الصفحة:136
نعم تغير راينا عندما نجدالاصلح والافضل وبات هذا الامر اعتياديا في واقعنا تقريبا رغم استهجانه,التعصب عقبةكبيرة في طريق التفكير العلمي
ولكن هل كل تفكير علمي مخالف صائب؟
التفكير العلمي يحمل دليله معه ولا يوجد له انتماء ليكون موافقاً لنا أو يخالفنا .. الله تعالى يدعونا لاتباع ما ثبت لنا صحة برهانه ودليله .. بل طلب منا سبحانه ألا نتبع إلا ما كان لنا عليه برهان .. ( ولا تقف ما ليس لك به علم ) .. حتى فهمنا لآيات الله الكونية أو المحفوظة في كتابه يجب أن يقوم على الوعي بها وعدم التسليم برأي من فسرها قبلنا (والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صماً وعميانا) .. التعصب يجعلنا نثق برأي من نحبهم ولو كانوا على ضلال .. ونرفض رأي (الآخر) ولو كان على حق. أما رسول الله (ص) فقد علمنا أن الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها.


الصفحة 138
فكرة القضاء والقدر وتجييرها لو صح التعبير كمثبط ومخاذل كيف يمكننا تغييرالواقع والتفكير الواقع الموجود للافضل ؟هل التخلف الحضاري دافعا لذل؟ ووسط مستنقعتخلفنا كيف نغير التفكير عمليا؟
كيف نغير التفكير ؟ .. كيف نغير الواقع ؟؟ ..هل تغيير طريقة تفكيرنا هي مقدمة لتغيير واقعنا ؟؟ أسئلة شغلت الكثيرين من مفكرينا .. مئة عام مرت منذ أيام الكواكبي والأفغاني والجميع حائر في الجواب عن هذا السؤال .. لقد صرفت سنتين من عمري أبحث في هذه القضية بالذات .. (التغيير) وقرأت كل ما علمت أنه قيل في الموضوع .. وأرى أن مشروع مالك بن نبي ومن اقتنع ودعا إلى هذا المشروع الحضاري مثل جودت سعيد هو مشروع جدير بالتأمل والتجريب .. لقد وضعت خلاصة ما وصلت إليه في بحثي في مقال طويل عنوانه (مراجعة لتقويم مشروع التغيير) اهديته للأستاذ جودت في يوم تكريمه .. ونشرته دار الفكر في كتاب اسمه (جودت سعيد) ضمن سلسلة (علماء مكرمون) .. المقال ومقالات أخرى في الكتاب للأستاذة حنان لحام وسحر أبوحرب وغيرهن جديرة بالاطلاع والمناقشة.

وأقتبس من المقال : " إن منطق العصر لم يعد يقبل صحة الأفكار والدفاع عن أصالتها.. فالعالم ليس لديه وقت ليحلل أفكارنا, ولا لينظر إلى بروق سماواتها, ولا ليبحث عنها في صفحات الكتب.. إنما يريد أن يرى مثالاً حياً يعبر عنها.. إلى آثار أمطار السحب على الأرض التي اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج.. وإذا أردنا لأنفسنا دوراً في هذا العصر فلم يعد يجدي أن نصرخ دفاعاً عن الإسلام الصالح لكل زمان ومكان أو أن نقرَّ بحقيقتنا حتى لا نشوه ديننا ونكرر القاعدة التي تقول" إن رجل الفكرة لا يساوي الفكرة ".. وبالتالي فإن الإسلام لا يساوي المسلمين.. كل هذا لم يعد ينفع هذه الأيام.. ما ينفع هو أن نثبت صحة أفكارنا من خلال إنسان يمارسها على أرض الواقع.
فما نكونه على حقيقتنا أهم بكثير مما نقوله بألسنتنا. إيميرسون يقول : " إن حقيقتك تصرخ في أذنيَّ لا أستطيع سماع ما تقول "
.What you are shouts so loud in my ears .. I cannot hear what you say
وماو تسي تونغ يقول : " إن أفضل دليل على سلامة أفكارنا هو نجاحها على أرض الواقع " .. ومحمد إقبال يقول : " إن الميزان الذي يُحكم به على ثقافة أو فكرة أو دين معين هو بالنظر إلى نموذج الإنسان الذي أنتجته تلك الفكرة أو الثقافة أو الدين " .. فإذا أردنا نشر ديننا فليست مهمتنا أن نثبت سلامة أفكارنا وأصالتها بل أن نعيد إلى هذه الأفكار فعاليتها، وأن نستعيد حسَّ الفعَّالية التي فقدناها في فكرنا وعملنا. "



