تعمد بشوق البنفسج عاشقاً


للشاعر السوري اسحق قومي


دعْ كلَّ آهاتك َ تستريحُ

في مدى المستحيلْ.

أغسلْ بقايا روحكَ

بضحكة ٍ لا يعرفُ المطرُ...فصولها...

ولا العصافيرُ المهاجرة ُ منابع فجرها..

توحّدْ مع الضوء ِ زهرة ً برية ً

تُعانقُ فضاءات البراري العِجافْ.

كمْ يلزمُكَ من الوهج حتى تُساوي بينَ

شهقة ِالروح والقصيدة؟!!!

رتِّلْ مع آلهة القادمينَ إلى عُريكَ

أنشودة ً

دعها

وسافرْ

المحطاتُ التي مررتَ بها

تُغادرُ بلا مسافريها

والأرضُ التي اكتويتَ بنار عِشقِها

أصبحتْ تلّون مساءاتك الراحلة

لمنْ تكتب أناشيدكَ

وقد فرغت مجالسُ النائمينَ

من أحلامكَ؟!!!

***
رسالة:

قبلَ أن تغلقَ نوافذ الأريجِ

تعمّدْ بشوق البنفسج عاشقاً....

والزيزفون يحتويك قامة ً للمشردين...

طيورُ الوروار التي صادقتها

لم تعدْ تبتني أعشاشها في تلِّ قريتكم الخُرافي...

الربيعُ يرحلُ وأنت بينَ أزهارهِ

صيفُ الأماني...

سافر فالضوءُ والقصيدة ُ

حصان طروادة ٍ

غابة ُ ألوانكَ تعدُّ أيامها

تستوحشُ الطيورُ ليلَ الصقيع...

تعدُ ، لمنْ...لا نعرف...؟

الجسور التي تعبر رئتيكَ

قرنفلٌ هو الاشتهاء....

لو أنكَ تعريتَ للشمس ِ مرة ً واحدةً...

لعرفتَ معنى الصقيعْ

لو أنكَ تعريتَ أمام آلهة الأنهار

لعرفتَ طعم الخمور..

وأنكَ المسافر بدون وداع ٍ...

لو أنكَ كتبتَ أحد أحرف يديكَ

لِمَ جرى النهر بجنون إلى نهايته ِ....

والسنديانُ إلى حيثُ جذوره...

لو أنكَ اغتسلت مرة بالتراب والرذاذ...

لعرفتَ معنى الصحاري القاحلات...

لا تعزف أنشودتكَ

في مساء النجوم

القمرُ الفضيُّ لن يرقص على أوتار قلبكَ

الممزقْ.

أعزفْ ألوانكَ على مسامع الآلهة....الغريبة...

اعبرْ فيضان الروح إلى شهوة القصيدة...

تمترس ببقايا نيران الجسد المحنط ...

لكَ أُعطيتْ كلّ مساحات الهذيان عُرياً

لا تكتبْ ملحمتكَ واقفاً

اركعْ فإنَّ الصلاة تؤدى سجودا....

يقولون في بلاد لا اسم لها

تعشقُ الجنيات أشعاركَ

ويرددُّ الصبية ُ أغانيك َ

أما العاشقاتُ فقد ملأن جرارهن بحبكَ

لو أنكَ تعلم كم هي المسافة ما بين القلب والحبِّ؟

وما بين الكلمة وخنجر جدك...؟

***
إِعزفْ فإنَّ الورد َ يحتويك شذىً...

على( الراين) كنتَ تعدّ المراكب المسافرة

موانئٌ للرحيل ....المجيءْ

كُنتَ أنتَ وأنتَ وأنتْ

الأول كان مسحوراً بجدته.

والثاني بصبية ٍ لم تلد بعد.

والثالث سافرَ عبر زهرة ٍ ماتت قبل أن تتفتح مياسمها...

***
الموجةُ ُمن يخلفها غيرُ القمر...

حينَ يزاوجُ ما بينَ هيولته والصقيعْ؟!!!

كُنتَ موجة ً على صدر اليابسة..

تحولت إلى أنشودة ٍ للرعاة ...

وبدأتْ صبايا النهر ترقصُ.

كان الحصاد فمي...

موجة ٌ أنا من حزمة ضوء لم يأتِ بعد...

أُبهرُ الأزهارَ قبل تفتحها..

فأزاوجُ ما بين شفتيَّ ونشوة الفجر المقبل

من دمي..

الموجة ُ لا تموتُ على الشاطىءِ

رغمَّ أنها تتكسر عرياً

تفاجىءُ المسافرينَ إلى غير مكان ٍ وتختفي...

فيندلقُ الرذاذ على الفجر

وتستيقظ النوارس المهاجرة عُرياً

****
الشمسُ تتعّرى

الماء ُيتحول إلى سراب في غربتي

يستحم الضوء على أعتاب قهري

فينتشي

أما جدتي

فقد تزوجت قبل ولادتها

بقبلة ٍ للشمس

والنهار...

***
تجتاحني الدهشة ُحينَ يُفاجئني طمثها

يستوي المدى عاشقاً..

أُوسدُّ البحرَ شفتيَّ

والصقيع َ قامتي..

وحينَ أقرأُ في دروب العِشق ِ المبعثر

تجدني آخر العارفينَ بطعم شفتيها...

وآخر المسجونين َ في ثنايا قِلادتها

للبنفسج بوحٌ آخر

بكى...

في المساء

فوزّعَ قصائدي

لا أدري

أَهو على قبرها المسافر في الضباب

أمْ على صدرها الذي يحتويني؟!!!!

لمنْ تركتُ القرى التي تناثرتْ

والمدن التي حاصرها الجراد؟!!!

تجتاحني دهشتها البكر

فأصلي للفجر القادم والنهار العظيم.

****
تتصوفُ القبلة ُ

وترمي الغيمة ُ نفسها

وتبقى الأغنية

عند أسوار أزمنتنا المعلقة رجوعاً

شاهدتها مرةً على أعتاب بوحي

تُنادمُ العاشقين َ كأسها...

وتشربُ نخب َ تأملي

فكانت كمن باع معصمهُ في سوق النخاسة...

****

لماذا تُقاتلُ الريح ُ أعشاش َالعصافير!!!

وتحرق النارُ السنابل َ

ومواسم الفقراء ِ؟!!!

ويكتملُ القمرُ مشعوذاً

في آخر موجة ٍ تشرئبُ رذاذاً؟؟

وأمي تركضُ خلف َ تُجارها

وباعة ُ قِلادتها....وتمضي ....

تودعني عاشقاً....

كأنها لا تريد أن تحتفل بعرسها القادم....!!!!

فأرددُ في سريَّ

معزوفتي ....

نسجتها من دمي

بين الفجر وبقايا

كأس ٍ وعابث ٍ

ومشعوذ ٍ

كانت عارية ً

من دهشتي

وأنا آخرُ العارفينَ

وأولُ العاشقينَ

ونهاية الفجر

الذي جاء إليَّ يرددُ

أنشودتي

ستأتي حبيبتي ولو كان المستحيلْ....
****
ألمانيا

15/11/2007م
اسحق قومي

شاعر وأديبٌ سوري مقيم في ألمانيا

Sam1541@hotmail.com





الراين: أكبر أنهار ألمانيا...ليَّ على شُطآنه أكثر من لوحة ٍ وقصيدة وعاشقة.