هَذِهِ لَيلَتِي ..



..
إلى حبيب مودع ..
..




آنَ لِلشِّعرِ أَنْ يَفُكَّ إِسارا=عَنْ قَوافِيَّ كَي يَكُنَّ مِهارا
آنَ لِلدَّمعِ أَنْ يَكُفَّ عَنِ التَّهـ=ـطالِ , وَ العَينِ أَنْ تَرَى الأَنوارا
هَذِهِ لَيلَتِي ؛ وَ حَقِّيَ مِنها=أَنْ أَراها مُنِيرَةً أَقمارا
أَيُّها الليلُ ؛ لِلحَدِيثِ شُجُونٌ=عَبَراتٌ خَنِيقَةٌ وَ حَيارى
وَ أَنا لِي مِنَ الأَمانِيِّ لَحنٌ=أَتَحَرَّى لِشَدوِهِ مِزمارا
أَنا وَ الكاسُ وَ انفِجارُ هُمُومِي=وَ التَّخارِيفُ لَمْ نَزَلْ سُمَّارا
نَرِدُ النَّارَ كالفَراشِ ؛ نَدامى=نَتَهاوَى عَلَى الحَرِيقِ سُكارى
مُنذُ دَهرٍ ؛ وَ أَحرُفِي كَجُرُوحٍ=كُلَّما صِحتُ تَنزِفُ الأَشعارا
يا حَبِيبًا يَزُورُنِي كُلَّ حُلمٍ=وَ بِعَينِي حَقِيقَةً ما زارا
لَستُ أَرجُوكَ أَنْ تَمُرَّ خَيالًا=فِي الدَّياجِيرِ , بَلْ تَمُرَّ جِهارا
أَقفَرَ العُمرُ مُذْ هَجَرتَ فَما عُد=تُ أَرَى فِي رُبُوعِهِ دَيَّارا
كَيفَ كُنَّا نُعاقِرُ الحُبَّ ! بَينا=أَعيُنُ الليلِ تَستَغِيثُ غَيارى
فَغَدَونا طَرائِقًا فِيهِ طَورًا=وَ شَكَونا اختِلافَنا أَطوارا
نَفَخَ البَينُ فِي لَهِيبِ شُجُونِي=فَتَطايَرتُ بِالفِراقِ شِرارا
وَ تَلَمَّستُ حَيثُ لَا وَجهَ إِلَّا=وَجهَ بُؤسِي ! فَزِدتُهُ استِنكارا
كُلَّما مَرَّتِ الطُّيُوفُ تَوَجَّسـ=ـتُ مِنَ الذِّكرَياتِ وَ الدَّمعُ حارا
كُلَّما رَنَّ هاتِفٌ قُلتُ هَذا=صَوتُكَ الحُلوُ خَلفَهُ يَتَوارى
كُلَّما جاءَ بِالظُّرُوفِ بَرِيدٌ=هاجَ جُرحِي وَ مِبضَعُ الشَّوقِ ثارا
آهِ مِنِّي ! وَ آهِ مِنكَ ! وَ مِمَّا=قَدْ تَخَيَّلتُ عَودَهُ فاستَدارا
فَإِذا بِي أُعَتِّقُ الليلَ خَمرًا=لِأُعانِيهِ ذِلَّةً وَ انكِسارا
هَذِهِ لَيلَتِي ؛ وَ كُلُّ بَقايا=يَ مَعَ الصَّبرِ وَ الهَوَى تَتَبارى
هَذِهِ لَيلَتِي ؛ وَ لَيتَكَ تَدرِي=كُلُّ ما كانَ خامِدًا صارَ نارا !


( عمر هزاع , الثالثة صباحًا بتوقيت دمشق )