قرار صعب ؛ قرار القتل .. أن تنهي حياة انسان برصاصة أقل إيلاما من قتله بسكين .. شيء مفزع !! ذلك ما أجمع عليه السفاحون ( إذا كنت قاتل مبتديء ، فلا تقتل بآلة تجعلك قريبا من الهدف) حاولت أن أفهم .. أخبرني آية الله وهو ينفخ السيجار المستورد ويلعن الغرب : تعبيرات الدهشة علي وجه الهدف وهو يموت .. تجعلك تتوحد معه و تظل تطاردك لحظة النهاية للهدف ، وفي عالمنا لامكان للعواطف والغرب إخترعوا الطائرات والصواريخ حتي لايروا وجوه القتلي إنها طريقة سهلة وممتعه . أردت أن أسأله عن مصدر الأسلحة الحديثة ووسائل القتل المتعددة هنا من آلات حادة متنوعة الي كلاشينكوف و آر بي جي ودبابات منتهية الصلاحية من أيام الغزو السوفيتي لكن نظراته الثاقبة جعلتني أتردد . اعتدل آية الله في جلسته وتحدث بكلمات سريعة كطلقات الرصاص التي يسلي بها نفسه بإطلاقها علي أعداء الله و أعدائه طبعا : سنهجم علي مركز انتخابي في كابول و نفجره . صمت قليلا ثم واصل حديثه بود غير مغهود منه : عليك أن تكون مستعدا لاستخدام السلاح الابيض مع أي كافر يعترض طريقك . تدربت ثلاثة أيام علي كل أنواع القتل .. مجهود شاق بذلته وسط جبال وطبيعة قاسية ووجه منحوته من الصخر .. يكفي أن ينظر أحدهم إليك شزرا حتي تتحول لقطعة من الخشب .. قضيت الليالي أرتقي أحد المرتفعات وأنا أبكي ، ولا أفهم سبب بكائي .. هل هو الألم من كثرة التدريبات العنيفة علي إستخدام احدث أنواع الأسلحة وكيفية زرع حزام ناسف للقضاء علي الكفار .. أم وجوه بريئة سكنت ذاكرتي من زيارتي الاستطلاعية لسوق كابول لمعاينة المركز الانتخابي الذي سنفجره .. كان السوق مكتظا بالبشر .. تطالعك فيه جنسيات مختلفة من الجنود كندي ، و أمريكي ، وبريطاني ، و أفغاني .. تستطيع أن تميز بين الجندي الغربي منتفخ الوجه والدم ينضح من وجهه و الأفغاني الهزيل الذي يرزح تحتل ثقل ملابس عسكرية وسلاح يعرفه بالكاد .. دفع احد الجنود متسولة عجوز مدت يدها نحو الجندي تطالب ما تقتات منه .. اندفع الناس البسطاء يسحبون المرأة قبل ان يقتلها .. جنود بلا قلب أو عقل .. في كابول عليك أن تعتاد علي منظر مشوهي الحرب فاقدي الاطراف .. الأرامل .. الأطفال المتسولون ، و أن تستمتع بمشاهدة أمراء الحرب وعصاباتهم المنتشرة بطول البلاد و عرضها ، يسرقون ، ويقتلون في وضح النهار، وبمباركة الجنود الاممين ، بشرط ألا تظهر امتعاضا ، أو تأففا من أفعالهم حتي لا يسلخون رأسك ، برك الدماء المنسكبة علي الارض .. تمتزج بإبتسامة علي وجوه الأجانب ، وكأنها يقودون حملة منظمة ومننهجة لتأديب لشعب مغلوب على أمره .. كل شيء هنا يدعوك للغثيان .. تذكرت وجه من دفعوني تحت اسم الجهاد للقدوم والإصطفاف خلف مروجي مخدرات وحملة شعار ( القتل المقدس) .. تمنيت لو عدت إلي بيتي .. مستلقيا علي سريري أسمع أم كلثوم و أحلم ـمع عبد الحليم ـ بحبيبة ليس لها وجود ، و أستيقظ متأخرا كالعادة لا أجد ما أفعله فأكمل نومي ملكا متوج علي عرش أحلامي . فكرت أن أهرب لكن رجالهم منتشرون في كل مكان يقتلون أى هدف متحرك دون قلب ..نادانى أحد رجالهم بغلظة .. تمنيت لو بقرت بطنه وخلصت العالم من قبح هيئته . قابلني آية الله بود لم أعهده منه قبلا .. قال لي : أنت الآن واحد منا رغم الفترة القصيرة التي قضيتها بيننا منذ مجيئك من بلادك .. أنت أفغاني ابن أفغاني .. تدربت علي كل فنون القتل .. ولديك تدريب بسيط قبل عملية الغد المباركة .. إذبح تلك المرأة الخائنة . أعطاني السكين قبل أن أفكر فى الأمر . نظرت إلي وجهها فإذا فتاة صغيرة بريئة الوجه عينيها زائغة بين السكين ، وبين ملامح وجهي ، وبين آية الله المبتسم و كأنه يشاهد فيلم كوميدي .. إرتعشت السكين في يدي وأنا أقترب منها .. كبلني الفزع المرتسم على وجهها والدموع والعويل .. فقدت السيطرة علي يدي و سقط السكين .. هربت من أمامهم إلي الجبال ، وفي أثري رصاص آية الله المنهمر نحوي .. ورجاله كلاب مسعورة تطاردني في كل مكان