السؤال التاسع عشر:
على هامش الأسئلة لو همسنا لأستاذتنا الفاضلة : هل هناك ما تعاني منه عبر قنوات شتى : ثقافية, اجتماعية نفسية أو أمور أخرى ربما كان لها التأثير الأقوى على مسيرة عطائها وكيف تتغلب عليها ؟

الجواب التاسع عشر:

طبعاً هناك، وهناك الكثير، أما خلقنا الله ليمتحننا، إذا كانت علة الخلق هي الإمتحان فكيف يتصور مؤمن أن تخلو حياته من أشياء يعاني منها، ولكن من رحمة الله بعباده أنه تكفل لمن كان من المخلَصين أن لايجعل للشيطان عليهم سلطان، فاليأس والقنوط من رحمة الله والحزن على مافات والفرح بماهوآت؛ كلها أمور لاتصيب المؤمن الذي يثق بالله، ويثق بأن كل معاناة في الحياة يصبر عليها وهو راض فسيعطى عليها الثواب ... ولكن هي الطبيعة البشرية التي تصيب أحياناً المؤمن في الفرح والحزن المشروع، تزيد وتنقص على قدراستغنائه عن الإستعانه بالعبادات، ببساطة قال الله تعالى في سورة البقرة "واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين".
فمن الناحية الإجتماعية أحياناُ يواجهني أمر محزن اتلقاه ببشريتي أحياناً بالبكاء وأحياناً بالغضب وأحياناً بالمرارة حسب درجة صعوبة ذلك الأمر. على فكرة إن تسع وتسعون بالمائة مما يحزنني هو عندما أرى منكراً فآمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، فإذا بذلك المسلم يولي مستكبراً كأن لم يسمع آيات الله أوحديث رسول الله تتلى عليه؛ هذا يجعلني أتـمزق ولولم يشعر الذي أمامي بذلك، أتمزق داخلياً حزناً على الشخص الذي بلَّغْتُه كلام الله ورسوله ولكنه تصرف بطريقة"سمعنا وعصينا"، فأخاف عليه من عقوبة العاصي التي أولها الختم على قلبه بسبب استكباره، وآخرها العذاب الأليم الذي قال الله عنه " ويل لكل أفاك أثيم يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يولي مستكبراً كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم". ولكن أتذكر كلام الله لرسوله "فلا تذهب نفسك حسرات عليهم"، فأحاول النسيان فلا أستطيع ببشريتي، فأفزع إلى الصلاة أسأل الله السلوان لقلبي والنسيان لذاكرتي، فوالله حتى قبل مغادرتي لسجادة الصلاة أكون من أسعد الناس، ناسية كل ماحدث مهما كانت حب وغلاوة ذلك الشخص عليَّ.
أما الأمور الثقافية التي أعاني منها أحياناً فهي الحزن حين أتعطل عن القراءة أوالبحث أوالكتابة بسبب آلام في عيوني من الأنترنيت، فأتركها لفترة مستعينة بالصلاة والدعاء لله، مع إستعمال نقاط من البوريك في عيناي؛ فتستعيد عيوني صحتها بفضل الله ورحمته. وهكذا الحياة يوم عسر ويوم يسر، ولولا رحمة الله في تطبيقنا لمنهاجه لكنا من الذين يعانون من الكآبة النفسية، مرض العصر المنتشر بكثرة هذه الأيام. فالحمد والشكر لله، الحمد والشكر لله.

السؤال العشرون:
يقال : أن المؤمن الحق لن يعاني من متاعب نفسية على الإطلاق, ورغم هذا نجد نماذج في واقعنا عالية تعاني مثلها مثل غيرها فنحن بشر أولا وأخيرا, كيف تقدمين لنا تجربتك العملية هنا ونصيحتك لجيل التقوى ؟
الجواب العشرون:

الأمور التي يعاني منها غيري نفسياً لا وجود لها في حياتي أبداً والحمد والشكرلله، لأنه ما أن تظهر أي مشكلة نفسية لتطفو على بؤرة الشعور حتى أفزع إلى قراءة المعوذات بكثرة، لأن الأمور النفسية عادة يخلقها الشيطان ويضخمها في قلب المؤمن بوسوسته ليحزنه؛ أما قال تعالى:"إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا"...
الإنسان بطبعه يبحث عن السعادة، بعضهم يظنها في المال، وبعضهم يظنها في الشهرة، وبعضهم يظنها في السلطة، إلى آخره من تلك الآمال العريضة والأماني البشرية الدنيوية؛ وكلما شعر بسبب يهدده بسلب تلك السعادة منه؛ شعر بخوف يورثه غم... وأحياناً يكون الخوف وهمي من الشيطان، فيوهمه بأنه سيفقدها لسبب ما غير واقعي فينفث الشيطان في روع بني آدم ذلك الخوف الوهمي الذي يسمى الكآبة، التي تجعله لايثق بأخلص الناس له؛ وذلك لأن الشيطان يريد أن ينشر العداوة والبغضاء بين الناس؛ لينفذ ما توعَّد به أبناء آدم بأن يحتنكن ذريته ويدخلهم النار... ولكن المؤمن لايصاب بكل هذا، لماذا؟ ببساطة لأنه لايخاف من شىء إلا الله، ويؤمن أنه لايصيبه إلا ماكتب الله له، وأن ماأصاب الإنسان لم يكن ليخطئه وماأخطأه لم يكن ليصيبه، وأن الخير والشر كله بيد الله ... وخصوصاً إن ذاق ذلك المؤمن حلاوة الإيمان، واعتاد على أن لايستمد سعادته وطمأنينته إلا من سجدتين يسجدهما بين يدي الله، فسعادته وطمأنينته في يده يحصل عليها متى شاء، فلم يقلق؟ فلا قلق إذن لا خوف وبالتالي فليس هناك حزن أو كآبة تسبب متاعب نفسية للمؤمن.
نصيحتي لكل من يعاني من متاعب نفسية أن يكثر من قراءة المعوذات وآية الكرسي، ليرحل عنه الشيطان بوساوسه، فإذا رحل عنه لم يبق بينه وبين الله حجاب فليكثر من ذكر الله يكون أسعد الناس ألا بذكرالله تطمئن القلوب.
أرجو من الأخوة القراء الدعاء لي، غفر الله لنا ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته