ولكن على أي الحال فإن الفكرة العامة المتعلقة بالإدراك الانتقائي تعني الأفراد يختارون الرسائل المتاحة من حولهم والتي تتفق مع اتجاهاتهم وقيمهم ومعتقداتهم عن العالم، فيسمعون ويرون ويقرؤون ما يناسبهم ويتجاهلون تلك الرسائل التي تتناقض مع اتجاهاتهم وقيمهم ومعتقداتهم.ويمكن القول أن الفرد لا يصل إلى هذا النوع من الإدراك دفعة واحدة بل يمر بعدة مراحل انتقائية وهي:


• التعرض الانتقائي: فنحن نختار قنوات تلفزيونية معينة ونصادق أشخاص بعينهم دون غيرهم ويعجبنا كلام فلان زميلنا في العمل ولا نحب الاستماع لآراء شخص أو أشخاص آخرين بمعنى أننا نعمل على تجنب المعلومات المتناقضة ونبحث عن المعلومات التي تؤيد آراءنا واتجاهاتنا وخلفياتنا الثقافية

• الإدراك الانتقائي: حن نتعرض لكم كبير من الرسائل (حوار/كتاب/...)ندرك من هذه الرسائل معلومات معينة وكأننا ننتقي منها ما يناسبنا ونتجنب التركيز على معلومات أخرى بل قد لا ندركها حين نقرأها أو حين نعيد قراءتها نشعر أننا نقرأ هذه المعلومة (التي لا تتفق معنا) لأول مرة(التعرض والتجنب)

• التفسير الانتقائي: بمعنى تفسير الرسائل التي نستقبلها من العالم الخارجي لجعلها متفقة مع رؤية كل منا، فحين أشرح للطلاب معلومة معينة قد أفاجأ أن البعض فهمها بطريقة ما والبعض الآخر فهمها بطريقة مختلفة تماماً... فكل طالب يستقبل المعلومة ويفهمها في ضوء تنشئته الاجتماعية وخبراته في الحياة وغيرها منن المعلومات التي سبق له أن حصلها ,هكذا.

• أخيراً التذكر الانتقائي: فإذا كانت المعلومة غير متفقة مع اتجاهاتنا أو قيمنا أو معتقداتنا أو توجهاتنا الدينية والفكرية والثقافية.... فإنه قد إدراكها وفهمها وتفسيرها ولكن تنسى بسهولة.

بشكل عام لا نعتبر الإدراك الانتقائي ظاهرة مرضية فكل منا يفهم الرسائل من حوله بطريقته، ولكن في بعض الحالات يكون الإدراك الانتقائي معبراً عن أعراض مرضية حقيقية فعلى سبيل المثال حين ترى الزوجة شعرة لامرأة على ثياب زوجها فإنها تعتقد اعتقادا راسخا لا يمكن تغييره بأن زوجها يخونها... ومهما حاولت إقناعها بالمنطق فإنها لا تغير فكرها..

وقد تكون هذه الفكرة الراسخة هي عرض لمرض عقلي.. وما يجعلك تفرق بين الإدراك الانتقائي المرضي والطبيعي هو سياق هذا الإدراك...

فأذكر مثلا أم اشتكت من أن ابنتها تقول أن المخابرات الإسرائيلية تأتي إلى مدرستها يومياً وتتبع خطواتها ، ودائما ماتصرخ في المدرسة طالبة النجدة...

وأشارت الأم إلى خبر ذكر في الإذاعة المدرسية لا علاقة للخبر بها ولكنها نسجت حوله أفكار أخرى غير حقيقية ففي هذا السياق تعتبر أفكار هذه الطالبة إدراكاً انتقائيا، بل تعتبر هذاءات أو ضلالات، ومن المعروف في الطب النفسي أن الضلالات أحد أعراض الأمراض العقلية (كالفصام والبارانويا...)، ففي المثال الأول لا يمكن اعتبار الزواج خائناً إن كان يعمل مثلاً مصفف لشعر السيدات... وهكذا تقرر من خلال المعلومات التي تتوافر لنا.
من موقع مجانين دوت كوم
للمزيد من الاطلاع
http://www.maganin.com/queries/queriesview.asp?key=3087