعل العالم الآن يشاهد كثير من الأمراض والآفات الحديثة على بيئته التي قد يكون سبب انتشارها وشراستها يرجع إلى اختفاء بعض الكائنات الحية الأخرى التي كانت تتغذى عليها .
http://www.plastics4arab.com/forum/archive/index.php/t-6654.html