بسم الله الرحمن الرحيميجب أن يعرف المسلم ؛ لماذا هو مسلم ؟
يجب إعادة تعريف الإسلام
ليعتز المسلم الحقيقي بإسلامه
وماذا يجب عليه من اتصافه بالإسلام؟
وما هي الحدود التي يخرج من يتعداها عن إسلامه، ولا يعد المسلم مسلمًا عندها؟
الإسلام من العلو والعزة وليس من الاستسلام
ولا سلام في الإسلام عنوان خاطئ إذا أخذنا السلام بمعناه الحقيقي
وإذا أخذناه بالمعنى الدارج فلا علاقة له بالإسلام
الإسلام يعرف من استعمال جذره
واستعمال جذره "سلم" هو في "العلو" لا غير؛
لأن العلو وطلب العلو هو الغالب الظاهر على استعمال الجذر
وبغير الانطلاق من الجذر "سلم" لن يكون تعريف الإسلام تعريفًا جامعًا شاملاً
يجب أن يعرَّف الإسلام هذا التعريف انطلاقًا من جذره لا غير؛
الإسلام هو: طلب العزة والعلو لله ولدينه بالعلو والعزة على شياطين الإنس والجن"
الإسلام هو دين جميع الأنبياء ودين جميع المؤمنين بالأنبياء، وليس ذلك لأتباعهم دون أن يكون لهم إيمان صحيح بالله يطلبون فيه الأمن من الله تعالى في الدنيا والآخرة.
لقد سمَّى العرب شجرة: بالسَّلَم والسَّلام؛ لأنهم لا يستطيعون اعتلاءها بسبب شوكها الذي ينشب بمن يلامسها، فكيف بمن يريد اعتلاءها؟.
وقالوا للذي يقاوم السم والمرض، والذي تغلب عليهما سليمًا.
وسموا الأداة التي تمكنهم من اعتلاء السطوح والأماكن المرتفعة العالية بالسُّلُّم.
والجنة هي أعلى دار يسكنها الإنسان ويعلوا فيها بعزة؛ فسميت بدار السلام.
والله العلي عز وجل هو السلام الذي لا يعلوه شيء ولا أحد من خلقه.
ولقد كان اسم أحد الأنبياء من مادة "سلم" التي منها "الإسلام" ، وكان اسمًا على مسمى؛ إنه "سليمان" عليه السلام الذي جعل الله له علوًا على الإنس والجن والطير، جنودًا له يأتمرون بأمره، وسخر له ريحًا تعلو به حيث يريد.
وتحية المسلم للمسلم مبنية على تذكيره برسالة الإسلام؛ دين العلو والعزة ، وتذكيره بأن علو الإسلام وعزته تعتمد عليه بقوله "السلام عليكم" وقد بينا من قبل؛ أن حرف الجر "على" يستعمل في الرباط القوي الشديد بين طرفين؛ وكذلك يجب أن يكون ارتباط المسلم بعزة وعلو دينه الإسلام ارتباطًا وثيقًا.
لقد أمرنا الله تعالى: (يَـاـأَيُّهَا الَّذِينَ ءاَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَـاـنِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208)البقرة.
فالله عز وجل لم يرسل الأنبياء بالإسلام؛ إلا لعزة وعلو المسلمين المؤمنين بالله في الدنيا والآخرة.
وأمرنا أن نسلم وجهنا لله تعالى؛ أي أن نطلب العلو والعزة لله ولدينه في كل وجهة نتوجه إليها، فهذا الذي يحقق لنا العزة في الدنيا والآخرة.
أما تعريف الإسلام على واضعة رحمة من الله رحمة واسعة : "هو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والخلوص من الشرك، وبعبارة أخرى؛ البراءة من الشرك وأهله".
فهذا حق لله ولا يكون المسلم مسلمًا حتى يتصف بذلك، فكلنا عبيد لله.
ولكن الإسلام جاء لينظم العلاقة بين الإنسان ونفسه وربه والناس جميعًا، وليس بينه وبين الله فقط، وإن كانت كلها لأجل مرضاة الله تعالى.
وهذا التعريف بهذه الجمل؛ لم يظهر فيه الرباط اللغوي الذي عليه كان اشتقاق الإسلام.
هذا التعريف للإسلام دَرَسْنَاه ودَرَّسْنَاه سنوات طويلة.
وهو صحيح في جملته، ولكن تعريف الإسلام أوسع من علاقة العبد ربه، وإن كان ذلك هو الأساس والمنطلق؛
فالعلو والعزة تستمد من الله تعالى وحده، ولن تنال من غير الله تعالى، أو بإشراك أحد مع الله من خلقه،
ولن يكون علو وعز للمؤمن بالله. وهو لا يعمل بطاعة الله.
