الحاكم والتغيير
بقلم هيثم البوسعيدي

التغيير يحتاج دائما للارادة القوية والعزيمة الثابتة،
وهو يأتي بعد الإدراك التام بحجم الأخطاء
وكثرة التقصير الواقع من قبل الفرد في
حق نفسه وحق من حوله، وهو أيضا وليد صراع طويل
وكفاح مرير يعيشه الفرد مع الذات البشرية.

وإذا طبقنا هذه الفكرة على وضعية الحاكم
في بعض الدول، لوجدنا المسافة بينه
وبين التغيير الشخصي وما يتبعه من تغيير جماعي
بعيده كبعد السماوات عن الارض.



ذلك يجرنا نحو سؤال مهم: كيف نريد من الحاكم
أي قرار لهو علاقة بعملية التغيير والاصلاح
وهو الجاثم فوق القلوب لسنين
والمسيطر على العقول لعهود
وهو أيضا من يحمل مفاتيح الخزائن
وهو أيضا مسير الثروات وواهب النعم
لأكثر من ربع قرن ،
لتصبح المؤسسات أسيرة قلمه الفذ
وترتبط المراكز بحركة بسيطة
من يديه الكريميتن.

وفي ذات الوقت تغييب الرقابة المنظمة والمحاسبة الدقيقة من حوله، فتغيب
أيضا الرقابة الذاتية في حياة ذلك الفرد العظيم، وترحل
إلى عالم المجهول وتنتشر سلطة الفرد وتوابعها الرائعة في جنبات المجتمع والدولة بحيث
يتوقف كل شي في الحياة على قرار صادر من ذلك الفرد الجليل
لأن الشعب خاضع لسلطة فرد واحد
مهما أختلفت الوجوه وتعددت الأماكن.

أما حبيب الشعب عاش وسيعيش في سبات عميق وغيبوبة طويلة
لإنه ليست لديه قدرة على اصلاح نفسه المعصومة
وليس بامكانه التحكم في رغبات ذاته
فكيف يصلح مجتمع ويطور دوله؟
وهل لديه الوعي الكافي بحجم السلبيات والكواراث في بلده؟
وهل حدوث ذلك يعتبر نوع من التغابي والسكوت عن الواقع المرير؟
وهل هو ممن يحلل ما يحدث في العالم من حوله
من اصلاحات هائلة في شتى المجالات؟
وفي نفس الوقت يتغاف عن عالمه الداخلي الذي يعيش حالة من التشتت والتبعثر والاضطراب.



لنصل في النهاية لحقيقة موجعة:
لن يوقظه من غفلته
سواء التهديد أو الخطر
مهما أختلف موقعه ومصدره
في ظل ضمور رغبة التغيير في داخله
لأن مقياس التغيير في عقليته يعتمد على ذلك التهديد المفزع والخطر القادم فقط.

ومن جانب آخر يقال دائما أن التغيير يقترن دائما بالتجديد والجديد
فكيف يطلب من العتيق والقديم ما هو جديد؟
وفي انتظار التغيير المنشود إن حدث يوما
فليبارك الله هؤلاء الحكام
وليبارك الله تلك الشعوب الطيبة
وليبارك الله الأمتين العربية والأسلامية
وليحفظ الله كرتنا الأرضية.