-
أمة قاصرة .. ووصاية قاهرة
أمة قاصرة .. ووصاية قاهرة
أيها العربي : هل تعلم أن هناك مناسبة سنوية تسمى بيوم اليتم العربي ؟؟
نعم .. إنها في الأسبوع الأول من شهر نيسان من كل عام .. يرجى أخذ العلم !! .
وتتميز هذه السنوات الأخيرة بازدياد عدد الأيتام لا سيما في فلسطين والعراق و غيرها من الدول العربية التي هي وحدها تحتفل بهذه المناسبة ، وبما أن المناسبة سنوية تنظر الولايات المتحدة الأمريكية إليها بنظرة الشفقة والإحسان وتتعامل معها كجمعية خيرية لرعاية وكفل اليتيم.
ونحن كأيتام وقصّر في نظرها كما تدعي ، والكل يعلم انه لا يوجد بيننا وبينهم صلة قربى و لا نعرف جدهم ، ولا نعرف شيئاً عن حسبه ونسبه ، وشجرة عائلته ، ولا أوصونا آبائنا و أجدادنا قبل موتهم ، أن لنا أولاد عمومة في بلاد ما خلف البحار ، و أن لهم تركة من مال وعقار ، أو من مزرعة ودار !!.
كما أننا لا نتذكر ملامح جدهم ، ولا نعلم أنه قد صاهرنا وناسبنا ، أو تزوج أمنا فصار عمنا .. بحيث نصب نفسه وصياً شرعياً بدون تكليف ، وأجاز لنفسه التدخل في شؤوننا الداخلية ، ومشاكلنا العائلية .. بما في ذلك عدد الوجبات اليومية التي نأكلها وتحديد نوعها ، ونمط البيوت التي نسكنها ، ونسب الزوجة التي نتزوجها ، وأسماء الأولاد التي نطلقها .
ثم نحن لا نتذكر أيضا أن جدهم كانت له تجارة أو شراكة في قديم الزمان مع أجدادنا ، ولم نسمع أن لهم رحلات تجارية في البلاد العربية في الصيف والشتاء !!. فكيف أجازوا لأنفسهم أن يعدوا عدتهم ، ويحشدوا كل طاقاتهم وأزلامهم و إعلامهم وآلتهم العسكرية البرية والجوية والبحرية ، وما تحمله من أسلحة تدميرية موجهة وذكية ، ويوقدوا نار الحرب ، ويقرعوا طبولها ، ويطبقوا علينا " كالقضاء المستعجل " ليطالبوا بحقهم ويحاسبونا على خسارة أجدادهم في تجارتهم ، وطلب تعويض عن خسارة أسهم شركاتهم ، وسمعة عدالتهم ، وفارق الذهب الأسود السائل من أشداقهم تحت ما يسمى الدم قراطية والوصاية الدولية ؟؟ .
ونرى الحمائم تتحول إلى صقور و غربان ، وصقورهم إلى ذئاب عندما أعلن حفيدهم بوش ـ المنتهية ولايته الحرب على الإرهاب وتلاها بالثانية بمعادة السامية ، متوعدا ، ومهددا ، ومنذرا ، " كل من ليس معنا فهو ضدنا " ومن كان ضدهم فهو مع الإرهاب ومعاد للسامية ، فالويل والثبور وعظائم الأمور لمن لا يفهم الخطاب أو لا يحسن الوقوف في الأعتاب ، وإلا سوف يفتح عليه ألف باب وباب .
وجهوا لنا رسائل شفوية بلهجة عنترية ، بكل صفاقة و عنجهية من غير مجاز ولا تورية .. أننا شعوب عربية غير متحضرة وقاصرة .. بالقياس مع حضارتهم ومدنيتهم التي تتمثل بالقتل واليتم الجماعي العربي ، والإرهاب الدولي ، واحتلال الأراضي ، بثوب انتداب جديد ، مخصص على قياسنا نحن العرب فقط .
فلو أننا دخلنا بلادهم كما فعلوا هم وبقوة السلاح ، وادعينا أن لنا إرث في بلادهم .. أو قد ضل لنا ظبي في غاباتهم ، أو سمكة في محيطاتهم ، أو صادرنا حرياتهم ، أو سرقنا الأمن من بلادهم ، أو هرّبنا آثارهم وتراثهم ، أو صارعنا حضاراتهم ، عندها ماذا هم فاعلون ؟؟ .
عندها سيضعون أصابعهم في آذانهم ، ويستكبروا استكبارا ، ويستنهضون همم رجالهم ، ويشحذون حد سيوفهم ، ويصرخون بأعلى أصواتهم في المحافل الدولية ، ومن فوق المنابر الخطابية الأممية ، ويقاومون من أجل نيل حريتهم .. أليس هذا من حقهم يا سادة ؟؟ .
فكيف لا يحق لنا يا دعاة الحرية و الحضارة ـ لا حضارة ولا متحضرون ـ أن نحاوركم بالعقل وبكل شفافية ، وتعلمون جيدا أننا لا نؤمن بالهرطقة الكلامية ، أو فرض الديمقراطية و الحلول الجزئية ، على طريقتكم الهوليودية .
لذلك قبل أن ندخل في سجال عقيم معكم .. سؤال يطرح نفسه عليكم ؟؟ .
كيف تفهمون الحضارة ؟؟ .
نحن نفهمها ، أن كل جهد يهدف إلى الارتفاع بمستوى البشر ، وتحقيق أفضل الشروط الإنسانية لهم .
فالحضارة اليونانية ، و الهندية ، والصينية ، والفرعونية ، والفينيقية ، والعربية ، حضارات استحقت اسمها لأنها قدمت للإنسان عصارة عقلها وفلسفتها وفنونها ، وأضاءت له طريق الخير والمعرفة والسعادة .