وليس طلب العزة والعلو لأجل الدنيا؛ بل هو لله ولدينه، وأن نخلص في ذلك له.
والاستسلام هو القبول بعلو وعزة الآخر عليك، والله تعالى هو العلي العزيز،
شاء البشر أم أبوا، كانوا مؤمنين أو كانوا كافرين.
لم أجد آية أو لغة تغير معنى السلم والسلام إلى الصلح الدائم،
ودمج المتصالحين في علاقات ود ومحبة.
لا أدري من أين جاء هذا المسخ لمعنى العزة والعلو في السلم والسلام إلى ذل وهوان؟!.
لقد وردت في القرآن "سلم"؛ (84) مرة، و "سلام"؛ (50) مرة بزوائدهما. أي (134) مرة.
ولا شيء في ذلك إلا بفهم أعُده غريبًا عن استعمال القرآن والعرب لهذا الجذر.
لقد قال عز وجل في سورة الجهاد:
(وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) الأنفال.
مادة "جنح" يا عباد الله تعالى هي في "الإقلاع والمفارقة"؛ عن الأرض أو عن الأفعال؛
فجناح الطائر هو الذي يمكنه من الإقلاع ومفارقة الأرض.
ولما تحرج الأنصار رضي الله عنهم عن الطواف بالصفا والمروة
قال تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158) البقرة.
فقوله تعالى: (فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ)؛ أي لا مانع يمنعه من الطواف بهما، وفيه بيان لشدة الوجوب؛ لذلك كان السعي بين الصفا والمروة من أركان الحج والعمر.
وليس معنى (فَلَا جُنَاحَ)، لا بأس، وجواز فعل ذلك؛ مما يفهم منه عدم الوجوب.
(فَلَا جُنَاحَ) أينما وردت في القرآن لا تفيد إلا؛ لا مانع من فعل ما يذكر معها من الأفعال.
فقوله تعالى: (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ) معناه فإن أقلعوا عن الحرب، وعداوة الإسلام والمسلمين، من غير رجعة للحرب مرة أخرى، وفعلوا ذلك إقرارًا منهم بعزة وعلو المسلمين عليهم، وقبلوا دفع الجزية لهم؛ فاقبلوا ذلك منهم، وأقلعوا عن حربهم؛ بقوله تعالى: (فَاجْنَحْ لَهَا)،
أما إذا أرادوا بقبولهم بذلك هو خداع المسلمين ليلتقطوا أنفاسهم، ويعدوا العدة لحرب جديدة فيجب محاربتهم وإذلالهم بالقوة ؛
فقد قال تعالى: (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) الأنفال.
وقال تعالى قبلها: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ (60) الأنفال.
أما السلام المستعمل بين العرب واليهود؛ فهو في علو اليهود وعزتهم، وفيه تشريط بأن يظل تفوقهم على الذين يوقعون معهم المعاهدة، وأن عليهم أن يتخذوا من الإجراءات التي تقوض قوتهم، وتقلل عدد جنودهم وعدتهم، وتبقيهم ضعفاء في قوتهم العسكرية، وقراراتهم السياسية أمام إسرائيل ... هذا هو الواقع الذي لا يخفى على أحد. ولا يجهله أحد.
فما يسمى بالسلام في المعاهدات لا يمكن أن يكون فيه عزة وعلو للطرفين معًا؛
بل هو عزة وعلو لطرف على الآخر ..
والمؤكد أنا لسنا نحن الطرف الذي له العزة والعلو في هذه الاتفاقيات.
ولا حول ولا قوة إلا بالله
يجب أن نعرف ما في الإسلام من علو وعزة
وأن نكون على قدر هذه التسمية
أو نكون مفرغين من هذا المفهوم ونعمل ونعيش على خلافه،
ونسمي أنفسنا بعد ذلك مسلمين.
وشياطين الإنس هم الشياطين الظاهرون لنا اليوم
فيجب العلو عليهم وجعلهم تحت الإقدام
ليكون عزنا وعلونا حقيقيًا عليهم
والله ناصر من عمل بما يريده الله تعالى لخيره في الدنيا والآخرة
وسيعزه الله تعالى بعزته وقوته في الدنيا والآخرة
ولن يجعل الله للسفلة والساقطين والكافرين علوا على عباده المسلمين المؤمنين المخلصين
أبو مُسْلِم/ عبد المَجِيِد العَرَابْلِي