صحة الفم والأسنــان في الإســـلام
بحث قدم في مؤتمر تكنولوجيا الاسنان عمان الاردن

من اعدادالدكتور صلاح الدين محمد ابو الرب



بسم الله الرحمن الرحيم

(لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم )
(سورة التين آية 4)

خلق الله الإنسان في أحسن تقويم، ثم سخر له الأرض بيئة طيبة ليعيش عليها مستمتعاً بما خلق له من الطيبات. والإستمتاع هنا بحد ذاته ليس هدفا وإنما هو وسيلة للبقاء, وإستمرار الحياة, فالإنسان يأكل إستمتاعاً بطعم الطعام، وبإحساس المضغ والقطع والبلع... لذلك نجد الإنسان يستهلك من الطعام أكثر بكثير من إحتياجه.. وكذلك نجد أن فقدان الإحساس بالطعم والرائحة تفقد الإنسان شهيته للطعام.. منة اجل ذلك نستطيع أن نقول أن الفم بما يحتويه من لسان, وأسنان, وغدد لعابية, وحلمات إحساس ,هو بوابة الحياة.. وقديماً قالوا( أن الفم مرآة الجسد إن صلح , صلح من وراءه الجسم ).... وعلمياً نستطيع تجاوزا أن نقول أن الفم هو بوابة دخول الكثير من الأمراض, وهوأيضا بوابة من بوابات الدخول الى النعيمباذن الله،او إلى جهنم حمانا الله منها.

ولكي نحمي أنفسنا يجب أن بدأ بأفواهنا, نتعلم أن نستخدمها في الحق وليس في طريق الغي والضلال, قال الله تعالى:

(يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون) (سورة التوبة آية 32)

فيحق عليهم العقاب وتشهد عليهم أعضائهم...
(اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون) (سورة يس آية 65)

حمانا اللــه وإياكـــم.

لقد دلنا الله تعالى على السبيل الذي نسلكه ,وكيف نتحكم بما يخرج من أفواهنا من كلام, لنصل في النهاية إلى رضاه ومغفرته..
(من كان يريد العزة لله, فلله العزة جميعاً إليه يصعد الكلم الطيب ,والعمل الصالح يرفعه, والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد, ومكر أولئك هو يبور) (آية 10 سورة فاطر)

ويقول المصطفى عليه الصلاة وأفضل التسليم:
(الكلمة الطيبة صدقة)

هذا هو طريق الحق, الذي نبدأه بواسطة الفم, ونكون من الذين يسلكون صراط الحميد

(وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط حميد)
(سورة الحج آية (24)


أما بالنسبة للصحة الجسدية فمن البديهي القول أن صحة الفم من صحة الإنسان.. وصحة الأسنان من صحة الإنسان .. وأهم طرق دخول مسببات الأمراض للجسم عن طريق الفم .. عن طريق الطعام لذلك فإننا نجد الإسلام قد إهتم بموضوع الطعام إهتماماً خاصا ً ووضع لنا قانونا يجب أن يكون إختيار طعامنا على أساسه.

(يا أيها الذين آمنو كلوا من طيبات ما رزقناكم وأشكروا الله إن كنتم إياه تعبدون)
( سورة البقرة آية 172)

******
(.. يحل لهم الطيبات ويحرم علهم الخبائث ..)
(سورة الأعراف آية 157)


فالقاعدة هي أكل الطيبات والإبتعاد عن الخبائث، والخبائث ضمنا هي كل ما هو ليس بطيب... وهي مواد قد حرمها الله بنص صريح في القرآن الكريم, ونحن نحرمها أولاً وقبل كل شيء لإن الله قد حرمها والرسول قد حرمها، علمنا سبب التحريم أم لم نعلم ..
قال تعالى في سورة المائدة اية30 :

( حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة ...)


أما بالنسبة للشراب فالأصل هو الحلال إلا ما قد ورد في تحريمه نص.

قال تعالى :
(يا أيها الذين آمنو إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فأجتنبوه لعلكم تفلحون)
( سورة المائدة آية 90)

وقال الرسول عليه الصلاة والسلام:

(لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها)

في موضوع التحريم في الشريعة الإسلامية, تقول القاعدة الشرعية ,أننا نبتعد عما حرم الله لإن الله قد حرمها وفقط علمنا سبب التحرم أم لم نعلم, أما البحث في ذات المادة المحرمة وما هو الخبيث فيها ما هو الا سعي للمعرفة, حتى نشكر الله تعالى على نعمه من ناحية, ولعل هذه المعرفة يهدي بها الله أحد من ناحية أخرى ، من هذا المنطلق فقد وجد الباحثون في الأطعمة المحرمة أمور كثيرة تجعل منها بحق تستحق ان تخرج من دائرة الطيبات الىزاوية مظلمة من الخبائث, ومما وصل اليه العلم الحديث من صفات خبيثة في هذه الاطعمة نورد ما وصل الينا:-


1- الخمــــــــــــر:-

قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم:
(كل مسكر خمر وكل خمر حرام)

وقال صلى الله عليه وسلم:
( ما أسكر كثيره فقليله حرام)

الخمر,بانواعها ومهما اختلفت مسمياتنها,هي مادة خبيثة بذاتها ، يقول الإمام إبن القيم(هي مادة مضرة للبدن, وللعقل جداً ).

وجاء في تقرير المجلس الوطني البريطاني لمكافحة الخمور( أن شرب الخمر لمدة طويلة يؤدي إلى تحلل الشخصية, وأن مدمن الخمر لا يمكن الوثوق بوعوده حتى في صحوته.)

ومما يحدثه الخمر كما تشير الدراسات العالمية:

- أمراض فقدان الشهية ونقص الفيتامينات.
- تشمع الكبد الكحولي, وهذا وفياته في فرنسا حوالي(25) ألف سنويا على سبيل المثال.
- يحدث أمراض سرطانية في الفم واللسانووفي اجزاء اخرى من الجهاز الهضمى.
- التخلف العقلي والتشوه الخلقي عند أطفال المدمنات.
- تأثيره السىء,على خلايا قشرة المخ المسؤولة عن التفكير والإرادة.

2- الميتــــــة:-

الحيوان الميت يحتبس دمه بكل رواسبه وسمومه, فيتخلل أنسجة الحيوان الميت, لتبدأ السموم عملها في خلايا ليصبح بؤرة فاسدة صالحة لعمل الجراثيم,وتبدأ أنزيمات التحلل بالعمل لتفقدها قيمتها الغذائية, هذا مع العلم انه غالباً ما يكون موت الحيوان لسبب مرضي فيكون بذلك حاملاً لمرض لا نعلم عنه, أو أن يكون الموت بسبب الشيخوخة وفي هذه تتلف أنسجة الجسم وتعجز عن أداء وظيفتها وهي بذلك لا تصلح للأكل.

3- الــــدم :-

ويشكل الدم بيئة مثالية لنمو الجراثيم، وأكله يرفع نسبة اليوريا في الجسم مما يؤثر على أنسجة الدماغ.

4- الخنـــزيـــر:-

لقد حرم الله تعالى أكل الخنزير في أربع آيات من القرآن الكريم, وأكد المفسرون والفقهاء تحريم الخنزير وجميع أجزائه, فلا يحل الإنتفاع بأي جزء من أجزائه صغر أو كبر، ونحن نمتثل لأمر الله عز وجل ظهر لنا سبب التحريم أم لم يظهر.. أما في الدراسات حول الخنزير فنقول:.. أن الخنزير من الحيوانات سريعة النمو, فتضع أنثى الخنزير ما بين عشرة إلى عشرين خنوصاً, ينمو صغير الخنزيرهذا من أقل من كيلوجرامين عند الولادة, إلى أكثر من مائة كيلوجرام خلال سبعة أشهر تقريباً ,وسبب هذا النمو السريع زيادة هرمون النمو في جسم الخنزير, وهذا يفسر إرتباط أكل لحم الخنزير بأنواع مختلفة من السرطانات.

أما بالنسبة لدهن الخنزير فإنه يوجد متداخلاً مع خلايا لحم الخنزير, خلافاً لدهن الماعز والغنم والأبقار والدجاج التي يوجد دهنها بشكل نسيج دهني شبه مستقل، وعندما يأكل الإنسان لحوم الدواجن والماشية تتحول الدهون المخزنة في جسمه إلى دهون إنسانية، أما دهن الخنزير فيترسب كما هو , وتثبت الدراسات ان دهون خنزير متى ما دخلت جسم الانسان يصعب التخلص منها.

يقول الدكتور هانس هايترسن (إن الذين يأكلون شحم الخنزير من منطقة ما من جسمه فإنها تترسب في المنطقة ذاتها عند الأكل)

ان الدراسات حول سلوك الخنزيرتبين أنه يأكل الجيف والقاذورات بشكل طبيعي ,فإن لم يجد فإنه يلجأ لفضلاته نفسه, يقول د. عدنان حلبي في(كتاب الدين والعلم وتحريم لحم الخنزير) نقلا عن د. هانس هايترسن أن الخنازير التي كانت تربى في حظائر أحد المشافي , تدافعت في أحد الأيام على الضمادات المضمخة بالقيح والصديد وأكلتها, وتوفيرا للعلف قررت إدارة ذلك المشفى أن تحعل هذه الأوساخ المليئة بالجراثيم طعاما لخنازيرها, ثم تقدم لحومها طعاما للمرضى.

وفي دراسات الامراض الوبائية ,تقول المعلومات أن الخنزير مرتع لأكثر من (450) مرضاً وبائياً, ويقوم بدور الوسيط لنقل أكثر من (50) مرضاً منها للإنسان, ويختص الخنزير بنقل 27 مرضاً للإنسان, الايكفى ذلك حول لحم الخنزير.

وفي المقابل نجد الإسلام يشدد على ضرورة حسن إختيار الغــــذاء .
"يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما رزقناكم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون"

(سورة البقرة آية 267)

هذا بالنسبة للطعام الذي يأكله الإنسان ويكون المرض في ذاته أو فيما يحمله من مواد مفسدة ... أما عن الأمراض والجراثيم التي تدخل الجسم, فهذا له علاقة وثيقة بالفم و ما ينتشر فيه من جراثيم, وبتنظيف الفم والأسنان مما يتكون فيها من جراثيم وما يتشكل من بيئة صالحة لإنتشار الكائنات الحية الدقيقة الممرضة.



تابع