بسم الله الرحمن الرحيم



الأرض ثابتة!!


والأدلّة العلميّة




الطيّار السوري نادر جنيد ( كابتن على الطائرات الأمريكيةّ)قدّم لنا نظريّة جديدة – حسب ما تلقيناه، وأضع ملحوظة على ذّلك، فلست واثقا بسند وصولها إليّ - وهو يجأر بكلّ قوّة أنّ الأرض ثابتة لا تدور حول نفسها ( لا تتحرك!! )هل للموضوع صلة بدورانها حول الشمس أو سيرها مع المجموعة الشمسيّة إلى مستقرّ لها!! لست على يقين)؟!

الجانب العلميّ: لستُ مسؤولاً عنه، فالعلماء الكونيّون هم وحدهم الذين يناقشونه و يحاسبونه، ويُجرون عليه ما يجرون على العلماء المجدّدين، فليس الأمر من شأني، ولا أقدر عليه!

الاستدلال بنصوص من القرآن الكريم: وهذه هي الآيات التي استدلّ بها، وناقشته فيها:


الآية الأولى: لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ- ٤٠-
سورة يس

الآية الثانية : وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ٣٣
سورة الأنبياء


الآية الثالثة : اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِعَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ
وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى
يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ ٢
سورة الرعد

الآية الرابعة : أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِيالنَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ
وَسَخَّرَ الشَّمْسَوَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَاتَعْمَلُونَ خَبِيرٌ٢٩
سورة لقمان

الآية الخامسة : يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُالنَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ
كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ
وَالَّذِينَتَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ١٣
سورة فاطر

الآية السادسة : خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَق
ِّيُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ
وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّار-ُ٥-
سورة الزمر

يقول:بحسب قواعد اللغة العربية{ لست أد ري: أهو متمكّن في اللغة العربية تمكّن العلماء!!}إنّ( كل ) تعود على ماسبق) كلام صحيح إلى هذا الحدّ،أمّا نفي جريان الأرض فيحتاج إلى دليل صريح في النفي، ومع ذلك لا أنفي كلامه، و لا أصدّقه، وهذا هو الكلام العلميّ، فهل تدور الأرض أو لا تدور، فليس هذا في الآية، ليس لمذهب الدوران، و لا لمذهب السكون!! ففي الامتحانات لايكفي أن نُعلنَ أسماء الناجحين، بل علينا أن نُردفها بأسماء الراسبين، وربما بأسماء المكملين، ولايكفي لتنقل الخبر اليقين أن تكتفيّ بالقول: لم أر اسمك في قائمة الناجحين- هذا تعبير صحيح في الأدب(البديع من القول) غير صحيح في العلم. أم هناك مفكّرون يضعون الأصول خلف ظهورهم، وحين يشعرون بإظهار دليل لإثبات رأيهم مدّوا أيديَهم خلف ظهورهم، كما كان(المفكّر الأديب الدكتور طه حسين_ لا تظنوا أنّي أطعن بالرجل،- من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر!! ) يفعل- غفر الله له- !!ومن المبادئ المنطقية ( شمول التعبير لكل أفراد الموضوع ومنعه من دخول ما ليس منه، فهل قررت الآية الكريمة أنّها شملت كلَّ ما يسبح في الكون!)
.................................................. .................................................. ............................

الآية السابعة : وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ -١٥-
سورة النحل

الآية الثامنة : وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ٣١
سورة الأنبياء

الآية التاسعة : خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَاوَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَامِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ- ١٠-
سورة لقمان

الآيتان العاشرة و الحادية عشرة : وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْض
ِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ٨٧
وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ
صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ٨٨

سورة النمل

وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ٣٨
وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ٣٩
سورة يس

يقول:لقد فسّر معظم العلماء المسلمين في!! الآية( وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ) بشكل خاطئ بأنّ الأرض تدور حول نفسها حيث!! إنّهم لم ينتبهوا إلى الآية التي قبلها والتي تشير إلى أنّ حركة مرور الجبال ستحدث يوم القيامة وليس الآن.

{ هذه مشكلة الذين يظنّون أنفسهم أتقنوا العلم الشرعيّ،
و صاروا أهلاً للاجتهاد، وهم لم يقرؤوا إلا في كتب العلماء المتنورين!!( ويجب أن تعلم الأمّة أنّ ما يكتبه هؤلاء العلماء ضروري، ولكن لتعليم العامّة دينهم بالضروريّات السريعة ليتمكّنوا من إقامة الواجبات من العبادات والتعامل مع الناس، مثله مثل كتاب ( فقه السنّة ) – جزى الله كاتبه الجنّة بهذا العمل الجليل، ولكنْ ليعلّم العامة ومنهم المثقفون ( هم في العلم الشرعيّ عامّة، ولكنهم في اختصاصهم الطبيّ أو الهندسيّ خاصّة) و أقول لمن لا يعرف أنّ الأدلة التي يأتي بها للاستئناس لا للاستدلال، أي يأتي بها لاطمئنان القلب، و لا تجعل من حافظها عالماً أو مجتهدا. أمّا المراجع العلمية فشيء آخر، ولا يُجيزه في العلم إلا عالم أُُجيز من قبل، وفي الجامعات علماء مجازون منحتهم الجامعة حقّ إجازة غيرهم .
}
نعود إلى فكرة أنّ معظم العلماء أخطؤوا في فهم الآية، والحقيقة أنّه المخطئ لأنّه لا يعرف في العلم الشرعيّ إلا مايقرؤه من كتب خُصّصت لعامة الناس، فأخطأ.
اكتشف طيّارنا أنّ العلماء القدماء نسوا أن يربطوا الآية التالية بالآية السابقة، وهو - لا غيره - منْ فطن إلى هذا الربط!!