وعلى هذا الأساس لا يمكن اعتبار التفوق الصناعي والتكنولوجي في بلادكم تفوقا حضاريا أو حضارة بالمعنى الأخلاقي والفلسفي لهذه الكلمة ، إنه العلم .
فالصعود إلى سطح القمر يا سيدة العالم ، واكتشاف الماء على سطح المريخ ، وصناعة الأسلحة الذرية والنووية ، كل ذلك ليس من الحضارة بشيء إذا لم تحترم إنسانية الإنسان .
فلو سلمنا جدلاً أنكم أصحاب حضارة .. نسألكم يا أهل الحضارة على أكتاف من قامت حضارتكم ؟؟
" إن العلاقة بين حضارتنا وحضارتكم هي علاقة بين العلقة والدم .. وبين الشاة وذابحها .. وبين البقرة وحالبها .. وبين اللؤلؤة وسارقها " .
هذه الحضارة تتمثل في آخر صيحة كانت لبوش الحفيد الصغير وإخوته الصهاينة كانت في توقيع قانونا لا مثيل له حتى في كبريات الفرق الموسيقية ، قانونا يُعزف على أوتاره نغمات مصلحيه لا ترقص طربا على ألحانه إلا الصهيونية .
قانونا يلزم الخارجية الأمريكية بإحصاء الأعمال المعادية للسامية حول العالم ، وتقويم مواقف الدول من هذه المسألة .. قال بوش في هذا الصدد " إن هذه الأمة ستكون متيقظة وسنعمل بطريقة لا تتمكن معها الأفكار القديمة المعادية للسامية من إيجاد وطن لها في العالم المعاصر " .
لقد نجح اليهود الصهاينة رغم قلة عددهم في توظيف مصطلح السامية ، والمفهوم لكلمة السامية والسامي في اليهودية فقط كدين واليهود كشعب ، بحيث أصبحت المفردتان مترادفتين ، اليهودية تعني السامية والسامية تعني اليهودية ، والمعروف في الدراسات العلمية واللغوية والحضارية ، ودراسات الأجناس البشرية ، أن الساميين تشمل كثيراً من الأمم غير اليهود ، كالعرب والبابليين والفينيقيين والسريان وبعض الأجناس في الحبشة وغيرهم .
بوش هذا وصقوره من المحافظين الجدد المتصهينين الذين رسموا السياسة واتخذوا القرار في المطبخ البيضوي ، يتصورون أن معركتهم هي عبارة عن نزاع شامل بين قوى " الديمقراطية " و " أعداء الحرية " بين الحضارة والهمجية بين الغرب والإسلام ، أو كما قالها هو .. إنها حرب صليبية .
يبدوا أنهم ابتلعوا نظرية " هينتينغتون " المريبة حول صراع الحضارات وجعلوا منها الأساس العقائدي لسياستهم الخارجية التي تحمي الصهيونية وتؤمن مصالحها وأمنها .
وما توقيع بوش الصغير على قانونه المنفرد مع جوقته على محاسبة سوريا وباتهامها معاداة السامية والإرهاب ، إلا لإعطاء الضوء الأخضر لنفسه باحتلال العراق ولحليفته الصهيونية ورئيس حكومتها بالتقدم واجتياح غزة قبل انتهاء ولايته بآلته العسكرية و نسف القرارات الدولية ، ودك البيوت بالصواريخ الموجهة والذكية ، وقتل وترويع وتجريف على مرأى ومسمع العالم كله ، والعدالة الدولية عرجاء لا تجد متكأ يحفظ لها توازنها .
و نحن نردد بحناجر لا تسمع صاحبها :
سامحينا يا غزة ُ .. سامحينا يا بغداد ْ ..
ولا تسألي أين أنتم .. ؟
صدقيني لا أعرف ُ الجواب ْ .
الحال .. هو إرهاب مركب ، مطرقة صهيونية و سندان أمريكي ، وإن أشار أحد معترضا أو محتجا أو شاجبا وصف على أنه معاد للسامية ، كمصطلح رديف للإرهاب .
فهل يحق لهذه الأمة اليتيمة كما يدعون أن تعول على الرئيس الجديد اوباما .. الابن الآ مكان ، الذي ليس له في أمريكا من ساحلها الشرقي إلى ساحلها الغربي قبر لسلف واحد من جهة الأب ، والذي يعتبر " أمن إسرائيل مقدس وغير قابل للتفاوض ، وستبقى القدس عاصمة إسرائيل ، وينبغي أن تبقى غير مقسمة " كما يقول ؟؟؟ .
وأخيرا أتحفنا بخطابه المعسول وطلته البهية ورسالته التخديرية إلى العالم العربي والإسلامي بان أمريكا تمد يدها للسلام بالا سلام .
وفي آخر الكلام :
ذاك هو بوش وهذا هو أوباما ، واحد من بني إسرائيل الجدد ، والرهان عليه كالرهان على جواد أعرج .
فهل القانون الدولي بكل أوتاره وعازفيه وبكل قضاته ومحاميه ومحابيه ، يعطي لأمريكا أو لغيرها حق الوصاية ورعاية اليتيم والتحكم بأموالنا وأعمارنا وأرضنا و ثرواتنا ؟؟؟ .
أم نبقى ننتظر حتى يصبح في كل بيت لنا يتيم ونعتبر الاحتفال بهذه المناسبة واجب قومي لا يمكن التغاضي عنه ونعتبرها مناسبة سنوية كباقي المناسبات ويكون موعدها في كل عام وفي الأسبوع الأول من شهر نيسان بما يسمى " بيوم اليتم العربي " ؟؟؟؟ ...
الجواب لا أخاله يغفلكم
محمد سيد حسن
mhamadsid@hotmail.com
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى