أسباب وأسرار تحريم الزنا

بداية لا بد من لفت الأنظار إلى أن الواجب على المؤمن أن يمتثل حكم الله تعالى سواء عرف الحِكمة أم لم يعرفها، مع تسلميه بأن الله تعالى لم يشرع هذا الحكم إلا لحكم عظيمة، تحقق المصلحة والخير وتدفع الشر والفساد.

قال الله تعالى: ( إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون) سورة النور:51.

ومع ذلك فلا مانع من أن يبحث المؤمن عن الحكمة حتى يزداد يقينه بكمال هذه الشريعة، ويستطيع إقناع غير المسلمين بأن هذه الشريعة حق.

إن الله حرم الزنا لحكم عديدة وليس فقط لاختلاط الأنساب حتى لا يأتي أحدهم ويقول : بأن اختلاط الأنساب لا يوجد في الزنا بامرأة عقيم أو بالعكس، وليس السبب كامن في الأمراض فقط بل الأمراض سبب من عدة أسباب في تحريم الله للزنا.

إذن هناك أسباب كثيرة خارج هذا الإطار في تحريم الزنا أذكر بعضاً منها علاوة على اختلاط الأنساب والأمراض الجسدية المستعصية فمنها:

1. موافقة هذا التحريم للفطرة التي فطر الله الناس عليها، من الغَيْرة على العِرْض ، وبعض الحيوانات تغار على عرضها، فقد ثبت في صحيح البخاري عن عمرو بن ميمون قال : رأيت في الجاهلية قرداً زنا بقردة، فاجتمع القرود عليها، فرجموها حتى ماتت! .
فإذا كان القرد يغار على عرضه، ويستقبح الزنا، فكيف لا يغار الإنسان على عرضه ؟
فأي رجل يقبل أن يجعل زوجته أو ابنته أو أمه أو أخته متاعاً وسلعة مجانية للناس، فقد رضي لنفسه أن ينزل عن مرتبة بعض الحيوانات.

2 ـ المحافظة على الأسرة والحياة العائلية، فإن الزنا يُفسد البيوت ويدمرها، فإذا اتخذ الزوج عشيقة، أو اتخذت الزوجة عشيقاً، فلا شك أن ذلك سيدمر الأسرة ويشتتها.

3 ـ المحافظة على كرامة المرأة ؛ فإن إباحة الزنا يعني سلب المرأة كرامتها، وجعلها سلعة مهانة، والإسلام جاء لإكرام الناس، وبخاصة المرأة بعد أن كانت في الجاهلية متاعاً يورَث، ومحلاً للإهانة والتحقير.

4 ـ المنع من انتشار الجرائم، فالزنا من أسباب انتشار جرائم القتل وكثرتها، فقد يقتل الزوج زوجته وعشيقها، وقد يقتل الزاني زوج معشوقته أو من ينازعه عليها، وقد تقتل المرأة من زنى بها، إن كان قد زنا بها بالإكراه مثلاً .

5 ـ الزنا يقتل الحياء في المرء ويزرع فيه الوقاحة.

6 ـ الوحشة التي يضعها الله في قلب الزاني، وهي نظير الوحشة التي تعلو وجهه؛ فالعفيف على وجهه حلاوة، وفي قلبه أنس، ومن جالسه استأنس به، والزاني بالعكس من ذلك تماماً.

7 ـ أن الناس ينظرون إلى الزاني بعين الريبة والخيانة، فلا يأمنه أحد على شيء.

8 ـ ضيقة الصدر وحرجه؛ لأن الزاني يعامل بضد قصده؛ فمن طلب لذة العيش وطيبه بمعصية الله عاقبه الله بنقيض قصده؛ فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته، ولم يجعل الله معصيته سبباً إلى خير قط.

9 ـ الزنا يذهب بكرامة الفتاة ويكسوها عاراً لا يقف عندها بل يتعداها إلى أسرتها؛ حيث تدخل العار على أهلها وزوجها وأقاربها، وتنكس به رؤوسهم بين الخلائق.

10 ـ الزنا جناية على الولد لأنه يعيش وضيعاً في الأمة، مدحوراً من كل جانب؛ فإن الناس يستخفون بولد الزنا، وتنكره طبائعهم.

وقد يكون هناك أسباب أخرى.