(( مأساة عجوز )) روائع للكاتب : شريف العجوز



إنتظر طويلا في تلك المحطة ينتظر ذلك الأتوبيس اللعين ، لن تستطع أرجل ذلك العجوز أن تحملاه أكثر من ذلك – فقد حملته من قبل أعواما و أعواما ماذا حدث - فليأتي هذا الأتوبيس أو ليُسقطَاهُ أرضاً ، يحكم إغلاق يده على ملف به بعض الأوراق المهلهلة .
ها هو قد جاء ....!! يبدي الجميع بوادر إستعدادهم للتعلق ببابه الذي يسع من الحبايب ألف ، إستطاع أن يزج بنفسه في وسط هذا الجمع ليجد نفسه أخيرا في منتصف الأتوبيس متمماً أنه مازال يحتفظ بأوراقه في يده .
لم يتردد ذلك الشاب - الذي كان جالساً بجانب عصاه القديمة – في أن يقوم من مجلسه إما إحتراما لشيبة هذا الرجل الذي ضاعت ملامح وجهه وسط إنكماش و تجاعيد الزمن أو عطفا على هيئته التي بدا عليها أنه لا يملك أكثر من حق تذكرة هذا الأتوبيس .
لم ينتهز العجوز الفرصة ليسارع بالجلوس إلا بعد أن ألح عليه الشاب و سعى له راجياً و أنه مثل إبنه .
جلس العجوز على الكرسي و كأنه طعن بخنجر في قلبه الحزين من أثر كلمة هذا الشاب ، لم يستطع منع قلبه من البكاء و لا أن يحجب عيناه أن تغرورقان بالدموع إلا أنه حاول أن يختبىء بهما بعيداً عن نظرات الناس .
عاد بذاكرته إلى الوراء يتذكر عندما كان يتواعد مع محبوبته في اللقاء عبر شرفتيهما لتتلاقي أعينهم و يسبحا بعيداً إلى دنيا الخيال ، ليخرج كل منهم كتابا جمع فيه جروحه و قسوة الأيام معه ، تسرد عيناه أمام عين محبوبته مشاكله مع الحياة لتهدئ من روعه و تطمئن قلبه أنه عما قريب سينتهي كل هذا ليجمعهم عش صغير يبنوه سويا خافية عنه أنها ترتعد أكثر منه و تخشى من الغد ، يرسمان معا كل حائط في هذا العش و كيف أن إبنيهما سوف يضع مكتبه في هذا الركن ليسهر الليل كي يصبح ذي شأن في المجتمع ، و لا أن بنتيهما ستقف في الركن الأخر أمام مرآتها تغزل في شعرها تحمله من هذا الكتف لتلقي به على الأخر متباهية بأنها أصبحت زينة البنات .


يفيقان على واقعيها المرير ليجدوا أنفسهم مازالوا في شرفتهم و ينتبه العجوز أنه وهن العظم منه و إشتعل رأسه شيبا و لم يبقي من حقه التفكير في ذلك ثانية فقد بلغ من الكبر عتيا .
لم يصدق الشاب أن العجوز قد مات عندما سقط منه الورق أرضا و إنحنى ليأتي به له و لم يبادره العجوز بأخذه ، لم يستطع الشاب أن يملك ذهوله و هو يقرأ الأوراق التي كان يحملها العجوز فيجد الأولي هذه القصة و الأخرى وصيته في حالة موته أن يدفن في مقبرته التي إستطاع حجزها لنفسه في مقابر الصدقة .....

تمت


















(( مأساة عجوز )) تم تحريرها في الخامس عشر من تشرين الأول أكتوبر في العام التاسع بعد الألفية الثانية تم الطبع بمعرفة اتحاد كُتاب جامعة القاهرة في الخامس عشر من تشرين الأول أكتوبر في العام التاسع بعد الألفية الثانية رقم الإيداع لدي اتحاد كُتاب جامعة القاهرة ( 12 / 2009 ) رقم الإيداع لدي دار الوثائق و الكُتب القومية ( 4081 / 2009 )