ورجعتُ وحدي
منهكَ الأهاتِ.. أضناني السفرْ
ورجعتُ وحدي والّلظى
فيّ اشتعالٌ..
وانفعالٌ
بعد ليلٍ
من نعيمٍ ... من سمرْ
ورجعتُ كالطيرِ المسافرِ في المدى
أمضي ..
وما لي وجهةٌ
آوي إليها
منْ خطرْ
ومضيتُ أسألُ أينَ حلّوا
أينَ أرضٌ قدْ حوتْ
منْ كانتِ الأبصارُ تحويهمْ
كقطْراتِ الدموعْ؟
ولقدْ مضى دهرٌ
تلاهُ كغيرهِ..
دهرٌ ودهرٌ... إنّما
ما زلتُ أبحثُ والرّياحُ يسوسُها
حادٍ حوى
سرَّ الرّحيلِ
وسرَّها...
لا الرّيحُ تتعبُ
فالمسافةُ تنطوي
وكذا الدروبُ تطاولتْ
والصبرُ لم يعُدِ الرفيقَ
وقد غدتْ
باقي ذؤاباتِ الرجاءِ كئيبةً
مثلَ الشّموعْ..
وسأنتظرْ..
ما شاءَتِ الأقدارُ للقلبِ
اعتلاجاً في الضلوعْ..
أقضي سنينَ العمرِ
والعينُ ارتدَتْ
غيمَ المدى!
منْ أينَ تأتي مَنْ طواها الغيبُ
في وجعِ النّدى
ويمرُّ عمري في انتظارٍ موغلٍ
ما بينَ كرًّ ينزوي
أو بينَ غفوٍ ينحني
نحوَ الكرى،
حيثُ الرّدى
إذْ لا مفرْ
يا أنتِ .. حاضرةٌ
وإنْ عنْ ناظري غابتْ
شعاعاتُ البصرْ
تأتينَ في حلَكِ الدّجى ،
والعطرُ يسبقُ طيفَكِ الفتّانَ
يغوي بالسّهرْ!
فأقومُ ليلي ذاكراً
ما كانَ في تلكَ الدّروبِ..
دروبَنا..
أوَتذكرينَ عناقَنا .. أختَ القمرْ؟

أتلو طقوسَ العشقِ في ليلٍ
يهيمُ بوجهكِ المبحوحِ
مثلَ أصابعٍ دونَ الوترْ
حتّى إذا ما الصبحُ جاءَ
ترينني
أنشودةً للحزنِ تغفو
في دفاتركِ الحزينةِ
بعدَ ليلٍ منْ سهادٍ
راحَ لمْ يقضِ الوطر!
وأنا الّذي
إذْ سرْتُ نحوكِ
ذاتَ سبيٍ
كنْتُ أوقنُ أنّني
أجري بقلبي
نحوَ قارعةِ اليباسِ
ولا مطرْ
فتذكّري
يا أنتِ كمْ
أحببتكِ..
أنت الحبيبةُ
والبعيدةُ
والملاكُ المنتظَرْ!