إليكم الآن ما قاله العلماء القدماء الذين لم ينلهم شرف العلم الذين يتميّز به:




تفسير الطبري:ويقال: إن الله تعالى وصف الجبال بصفات مختلفة ترجع كلها إلى تفريغ الأرض منها، وإبراز ما كانت تواريه، فأول الصفات الاندكاك وذلك قبل الزلزلة ، ثم تصير كالعهن المنفوش..

تفسير ابن كثير: وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب" أي تراها كأنها ثابتة باقية على ما كانت عليه وهي تمر مر السحاب أي تزول عن أماكنها كما قال تعالى " يوم تمور السماء مورا، وتسير الجبال سيرا" وقال تعالى " ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا " وقال تعالى " ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة "..
"تفسير الجلالين: وترى الجبال"تبصرها وقت النفخة" تحسبها"تظنها "جامدة"واقفة مكانها لعظمها "وهي تمر مر السحاب"المطر إذا ضربته الريح أي تسير سيره حتى تقع على الأرض فتستوي بها مبثوثة ثم تصير كالعهن ثم تصير هباء منثورا "
تفسير ابن كثير:قال النابغة في وصف جيش: بأرعن مثل الطود تحسب أنهم وقوف لحاج والركاب تهمل جقال القشيري: وهذا يوم القيامة ، أي هي لكثرتها كأنها جامدة أي واقفة في مرأى العين وإن كانت في أنفسها تسير سير السحاب ، والسحاب المتراكم يظن أنها واقفة وهي تسير أي تمر مر السحاب حتى لا يبقى منها شيء , فقال الله تعالى : " وسيرت الجبال فكانت سرابا " [ النبأ : ٢٠ ]

وحين كنّا ننكر تفسير العلماء المعاصرين، ( يخطفون الكبجة من رأس الماعون ) يدّعون – ليس في مواجهتنا، ولكن في منابرهم العليا أنّ من أنكر هذا التفسير، أنكر دوران الأرض حول نفسها، ثمّ لا يُعلّقون على ما نقول: الآية لا تنكر دوران الأرض و لا تُقر به، و لسنا في صدد الحديث عن هذا! )

خلاصة الحكاية:

أولآ: لن أناقش الجوانب العلمية البحتة لأني لن أُجاريَ طيّارنا في العلم البحت ( رغم ثقافتي العلمية الخاصّة التي لا تؤهلني لنقاش العلماء، أفعل هذا كما رجوت منه أن يفعل، ألا يُنزل نفسه منزلة العلماء!! )
ثانياً:سننتظر – نحن العوام في الموضوع الذي يعرضه - النتيجة التي يقرّها العلماء إقراراً علمياً يوصلها إلى الحقيقة، أو يضعونها في ( نظريّة ) يجنحون إلى الأخذ بها.
ثالثاً: مشكلة المتدينين أنّهم في كلّ نظريّة علمية يجنحون إلى الأخذ بها، يُسارعون إلى البحث عن سند لها في القرآن الكريم، والخطر الشديد أن تتغيّر النظريّة فنعمد إلى شطب الآية التي اعتمدناها من أذهاننا، وبحثنا عن دليل جديد. رحماكم، فهذا كلام الله العليّ لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه.
ليس طعناً في القرآن الكريم ( أستغفر الله العظيم من كلّ ذنب عظيم) أن يُخالف نظريّة أو يوُافقها.
نعم لايُمكن لحقيقة علميّة - إذا كانت فعلاً حقيقة – أن تُخالف ما جاء في القرآن الكريم.

رغب العلماء المعاصرون في جذب الناس إلى الإسلام فسارعواإلى التفسير الذي أنكره: الدليل على أنّ الأرض تدور بقوله تعالى: وهي تمرّ بهم مرّ السحاب، متناسين أنّ العلماء القدماء ربطوا بين الآيتين، ثمّ أنكر طيارنا تفسير العلماء المعاصرين ( معمّما ما قالوه على العلماء والعوام في القديم والحديث )، ونسب إلى نفسه ما جهله من أقوال العلماء.

القرآن الكريم ليس به حاجة إلى البحث عن تركيبات نركّبها لنظهر إعجازه، وأنّه من عندالله..
ليس به حاجة أن تكذبوا له ( وأستغفر الله العظيم ).
ليس في القرآ ن الكريم ما يثبت دوران الأرض قطعيّاً أو ينفيه، خذوا به أو لا تأخذوا، فلن يمس إيمانكم بسوء، ( ما زاد الرجل خردلة في الدين الذي اعتنقه ، و لاأنقص من الدين الذي ارتدّ عنه جناح بعوضة.


وفي الختام:
لم ينزل الله القرآن الكريم ليكون كتاب علم بحت، ارجعوا إلى الكتب العلمية التي تحدّد مقاصده، وإنّما وردت فيه بعض الإشارات إلى ذلك.
و علينا نحن المسلمين أن نلتزم بما ورد من تفسير قائم على اللغة العربية، و ما ورد من نصوص صحيحة في أسانيدها ومتونها ( أقول هذا بحذر فهو تعبيرغير دقيق، و المراجع العلمية فيها التفصيل)


اللهمّ اهدنا سواء السبيل.