الصفحة 140
يقول الداعية الاستاذ جودت سعيد: اول نصيحة تعلق على شباب الامة ان يتطلعوا الى مصادر العلم غير المصادَر! هل هناكعلم غير مصادر؟ فكل علم له انتماؤه واصوله ومصادره وربما كان مسيس حتى
وغالبالايكون موضوعا او حياديا كيف تشرح لنا هذه الفكرة بالذات؟
ما يقوله الأستاذ جودت .. وقد نقلته عنه بدقة في الصفحة المذكورة : " إذا كان لي من نصيحة أثيرة أقدمها للشباب الذين تعلق الأمة عليهم آمالها .. فهي أن يتطلعوا إلى مصادر غير المصادر التي كنا نستقي منها .. لأن المصادر التي أخذنا منها العلم لم تعطنا إلا ما يشاهدون من نتائجه المرئية الملموسة التي تمس جلودهم وضمائرهم ".
أنا فهمت من كلام الأستاذ جودت أنه يتحدث عن تراثنا الإسلامي الذي شوه دين الله وقلبه رأساً على عقب .. سواء كان في طريقة تفسير كتاب الله أو فيما انشغل فيه الفقهاء من ترهات ابتعدت بالدين عن مقاصده الأولية .. ما رأيك مثلاً بتفسير يرى أن آية السيف قد نسخت أكثر من مئة آية كلها تتحدث عن التسامح والرحمة وعدم الإكراه في الدين ؟ .. وما رأيك بأحاديث فصّل الفقهاء في شرحها وشطحوا في تفسيرها وهي تخالف كل المنظومة الفكرية لكتاب الله عز وجل ؟؟ .. هذا ما دعا جودت سعيد لإعادة النظر فيه .. أنا شخصياً قرأت نصيحته تلك منذ عشرين عاماً وعملت بها وأعلن شكري له على ذلك.



الصفحة 142:
القرانوالتفسير:علم التفسير حقا بات يكرر نفسه لو يتخطى المعقول الا تبني افكا لاتخطر علىبال وربما عاكست ثوابتنا,
ربما نعاني محدودية الفكر في تفسيره ولكن الا ترى معيان الجراة في التفسير حاليا تجاوزت القيود الواجب وضعها؟؟؟
امر يحتاج لوقفة قويةوتامل عميق
لنا عودة مع شكري دوما لسعةصدرك
********
أستطيع أن أخمن ما ترمين إليهم وربما عرفت من تقصدين .. أنا أوافقك الرأي .. إن بعض من يسمون أنفسهم (مفسرون جدد) لكتاب الله قد استغلوا تململ الناس من التفسيرات القديمة .. ولكن ما جاؤوا به (بالإجمال) كان أدهى وأمر.. إن ما وصل إليه بعضهم من تفسيرات وخاصة ما يتعلق بالمرأة والجهاد وموضوعات حساسة أخرى من خلال التلاعب السخيف بالألفاظ القرآنية لا يخطر ببال حتى الحشاشين .. وقد تلقفت أفكارهم الشاذة مراكز الرصد الفكري في الغرب وشجعت هذه الأفكار فانخدع الكثيرون (الكثيرات) في هذه التفسيرات لأنها تلبي أهواءهم وما زال الصراع الفكري مستمراً